زيلينسكي في واشنطن.. ما دلالاتُ الزيارةِ و تأثيرها على الصراع العسكري في الميدانِ الأوكراني؟

news image

تقرير - مروة شاهين - بث:
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن حزمة مساعدات وأسلحة جديدة لأوكرانيا، متهما نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه لا ينوي وقف "الحرب الوحشية"، فيما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارته للبيت الأبيض تمسكه بـ"السلام العادل".
لأول مرّة منذ بداية الحرب.. ما دلالات زيارة زيلينسكي للولايات المتحدة:
وفي أول زيارة خارجية للرئيس الأوكراني منذ بدء حرب روسيا على بلاده قبل 10 أشهر، التقى بالرئيس بايدن وأجرى معه محادثات أعقبها مؤتمر صحفي للرئيسين.
و إنه من الواضح أن الولايـات المتحـدة الأمريكيـة تهدف إلى إعادة التأكيد على استمرار دعم إدارة بايدن لأوكرانيا بقيادة زيلينسكي في صراعها العسكري مع روسيا، لا سيما بعد أن نشر الإعلام الروسي تقارير تفيد بعزم الولايات المتحدة استبدال زيلينسكي بقائد الجيش الأوكراني الجنرال زالوجني للقيام بعملية عقد اتفاقية وقف الحرب مع روسيا في ظل إصرار زيلينسكي على عدم التفاوض مع روسيا الا بعد استرجاع كافة الأراضي الأوكرانية بما فيهم شبه جزيرة القرم، و هو الأمر الذي تجده الإدارة الأمريكية صعب المنال في الوقت الراهن على الأقل. 
و في هذا الإطار قال بايدن "حلفاؤنا الأوروبيون يدركون أن الغزو الروسي أمر جلل، ولا أرى بوادر بأن بوتين سيغير نهجه في أوكرانيا، نعمل مع شركائنا وحلفائنا على مساعدة أوكرانيا كي تستطيع إعادة بناء بنيتها التحتية".
وأكد الرئيس الأميركي أنه "ليس قلقا بتاتا" على صلابة الحلف الغربي في وجه روسيا.
واعتبر بايدن أن روسيا تعكف على استهداف البنية التحتية الأوكرانية، وأنها تستخدم الشتاء سلاحا، كما اتهم بوتين بأنه صعّد هجماته ضد المدنيين، ولا نية لديه لوقف هذه "الحرب الوحشية" في أوكرانيا.
وأضاف "قدمنا مليارات الدولارات كمساعدات لكييف، للتأكد من قدرة الحكومة الأوكرانية على تقديم الخدمات الأساسية"، معلنا في الوقت نفسه عن تقديم ملياري دولار مساعدات مباشرة.
كما أعلن الرئيس الأميركي عن الدفعة الجديدة من المساعدات إلى أوكرانيا بقيمة 1.8 مليار دولار، وقال إن بلاده ستوفر بطاريات باتريوت وستدرب الأوكرانيين على استخدامها.
كما أوضح بايدن أن أكثر من 50 دولة التزمت بتوفير ألفي دبابة ومدرعة و50 منظومة صواريخ لدعم أوكرانيا، معتبرا أنها انتصرت في معارك خيرسون وخاركيف.
وشدد على تأييد بلاده السلام العادل في أوكرانيا، وقال لضيفه "يشرفنا أن ندعمكم ضد هذه الحرب الوحشية".
زيلينسكي يُشدّد على ضرورة دعم الإدارة الأمريكية و الكونغرس لأوكرانيا في ظل صراعها مع روسيا :
من جانبه، قال زيلينسكي "أشكر الرئيس بايدن على دعمه وجهوده لتوحيد شركائنا".
وأضاف "أؤمن بأن هناك دعما لأوكرانيا من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة"، معربا عن تطلعه لعقد لقاءات مثمرة مع أعضاء الكونغرس.
وأوضح الرئيس الأوكراني أن الشريحة الكبرى من الدفعة الجديدة من المساعدات العسكرية الأميركية تتمثل في بطاريات باتريوت.
وشدد زيلينسكي على أهمية توفر صيغة للسلام، وقال "نتطلع إلى دعم واشنطن لنا في هذا الصدد".
وأضاف أن "التوصل إلى "سلام عادل" ينهي الحرب لا يعني بأي شكل من الأشكال المساومة على وحدة أراضينا، ويعني أيضا التعويض عن كل الأضرار التي سببها العدوان الروسي".
وأضاف أن أوكرانيا صامدة رغم كل المشكلات التي تواجهها، معتبرا أن الحرب الحالية لا تتعلق فقط بأوكرانيا وأوروبا بل بمستقبل الديمقراطية، وأنها دفاع عن حرية الشعوب.
