الحاوي والشنفري *

news image

كتب - عبدالله العميره

قصة سينمائية لحادث إعتداء رجل قيل أنه لبناني على مسيحي عراقي متلحف بلباس كهنوتي يلقي كلمة في كنيسة باستراليا. وكانت المناسبة في الكنيسة منقولة على الهواء عبر وسائط النقل الإجتماعي.
بداية، لابد أن أشير إلى ثلاثة أمور:

الأول: احترامي الكامل للدين المسيحي،واليهودي، والكتب السماوية، احترام نابع من إيمان يقين بجميع الرسل، وهذا شرط على المسلم ليكتمل إيمانه ، أي؛ لايكون المسلم مسلماً إلا إذا آمن :
بالله ؛  والإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بوجوده سبحانه وتعالى، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته. والبعد عن الوقوع في المحاذير التي تنافي تحقيق الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته وهي التحريف والتعطيل والتمثيل والتكييف.
والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والإيمان باليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره، أوله وآخره.

الثاني: إنكار الجريمة وشجبها ، أياً كان نوعها، وبأي طريقة. وبأي مكان، وضد أي إنسان، وضد الحياة على الأرض.

الثالث: إنكار الخرافات والخزعبلات والغش، والضحك على الناس بالكذب والتدليس.


الأول والثاني، لاأختلف مع أحد يتوافق رأيه مع العقل، وإننا نحمد الله على نعمة العقل ونعمة الإسلام.
الإسلام ، خاتم الديانات، ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنباء والرسل. جاءت رسالة الإسلام شافية وافيه - دين وسط - لكل البشر، لافرق بين أبيض ولا أسود، ولاعربي ولا أعجمي ، إلا بالتقوى.
ولو لم أكن مسلماَ - وأفكر بالعقل والمنطق، لاخترت الإسلام ديناً.. دين ، فيه الكتاب المقدس (القرآن الكريم) محفوظ من التحريف والتأويل والتاليه. لايستطيع أحد أن يزوره أو يحرفه ..
يقول تعالي في الآية 9 من سورة الحجر : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ".
دين يحترم عقول البشر.. لايستطيع أي كائن التحريف في القرآن، مهما بلغت محاولات المشعوذين ومحترفي التحريف.. القرآن محفوظ بحفظ الله . يبقى ناصعا كاملاً.
ولاتدوم محاولات محترفي التحريف أبداً.

لم يقرأه متبحر في القرآن الكريم، إلا وجد أنه بحر لاتنتهي درره، ولم يقرأه عالم من علماء الدنيا من مسلمين وغير مسلمين، إلا وجد فيه عجائب تتوافق مع العقل والطبيعة. لاخرافة، ولاشعوذة ..
آيات بينات ، فيها من العلم ما يسبق العالم.
وفيها من الإيمان، مايريح القلوب.
وفيها من الطمأنينة، ما يغني عن مسكنات الدنيا.

مع ذلك لم يسلم القرآن من محاولات التحريف، ولم يسلم نبينا وديننا من محاولات الطعن من أهل الخرافة والشعوذة .
والعجيب المثير، المفرح لنا، والمحزن لأعداء الحق في الإسلام، أن أعداد المسلمين يتزايد في العالم.. فلا يمكن لأي شخص يعرف الإسلام على حقيقته، إلا ويلتحق بركب المؤمنين.
_____
مشهد واحد لمحاولة اغتيال " رجل ملتحي وبلباس الكهنوت".. وقف يخطب .. فأقبل عليه شاب بهدوء ، ورفع يده، وسمع المشاهد طرقعة (خبط) على الوجه والكتف - الصوت ليس صوت سكين طعن، دخلت في الجسد، بل صوت يُذكرنا بجرائم القتل في الأفلام التي تحدث أمام المشاهد بواسطة سكين (لعبة من البلاستك) بدون نصل!
مشهد ( قد يكون حقيقياً)، ولكن المستنكر؛ هو  إلباسه هالة من الشعوذة، وواكب  المشهد حملة ترويج (غبية).

