ماذا لوكنت وزير إعلام ؟!

news image

 

كتب - عبدالله العميره

البداية سهلة: إطلاع على الوضع القائم عن قرب، والتقييم ، في الطريق إلى التعديل، أو التغيير.
نعم؛ هذا مطلوب، لكنه لايجب أن يأخذ وقتاً طويلاً، فالأمر واضح.

أعلم  بحدوث مواجهة مستميته من بعض المستفيدين لإبقاء الحال كما هي (!) وإيقاف عمليات التقييم، والتعديل والتغيير. ولكن المواجهة بشجاعة؛ ضرورة لإزالة هذه العقبة، من أجل سرعة إنجاز ما تبقى من مهام.

نجاح  الوزير في الإستعانة بالقيادات والقدرات الوطنية المخلصة، من المبدعين والمبدعات، لمواجهة  المستنفعين،المتكلسين المضرين .

الأهم؛ الأولوية القصوى والوقت؛ للملفات الرئيسية،التي تحتاج إلى تعديل؛ أوتغيير سريع.
( نفكر ملياً فيما مضى، الأثر والتأثير - وما هو دورنا؟ هل نحن مجرد استقبال وإعادة إرسال؟ أو تقديم صناعة خاصة وإرسالها للعالم؟..

وأعتقد أن ثلاث سنوات من التمحيص تحت إدارة معالي الوزير المكلف (السابق) الدكتور ماجد القصبي؛ تكفي لمعرفة كل شئ، وتكفي لمراجعة سريعة للصيغة النهاية لتطوير الإعلام.

إذا لم يحدث غربلة، وتعديل وتغيير؛ على وجه السرعة؛ ستتراكم الملفات، وسيتكرر وضع الإعلام كما السابق. وسيأتي وزير جديد وجديد وجديد.. وهكذا. بدون تغيّر.

المهة؛ لا نبدأ في تطوير الظاهر(البيّن) للناس اليوم، من أجل إرضائهم، بدون تحديد استراتيجيات تبنى عليها عمليات تنفيذ التطوير للحاضر المشرق ولمستقبل زاهر..
استراتيجيات تتواكب مع التطور المذهل في المملكة، وحجمها، ومكانتها التي تتقدم كل يوم أمام دول العالم.

لابد من إدراك حجم المملكة وعظمتها، وحجم تأثيرها.
لابد من الإدراك؛ إدراكاً كاملاً لما تفكر فيه وتخطط له قيادة البلاد، وترجمة ذلك على أرض الواقع.

الواضح ( الآن ) أن هناك مسافة واسعة (بون) بين  (عقل القيادة وما على الأرض من مشروعات مذهلة في المملكة، والتخطيط للمستقبل)، وبين (واقع الإعلام اليوم).

نعم الإعلام السعودي يعمل فيه قدرات (رجال ونساء) على مستوى عالي من الفكر والعطاء. منهم من يصلح وزيراً بامتياز.

المسألة في:
خطة عمل موحدة تتناسب مع المرحلة (لتقليص البون)، وأن تكون تلك القدرات الرائعة في الأمام، ومنحها الصلاحية، وحمايتهم ورعايتهم. ويجب إشعار المتميز بأنه وزير؛ بعمله وشغفه وإنجازه.
وزير؛ وإن لم يكن على كرسي الوزير.
فما الوزير إلا الأداة الأولى التي تكون في منتصف الصف الأول من قادة الركب الإعلامي.

دائماً أقول: " أن الإداري / القيادي، ليس من ينفذ كل شئ بنفسه.. القيادي (الصح) هو من يستطيع أن يُكوّن فريق عمل متميز متكامل متناغم، ويحقق العدل والمساواة، ويضع الشخص المناسب في المكان المناسب، والإبتعاد عن (الروتين / الدواوينية / البيرُقراطية المتزمته الضيقة)، القاتلة للإبداع.

الإعلام؛ لايحتاج إلى صحفي يقوده،بل إلى قيادي يفهم في الصحافة، وفي الهدف من الإعلام.