وقال أيضا لأعضاء الكونغرس "دعمكم بالغ الأهمية، ليس فقط للتقدم على ساحة المعركة وإنما للوصول إلى نقطة التحول لتحقيق النصر"، مضيفا "بإمكانكم تسريع نصرنا في الحرب عن طريق تسريع وتيرة مساعداتكم لنا".
كما اعتبر زيلينسكي أن السبيل لدعم مقترح أوكرانيا للسلام هو أن تظل القيادة الأميركية في دعم أوكرانيا صلبة، ومن الحزبين.
انطمةُ باتريوت: السلاح الأميركي القادر على شلّ القدرات الجوية لروسيا:
إذ كشف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا تشمل لأول مرة نظام باتريوت للدفاع الجوي، القادر على إسقاط صواريخ كروز والصواريخ الباليستية القصيرة المدى وغيرها.
وأوضح بلينكن أن المساعدات الجديدة توفر لأوكرانيا قدرات دفاع جوي وضربات دقيقة، بالإضافة إلى الذخائر الإضافية والمعدات الأساسية.
بوتين: واثقون من النصر و سنواصل تعزيز قواتنا العسكرية:
إذ قال بوتين خلال الاجتماع السنوي الذي يعقده مع وزارة الدفاع الروسية، إنه على ثقة أن روسيا ستفوز في الحرب ضد أوكرانيا، مضيفا "أنا على ثقة من أنه خطوة خطوة سوف نحقق جميع أهدافنا".
وأوضح بوتين أن الحرب تعد تجربة قيمة لتعزيز الجيش الروسي، وشبّه القتال في أوكرانيا بالحروب النابليونية والحربين العالمية الأولى والثانية، ودعا إلى الإسراع في إعادة تسليح الجيش وتحديثه.
وأكد الرئيس الروسي أنه "في مطلع الشهر المقبل ستكون الفرقاطة "أميرال غورشكوف" في الخدمة، وهي مزودة بصواريخ تسيركون جديدة لا مثيل لها في العالم".
كما أعلن أن الأسطول الروسي سيحصل -بداية من مطلع يناير/كانون الثاني المقبل- على صواريخ جديدة فرط صوتية عابرة من طراز "تسيركون"، وهو سلاح من المجموعة الجديدة التي طورتها موسكو في السنوات الماضية
وقال بوتين في كلمة أمام قادة الدفاع في موسكو، أمس الأربعاء، وحضرها الآلاف من العسكريين عبر تقنية الفيديو، إنه لا حدود مالية لما ستقدمه الحكومة للقوات المسلحة، مشيرا إلى اقتراب دخول صواريخ "سارمات" المعروفة بالشيطان العابرة للقارات في خدمة الجيش الروسي.
ووعد الرئيس الروسي بمنح قواته المسلحة كل ما تطلبه لدعم الحملة العسكرية في أوكرانيا.
وأضاف بوتين أن على روسيا الانتباه لأهمية الطائرات المسيرة في الصراع المستمر منذ 10 أشهر في أوكرانيا، قائلا إن صواريخ سارمات الروسية الأسرع من الصوت، التي يطلق عليها "الشيطان 2″، ستكون جاهزة للانتشار في المستقبل القريب.
تبادل الإتهامات: بوتين يتهم الناتو بالسعي لتفتيت روسيا و البيت الأبيض يقول إن بوتين لا ينوي إنهاء الحرب :
وإتهم بوتين حلف شمال الأطلسي (الناتو) باستخدام قدراته كاملة ضد روسيا، قائلا إن منافسي روسيا الإستراتيجيين لهم هدف تاريخي هو إضعاف روسيا وتفتيتها، بحسب تعبيره.
وقال إن القدرات العسكرية للجيش الروسي تتزايد مع مرور الوقت، مضيفا أن الجيش الروسي سيحقق أهدافه رغم ما وصفها بالأعمال العدائية ضد روسيا من أغلب دول حلف الناتو.
كما أكد أنهم سيقومون بكل ما هو ضروري لزيادة قدراتهم العسكرية خلال ما وصفها بالعملية الخاصة في أوكرانيا، وقال "يجب الاستفادة من خبرة قواتنا العسكرية التي عملت في سوريا".
وأشار الرئيس الروسي كذلك إلى أن لدى بلاده "خبرة جيدة في تصنيع غواصات مسيرة ويجب أن نعمل على توسيع القدرات لمعدات الضربات الاستباقية"، وقال "سنزود قواتنا الإستراتيجية بجميع أصناف الأسلحة الحديثة".
واعتبر أن النزاع في أوكرانيا "مأساة" للشعبين الروسي والأوكراني، ليس بسبب روسيا وإنما بسبب سياسة الدول الأخرى، وفق تعبيره.
وبشأن عمليات التجنيد التي أمر بها في وقت سابق، قال إن 150 ألف جندي ممن خضعوا للتعبئة الجزئية يُعتبرون احتياطا كافيا للحرب في أوكرانيا.
