ماذا يحدث في روسيا ؟ - تقرير

نهاية العصيان المسلح في روسيا .. بنود الاتفاق الكامل وتحديد مصير مؤسس "فاغنر"
تمنهى العصيان .. ولكن مالدس حدث وتم؟
تعاملت الأجهزة الأمنية والعسكرية الروسية مع ما اسمته العصيان المسلح الذي أعلنه مؤسس مجموعة "فاغنر" العسكرية.
والقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم كلمة؛ أكد فيها أن "ما يحدث خيانة للوطن والمجتمع وطعنة في ظهر روسيا وشعبهاوزارة الدفاع الروسية تهيب بمقاتلي "فاغنر" عدم التورط في مغامرة بريغوجين الإجرامية".
وجاء في بيان وزارة الدفاع الروسية أن "جميع الرسائل ومشاهد الفيديو التي انتشرت على الشبكات الاجتماعية والمنسوبة ليفغيني بريغوجين مؤسس مجموعة "فاغنر" حول "ضربة وجهتها وزارة الدفاع الروسية" للمعسكرات الخلفية لـ"فاغنر" لا تتوافق مع الواقع وهي استفزاز إعلامي.
مدفيديف: سلطات روسيا لن تسمح بوقوع أسلحة نووية في أيدي قطاع الطرق
أكد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، إن سلطات البلاد لن تسمح بوقوع أسلحة نووية في أيدي "قطاع الطرق".
وقال مدفيديف إنه في تاريخ البشرية لم تكن هناك مثل هذه المواقف، عندما تكون أكبر ترسانة من الأسلحة النووية تحت سيطرة قطاع الطرق.
وأضاف "من الواضح أن مثل هذه الأزمة لن تقتصر على بلد واحد"، مؤكدا أن "العالم سيصبح على شفا الدمار".
كما وصف مدفيديف العصيان المسلح بأنه عملية مدروسة ومخطط لها.
وفي وقت متأخر من ليلة السبت، استولت قوات مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة، على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية في مقاطعة روستوف على نهر الدون. ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصرفات المتمردين بأنها مغامرة إجرامية وطعنة في ظهر روسيا وخيانة. وفتح جهاز الأمن الفيدرالي الروسي قضية ضد مؤسس "فاغنر" يفغيني بريغوجين بموجب تهمة تنظيم "عصيان مسلح".
إلى ذلك؛ حذرت الخارجية الروسية الغرب من محاولة "استغلال العصيان المسلح لتحقيق أهداف معادية".
ورفع الرئيس الروسي بوتين الحد الأقصى لسن التعاقد مع القوات المسلحة إلى 70 عاما. كما اعتمد بوتين قانونا يسمح بتجنيد السجناء في القوات المسلحة الروسية.
وحجبت شبكة VK الاجتماعية الروسية صفحة "فاغنر".
وذكرت وسائل اعلام روسية أن الدفاع الروسية ذكرت أن عددا كبيرا من مقاتلي "فاغنر" أدركوا خطأهم وطلبوا المساعدة.
وأشارت الأنباء إلى ضبط شاحنة مغلقة معبّأة بالأموال قرب مكتب "فاغنر".
وأكدت مطارات موسكو تؤكد استمرار عملها بشكل طبيعي.
عمدة موسكو يعلن الاثنين يوم عطلة ويحث السكان على التزام بيوتهم
أعلن عمدة موسكو، سيرغي سوبيانين، يوم الاثنين القادم، يوم عطلة، داعيا سكان العاصمة الروسية للامتناع عن التنقل في أنحاء المدينة قدر الإمكان.
وكتب سوبيانين على تيليغرام: "من أجل تقليل المخاطر إلى الحد الأدنى، قررت، في إطار مقر العمليات، إعلان يوم الاثنين يوم عطلة - باستثناء الهيئات الحكومية والشركات ذات دورة العمل المستمرة، والمجمع الصناعي العسكري، وخدمات المدينة".
