"حكومة بابلو"

news image

 

 

كتب - عبدالله العميره

بابلو إسكوبار..  ويُعرف بـ “ سيد الشر”،  هذه الشخصية الإجرامية طفح اسمها على السطح أمامي ، بعد أن ظهر له أمثال .. ولأكون دقيقاً في الحديث عن هذه الشخصية العجيبة، لابد من البحث والإعتماد على المصادر الموثوق بها.
يقال  أن المجرمين  يتوالدون ويتناسخون".
كما يقال أن  الأخيار يتواصلون ".

في السنوات الأخيرة؛ تزايدت عمليات تهريب المخدرات، والعبث.

بابلو إيميلو إسكوبار جافيريا  من مواليد ريونجرو، كولومبيا (1 ديسمبر، 1949) وقتل فى ميديللين، كولومبيا (2 ديسمبر 1993)،

لو سُئل أي مجرم عن مثله الأعلى ؛ فلن يتردد في اختيار بابلو إسكوبار، رغم نهاية بابلو المأساوية!

كان "بابلو إسكوبار"  اكبر تاجر مخدرات فى العالم. وصنفته مجلة الفوربس كسابع أغنى رجل فى العالم بمجموع أموال قدرها 30 مليار دولار.

 

ولد من عائلة تعمل بالفلاحة، وقد أظهر إسكوبار مهاراته في العمل وهو صغير. بدأ حياته الإجرامية في أواخر ستينيات القرن العشرين في التهريب، وفي بداية الثمانينيات شارك في إنتاج وتسويق الماريجوانا والكوكايين إلى الخارج. أسس إسكوبار منظمة كارتل ميديلين بعد أن شكل تحالفات مع غونزالو رودريغيز غتشا، وكارلوس ليهدر، وخورخي لويس أوتشوا، وكانت المنظمة في ذروة قوتها تحتكر نشاط الكوكايين من الإنتاج إلى الاستهلاك، وسيطرت على أكثر من 80% من الإنتاج العالمي من المخدرات و 75% من سوق المخدرات في الولايات المتحدة. وخلال عشر سنوات تمكن من تعزيز إمبراطوريته الإجرامية، وجعلته أقوى رجل في المافيا الكولومبية. تكونت لديه ثروة هائلة تقدر ما بين 25 و 30 مليار دولار أمريكي (تعادل تقريبا 54 مليار دولار في عام 2016)، مما جعله أغنى رجل في العالم لمدة سبع سنوات متتالية وفقاً لمجلة فوربس.

بابلو اسكوبار مجرم محبوب.. لماذا هو محبوب؟!

لأنه كان يقوم بشراء ضمائر الناس عن طريق الأعمال الخيرية التي يقوم بها لغسل أمواله وتلميع صورته في الإعلام. استمراره في الجريمة المنظمة ودخوله المجال السياسي يدعو للكثير من التساؤل.
كان مستثمراً حيداً في عقول الجهلاء، وضعاف النفوس، وشاطراً في استغلال توجهات المجرمون الصغار والسيطرة عليهم. 
كان يعرف كيف يحقق مايريد عن طريق الجرائم الظاهرة والخفية.

في بداية الثمانينات حاول إسكوبار تلميع صورته. وفي عام 1982 احتل مقعداً في مجلس النواب الكولومبي، الذي كان جزءًا من الحركة الليبرالية البديلة، ومن خلالها كان مسؤولًا عن بناء المنازل وملاعب كرة القدم في غرب كولومبيا. اكتسب بذلك شعبية كبيرة لدى سكان المدن التي كان يتردد عليها. في عام 1983، فقد مقعده بتوجيهات مباشرة من وزير العدل رودريغو لارا، بعد أن نشرت صحيفة الإسبكتادور العديد من المنشورات عن أعماله غير الشرعية.  

في 1991، قرر إسكوبار أن يقدم نفسه إلى العدالة بشرط أن يحجز في سجن "لاكاتدرال" الفاخر. وبعد أن ثبت أنه ما زال يرتكب الجرائم وهو خلف القضبان، قررت الحكومة نقله إلى سجن تقليدي، خطط بعدها إسكوبار للفرار.

بعد هروبه شكلت الحكومة ما يسمى "كتلة البحث" للقبض عليه، وبعد 17 شهرًا من الملاحقة المكثفة، اقتربوا من القبض عليه لكنه حاول الهروب عبر أسطح المنازل في ميديلين، فتم إطلاق النار عليه وقتله.

