بين ألمانيا وكوبا

news image

كتب - عبدالله العميره

كما الفرق بين اليابان وكوريا الجنوبية من جهة ، وكوبا من جهة أخري، وبين بعض البلاد العربية التي ارتهنت للشيوعية، وتأثرت بشعار : ثورة .. ثورة .. ثورة.
ومقارنة كل أولئك بدول الخليج.
أمثلة:
لنبدأ بالمقارنة بين ألمانيا وكوبا ..
لن أجعل المقارنة في الحضارة والتقدم التكنولوجي.. فالفرق واضح.


رغم وجود دول أكثر تقدماً من ألمانيا. ومحاولات في كوبا للإنعتاق من أصفاد الشيوعية ، والإتجاه إلى بناء حضارة جديدة، بدأت تظهر قليل جداً من معالمها على أجزاء من كوبا..  ومنها حالات الإنعتاق في خليج غوانتانامو الواقع  في جنوبها الشرقي، والرغبة في التحرر من سمعة المعتقل سئ الذكر.


سأركز على جانب - ربما غير مرئي - وإن كان محسوساً..
ستتعرفون على إجابة السؤال:
ماهو الأثر الذي تركة الزعيم الألماني " هتلر" على الشعب الألماني ؟
ومالذي تركة فيدل  كاسترو؛ رئيس كوبا السابق ( 1965) أمين الحزب الشيوعي في كوبا، وتشي جيفارا، زعيم حرب العصابات والشخصية الرئيسية في الثورة الكوبية، آنذاك. حتى أصبحت صورته رمزاً في كل بلد شيوعي ، بما فيها بعض الدول العربية التي ارتهنت أنظمتها بالفكر الشيوعي.

بعد أن خبت واندثرت الشعارات اللامعة الكاذبة؛ بانت نتائج الشيوعية في كل مكان تظهر ما خفي وراء الشعارات.
لم يبق منها إلا صوركاسترو وجيفارا !
وهكذا ؛ عندما يدمر متسلط مستقبل وروح شعبه، يأتي الفراغ القاتل بعد أن يموت الزعيم الأوحد ، وتشتد وطأته إلى درجة ( الترحم ) على روح الطاغية .. وهذه هي مرحلة الإنفكاك المتعسر باتجاه النور.
في فترة الفراغ المظلم؛ تتحول شعوب تلك البلاد إلى حالة يرثى لها من التخلف العقلي والحضاري، والفقر المدقع. إلى أن يظهر المنقذ.. وهذا يحتاج بعض الوقت.

أما ألمانيا ، فإن شخصية هتلر، تركت أثراً على الشعب الألماني، حتى أن الشعب الألماني وصفوا بأنهم أكثر شعوب أوروبا صلابة وقوة وعزيمة .
رغم تغير نظام الحكم من النازي الإستبدادي إلى الديموقراطي المتسامح مع دول الجوار بعد حروب طويلة ، إلا أن الشخصية الصلبة لم تنفك عن روح الألمان اليوم، في دولة  تجمع بين عراقة التاريخ وحيوية الحاضر. 
تحولت ألمانيا بشخصيتها إلى واحدة  من أكبر وأقوى الاقتصادات في العالم، كما تتمتع بواحد من أكثر القطاعات العلمية حداثة وابتكارا.
وفي تصوري ، وقع هتلر في خطأين كبيرين جداً:
- مجازفاته الجنونية للسيطرة على العالم بالقوة والآلة التدميرية.
-  وارتكابه المحرقة، التي جعلها أعداء ألمانيا شعاراً تم تضخيمه واستعمال المحرقة، و لتدمير سمعة هتلر وإشعال الكراهية فيه، وتحطيمه نفسياً ، تمهيداً لهزيمته وإنهائة.
في الموازي، استعمل اليهود هذه القصة الفضيعة لاستعطاف العالم ووسيلة ايتزاز.
العجيب المثير، أن ما ارتكبه هتلر بحق اليهود، تحول إلى ممارسة من اليهود أكثر فضاعة تجاه الفلسطينيين !
وهنا أستحضر عدة أسئلة:
لماذا أحرق هتلر اليهود؟
ولماذا تم طرد اليهود من عدة دول أوروبية بما في ذلك فرنسا وألمانيا والبرتغال وإسبانيا خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر؟
ولماذا يمارس اليهود نفس السياسة تجاه العرب في فلسطين، رغم أن العرب لم يمارسوا أي أذى تجاه اليهود طول التاريخ ؟!
وأطرح الأسئلة بطريقة أخرى:
- ماهي أسباب  إحراق هتلر لليهود؟
- وما هي أسباب طرد اليهود من أوروبا؟
- وماهي أسباب (إحراق) اليهود للعرب في فلسطين؟


أما اليابان فقد تحولت من بلد دمرتها القنابل الذرية، إلى  ماترونه من معجزة حضارية.

الإنتقال من لاشئ إلى شئ نتيجة قوة وصلابة وعزيمة اليابانيين لتخطي الهزيمة والدمار، يدفعهم نظام  سياسي مستقر منذ مئات السنين.
وهكذا ألمانيا المعجزة..
الفارق هو ؛  أن الأمبراطور الياباني والنظام الملكي المستقر مازال قائماً.. والحضارة اليابانية مستمرة، لن يوقفها إلا :
محاولات تقليم أظافرها !
وانغماس اليابانيين في الرفاهية والترف ( وهذه طبيعة البشر، إذا  اغتنوا فسقوا ، وإذا فسقوا نسوا الماضي والتاريخ، وإذا نسوا أعيدو إلى ماضي أكثر مرارة).
إنها سنة الحياة .. إلا من فهم كيف هي دورة الحياة، فحافظ على الميزات الطيبة التي تضمن إستمرار الرفاهية بدون الإخلال بها.

في ألمانيا ذهب هتلر ، ولكن روحه داخل ألأمان مازالت باقية، وأعني روح الإصرار والعزيمة والصلابة.

ماذا عن الدول العربية " الإمعات" التي انساقت وراء الفكر الشيوعي المخزي، كالقطيع بدون تفكير ؟
الشعارات الشيوعية البراقة، صارت  كالخرقة البالية الممزقة المهترئة ، وانعكس ذلك على الشعوب !
العودة؛ تحتاج إلى تغيير فكر، وانقلاب حقيقي على الذاكرة الخربة، وابدالها بفكر جديد يساير ويجاري الدول العربية المتقدمة ، والتي تواصل تقدمها الحضاري بشكل مذهل.
وبالنسبة للدول المتقدمة ، لابد أن تضع التاريخ أمامها، وتستفيد من إيجابياته وسلبياته. 
لقد تحولت الشعارات التي كانت تصفنا بالرجعية ، إلى الوراء لتكشف الحقيقة ( من هو الرجعي؟ ومن هو التقدمي؟).
شعارات متخلفة حطمتها الرجعية .
ودول تقدمت بمحافظتها على القيم والأخلاق، وبالعلم  والإنفتاح المقنن،  فنالت الصدارة في سباق الحضارة.