وهذه الجريمة ذكرتني بحادثة 11 سبتمر 2001م، في أمريكا.
فور ارتكابها، هبت وسائل الإعلام ببث الأراجيف وكأنها مستعدة لهذه الجريمة .. معلومات جاهزة معلبة.
" في الجرائم الغامضة فتش عن المستفيد.. وفي الجرائم السياسية أيضا.. ومن السهل أن يفلت مجرم من العقاب.. ومن السهل ادانة بريء أيضا.. وهذه هي الجريمة الكاملة.. والمجرم المحترف هو الذي يحدد من غيره ستلبسه الجريمة قبل أن يرتكبها.. وهذه هي الجريمة المزدوجة.. المركبة.. والمعقدة..".
ومن خصائص الجرائم الغامضة أو المركبة؛ ترتيب السيناريو والحوار لإخراج فيلم خايب، وتجهيز كبش فداء، وتجهيز حملة إعلامية واسعة ومركزة ، وهدف أشد خيبة.
وعادة، مثل هذه القصص، تنكشف، وتنقلب ضدها .
تماماً كما في جريمة 11 سبتمر2001م.
أو كما عمليات إسرائيل وجرائمهم التاريخية، مثل:
فضيحة لافون ، في بداية الخمسينيات.
وجرائم ترحيل اليهود من العراق إلى إسرائيل سنة 1951 ، عندما عمد الموساد إحداث تفجيرات في مواقع اليهود بالعراق لإجبارهم على مغادرة (بلاد الإرهاب) إلى (دار الأمان في إسرائيل)!

- هل نفتش بين الأنقاض ـ على طريقة (إيفنو آزيف) و(بنحاس لافون) ـ عن المستفيد؟.. 
أنا هنا لا أتهم (آزيف) أو (لافون).
إنما أتعجب من عقول تتوقف أمام جرائم غبية، تنعكس على أصحابها.

المثير أن الجريمة المزعومة في استراليا، تبعتها مباشرة حملة مركزة لعدد كبير جدا من الذباب الإلكتروني في مواقع التواصل، تؤكد الجريمة، وتتباكى، والتركيز المثير للإنتباه من الذباب، أنهم جميعاً تحولوا إلى دعاة إلى الدين المسيحي ، بدليل المعجزة التي وقعت في استراليا.. " يسوع الرب" أنقذ القسيس العراقي من الموت على يد المجرم اللبناني!!
_____
وآسفاه، تحولت بلاد الرافدين إلى مصدر للخرافة ، ومنها إلى لبنان،  من بلد الرقي والحضارة إلى بلد العقول التي تستقبل الخرافة، ومن العراق ولبنان إلى اليمن ..وبلاد بدأت الخرافة والشعوذة تنخر في جسد مجتمعاتها.
ولا يطفئ لهيب الحسرة ، إلا المشاهد الإيمانية في مكة والمدينة ، كيف كانت في رمضان .. ويبدو أن تلك المشاهد هي التي حركت العقول والأجساد الحاقدة، التي تؤمن بالخرافة والشعوذة.
ويعتقد - أولئك - أن نشر الدجل والخرافة بهذه الطريقة، ستقنع عقول العقلاء.
أكاد أجزم أن هذا الفيلم وردود الفعل، سيجعل المتلقين في العالم يفكرون بعقولهم..
نعم هناك في العالم جهل وجهلاء.. ولكن يبقى في رأس كل إنسان شئ من العقل، ممكن أن يهدم الخرافة وينتصر على الظلال والتظليل.
_____
علامة العقل المتعلم هو قدرته على تداول الفكرة ويدرسها ويوزنها.

ويكفي العاقل أن الشيطان يكابد المؤمن العاقل.

ومما لايعلمه "الشيعة" أتباعهم عن الإسلام، قول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه : " لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه ".
_____
* شرح العنوان من قاموس اللغة العربية:
- الحَاوِي : الذي يَرْقِي الحيِّات ويجمعها، والرجلُ الذي يقوم بأَعمالٍ غريبة  .. وحَوَّى السِّكِّينَ : قَبَضَهُ
حَوَّى الشَّيْءُ : اِنْقَبَضَ.

-  الشنفري: الرَّجُلُ السَّيِّئُ الخُلُقِ، ذي خُلُق زَبَعْبَق . وقيل: شِنْفارة أَي نَشاط، والشِّنْفار: الخفيف السريع وخفيف العقل.