بن فوغل.. والشقيري

news image


كتب - عبدالله العميره

البرامج المحفزة، التي تبعث في المتلقي الأمل والتفاؤل وتحرك فيه الإبداع، والاندماج مع الجميع في المشترك الأجمل بالحياة.
برامج تمنحك هذه الصفات.
وبرامج تكرس الغباء والتعصب والتخلف.
أكيد فهمتوا  أي البرامج أكثر غباء أقضد؟!

أما البرامج التي أشرت لها في البداية؛ هي البرامج المرتبطة بالواقع ، بالطبيعة، من غير تزويق ولا تجميل ولا أإضافات فيها استغباء للمتلقي. كما برامج ناشونال جيوغرافيك، أو البرية، أو الطبيعة، أو حتى إعلانات الواقع.
أو أفلام هوليود ( الحديثة)...الخ من المتشابهات.
( التزويق مصطلح عربي فصيح - الجمع : تزاويق
مصدر زوَّقَ ، التَّزويقُ : التحسين والتزيين والجمع : تَزَاويق).

برامج ذكية سلسلة لا تجميل ولا مجاملة فيها، إلا من لمسات إبداعية رائعة تسحر العقول بجمال العرض وتناغم الصورة بدون تضخيم.

مثل برنامج بن فوغل على bbc earth أو برامج أحمد الشقيري ، خواطر ، وسين.. على mbc.. وما يماثلهما من البرامج، حتى المسلسلات ذات التميز الثلاثي: القصة،  الحوار، الإخراج العالمي - بعيداَ عن " الأكشنات" المليئة بالخدع  والترهات ( الأعمال التافهة المُزخرَفة الخالية من النّفع) البعيدة كل البعد عن الذكاء في صناعة عمل فني مؤثر يحرك شغاف القلب والروح والعقل،  قادرة على التغيير من السلوك السلبي إلى الإيجاب.. برامج تطور في طريقة التفكير، وتعزز الشخصية والإنتماء.


بالمناسبة؛ معنى " أكشن" لغوياً من القاموس:  الاِنعِكاس، أو الإجراء، أو التدَاعِي.. أيضاَ تعني  التغوُّط!
ولكم اختيار المعنى المناسب فيما ترونه من برامج !


أين المشكلة في كثير من الرسائل الإعلامية؟
هي في اعتقاد بعض من يرون أنفسهم صنّاع عمل، أن الجمهور أغبياء وغوغاء وجهلاء، لا تثيرهم إلا الإسقاطات  والإثارة التافهة.

المثير للدهشة والضحك في ذات الوقت، عندما تسقط تلك البرامج في فخ نتائج الإسقاطات المثيرة السلبية، يعودوا للتبرير بطريقة أكثر غباء. لايعترفون بالخطأ، ولا بالعلاج للأخطاء.. ولا قناعة بأن أو العلاج يبدأ من الإعتراف بالخطأ!
المشكلة الخطرة، أن أولئك لايفهمون، ولا يدركون خطورة ما يصنعونه.
أما المشكلة الأكثر خطورة، أنهم يصنعون بأسعار باهظة، ويتلقون دعماً كبيراً، على برامج تافهة.
ولأولئك وسائل للإقناع .. هم يعتقدون أنهم مقنعين بصناعتهم التافهة، ويلجأون إلى تكثيف الذباب الإلكترني المدفوع بالأجر، لتعزيز انتشار أفكارهم .. هكذا يعتقدون .
الواقع .. الأثر ( سالب 100% ).
السؤال:
هل يمكن إنتاج أعمال، وأفكار، رائعة وبنفس الدعم؟
الإجابة واضحة.
__________

أتحدث عن الإعلام، وصناعة الإعلام.. ولا أوقف تحليلي على برامج "التوك شو" ذات الأساليب العتيقة، التي تخاطب العالم السفلي (التي تستثمر في الجهل) .
أو على الوثائقية الرائعة ، والأفلام، والمسلسلات، التي تستثمر في العقول النابغة، وتدفع إلى الرقي، والإبداع.
نعم، أعني النوع الأخير.
شخصياً؛ أعشق البرامج والأفلام التي تمنح المتعة وتزيد من الثقافة وتوسع المدارك والإدراك.
__________

يوم أمس - الأحد -  كان لي لقاء مع صنّاع أفلام وبرامج في الرياض.
أبحث على هذا النوع من الشركاء الناجحين المبدعين ، مع وكالة بث.
( مازلت حتى اللحظة - ولم أوقع عقداً بعد - أعتقد أنهم كذلك ).

