الإكتئاب بعد رمضان .. والثبات على الطاعات
عبدالله العميره
وقعت على دراسة حول " الإكتئاب بعد شهر رمضان"..
لماذا نعاني من الاكتئاب بعد رمضان والعيد؟ ماهي الأسباب والعلاج؟
بحثت في هذا الموضوع.. بحثاً عن الإجابة على السؤال السابق.
الأبحاث كثيرة ، أذكر ملخصاً لها.
وسأذكر ما خلصت إليه شخصياً.
_____
الحالة مؤقتة ويحتاج الإنسان لبعض الوقت للخروج منها.
يفرض شهر رمضان المبارك نظاماً خاصاً فيما يتعلق بالنوم والأكل تختلف اختلافاً كلياً عن نظام الروتين اليومي.. وهذا ينتهي بمجرد انتهاء الشهر الكريم، فنعود بعد نهاية العيد إلى الروتين اليومي المعتاد.
كذلك فإن اضطراب النوم واختلاف الساعة البيولوجية يسبب حالة من الأرق فضلاً عن تغير عادات الأكل والشرب وهي كلها عوامل تزيد من حالة الاكتئاب.
كنا ذكرت ؛ هذا يحدث في فترة العيد عند بعض الناس.
العلاج بحسب البحث:
- ترتيب جدول النوم.
- العودة للنظام الغذائي.
- ممارسة الرياضة.
_____
لم أكتف بذلك، وبحثت عن المزيد من الأسباب والعلاج..
بعد التقصي؛ وجدت أنه يمكن تحديد أسباب الإكتئاب بعد رمضان مباشرة ؛ إضافة إلى ماسبق من أسباب مادية، هناك أسباب نفسية - أعتقد أنها الأسباب الرئيسية في الشعور المؤقت بالإكتئاب عند كثير من الناس, وهي :
- الشعور بالحسرة على انتهاء الشهر الفضيل وما فيه من طاعات ووصال اجتماعي فريد ، كانت تمد بالسعادة والطمأنينة .. والعودة إلى ما سبقه من عادات وممارسات غير طيبة قد تؤدي سعادة مؤقته، ولكنها ليست سعادة مستدامة.
( السعاة الدائمة في أعمل مارسناها في رمضان).
- ومن أسباب الإكتئاب في العيد أيضاً، الشعور بالحنين إلى الماضي، وتذكر الآباء والأجداد والأحبة الذين كانوا يشاركوننا في فرحة العيد، وذهبوا إلى ربهم.. بعض الناس يكون الإستحضار عندهم قوياً - وفي مدتمعات إسلامية يمارسون زيارة الأحبة في المقابر، وأرى أن هذه عادات جالبة للإكتئاب - فالعيد للفرح وليس لممارسة عادات كزيارة القبور، وإرهاق البطون بالولائم المتتابعة المسببة للأمراض.
ووجدت أن المؤمن الثابت على الإيمان، والمحافظ على الفضائل والتقرب إلى الله، والمواصلة على التواصل مع الأقارب، والحريص على تنظيم مواعيد الأكل والشرب والنوم؛ كل أولئك لايشعرون بحالة الإكتئاب .
_____
يمكن تحديد العلاج الفعال، في خطبة استمعت إليها اليوم الجمعة الثالث من شوال، في المسجد الذي اعتدت حضور الجمعة فيه، واسعى الى الاستماع لخطيب الجامع قادماً إليه من بيتي البعيد .. واعتدت على خطبة الشيخ وليد بن محمد العباد - حي المصيف بالرياض. لما فيه من جمال وطرح وروح طيبة مليئة بالتفاؤل. خطب مختصرة متكاملة الأركان.
خطيب يتميز بالاتزان وبخطب مركزة واضحة مشوقة - غير طويلة ولامكررة الفكرة .. أشعر فيها بذكاء الطرح والمعالجة .
يمكنني القول، أن خطب الشيخ وليد، أنموذج للخطاب الديني الراقي الحديث المميز المتابع لحالات المجتمع من غير تكلف. ولا الدخول في موضوعات غير مفيدة. أو ذات أبعاد لاعلاقة للمجتمع بها ، ولاتهمهم بشئ.
