الحياة البطيئة.. متعة العالم

news image

 

ملخص:

في مديح إيقاع الحياة البطيئة.. استكشف متعة العالم بهدوء
اعتقادات سائدة:

الاعتقاد السائد بأن الشخص الناجح يجب أن يكون مشغولا أو سريعا

العيش البطيء يربطها البعض بالكسل وعدم الإنتاج

بعدما يتشبع المجتمع من الجديد يعود للماضي.. يعني العودة الى الهدوء القديم

تساعدنا الحياة البطيئة على العيش بشكل أكثر وعيا

تتخلص حركة الحياة البطيئة من الدلالات السلبية لكلمة "البطء"  

لا تعني الحياة البطيئة أن نتخلى عن التكنولوجيا ونتراجع إلى أزمنة قديمة، لكنها تساعدنا على التخلي عن الأنشطة المشتتة للانتباه


يمكن أن تكون السرعة مثيرة ومبهجة في الظروف المناسبة بينما الاندفاع في إنهاء الأمور من فوق السطح ؛يسبب التشتت ويصعب تحديد الأولويات


ضرورة التخلي عن الخوف من الرفض أو الضياع، وبدلا من محاولة القيام بكل شيء، يجب اختيار فقط ما يهمنا ويتلامس معنا، دون قلق من قول كلمة "لا"


علينا أن نحدد أولوياتنا بدقة ونترك كل شيء آخر يذهب

الحياة البطيئة ترسخ للمتع العميقة والمشاعر القوية، بعيدا عن وسائل الترفيه والمتع الضحلة

_____________________
وسام السيد *

تنفي فكرة العيش البطيء الاعتقاد السائد بأن الشخص الناجح يجب أن يكون مشغولا أو سريعا، وتشجع على أن يكون الشخص حاضرا بكامل وعيه في كل لحظة.


حركة الحياة البطيئة تتخلص من الدلالات السلبية لكلمة "البطء" والتي قد يربطها البعض بالكسل وعدم الإنتاج (بيكسلز)

بعدما يتشبع المجتمع من الجديد يعود للماضي، وهذا ما يحدث في الفن والديكور والموضة والتوجهات الاجتماعية. من هنا أيضا يمكن اعتبار توجه الحياة البطيئة عودة إلى الهدوء القديم بشكل ما، بعدما أصبح إيقاع الحياة أسرع من أن نواكبه.

يمكن أن تكون فكرة الحياة البطيئة توجها مناسبا لهؤلاء الذين يبحثون عن حالة ذهنية هادئة، ويحاولون إلقاء نظرة طويلة المدى على الحياة والعالم بعيدا عن التوتر والقلق واللهاث المستمر.

تساعدنا الحياة البطيئة على العيش بشكل أكثر وعيا ووضوحا مع ما نقدره ونحتاجه في الحياة، حيث نقوم بكل شيء بالسرعة المناسبة، بدلا من السعي المستمر للسرعة.

وتنفي فكرة العيش البطيء الاعتقاد السائد بأن الشخص الناجح يجب أن يكون مشغولا أو سريعا، وتشجع على أن يكون الشخص حاضرا بكامل وعيه في كل لحظة.


يعدّ الرئيس التنفيذي لأي شركة هو المسؤول الأول الذي يحدّد مصيرها.
فكرة العيش البطيء تنفي الاعتقاد السائد بأن الشخص الناجح يجب أن يكون مشغولا أو سريعا (شترستوك)

الحياة بصورة أفضل وليس أسرع


تعد فكرة الحياة البطيئة جزءا من الحركة البطيئة الأوسع نطاقا التي بدأت في الثمانينيات من القرن الماضي في إيطاليا.

بعد افتتاح مطاعم ماكدونالدز في قلب روما، شكل كارلو بيتريني ومجموعة من النشطاء حركة تدافع عن تقاليد الطعام الإقليمية باسم حركة الغذاء البطيء أو (Slow Food). مع الوقت أصبح للحركة مؤيدون في أكثر من 150 دولة، يحاولون تشجيع الاستمتاع بالطعام الجيد والاستهلاك الواعي الذي يشجع على احترام الموسمية، وتقليل التأثير السلبي على البيئة بسبب إنتاج الغذاء.


بدأت فكرة كارلو بيتريني في التبلور عندما لاحظ انقطاع العلاقة بين المُزارع والمستهلك، بسبب محلات البيع الضخمة، ومطاعم الوجبات السريعة التي غذت وسط روما وكانت سببا في تراجع تقاليد الطعام المحلية بشكل كبير.

