الثور الأبيض .. والمعادلة

news image

 

كتب - عبدالله العميره

صدام حسين ووزير الخارجية طارق عزيز " فهموا المعادلة.."
هذه العبارة وردت في تقرير روسي، تم بثه اليوم على موقع إعلامي روسي.
المعنى هنا؛ أن صدام فهم المعادلة بعد فوات الأوان.
صدام كان يتبع "جزاره" منذ زمن !
هذا ما يشير إليه التقرير .. وهنا يكمن سؤال: أين روسيا من علاقتها الحميمية مع صدام ؟ لماذا لم تحذره من السير على طريق يؤدي إلى نهايته المأساوية؟

بعبارة أدق؛ لماذا لم ينقذ  الروس صدام ويكشفوا له حقيقة نهايته التي يعرفونها بأجهزتهم الشهيرة المتغلغلة كما يقولون؟

هذه أسئلة رأي عام..

المعادلة ، والتقرير الروسي الذي سأنقله نصاً في نهاية هذا المقال؛ يجعلاني أكثر متابعة ورغبة في معرفة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية !
_____
جزار صدام  رسم خطته بما تتوافق مع أهواء ونزوات وكبرياء الزعيم العراقي الهمام. تماماً كما تم مع القذافي، الطرف الآخر من زعماء الأمة العربية في ذلك الزمن الأغبر.
كانت الصدمة للعالم أن يخرج الأمريكان صدام من حفره مهاناً ..الأمريكان لم يرغبوا في إظهاره بطلاً ، يقاتل ويُقتل في معركة.
بالضبط كما فُعل بالقذافي عندما أخرجو ه ذليلاً من ماسورة صرف وسحلوه ، وقتلوه شر قِتْلة ..

أما قصة محاكمة صدام ، ومسرحية الإعدام فكانت غاية المهانة لصدام وللعراقييين الذين هلل بعضهم لشنقة .
( من عجائب العقول أن يهلل من يعتقد أن إعدام صدام كرامة لهم، ليتم الإكتشاف أن كرامتهم "مسحولة" تحدت أقدام الفرس - صنو الأمريكان والإسرائيليين، بل الفرس أشقى وأمر عداوة للعرب والمسلمين !).

والمعني  - هنا - بالأمريكان - الإدارات العدائية، بالتحديد بدءاً من آل بوش، مروراً بعدو الأخلاق ، كلينتون، وفاقد النخوة أوباما، حتى بايدن - إلا رجل فيه بعضاً من شهامة زعماء أمريكا الأوائل، أعني الرئيس ترامب.
( لا أتفق مع من يقول أن أمريكا تسير وفق استراتيجية لاتتغير بتغير الرؤساء .. أبداً، ففي أمريكا شعب ورجال ونساء همهم مصلحة بلادهم، يحترمون شركاءهم من العرب وغيرهم . لكن لايخفى على أحد قوة اللوبي الصهيوني القائم على العداء للعالم، ومعلوم من يحاول قيادة أقوى قوة في العالم باتجاه التدمير لأمريكا وأهلها، لمصالح عداء لاتتغير عبر التاريخ .. وإن كان التاريخ بدأ يفهم المعادلة، وجاري تغييرها).

بعض العرب، فهموا المعادلة منذ زمن - حتى قبل إعدام صدام ، وصاروا يتعاملون مع العدو الند بالند، بل التقدم إلى الأمام.. عرب يمارسون المنافسة والتغيير على طريقة الفرسان العرب القدماء الأصايل، عندما كان العرب يقودون العالم بحضارتهم وعلمهم، وعقولهم النيرة المتقدمة!
( الأعداء لايفهمون إلا لغة القوة .. اقتصادية.. عسكرية .. عقلية ..الخ من أنواع القوة الرادعة والتي تمنح القيادة)


فهم المعادلة متأخراً أفضل من عدم الفهم أبداً.