المسيرة الإجرامية الطويلة .. هذا ملخصاً لها:

بدأ إسكوبار مسيرته الإجرامية في عام 1966. ووفقاً للروايات، فقد كان يسرق شواهد القبور مع عصابته، ثم يعيد ترميمها وبيعها إلى مهربين محليين. ثم انتقل إلى سرقة السيارات وهو في سن العشرين. وقد كان هو وعصابته يسرقون السيارات ثم يفككونها ويبيعونها كقطع مجزأة. وبعد أن جمع ما يكفي من المال، تمكن من رشوة موظفي الخدمة المدنية لتعديل معلومات السيارات المسروقة. وقد اختفت بيانات التوقيف لتلك الفترة، ويبدو أن إسكوبار مكث في سجن ميديلين عدة أشهر قبل الذكرى السنوية العشرين. وسرعان ما حصل إسكوبار على سمعة سيئة. وبدأ بتجنيد المجرمين لخطف وحجز رؤساء ميديلين التنفيذيين من أجل الحصول على فدية.  

بعد أن حصل إسكوبار على المال من اختطافات مدير ميديلين التنفيذي دخل في تجارة المخدرات وبدأ في تحقيق طموحه بأن يصبح مليونيرا عن طريق العمل لصالح المهرب الشهير "ألفارو بريتو" الذي كان يعمل في جميع أنحاء ميديلين، وعندما وصل سن 26 وصل المبلغ في حسابه إلى 100 مليون بيزو (أكثر من 3 ملايين دولار أمريكي).

توزيع المخدرات

في عام 1975، قُتل مهرب المخدرات في ميديلين فابيو أوتشوا ريستريبو، ويعتقد أن إسكوبار هو المسؤول عن مقتله؛ وقد استغل إسكوبار مقتله لتوسيع عملية تهريب المخدرات وبدأ في تطوير إمبراطوريته للكوكايين لتصبح أكبر إمبراطورية للمخدرات في التاريخ.

 

في مايو 1976، تم إلقاء القبض على إسكوبار وعدد من رجاله عندما كان عائداً من الإكوادور إلي ميديلين ووجد في حوزته 18 كيلوغراما من عجينة الكوكايين البيضاء. حاول إسكوبار في البداية رشوة القضاة الذين وجهوا التهمة ضده لكنه لم ينجح. بعد عدة أشهر أمر بقتل الضابطين اللذين ألقيا القبض عليه، وأسقطت القضية عنه بعد ذلك. بعدها تعلم إسكوبار كيف يتعامل مع السلطات بفرض قانون "plata o plomo" وتعني "الفضة أو الرصاص"، وهي إما أن تقبل حكومة وشرطة وجيش كولومبيا بـالفضة  أو ستتلقى وابلا من  الرصاص.


نهايته

في 1 ديسمبر 1993 قضى إسكوبار عيد ميلاده 44 في منزل يملكه مكون من طابقين، وكان لديه حارس شخصي واحد.
عندما أراد إسكوبار إجراء مكالمات هاتفية، ركب في سيارة أجرة صفراء للتمويه.
قرر إسكوبار الاختباء في الغابة لإبعاد مطارديه عن طريقه. وكانت خطته تشكيل مجموعة جديدة وإنشاء دولة مستقلة يكون هو رئيسها. وفي 2 ديسمبر 1993، أرسل إسكوبار ابن عمه لشراء الإمدادات التي يحتاجها في الغابة، أجرى مكالمات هاتفية داخل سيارة الأجرة، خرج من سيارة أجرة وعاد إلى الشقة وهو لا يزال متصل بالهاتف، واستغرق اتصاله مدة أطول من خمس دقائق، وكانت هذه غلطة فادحة. هرع هوغو إلى فريقه، وكانت كتلة البحث تحاول تحديد موقع المنزل بدقة. تتبعت كتلة البحث وسنترا سبايك المحادثة وقادتهم إلى لوس أوليفوس، وانتظروه أن يجري مكالمة أخرى. الساعة 3 مساء، اتصل إسكوبار بابنه، ثم بدأ أعضاء كتلة البحث التفتيش من شارع إلى شارع. قاده جهاز مسح هوغو إلى مبنى مكاتب، وأصبح واثقاً بأن إسكوبار في الداخل، واقتحمت القوات المكان، ولكن إسكوبار كان لا يزال يتحدث كما لو أن شيئا لم يحدث.