العمل الإعلامي يتطور بسرعة.. ولدي شغف لأتقدم في السباق.
من خبراتي؛ نعم ، المال  يصنع الفارق.
لكن الفارق ؛ إما سلبي منحدر، أو إيجابي .
من يقول أن المال ( فقط) يصنع الأعمال ، كل الأعمال، أقول هذا غير صحيح.
المال بدون عقول مبدعة، يكون خطراً؛ في صناعته للأعمال الرديئة.
والمال إذا لم يوضع في أيادي نظيفة، ويدار بعقول نظيفة متطورة، فإن النهاية المتوقعة مؤلمة.

دائماً أقول: من يصنع الإبداع؛ فـ بالعافية، حلال عليه بما يستحق من مكاسب عالية.


أؤمن بالعمل التكاملي.. أفهم في العمل الصحفي، وأبعادة وأدواته، وأهدافه.. أفهم جيداً في هذه الصناعة، ولكن العمل الصحفي لايتوقف عند هذا الحد. بل هو مرتبط بفنون أخرى لتكون الرسالة جميلة، و أقوى تأثيراً.
مما قلته للشركاء الجدد: الفكرة لايمكن أن يصنعها بإبداع إلا صاحبها.
كثيراً من الأفكار الإبداعية لاتنجح لسببين رئيسيين:
1- يتم سرقتها، وتنفذ بطريقة عرجاء.. وبالمناسبة، عندما يأخذ الفكرة لصوص الأفكار، فإن مبدعها لايتوقف، بل سينتجها، إذا ما توفرت له شروط الإبداع، وأهم الشروط، المحرك الرئيسي للإبداع (رأس المال).
2- إعطاء مهمة التنفيذ لعقول غير مبدعة، لاتستوعب الفكرة، ولايمكن أن تضيف لها، أو تطور فيها لتكون أكثر تشويقاً.

إذا أعطيت الفكرة لفنان مبدع ذكي، متطور، فإنه يمكن أن ينتج برامج أفضل من برنامج بن فوغل، أو برامج أحمد الشقيري.
ولابد من فهم، أن التقليد (طبق الأصل) يقتل الإبداع.
ممكن إنتاج برامج تظاهي أو توازي  الفوغليات.. والشقيريات.
ويبقى أحمد الشقيري الأكثر إبداعاً على الساحة - حتى الآن.
برامجه عالمية، ليست متقوقعة تخاطب الذات. لذلك تـأثيرها كبير.

__________

سأذكر لكم حكاية أخرى تتعلق بالتأثير، رغم أن الإبداع في الإنتاج فيها - بسيطاً جداً.
قد لايصدق البعض أن مسلسل مثل " طاش ماطاش " ترك أثراً في دائرة أكثر إتساعا من المحلية.
خلال عرض المسلسل - قبل سنوات - عملت رصد وتحليل ، لتأثير  " طاش" في الوطن العربي.
كانت نتيجة التحليل مذهلة.. وأعلنتها في ذلك الحين.
وجدته محبب إلى معظم الشعوب العربية - من المحيط إلى الخليج!
وأتذكر، أن من بين الشرائح العربية التي وضعتها تحت الرصد ، أشقاءنا اللليبيين.
وضعت الليبيين كأحد المقييس الوسط بين المشرق العربي ومغربه.

كان السؤال المشترك: هل طاش مؤثر، ولماذا؟
الإجابة المشتركة: نعم.. والسبب أنه يناقش نفس المشكلات في معظم البلاد العربية.
يقول الأخوة العرب: إننا نجد أنفسنا في طاش !
 


بن غوفل أو بين فوغل؛ إنجليزي  يبحث عن المهمشين،  أو ممن تشبعوا من المدنية الغربية، في أنحاء العالم ، فتركو حياة التشرد، أو الحياة المرفهة، في المدن الصاخبة، وهاجروا للإستقرار لوحدهم في البراري والغابات، ليكشف الإعلامي بن فوغل للعالم؛ الإبداع المخزون الكبير من الحكمة في داخل أولئك . في برنامج مصور إبداعي، وعرض تلفزيوني مميز، ومؤثر.

وأحمد الشقيري، لا أحتاج أن أشرح لكم الإبداع في برامجه.