ولكن ؛ يجب فهم المعادلة وأنت فيك قدرة تمكنك من القضاء على عدوك الظاهر، والباطن المتسحب لكحية رقطاء تحت تبن.
ولن تنتهي الدروس التي يتعرض لها العرب عبر تاريخهم.. والسؤال: هل يستوعب العرب الدرس، أم هم صائرون كما المثل الشهير " أُكِلتُ يومَ أُكِل الثورُ الأبيض" ؟

قبل أن آتي إلى الفقرة الجديدة؛ اسمحو لي أن أنقل قصة المثل، ليعرف ممن لم تمر عليه قصة الثور الأبيض، ماهي العبرة.

 

قصة الثور الأبيض لِمَن لا يعرفها، هي :


"أنه في أحد الأزمنة عاشَ ثلاثة من الثيران في مرجٍ واسع، يرعون ويأكلون ويرتعون بأمانٍ، كان لأحدها لونٌ أبيض والآخر أحمر والأخير أسود, وكان يجاورهم في المرْعى أسدٌ يَطمع في الاغتذاء عليها، ولكنَّه لَم يكنْ قادرًا على ذلك؛ خشية أن تجتمعَ عليه؛ فتَفتِكَ به نَطْحًا.
ولأن الأسدَ لا يُمكنه النَّيْل منها إلا مُنفردة، قرَّر أن يُعْمِل الْحِيلةَ؛ ليَنال مُبْتغاه, وفعْلاً هذا ما لَجَأ إليه، ففي أحد الأيام وجَد الثورين الأسود والأبيض مُنفردين في المرْعى، فاقتربَ من الأسوَد، وهَمَس له ناصحًا بأنَّ رفِيقك الأبيض لافتٌ للنظر، وأنَّه متى جاء صيَّاد للمكان فلن يلبثَ أنْ يهتديَ إليكم بسبب لونه الفاضح, كما أنَّ خيرات المرْعى تناقصتْ مؤخَّرًا، فلو تخلَّصْتُم منه لكفتْكم خيراتُه أنت وأخوك الأحمر، كما أنَّ القِسمة على اثنين خيرٌ منها على ثلاثة.
وهكذا لَم يزلْ به حتى أثَّرَتْ كلماتُه عليه، وأخذتْ في فِكْره القَبول, ولكنَّه لا يعرف كيف يُبِعد الأبيض عن المكان، فقال له الأسد: لا تحمل هَمًّا، أنا أكفيك أمرَه، وما عليك إلا الابتعادُ من هنا، ودَعْ أمرَه لي.
تركَ الأَسْود المكان، فانفردَ الأسد بالثور الأبيض وفتَك به، وعندما عاد الأحمر أوْهَمَه الأَسْوَد بأنَّ الأبيض لَحِق به، وأنَّه للآن لَم يرجِع, وبعد مُرور مدة من الزمن، نُسِي أمرُه ويُئِسَ من عوْدته.
ثم أقبلَ الأسد مرة أخرى مُسْدِيًا نُصحَه للأَسْوَد، ومُذكِّرًا له أنَّ المرْعى لواحدٍ خيرٌ منه لاثنين وهكذا، حتى تَمكَّن الأسد من النَّيْل من الثور الأحمر.
ثم ما لبثَ الأسد أنْ عاد بعد أيَّام وفي عَينيه نظرة فَهمها الثورُ الأسوَد جيِّدًا، فأدْرَك أنَّه لاحِقٌ بصاحِبَيه، فصاحَ: لقد أُكِلتُ يومَ أُكِل الثورُ الأبيض".

_____
يجب أن تتغير المعادلة .. 
البدء في التكتيك، فالخطة..
لعودة العرب، لايجب أن يكون للعرب سوى قائد واحد قوي.
وقصة، الوحدة العربية، شعار منتهي منذ أن بدأ أيام القومية الهزيلة. كان يرفعها صعاليك الأمة ومجرميها الذين أرجعوا العرب إلى الوراء وأبقوهم بدون قيمة.

