الصفيق والإمعة
كتب - عبدالله العميرة
سأبدأ ببعض النصوص النبوية والحكم التي لها علاقة بالموضوع اليوم:
"إذا لم تستح فاصنع ما شئت" .. بل قل ما شئت.
"آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان."
فكرة المقال لمعت أمامي، عندما شاهدت وسمعت وزير وهو يزور إحدى المناطق في جولة (تفقدية) ، يسأل مواطن: “ إنت هلالي؟.. خلك هلالي”!!
( لو كنت ذاك المواطن لقلت: نعم أنا هلالي متعصب؛ لأحصل على بيت، أو هدية، أو إشادة ، وربما وظيفة معتبره)!!
بداية:
الصفيق في اللغة العربية :صفيق الوجه ، الوقح، الغليظ، لا حياء له.
مثل ذاك المذيع في برنامج رياضي !
والإمعة في اللغة العربية : "إمَّع، مَنْ يقول لكل أحدٍ: أنا معك، ولا يثبت على شيء لضعف رأيه، شخص إمَّعة".. يقاد ، وليس بقائد. ليس له قراره الخاص وشخصيته المتفردة. حتى لو كان القرار مفيد له؛ ممكن أن يتراجع فيه.
ما سبق، أقوال تتحدث عن رذيلة: عدم الحياء، والكذب، وخلف المواعيد، والخيانة..
وعكسها هي الفضيلة في: الحياء، والصدق، والإيفاء بالمواعيد، والحرص على تأدية الأمانة.
وهنا لابد من الإيضاح والقول: هناك فرق بين الحياء والتبذل، فالتبذل هو قلة الحياء. وبينهما يوجد "الدبلوماسية" والأسلوب الحسن.
وكذلك بين الصدق والكذب؛ المجاملة اللطيفة البعيدة عن المماطلة والتذبذب.
وفيما يتعلق بالأمانة، فإن خير مثال وسط بين الأمانة والخيانة يكون في التجارة أو الاستثمار الطيب المفيد.
مثال: عندما أتقدم بمشروع يحقق مليارًا - مثلاً - ألا أستحق عليه مكافأة قدرها 100 مليون؟
بخاصة أن المليار هو صافي أرباح لصالح المنشأة وبالتالي الدولة، ولايوجد فيه ضرر على لمواطن.. كلٌ مستفيد.
إذاً الأمانة هي في تقديم مشروع يعزز من الدخل.
أما الخيانة، فهي في تقديم مشروع تكون الخسارة فيه واضحة ومحققة.
الذكي من المسؤولين هو من يقرأ المشروعات والأرباح من ورائها، والأثر الإيجابي في نفوس المواطنين، وفي راحة ضميره وضمير الدولة.
وفي حياتنا، نشاهد ونسمع مواقف تنبئ لنا بما خفي عن شخصيات، إما كنا نحترمهم، أو لا نحترمهم، أو مواقف تزيدنا محبة وإيماناً بالموثوقية فيهم.
أن تكون شخصاً عادياً، ربما ملامة البشر عليك أقل. ويبقى حسابك عند الله.
أما أن تكون مسؤولاً: وزيراً، أو وكيلاً، أو أقل من ذلك قليلاً، وقد وُليت على أمر، فعليك الحذر في القول والفعل والمواعيد والصدق والأمانة.
وأكثر من أولئك الذين ينغمسون في تلك الرذائل والسلبيات؛ أولئك الذين يتصفون بـ "الإمعة".
قابلت كثيراً من الناس من يعطي مواعيد وهو قادر على الإيفاء بها، لكنه لا يفعل!
هذا مؤكد لا خير فيه، ويجب أن يُنظر في أمره.
ممكن القبول من شخص؛ حياؤه يجعله يلجأ إلى مواعيد يعتقد الوفاء بها لكنه لا يستطيع.
قد يكون هذا الشخص معذوراً، هذا - مثلاً، يتعلق بالمعاملات المالية، وعدم القدرة لظروف صعبة أو فقر تعرض له كريم لم يتعود على رفض الكرم.
أو مسؤول، ولكن القرار ليس بيده، ويخجل أن يظهر ذلك.
أما أن يكون مسؤولاً يسير خلف من أكبر منه في المنصب، وفي ذات الوقت أقل منه قدرة وحنكة، وتؤثر علاقته به على قراراته؛ فهذه كارثة.
أعرف شخصين، أحدهما وزير، والآخر أقل منصباً منه، لكن بينهما قرابة.
الوزير أقل إمكانيات من الآخر، إلا أن الآخر يمكن أن تتأثر قراراته المفيدة، وتتحول إلى سلبية لإرضاء قريبه!
ومن هذا المثال متشابهات بكثرة، بخاصة في جهات قطب الرحى فيها تتمحور حول عنصر القرابة والصلات الخاصة!
أما فيما يتعلق بالحياء، واحترام المكانة والمنصب، فقد صدمت من كلمات وزير في إحدى المناطق، وهو يسأل مواطناً: "أنت هلالي؟ خلك هلالي!"
هذا ليس مزحاً، بل رزحاً ومنقصة في حق الوزير، أن يسأل ويسوق لناد بطريقة سمجة.
أعرف أن هذا الوزير متطرف في ميوله الهلالية.
وهذا من شأنه، لكن الملاحظة أن عليه احترام منصبه، ولا يدخل نفسه دائرة التطرف الكروي.
بدلاً من العمل على التسويق للهلال أو نادي، اهتم بما جئت لأجله.. سوق لمشاريع وزارتك، راقب، تفقد.. وعاقب المخالفين.. يسّر على المواطنين.
نحن؛ ليس أمامنا سوى لون واحد (أخضر) نلبسه، ونعبر عنه ومنه وله ولاء كل المواطنين والمحبين.. والألوان الأخرى كالطيف العابر، تظهر في وقت وتغيب أوقات (في وقت المباريات فقط)، ليس لها استقرار ولا بقاء.