يعرف من هو المتميز فيقدمه، ويعرف كيف يختار المستشارين، وله قدرة على اتخاذ القرار السريع.

أعرف أشخاصاً رائعين في الوزارة؛ على قدر عالي من الإبداع، أراهم وزراء غير متوجين، همهم الأول خدمة الوطن، بالإمكان الإستثمار في عقولهم لتطوير العمل.


وبصراحة؛ هناك فرص أتيحت لمن لاعلاقة لهم بالإعلام (عملياً)، وغير منتجين.
جئ بهم لعلاقات خاصة، جعلتهم في المقدمة، جاثمين على كراسي، لم تتغير.

وأيضاً؛ دائماً أقول، في كل وزارة، (غالباً) لاتكون العلة في الوزير، فهناك وزراء جاءوا، وغادروا، ولم تتعدل الحال.
لأن (علة العلل) في مكانها لم تعالج..
(السوس) جاثم.
لذلك؛ لابد من إعادة التقييم، والتمحيص، واتخاذ القرارات الحاسمة، والسريعة.

يجب أن لا تُمنح للمحسوبيات فرصة أكبر، وأكثر مما مُنحت.
يجب أن يُقدم لهم الشكر - ومع السلامة، والتمنيات لهم بحياة أسرية جيدة، وحياة سعيدة بعيدين عن الإعلام!
وليس الصحيح، ولا الصحي؛ أن يقال للمبدعين مع السلامة!


أما الخطوة الأهم؛ ففي توحيد الخطة الإعلامية .
التركيز على الوزارة / جهة واحدة، هي التي تخطط، وتشرف على التنفيذ، والتقييم.. هي المسؤولة الأولى، وهي من يتم محاسبتها.


أمام الوزير الجديد ملفات جامدة، وتركة ثقيلة.
لا يكفي فتحها والفرجة عليها وتحريك ما يمكن تحريكه، والتثاقل في تقليبها ؛ وتأخيرها؛ دون حل.


أعلم أن هناك تغيير في منهج الإعلام السعودي - صرح بذلك معالي الوزير الدكتور ماجد القصبي، وزير الإعلام المكلف (السابق)، وزير التجارة الحالي.
الوزير القصبي؛ أدى مهمة مشابهة في  وزارة الشؤون البلدية والقروية. وبذل جهوداً مشكورة. وساهم في تعديل وزارة إلى الأفضل.

الإعلام مختلف تماماً.. الإعلام مرتبط برسالة وصورة ذهنية لدولة بأكملها.. الإعلام له علاقة بنشاط كل الوزارات - نشاط دولة.
الإعلام؛ رسالة يجب أن تصل للخارج أكبر منها رسالة للداخل.
أعني؛ يجب أن تكون دائرة الإنتشار والإهتمام أوسع، بأقصى قدر ممكن، وأكيد المحلي سيكون ضمن النطاق.

المرحلة التي تمر بها المملكة اليوم، هي أكبر (لا أقول أخطر نتيجة العمل المتسارع)..  في ظل الرؤية (الإستراتيجية) التي هندسها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله.
لامجال عند سموه  للإرتجال، واختراع الأفكار الطارئة.. إذ يوجد إستراتيجية رؤية واضحة تتطلب الإبداع في التنفيذ.
المرحلة؛ مرحلة قيادة تتطلع إلى المستقبل.
لولم يكن الملك سلمان - حفظه الله ورعاه، قائد الحضارة السعودية في الحاضر والمستقبل، ولو لم يكن محمد بن سلمان حفظه الله ورعاة؛ هو المُلهم لكيان تتحقق فيه ما يفوق الخيال؛ لمستقبل أكثر إبهاراً؛ لبقينا كما كنا.

لذلك يجب أن يكون الإعلام في مستوى التطلعات.
ما تتميز به المملكة؛ في القيادة الحكيمة الطموحة، المفكرة باستمرار لعلو الوطن واستمراراستقراره، وتماسك الشعب السعودي والتفافه حول قيادته وتوحده في الحفاظ على مقدرات الوطن، ولخير المواطن، ولخير العالم : أمنه واستقراره..