خطبة اليوم الجمعة للشيخ وليد العباد، من أروع ما سمعت.. وإن كانت كل خطبه رائعة.
عنوانها :
" الثّبات بعد مواسم الطّاعات "
الشيخ وليد صديق عزيز، ودائماً نلتقي بعد كل صلاة جمعة .. وقد طلبت منه إرسال الخطبة إلي ، واستأذنته بنشرها مع فكرة الموضوع.
وكل الشكر والتقدير له على الإستجابة .. وأرجو النفع بها.
قال الشيخ وليد بن محمد العباد في الخطبة:
"إنّ الحمدَ للهِ، نَحمدُه ونَستعينُه ونَستهديه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهده اللهُ فلا مُضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأَشهدُ أنّ محمّدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا، أمّا بعدُ عبادَ الله:
وانقضى شهرُ رمضان، وقد استمتعتم فيه بحمدِ اللهِ بأيّامِه الإيمانيّةِ ولياليه الرّوحانيّةِ وأجوائِه الآمنةِ الرّبيعيّةِ المطريّة، وعمرتوه بالصّيامِ والقيامِ والقرآن، وتزودتم فيه مِن العملِ الصّالحِ والتّقوى، فقد كانَ موسمًا مِن أعظمِ مواسمِ الإيمان، فإنّ مواسمَ الطّاعاتِ مَنهلٌ يَتزوّدُ منهُ المؤمنُ التّقوى والإيمان، ليَبقى نَبعُ الخيرِ مُتدفّقًا في نفسِه في كلّ آنٍ، فإذا انتهت تلك المواسم، فإنّ المؤمنَ لا يَنقطعُ عمّا اعتادَهُ من الخير، فقد كانَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ إذا عملَ عملًا داومَ عليه، فإنّ أحبَّ الأعمالِ إلى اللهِ ما داومَ عليه صاحبُه مِن الخيرِ وإنْ قَلّ، ولقد أوصى رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ عبدَاللهِ بنَ عمرٍو رضيَ اللهُ عنهما فقالَ له: لا تكنْ مثلَ فلان، كانَ يَقومُ الليلَ فتركَ قيامَ الليل. فما تركَ عبدُاللهِ قيامَ الليلِ حتى مات. فيا مَن صامَ وقامَ وختمَ القرآنَ وتَصدَّقَ في رمضان، يا مَن سَلكَ طريقَ التّقوى وذَاقَ حلاوةَ الإيمان، داوموا على الأعمالِ الصّالحةِ بعدَ رمضان، ولا تَتركوا الوِتْرَ والصَدقةَ وصيامَ التّطوّعِ والدّعاء، ولا تَهجروا المصاحفَ والمساجد، وحافظوا على الصّلواتِ والنّوافلِ والرّواتب، وسابقوا إلى الخيراتِ، واستمرّوا في بِرِّ الوالدينِ وصلةِ الأرحامِ وسائرِ أنواعِ البرِّ والقُرُبات، فما أجملَ الطّاعةَ تَعقبُها الطّاعات، وما أَبْهى الحسنةَ تُجمعُ إليها الحسنات، فواصلوا إلى اللهِ السَّيْر، ولا تَستقلّوا الخير، ولا تَحتقِروا المعروف، ولا تَنقطعوا عن العبادة، واحذروا مِن تَثبيطِ الشّيطان، ومِن النّكوصِ والظّلمِ والعصيان، ومِن الكسلِ والمللِ، بعدَ الإقبالِ والنّشاطِ في العمل (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا) فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وجاهدوا أنفسَكم على فعلِ الطّاعات، وتركِ الذّنوبِ السّيئات، واستعينوا باللهِ على الاستقامةِ على ذلك واسألوا اللهَ القبولَ والثّبات، فإنّ عملَ المؤمنِ لا ينتهي حتّى الممات، قالَ تعالى في كتابِه المُبين (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) فما أَسعدَ مَن تابَ وآمنَ وعملَ صالحًا ثمّ استقام (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) اللهمّ اجعلْنا منهم برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين".