تأثير قوتنا الناعمة.. أندونيسيا مثال
كتب - عبدالله العميره
من عاش تلك المرحلة؛ لايمكن أن ينسى كيف وقفت الجماهير الأندونيسية بحماسة شديدة مع المنتخب العراقي، ضد المنتخب السعودي في نهائي كأس آسيا. يوم 29 يوليو2007 في ملعب غيلورا بونغ كارنو في جاكارتا بإندونيسيا، لتحديد بطل كأس آسيا 2007. وانتهت بفوز منتخب العراق على منتخب السعودية بنتيجة 1-0 .
من الطبيعي أن يقف جمهور مع فريقه - كما هو متوقع من الجمهور الأندونيسي في مبارة الثلاثاء 19 نوفمبر أمام المنتخب السعودي.
ولكن أن يقف الجمهور الأندونيسي مع منتخب آخر، لاتواجد لهم فيه، ولا فيه خير لهم، وبحماسة شديدة، ضد المملكة العربية منخلال رياضة أو غيرها.. المملكة التي تحتضن الحرمين الشريفين ، وقائدة العالم الإسلامي وعنوان المسلمين، وتحتضن جالية كبيرة من الأندونيسيين والأندونيسيات، ومساهمة المملكة الكبيرة في رفع المستوى المعيشي بأندونيسيا؛ هذا أمر عجاب!
بمعنى آخر، ما يربط الشعب الأندونيسي بالمملكة لايعادلها روابط مع أي بلد آخر.
ومع ذلك ظهر أن الشعب الأندونيسي - فيهم نسبة كبيرة، حتى الآن - لايكنون وداً للسعوديين. ولايقدرون ما تقدمه المملكة ، ولا يحترمون مكانة المملكة .
( أرجو أن طرأ تغيير إيجابي فيهم ).
لا أستدعي العداء، ولا أذكر أعداء ليستثمروا في المواقف السلبية.. فمهما حدث وصار، الشعب الأندونيسي، شعب مسلم، لابد وأن يكون فيه خير وطيبة، ومن الممكن التأثير عليه إيجاباً ، ونسف أي بذرة سوء في داخله.. وهكذا بعض الشعوب التي تستجيب للأفكار الشريرة .
مثل هذه المباراة مقياس مهم، لتحضّر الجمهور وسمو أخلاقه، ومدى تأثير الإعلام عليه، وإلى أين وصل تأثير قوتنا الناعمة.
لا أطالب من كل الشعب الأندونسيسي أو غيرهم من شعوب العالم، فهذا مسلك أخلاقي يدلل على جوهر تلك الشعوب نتيجة التأثير التعليمي والإعلامي والتربوي.
ولا أطال الجمهور الأندونيسي الوقوف مع المنتخب السعودي يوم الثلاثاء، أو تظهر أندونيسيا تعاطفها معنا في المناسبات باعتبارنا دولة تربطنا بهم علاقات مميزة - أو كما يقول الدبلوماسيون.
الأمر المؤكد، ليست أندونيسيا لوحدها .
لن أجعل المساحة في هذا المقال اليوم عن كرة القدم.
مع أن كرة القدم مقياس من المقاييس المهمة لدرجة وعي وثقافة الشعوب، ودلالة من أدلة حسن أو سوء الإدارة.
إنما يبرز سؤالان كبيران متضخمان أمامي:
لماذا ؟
لماذا العداء ممن نعتقد أن بيننا روابط أخوية خاصة تفرق عن أي روابط بين بلاد أخرى ؟!
ماهي الأسباب؟!
لن أضع الملامة على تلك المجتمعات بمواقفها السلبية تجاهنا . فهذا طبع افتقد للتعديل. من إعلامهم، ومن إعلامنا.
ودعوني أخفف الملامة وأقول ، كما يقول المثل: " من يجهلك لايحترمك".
ومن وصلته صورة مشوهة، ولم يتم تصحيحها؛ تترسخ في الأذهان وتكبر، لاملامة عليه، تلك تربيته، وهذه نتيجة تعاطينا معهم.
بالتالي يجب أن نلوم أنفسنا :
أين قوتنا الناعمة ؟!
أين التأثير على المجتمعات .
أرى - حتى الآن - أن أسلوبنا الإعلامي في صياغة الرسالة المنتجة للقوة الناعمة تحتاج إلى مراجعة .
ماهي القوة الناعمة ؟
هي - باختصار - أن نصيغ رسائل مناسبة عبر وسائل شعبية.. وسائل إعلام وتواصل مع الشعوب مباشرة، لتعزيز، أو تغيير سلوك أو مفهوم.
( أن نحقق النتيجة : مانريده، هو مايريدونه ).
هل حققنا المعادلة؟
أم مازالت الرسالة نفسها ، لكن تحولت الرسالة، وصارت عبارة عن خليط ممزوج بالتباهي، المنفر.
بمعنى أدق:
كان خطابنا الإعلامي؛ خطاب ذات .
وأردنا أن يتطور بإضافة إنجازات، ولكن ما زالت لغة الخطاب، هي نفس خطاب الذات.. ( تمجيد الذات ) بدرجة أعلى عن السابق.
هذا قد يكون مشبع ومرضي لنا ، ولكنه - ليس بالضرورة - أن يصل إلى أعماق المتلقي العربي والأجنبي. بل ربما ينعكس، عندما يكون الخطاب مضخماً بالذات؛ فتتضخم في داخل المتلقي الغيرة والحسد والحقد.
الحل:
ببساطة؛ لتكن رسالتنا موجهة للشعوب، بلغة بسيطة، ليعتز المسلم والعربي بنا، وليحلم الأجنبي أن يجارينا، والمستثمر يأمل أن يشاركنا.
إننا نمارس أسلوب يجب أن نطوره . وهو أن القائمين على تنفيذ القوة الناعمة يمارسون أسلوبين:
المبالغة في الإستخدام التقني بما لايحقق وصول الرسالة لأغلب الشرائح ( المؤثرة ) من شعوب العالم .
والمبالغة في تنظيم المناسبات ، التي تتعارض مع المبادئ التي ترتكز عليها قوتنا الناعمة.