وحث سوبيانين سكان موسكو على الامتناع عن التنقل في جميع أنحاء المدينة قدر الإمكان. كما حذر من إغلاق محتمل لحركة المرور في بعض الأحياء وعلى بعض الطرق.
من هو يفغيني بريغوجين الذي يقود "عصياناً" ضد بوتين؟
انتقل بريغوجين البالغ من العمر 62 سنة الآن إلى أخطر دور له حتى الآن: الدعوة إلى تمرد مفتوح ضد القيادة العسكرية لبلاده.
ورفع بريغوجين، صاحب مجموعة "فاغنر" المتحالفة مع الكرملين، حدة الانتقادات اللاذعة المستمرة منذ أشهر لسلوك روسيا في الحرب، من خلال الدعوة الجمعة إلى انتفاضة مسلحة لإطاحة بوزير الدفاع. وردت أجهزة الأمن الروسية على الفور، وفتحت تحقيقاً جنائياً وحثت على اعتقال بريغوجين.
لماذا يحتاج بوتين إلى "فاغنر"؟
وفي دلالة على مدى جدية تعامل الكرملين مع تهديد بريغوجين، سارعت شرطة مكافحة الشغب والحرس الوطني لتشديد الأمن في المرافق الرئيسة في موسكو، بما في ذلك الوكالات الحكومية والبنية التحتية لمرافق النقل، حسبما ذكرت وكالة "تاس" الرسمية. وحث بريغوجين، وهو مدان سابق وبائع نقانق وشريك منذ فترة طويلة لبوتين، الروس على الانضمام إلى "مسيرته نحو العدالة".

طاهي بوتين
تعود معرفة بريغوجين ببوتين لفترة بعيدة في الزمن، إذ ولد كلاهما في ليننغراد التي تعرف الآن باسم سانت بطرسبورغ.
خلال الأعوام الأخيرة من الاتحاد السوفياتي، قضى بريغوجين فترة في السجن - 10 سنوات باعترافه الشخصي - على رغم أنه لم يذكر سبب ذلك.
بعد ذلك، امتلك كشكاً لبيع النقانق ثم مطاعم فاخرة جذبت اهتمام بوتين. في ولايته الأولى، اصطحب الزعيم الروسي الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك لتناول العشاء في أحدها.
يتذكر بريغوجين في مقابلة نشرت عام 2011 "رأى فلاديمير بوتين كيف بنيت مشروعاً تجارياً من كشك، ورأى أنني لا أمانع في خدمة الضيوف الكرام لأنهم كانوا ضيوفي".
توسعت أعماله بشكل كبير لتشمل تقديم وجبات الغداء المدرسية. عام 2010، ساعد بوتين بريغوجين في افتتاح مصنع بني بمساعدة قروض سخية من قبل بنك حكومي. في موسكو وحدها، فازت شركته "كونكورد" بعقود بملايين الدولارات لتقديم وجبات الطعام في المدارس العامة. كما قام بتحضير وجبات طعام لمناسبات في الكرملين لسنوات عدة - مما أكسبه لقب "طاهي بوتين" - وقدم التموين الغذائي وخدمات المرافق للجيش الروسي.
عام 2017، اتهم أليكسي نافالني، وهو شخصية معارضة ومحارب للفساد، شركات بريغوجين بخرق قوانين مكافحة الاحتكار من خلال تقديم عطاءات لحوالى 387 مليون دولار في عقود وزارة الدفاع.
الجانب العسكري
يمتلك بريغوجين أيضاً مجموعة "فاغنر"، وهي قوة مرتزقة متحالفة مع الكرملين أصبحت تلعب دوراً مركزياً في رؤية بوتين للنفوذ الروسي في مناطق الاضطرابات حول العالم.
وتقول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ودول أخرى إن قوات المرتزقة تورطت في صراعات في دول عبر أفريقيا على وجه الخصوص. يزعم أن مقاتلي "فاغنر" يوفرون الأمن لقادة دول أو أمراء الحرب مقابل مبالغ سخية، غالباً ما تشمل حصة من الذهب أو الموارد الطبيعية الأخرى. ويقول مسؤولون أميركيون إن روسيا ربما تستخدم أيضاً عمل "فاغنر" في أفريقيا لدعم حربها في أوكرانيا.
