الذئب المريض والحمار المتعافي

news image

كتب - عبدالله العميره
مزحة لها معنى .. وابتسامة مجالس..
قال صديق هذه العبارة :
"فيه سؤال محير يردده كثير من الناس لبعضهم. 
يقول السؤال: "  ودك انك ذيب مريض . والا حمار مافيه إلا العافية ؟!" .

قلت له:
ذئب متعافي خيرُ من مئة حمار متعافي.
هذا إذا كان الخيار في المقارنة بين الحيوانات !

لكن الواقع؛ يجب أن يكون بداخلك صفات مخلوقات الله الرائعة.
الصبر، الوفاء، الشجاعة، التضحية...الخ .
ومن صفات النبلاء: الكرم والشهامة والحكمة..
والزمن يقول لنا؛ لسنا بحاجة إلى الشجاعة، فيوجد من يدافع عنا، ويأخذ بحقنا إذا هوجمنا أو ظُلمنا.

المصيبة ، إذا سُلبت الشجاعة منك ، ولا يوجد من يدافع عنك.

ومن الواقع؛ ( بعض الناس "دجاجة صقعا" .. إذا أطفأت النور عليها استكانت ونامت تحسبه ليل، وإذا أشعلت النور استيقظت، تحسبه نهار).
أولئك الدجاج؛ في هذا الزمن؛ معظمهم بالبلاد العربية ، يقفون في الصف الأمامي.

وكما قال الأمير عبدالرحمن بن مساعد، الذي أحبه شاعراً، ولا أحبه منتسباً لبيئة الأندية وكرة القدم.
وأعتقد أنه فقد أكثرمن نصف جماهيره بعد دخولة بيئة الرياضة، وبعد خروجه من تلك البئة ؛  بدأ يستعيد مكانته الأدبية والثقافية، عند شريحة كبيرة فقدها سابقاً، بخاصة إذا علمنا أن بيئة كرة القدم التي وضع نفسه فيها؛ بيئة، معظمها  تنتمي إلى العالم السفلي - أي جاهلة لاتقدر الأدب، ولا تتذوق  الثقافة، ولا تستوعب طريقة تفكيره.

من قصائد الأمير عبدالرحمن بن مساعد  الشهيرة .
إحترامي  للحرامي   
صاحب   المجد  العصامي  
صبر   مع  حنكة  وحيطة  
وابتدا    بسرقة   بسيطة   
وبعدها   سرقة   بسيطة  
وبعدها    تَعدى   محيطه 
وصار في الصف الأمامي 
احترامي للحرامي  !

هؤلاء الحرامية، لايوجد فيهم أي صفة من الإنسان السوي، ولا الحيوانات المعروفة بالشجاعة والإقدام، والصدق في الوفاء، والإخلاص.
ليسوا أسوداً ولا ذئاباً، ولا كلاباً وفية ، ولا حتى حميراً صابرة على قسوة أصحابها، ولا جمالاً صامدة .
هم مجموعة من الكلاب البرية والضباع والثعالب.. طبعها الخسة والنذالة والغدر.
ومع كل ذلك؛ مازال هناك نبلاء يمارسون طبعهم من وفاء واخلاص؛ صامدون أمام بعض رياح تحاول أن تقتلعهم.
وبعضهم ؛ يزعم أنه نبيل، ولكنه وقع في براثن اللؤوم والفساد.. فصار معهم ومنهم - وقد مر علي في حياتي أشخاص متخصصون في هذا - يدّعون النبل وفي داخلهم إستعداد للتعاون مع الفاسدين!

وبهذه المناسبة ، ومن باب تداعي المعاني .
تذكرت أحدهم يقول لي : " إترك عنك يا عبدالله شئ أسمه الوفاء ، لم يعد شئ اسمه وفاء وإخلاص .. أنت طيب، عليك أن تأخذ ما تستطيع بأية طريقة ، فلن ينفعك فلان ولا علان (وذكر لي أسماء!) ".
بيني وبينكم - حتى الآن؛ صدق في كلامه .
لكنني لا أستطيع أن أتبع سيرتي .. تربيتي مختلفة عنه.

أو كمن قال لي : " يا عبدالله، إن لم تكن ذئباً أجرداَ كثير الأذى، بالت عليك الثعالب".
قلت له:  " إيش حكايتكم أيها الفاسدون مع الحيوانات؟!.
"وما  الذي يجبرني أن أعيش بين الحيوانات؟! ".
قال:  الزمن يجبرك، من أجل لقمة العيش.
قلت: لابارك الله فيها من عيشة.
وفعلاَ، بقي منذ فترة طويلة في منصب طيب .. فيما أنا وأمثالي ، تم طردهم !!!

"رمتني بدائها وانسلت"
نلك عبارة، أومثل؛ يدل طريقه‘ إلى من  أرخى أذنه وأصغى لأهل المكيدة.

ولا أنسى نصيحة أحد الزملاء الصحفيين القدماء - فلسطيني عاش بيننا سنوات طويلة عاملاً في الصحافة السعودية - ولا أدري أين هو الآن ، غفر الله له وجازاه بالإحسان إحساناَ، حياَ أوميتاً . 
قال لي ذات مرة ، بعد أن اشتد كرب من الكروب : " إصبر يا عبدالله، فلا يصح إلا الصحيح وإن طال الزمن".
وقد طال الزمن - ولم يحضر " الصحيح " بعد!
وفي إعتقادي؛ أنه إقترب جداً.
المستقبل؛ سيكون للرجال والنساء الرائعين والرائعات المخلصين والمخلصات .. وليس للذئاب المريضة ، ولا للحمير المتعافية..
النور لا يظهر؛ إلا بعد ليل.