 

فرضيات عن مقتله:

رواية تقول أنه انتحر بإطلاق النار تحت الأذن.  
ورواية تقول لقد أطلق عليه النار قناص من جماعة لوس بيبيس.
وروايات أخرى تقول:
أطلق عليه النار ضابط من مديرية التحقيقات الجنائية والإنتربول وكان ملتحقا بكتلة البحث.
أطلق عليه قناص من قوة دلتا.
أطلق عليه رصاصة الرحمة العقيد هوغو أغيلار، الذي قاد مجموعة الاقتحام التي جاءت إلى المنزل.
أطلق عليه النار كارلوس كاستانيو جيل، القائد الأعلى لمجموعات الدفاع الذاتي المتحدة الكولومبية  AUC.
أطلقت عليه النار فرقة كتلة البحث. ويصور هذا المشهد في لوحة شهيرة رسمها الفنان فرناندو بوتيرو.

وتقول شائعة ، إنه لم يمت، وأنه استأجر شخصاً شبيهاً له. وهو الآن يختبئ ويتمتع بأمواله.

 

أين اختفت ملايين بابلو؟


توجد فرضية لتقسيم الأصول إلى فئات لتسهيل فهم ما يحدث:

الفئة الأولى: أصول سائلة مثل (النقد والسيارات والمنازل والملابس ..إلخ).
الفئة الثانية: أصول مخفية في أماكن يمكن الوصول إليها بسهولة مثل (الكهوف والغابات والمقصورات السرية للمنزل ..إلخ).
الفئة الثالثة: أصول مخبأة في أماكن بعيدة يصعب الوصول إليها في بنوك من البلدان الأخرى، وغسيلها من خلال الشركات الأجنبية، وما إلى ذلك.
الفئة الرابعة: أصول مفقودة وقد ضاعت في عمليات نقل الأموال والإنفاق أو إخفاءها.
ويعتقد أن إسكوبار قد دفن ما يقدر ب 50 مليار دولار في جميع أنحاء كولومبيا، معظمها لم يعثر عليها حتى الآن.  

إسكوبار ووكالة المخابرات المركزية

تجسدت قصة إسكوبار تناقضات وسخافات وفساد ووفيات ناجمة عن الحرب على المخدرات. وكما حصل مع إمبراطورية آل كابوني التي سببت حظر الكحوليات في الولايات المتحدة، فإن ما حصل مع إسكوبار هو إنشاء قوانين أمريكية للمخدرات ..ومطاردتهم لإسكوبار بغرض حرب المخدرات.

يدّعي الطيار السابق لوكالة المخابرات المركزية "تشيب تاتوم" أن بعض مليارات إسكوبار الموجودة في بنما انتهت في أيدي جورج بوش الأب. ولا عجب أن كميات الكوكايين ارتفعت بعد وفاة إسكوبار إثر قيام وكالة المخابرات المركزية بتسهيل إدخالها إلى أمريكا.

فرضية تقول، لم تكن قوة إسكوبار تستطيع مواجهة الموارد الضخمة، وإدارة امبراطوريته ، لولا ارتباطه بالإستخبارات الأمريكية، هي التي تدعمه لتحقيق مكاسب كبيرة من ورائه، وعندما تمادى وتوسعت دائرة أخباره السيئة، وبدأت تنكشف العلاقة معه، تخلص الأمريكان منه. وهكذا تتعامل الإستخبارات الأمريكية مع العملاء الفاسدين، عصرهم - كالليمونة - حتى آخر قطره، ثم رميهم في مزبلة التاريخ، قبل الفضيحة كاملة.


من أقوال  بابلو إسكوبار


-  المشكلة أن لا أحد يستطيع التحكم بالأحلام التي لديه.

-  كنت أشعر أني كالآلهة، عندما آمر بقتل شخص.

-  أنا فقط الرجل الكريم، الذي يصدر الزهور!

-  الحياة مليئة بالمُفاجئات.

-  يجب أن يكون هُناك ملك واحد فقط.

-  الجميع لهم سعر ما، المهم أن تعرف ما هوا؟

-  هناك 200 مليون غبي، يتم يتلاعب بهم مليون رجل ذكي.

__

النهاية .. حياة حافلة بالرعب والإرتعاب، وختام مأسوي.