_____

هل معادلة الروس مفهومة للعرب ؟!

تقرير جذبني ؛ بثه موقعRT التابع للحكومة الروسية.
رواية السفير الروسي جاموف لقصة القبض على صدام حسين واللقاء الفريد مع مقتدى الصدر.
قبل الإتيان بنص التقرير، يجب عليكم التركيز،  ووضع الأسئلة التالية حاضرة في أذهانكم، قبل القراءة، وبعد القراءة :
1- لماذا هذا التوقيت في تكرار قصة صدام؟
2- وهل القصة مطابقة للرواية الغربية.. إذا كانت مطابقة أو مخالفة.. فأين يتقاطغانأويختلفان؟ ولماذا؟

نص التقرير

"روى سفير روسيا في العراق بين 2005-2008، فلاديمير جاموف، رواية القبض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، مؤكدا أن الأخير كان مقتنعا بأن الحرب على العراق واقعة لا محالة.

رواية السفير الروسي جاموف لقصة القبض على صدام حسين واللقاء الفريد مع مقتدى الصدرالسفير الروسي جاموف يكشف عن الاسم السري لطارق عزيز وعلاقة صدام حسين بالأمريكان
وفي حديث لبرنامج "قصارى القول" عبر RT عربية، ضمن سلسلة البرامج المكرسة لذكرى غزو واحتلال العراق في التاسع من أبريل 2003، لفت جاموف إلى أن القيادة العراقية وتحديدا صدام حسين ووزير الخارجية طارق عزيز "فهموا المعادلة وحاولوا بذل ما يمكن لدرئها لكن واقعيا، لم يكن لديهم القدرة على وقفها لأنه تم اتخاذ القرار بإطاحة النظام وإضعاف العراق وإخراجه من المعادلة في الشرق الأوسط".

وكشف أن "روسيا بذلت محاولات لإقناع صدام حسين بالاستقالة. ومعروفة المحاولة الأخيرة التي بذلها يفغيني بريماكوف مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين في زيارته الشهيرة إلى بغداد"، مبينا أن "موسكو كانت على دراية تامة وعلى جميع المستويات بأنه من الضروري تجنب هذه الحرب، أو على الأقل تأجيلها".

ورأى أن المهمة الروسية في بغداد كانت محاولة أخيرة من موسكو لمنع الحرب، موضحا أنه "في مارس عام 2003، وصل إلى بغداد يفغيني بريماكوف. الشخص الذي كان يعتبر مرجعية للدبلوماسيين الروس العاملين في الشرق الأوسط، يحمل رسالة من الرئيس فلاديمير بوتين وحسب ما أعلم، كان يحمل فكرة تنحي صدام عن السلطة وتشكيل ما يمكن تسميته مجلس دولة أو لجنة إدارية، بحيث تضم ابنه الأصغر قصي الذي كان محبوبا ومحترما في العراق، على خلاف الأخ الأكبر عدي".

وذكر أن "اللقاء كان قصيرا، استغرق حوالي أربعين دقيقة، قدم خلاله الاقتراح الروسي، وإذ كان قد دعم هذه الفكرة عدد من الدول الأخرى"، كاشفا أن "صدام حسين ضحك وربت على كتف بريماكوف وقال "سنتحدث عن هذا الموضوع لاحقا" وعندما خرج، صرح طارق عزيز قائلا لبريماكوف "سترون بعد عشر سنوات كم كان قائدنا محقا".

ونوه جاموف إلى أن "طارق عزيز كان محللا بارعا وكان يمتلك خبرة جيدة في الشؤون الدولية. أظن أن عبارته تلك قالها للاستهلاك المحلي فقط. فقد كان بريماكوف والجميع يدركون أن صدام لن يوافق على الاقتراح".