في أوكرانيا، أصبح مرتزقة بريغوجين قوة رئيسة في الحرب، يقاتلون كنظراء للجيش الروسي في المعارك أمام القوات الأوكرانية والقوة الغربية الداعمة لأوكرانيا..
ويشمل ذلك مقاتلي "فاغنر" الذين سيطروا على مدينة باخموت التي شهدت أكثر المعارك دموية وأطولها. بحلول الشهر الماضي، بدا أن مجموعة "فاغنر" والقوات الروسية سيطرتا إلى حد كبير على باخموت، وهو نصر له أهمية إستراتيجية طفيفة بالنسبة إلى روسيا على رغم الخسائر في الأرواح. تقدر الولايات المتحدة بأن ما يقرب من نصف القوات الروسية التي قُتلت في أوكرانيا منذ ديسمبر (كانون الأول)، وعددها 20 ألف جندي، كانت من مقاتلي "فاغنر" في باخموت. وكان من بين جنوده المأجورين عدد من السجناء المجندين من السجون الروسية.
الاحتجاج ضد جنرالات روسيا
عندما حاربت قواته ومات أعداد كبيرة منهم في أوكرانيا، ثار بريغوجين غضباً ضد القادة العسكريين الروس. وفي مقطع فيديو نشره فريقه الشهر الماضي، وقف بريغوجين إلى جانب صفوف من جثث قال إنها لمقاتلي "فاغنر". واتهم الجيش الروسي النظامي بعدم الكفاءة وقطع قواته عن الأسلحة والذخيرة التي يحتاجون إليها للقتال.
"مرتكب أعمال مسيئة" في الولايات المتحدة
اكتسب بريغوجين اهتماماً محدوداً في وقت سابق في الولايات المتحدة، عندما اتهم وعشرات الرعايا الروس الآخرين وثلاث شركات روسية هناك بإدارة حملة سرية على وسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى إثارة الاضطرابات قبل فوز دونالد ترمب في الانتخابات عام 2016.
ووجهت إليهم لائحة اتهام في إطار تحقيق المدعي الخاص روبرت مولر في التدخل الروسي في الانتخابات. عاقبت وزارة الخزانة الأميركية بريغوجين وشركائه مراراً وتكراراً في ما يتعلق بتدخله المزعوم في الانتخابات وقيادته لمجموعة "فاغنر".
بعد لائحة الاتهام لعام 2018، نقلت وكالة الأنباء "ريا نوفوستي" الروسية عن بريغوجين قوله، في ملاحظة ساخرة بوضوح "الأميركيون أناس حساسون للغاية، يرون ما يريدون رؤيته. أنا أعاملهم باحترام كبير. لست مستاء على الإطلاق لأنني مدرج في هذه القائمة. إذا كانوا يريدون أن يروا الشيطان، فليروه".
وصفته إدارة بايدن بعد تلك الملاحظة بأنه "مرتكب معروف لأعمال مسيئة"، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس إن "اعتراف بريغوجين الوقح، إن عنى شيئاً، فهو مجرد مظهر من مظاهر الإفلات من العقاب الذي يتمتع به المحتالون والمقربون من الحكم في عهد الرئيس بوتين والكرملين".
تجنب الاعتراض على بوتين
نظراً إلى أن بريغوجين أصبح أكثر صراحة ضد الطريقة التي يدير بها الجيش الروسي التقليدي القتال في أوكرانيا، استمر في لعب دور لا غنى عنه على ما يبدو في الهجوم الروسي، وبدا أنه لم يتعرض لأي محاسبة من بوتين بسبب انتقاده لجنرالاته.
وأشارت تقارير إعلامية في بعض الأحيان إلى أن تأثير بريغوجين في بوتين آخذ في الازدياد وأنه كان يسعى إلى منصب سياسي بارز. لكن محللين حذروا من المبالغة في تقدير نفوذه مع بوتين.