ما تتميز به قيادة المملكة؛ أنها تقول وتفعل.. تنفذ وفق استراتيجية، ولأهداف بعيدة.

ربما تسعى لفعل ذلك  بعض من دول الجوار أو البعيدة.

التميز، أن العمل؛ هنا، ملموس، وراسخ وله مكاسب على الأمدين القريب والبعيد ( ضعوا تحت راسخ ألف خط).
لاحظوا أن المملكة لاتصرف ريالاً ولا دولاراً، إلا ويكون له عائد سريع، وأكبر في المستقبل.
لاوجود للشعارات الرنانة، ولا للبالونات البراقة بالألوان.
بل العمل من أجل المستقبل، والحاضرهو من أجل البناء لهذا الجيل والأجيال المقبلة.

هذا كله يحتاج إلى إعادة ترتيب الأولويات في مجال الإعلام. ويحتاج إلى سرعة في التنفيذ:


- لدينا قوانين قديمة في الإعلام تحتاج لإزالة، وقوانين تحتاج إلى تطوير، وبحاجة إلى قوانين جديدة يتم تطبيقها فوراً.

- منها قوانين تتعلق بالصحافة والنشر، التي عفا عليها الزمن. وباتت عبئاً، وإساءة لواقعنا،  ولا تتتوافق مع ما تقدمة أضعف الصحف العالمية، في المحتوى والتأثير .. مجرد ورق، أو كلام  مقولب مكرر، لايسمن ولا يغني.

- مؤسسات صحفية عتيقة؛ في زمن التحول الرقمي، يجب أن تتحول إلى شركات إعلامية كبرى مؤثرة فكرياً ونافعة إقتصادياً.

- أمامنا تقنية حديثة، لم نحسن الإستثمار فيها، معظم محتواها في ( السوشيال ميديا ) مبعثر، متضارب.. فيها خطاب الذات طاغي، لايصل منه إلى الخارج بلغاتهم إلا  النَّذْر اليسير/ ولا أعني مشاركات أفراد المجتمع الذي يشارك وفق ثقافة وآراء ضيقة، كثير منها هزيل. بل حتى كثير من حسابات الوزارات، ضعيفة لاتصل لمستوى التأثير - مجرد عناوين وصور غير مناسبة لتكون مقصداً مؤثراً  في العالم، كلها أو جلها تصاغ على طريقة إعلانات تمجيد الذات الخاصة بكل وزارة أو جهة.

- الخطاب الإعلامي يحتاج إلى تجديد - وتحويلة من خطاب الذات، إلى خطاب دولي.

- وسائل التخاطب مع العالم ( كل الوسائل الأحدث في العالم) ، لإيصال الحركة الثقافية والسياحية والترفيه، وكل القوى التي تتميز بها المملكة، الناعمة والصلبة. بأفضل وسيلة مناسبة.

- مراجعة سياسات الإنتاج الإعلامي المحلي، بخاصة برامج التلفزيون، المرتبطة بتطوير العقول، والتشديد على الترابط الإجتماعي، وترسيخ القيم الوطنية، وكل القيم التي تتميز بها المملكة، والمستمدة من الشريعة الإسلامية الصافية الخالية من التحريف والإعوجاج، والقيم العربية الأصيلة، وقيم  خلاّقة عالمية مشتركة تحتاج إلى تعزيز.

- التأكيد على أهمية دراسة (النوافذ/ أو وسائل الإعلام) التي توصل الرسالة إلى الخارج.

- التأكيدعلى التناغم في الرسالة : تلفزيونية، وتقنية أو ورقية ، لتكون حضارية راقية جذابة.

- العمل على  أدوات القوة الناعمة الكبيرة ( لاعبين عالميين، نشاطات اقتصادية وسياحية وثقافية ورياضية)؛ لابد أن تحظى باهتمام ونركيز إعلامي.

- أؤكد على متابعة وتقييم التأثير ( الإهتمام الكبير بما يثير الجمهور في العالم وما يشدهم ).. وهذا مرتبط بفهم عقلية المتلقي، وفهم طبيعة المجتمعات، واهتمامات الشباب في تلك المجتمعات / بمعنى التعاطي الإعلامي مع الدبلوماسية الشعبية، يجب أن يكون مدروساً.