وحول إلقاء القبض على صدام حسين ومحاكمته ومن ثم إعدامه قال السفير الروسي:
"عملية القبض على صدام وما تم بثه عبر التلفاز، أثارت الدهشة لدي ولدى البعثة الدبلوماسية لان الصور لم تكن تتوافق مع شخصية وطبيعة صدام حسين المعروفة وظهرت صور إخراجه من الحفرة بطريقة مهينة.. أما من ناحية الوقت فقد أشار الأمريكيون إلى أن ذلك حدث في شهر أكتوبر، بينما ظهرت نخلة تحمل رطبا جنيا وهذا مخالف لنظام الطبيعة في العراق لذا، لم تجد هذه الفرضية قبولا لدينا، وقد أثارت الانقسام في دائرتنا الدبلوماسية حيث توصلنا إلى فرضية أخرى مفادها أن صدام حسين لم يتم القبض عليه بمساعدة الأمريكيين، بل تم القبض عليه بمساعدة الأجهزة الأمنية في كردستان العراق بقيادة مسعود بارزاني".

وكشف أن المعلومات "تفيد بأنهم قاموا ببيعه وأن الأمريكيين اشتروه بثلاثين مليون دولار. فإذا كانوا قد دفعوا خمسة وعشرين مليون دولار للضباط الذين سلموا بغداد دون قتال، كما قيل فإن الحديث عن ثلاثين مليون دولار لشراء صدام لا يعد أمرا مثيرا للدهشة"، مضيفا: "هذه مجرد إشاعات ولكن الإشاعات في الشرق ليست عابرة ولا توجد نار بدون دخان. وما يزيد الأمر أهمية أن هذه المعلومات كانت تتداول في مقاهي بغداد التي أثق بها وبالأخص".

وتحدث جاموف عن ظروف وتفاصيل اللقاء مع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في يونيو عام 2005، قائلا: "كان مقتدى الصدر في مقره بالنجف، والتي تبعد عن بغداد مسافة 160 كيلومترا، ولم تكن الطرقات آمنة. مساء يوم الجمعة، جاءني شخص وقال: "أنا من وزارة الداخلية وإلى حزب مقتدى الصدر". واستفسر مني عن رغبتي في لقاء مقتدى الصدر، فأجبته بالإيجاب قائلا: "لماذا لا؟"، فرد قائلا: "إذن، يلزم السفر إلى هناك".

وتابع: "على خلاف مسؤولياتنا الدبلوماسية، لم أخطر قيادتي في موسكو. اخترت السفر يوم السبت، لأن الانتظار للحصول على رد من موسكو كان سيستغرق وقتا طويلا. لذا، قررت التحرك على مسؤوليتي الخاصة صباحا بثلاث سيارات إحداها تابعة للسفارة واثنتان من وزارة الداخلية. وصلنا إلى النجف دون أي معوقات، لكنني كنت متفاجئا من الدمار الذي شهدته في كل مكان نتيجة للمعارك".

وأضاف: "التقيت بمقتدى، وجرى بيننا حديث مفيد. كان شابا في مقتبل العمر، درس الإسلام في إيران، وكان لافتا للنظر أنه الناجي الوحيد من سلالة الصدر، إذ قتل صدام حسين حتى والدته وخالته في نفس السجن الذي شنق فيه صدام حسين، هذا أولا. أما ثانيا، فكان هو الشخص الوحيد الذي قاوم الأمريكيين، إلى درجة أن هناك معارك دارت بالقرب من النجف وضريح الخليفة علي بن أبي طالب. بشكل عام، تحدثت معه، وبعدها كان المطلوب العودة إلى بغداد". نهاية التقرير.
_____

نهاية هذا المقال:
يجب فهم عناصر المعادلة منذ بداية تركيبها؛ وتفكيكها أول بأول.

-  الإنهزاميون، والمغفلون والمتأثرون بالإعلام السياسي والحربي - وحدهم؛ يقولون أن التغيير مستحيل.