ساعد كارل أونوريه، أحد أشهر منظّري فكرة الحياة البطيئة، في توصيل الفكرة إلى مجالات مختلفة غير الطعام، عندما نشر كتابا في مديح البطء عام 2004. وبدأ الوعي يزداد حول السفر البطيء والتفكير البطيء والعمل البطيء وكلها أمثلة على الفروع المختلفة لحركة العيش البطيء.

ليس كل البطء سلبيا

مع إجبار المزيد من الناس على إبطاء أسلوب معيشتهم، زاد الاهتمام بالحياة البطيئة أثناء فترة الوباء. وزاد البحث حول مصطلح الحياة البطيئة بمقدار 4 مرات في غوغل ويوتيوب. ورغم أن بعض هذه الصور ومقاطع الفيديو تصور حياة ريفية شاعرية بعيدة عن الواقع، بالنسبة لمعظم الناس، فإن زيادة البحث المتعلقة بهذا المحتوى توضح الرغبة في العودة إلى الطبيعة والبحث عن هوايات أقرب لها، خاصة مع تحول عدد كبير من الناس إلى العمل عن بُعد، ما أعطى الفرصة للتواصل أكثر مع النفس والبحث فيما يسعدها بحق، وهو ما ينساه الشخص في خضم الحياة السريعة اللاهثة.

 

تتخلص حركة الحياة البطيئة من الدلالات السلبية لكلمة "البطء" والتي قد يربطها البعض بالكسل وعدم الإنتاج. ويوضح كارل أونوريه الفارق بين البطء الجيد والبطء السلبي، حيث إن البطء الجيد يقصد به التباطؤ المتعمد للقيام بالأشياء بالسرعة المناسبة لتحقيق أفضل نتيجة.

على الجانب الآخر، هناك أيضا السرعة الجيدة والسرعة السيئة. ويمكن أن تكون السرعة مثيرة ومبهجة في الظروف المناسبة بينما الاندفاع في إنهاء الأمور من فوق السطح فقط دون تعمق هو عكس ذلك تماما، لأنه يسبب التشتت ويصعب تحديد الأولويات.

 

الأركان الأساسية للحياة البطيئة

لا تعني الحياة البطيئة أن نتخلى عن التكنولوجيا ونتراجع إلى أزمنة قديمة، لكنها تساعدنا على التخلي عن الأنشطة المشتتة للانتباه، وتجعلنا نستعيد الوقت الخاص بنا لنصبح أكثر حضورا ووعيا بكل لحظة في الحياة، كما تساعد على بناء علاقات أقوى وقضاء وقت ممتع وثمين مع الأصدقاء والأبناء. كما تساعدنا أيضا على بناء قيمنا الخاصة وتصميم نمط الحياة الذي يناسبنا، وتخصيص الوقت لما نبحث عنه بالفعل، وليس ما يفرضه علينا أسلوب الحياة المدفوع بالسرعة على كوكب الأرض.

تستلزم الحياة البطيئة التوقف قليلا وإعادة تعريف علاقتنا بالأشياء مثل الهاتف أو الجهاز اللوحي أو أي أدوات أخرى تشبههم، ومن ثم إفساح المجال أمامك لقضاء وقت خال من الشاشات.

يقول أونوريه "إن حجر الأساس في الحياة البطيئة هو تكوين علاقات متوازنة وأكثر إنسانية مع التقنيات الحديثة. يجب أن نتعلم بشكل ما متى يجب أن نمضي قدما مع التكنولوجيا ومتى نتمهل قليلا ونتوقف عن الانتقال بين مواقع التواصل الاجتماعي، وشاشة نتفليكس أو حتى تصفح الإنترنت بلا هدف".

 

يؤكد أونوريه أيضا ضرورة التخلي عن الخوف من الرفض أو الضياع، وبدلا من محاولة القيام بكل شيء، يجب اختيار فقط ما يهمنا ويتلامس معنا، دون قلق من قول كلمة "لا". ويجب أن نقول لا لكل ما لا يهمنا ولا نزيد من الأعباء التي نلقيها على أنفسنا.

علينا أن نحدد أولوياتنا بدقة ونترك كل شيء آخر يذهب، بعدما سئمنا من السرعة التي تشعرنا أننا نتسابق في حياتنا بدلا من أن نعيشها بالفعل. ودائما ما ننتظر لحظة أخرى غير اللحظة التي نعيشها، وهو ما يشعرنا أن حياتنا تتلاشى بلا جدوى.

الحياة البطيئة ترسخ للمتع العميقة والمشاعر القوية، بعيدا عن وسائل الترفيه والمتع الضحلة التي تتلاشى بعد قليل وتتركنا مثقلين بمشاعر الإحباط والوحدة.


* عن موقع قناة الجزيرة - أسلوب حياة
من اختيار أ- فهد القثامي