- إيقاف البرامج المسطحة الضعيفة والبدائية، التي تخاطب العالم السفلي / أعني تخاطب الجهلة وتغذي فيهم روح التشرذم وتكرس التخلف والخلاف.. يجب شطب تلك البرامج، واستبدالها ببرامج عالية الجودة، تطور العقول، وتتناسب مع عقليات العالم العلوي، من شبابنا وفتياتنا الأذكياء. وإلا ستكون رسالتنا مشوهة، غير مقنعة.

تأكيد..
- من المهم جداً دراسة:
المحتوى ، وطريقة تقديمه، وتقييمه بعد الإرسال، ودراسة تأثيره، لتطويره باستمرار - ودراسة جيدة لعقول المتلقين والفروقات بين الجمهور المتلقي، ونوعية ذلك الجمهور.. والمحنوى المناسب لتوسيع الرسالة ورسوخها.
ليس الإعلام (اليوم) كما الأمس، هدفه الرئيسي الإعلان المباشر لسياسات الدولة، وقراراتها ؛ فقط. وبطريقة تقليدية تجعل المتلقي ينفر منها. رغم ما فيها من مضامين مهمة، إلا أن التعاطي معها بالإسلوب الإعلامي التقليدي يفقدها أهميتها.
_____
احتياطات مهمة:
- كثرة اللجان تؤخر وتضيع  العمل وتقتل الخطط وتحبط المبدعين، وتهدر الطاقات، وتفقدنا النتائج المطلوبة/ لا أعني اللجان داخل الوزارة فقط!

- التحفيز؛ ومن أهم أدوات التحفيز، وضع قادة متميزين قادرين على الدفع إلى الأعلى، وعلى الإبتكار والإنجاز، وتحقيق العدل في المكافاة والحساب السريع لهم ولمرؤسيهم( ولا أفضل كلمة رئيس ومرؤوس، إلا من أجل ضبط الخطط والعمل وتزيع المهام ومتابعتها والتطوير الجماعي للعمل).

- عند التقييم للأفراد والإنجازات؛ يجب أن يستعان بالخبراء وأهل العلم والمخلصين، ومن ليس لهم أهواء خاصة، ويكون التقييم وفق معايير مدروسة ودقيقة.

- كثرة المستشارين غير النجباء .. غير المفيدين .. غير العمليين، أو المتكلسين، المنظرين بدون تطبيق، ممن يستهلكون مكافآت ورواتب على حساب الخبراء والمبتكرين الفاعلين؛ كل ذلك لايوقف العمل؛ بل يزحف به إلى الوراء.

- عدم التردد في اتخاذ القرارات.. مع التأكد على الإبتعاد عن المحسوبيات والصداقات.

- نضع في الإعتبار، أن التأخير في التعديل والتطوير يوم واحد؛ سيكلفنا تعب وجهد يتضاعف مع كل يوم تأخير، وسنكون بعيدين عن اللحاق بالتطور السريع في المملكة.
_____
أخيراً أسأل:
هل هذا صعب ؟ هل هذه مثاليات صعبة التنفيذ؟
أبداً؛ هذا أقل ما يمكن عملة من واجبات للتطوير وإلإدارة الصحيحة ، والإستمرار في الإرتقاء.

وأبداً؛ ليست صعبة؛ إذا توفرت الإرادة، وكان الشخص المناسب في المكان المناسب.

أدعوا الله تعالى أن يعين الوزير الجديد ويوفقه ، ويوفق كل من معه من المخلصين، وممن يملكون إرادة التغيير للأفضل. 
وهذا ليس صعباً على الإطلاق، في ظل قيادة تدفع بكل ما يمكن لنكون في مقدمة العالم.
أدعوه سبحانه وتعالى أن يحفظ المملكة وقيادتنا / وأن تتحقق كل تطلعاتهم، وتطلعات الشعب السعودي، وكل محب للمملكة.

والله ولي التوفيق.