وقال مارك غالوتي من جامعة كوليدج بلندن والمتخصص في الشؤون الأمنية الروسية، متحدثاً في الـ"بودكاست" الخاص به بعنوان "في ظلال موسكو" In Moscow’s Shadows، إنه "ليس واحداً من الشخصيات المقربة من بوتين أو من الوثيقين به".
وأضاف "بريغوجين يفعل ما يريده الكرملين ويحقق لنفسه نقاطاً بشكل جيد للغاية في هذه العملية. ولكن هذا هو الشيء - إنه جزء من طاقم العمل وليس جزءاً من العائلة".
الكرملين: بريغوجين سيغادر إلى بيلاروس والدعاوى ضده ستسقط
أعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، عن نية السلطات الروسية إسقاط الدعوى الجنائية ضد بريغوجين، مؤكدا أن الأخير "سيغادر إلى بيلاروس".
كما ذكر بيسكوف في إفادة صحفية عبر الهاتف، أن جزءا من مقاتلي "فاغنر" ممن رفضوا منذ البداية المشاركة في "حملة" بريغوجين، ستكون متاحة أمامهم إمكانية الإنضمام لصفوف القوات المسلحة الروسية والتعاقد مع وزارة الدفاع، مؤكدا أنهم لن يخضعوا لأي ملاحقة قانونية.
وأوضح بيسكوف أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، اتفقا صباح اليوم السبت على وساطة مينسك في عملية التسوية، لافتا إلى أن الوساطة "كانت مبادرة شخصية من رئيس بيلاروس".
وأضاف المتحدث باسم الكرملين أن جهود لوكاشينكو، جاءت من منطلق تجنب إراقة الدماء والمواجهة الداخلية.
واختتم بيسكوف بالتأكيد على أن ما حدث اليوم لن يؤثر بأي حال من الأحوال على مسار العملية العسكرية الخاصة، مشددا على أن القوات الروسية تواصل بنجاح صد الهجوم الأوكراني المضاد.
بنود الاتفاق الكامل الذي حدّد مصير مؤسس "فاغنر"
انتهى العصيان المسلح الذي شغل العالم لـ24 ساعة الماضية وقاده مؤسس "فاغنر" يفغيني بريغوجين، الذي اختار لنفسه هذا المآل بمغادرة روسيا، بعد وساطة قادها رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو.
وكشف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تصريحات صحفية، أبرز نقاط الاتفاق بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وذلك في إطار وساطة مينسك لإنهاء العصيان عبر عملية تسوية.
وتم الكشف عن العديد من النقاط التي تضمنها الاتفاق:
1- بعض مقاتلي "فاغنر" ممّن رفضوا منذ البداية الانخراط في "حملة" بريغوجين، ستتاح أمامهم إمكانية الانضمام لصفوف القوات المسلحة الروسية والتعاقد مع وزارة الدفاع.
2- لن يخضع هؤلاء لأي ملاحقة قانونية.
3 - عودة قوات شركة "فاغنر" إلى معسكراتها.
4 -الجزء الذي لا يرغب في العودة إلى المقار والمعسكرات يوقع اتفاقيات مع وزارة الدفاع الروسية.
5- إغلاق القضية الجنائية بحق بريغوجين وسيغادر إلى بيلاروس.
كما أوضح بيسكوف أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، اتفقا صباح اليوم على وساطة مينسك في عملية التسوية، لافتا إلى أن الوساطة "كانت مبادرة شخصية من رئيس بيلاروس".
وأضاف أن جهود لوكاشينكو، جاءت من منطلق تجنب إراقة الدماء والمواجهة الداخلية.
وأكد بيسكوف أن ما حدث اليوم لن يؤثّر بأي حال من الأحوال على مسار العملية العسكرية الخاصة، مشددا على أنّ القوات الروسية تواصل بنجاح صد الهجوم الأوكراني المضاد.
وعاد الهدوء إلى مدن جنوب روسيا، بعد الإعلان عن اتفاق الرئيس البيلاروسي ورئيس مجموعة "فاغنر"، لتهدئة الوضع المتوتر على خلفية العصيان المسلح.