وتعليقا على تصريحات الرئيس الروسي، قال البيت الأبيض إن بوتين لم يظهر أي اهتمام لإيجاد طريق لإنهاء الحرب على أوكرانيا.
وأضاف البيت الأبيض أن من الواضح أن الحرب في أوكرانيا دخلت مرحلة جديدة مع دخول الشتاء وتصعيد روسيا هجماتها.
وعقب كلمة الرئيس الروسي الافتتاحية، صرح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بأن روسيا تقاتل في أوكرانيا ما وصفها "بقوات الغرب المتضافرة"، بسبب دعمها المالي وشحنات الأسلحة إلى كييف. 
صحيفة الشؤون الدولية الأمريكية تتوقع هزيمة روسيا في الحرب :
إذ توقعت مجلة ( فورين آفيرز) الأميركية أن تنتهي الحرب في أوكرانيا بهزيمة روسيا بسبب ما أظهره جيشها من ضعف في التفكير وسوء في التنظيم، بالإضافة إلى الدعم الكبير من الغرب للنظام في كييف.
وكتبت ليانا فيكس -وهي باحثة في الشؤون الأوروبية بمجلس العلاقات الخارجية الأميركية، ومايكل كيميج أستاذ التاريخ بالجامعة الكاثوليكية الأميركية- في مقال مشترك بالمجلة أن حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا كان المقصود منها أن تكون أعظم إنجازاته، ودليلا على ما وصلت إليه بلاده من تقدم منذ انهيار "الإمبراطورية السوفياتية" في عام 1991.
وكان من المفترض أن يكون ضم أوكرانيا خطوة أولى في إعادة بناء إمبراطورية روسية. وكان بوتين ينوي -حسب المقال- إظهار أن الولايات المتحدة نمر من ورق، وإثبات أن روسيا، ومعها الصين، تتجهان للاضطلاع بدور قيادي في نظام دولي جديد متعدد الأقطاب.
غير أن الأمور لم تمض على ذلك النحو. فقد صمدت كييف في وجه الغزو، وتحول جيشها إلى "قوة ماحقة"، ويعود الفضل في ذلك جزئيا إلى الشراكة الوثيقة مع الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين.
وعلى النقيض من ذلك -يقول المقال- أظهر الجيش الروسي ضعفا في التفكير الإستراتيجي والتنظيم، كما أثبت النظام السياسي الذي يقف خلفه أنه لا يتعلم من أخطائه. وساهم مسار الصراع في دحض التكهنات المبكرة التي انتشرت على نطاق واسع بأن أوكرانيا سوف تسقط بسرعة، على أن حدوث انتكاسات في الوضع يظل احتمالا لا يمكن استبعاده، برأي الكاتبيْن. ومع ذلك، يبدو أن روسيا تتجه نحو الهزيمة، أما الشكل الذي ستكون عليه هذه الهزيمة فهو أمر لا يمكن الجزم به. 


ثلاثةُ سيناريوهاتٍ لنهاية الحرب:
ورسم مقال فورين أفيرز 3 سيناريوهات أساسية لمآلات الحرب، لكل منها تداعيات مختلفة على صُناع السياسة في الغرب وأوكرانيا.
السيناريو الأول -وهو الأقل احتمالا- أن تقر روسيا بالهزيمة بقبولها تسوية عبر التفاوض وفق شروط أوكرانيا. ويتطلب ذلك حدوث تغييرات كثيرة لكي يتحقق هذا السيناريو، نظرا لأن أي مظهر من مظاهر الحوار الدبلوماسي بين روسيا وأوكرانيا والغرب قد تلاشى.
السيناريو الثاني لهزيمة روسيا يحمل في طياته فشلا في خضم تصعيد الصراع. وسيسعى الكرملين، "باستهانة واستخفاف"، إلى إطالة أمد الحرب في أوكرانيا، بشن حملة من أعمال التخريب التي لا تقرها الدول الداعمة لكييف.
وفي أسوأ الأحوال، فقد تلجأ روسيا إلى شن هجوم نووي على أوكرانيا. عندها ستتجه الحرب نحو مواجهة عسكرية مباشرة بين حلف الناتو وروسيا، بناء على توقعات الكاتبين.
وسوف تتحول روسيا في هذا السيناريو إلى "دولة مارقة"، وهي مرحلة انتقالية بدأت بالفعل، وهو من شأنه أن يقوي قناعة الغرب بأن روسيا تشكل تهديدا فريدا وغير مقبول.
ويمضي المقال إلى أنه في حال تخطت روسيا "العتبة النووية" فقد يدفع ذلك حلف الناتو إلى المشاركة بالوسائل التقليدية في الحرب، الأمر الذي سيؤدي إلى التعجيل بهزيمة روسيا على الأرض.
أما السيناريو الأخير، فهو هزيمة روسيا من خلال انهيار النظام، حيث ستجري المعارك الحاسمة ليس في أوكرانيا، بل في أروقة الكرملين أو في شوارع موسكو.
لقد أحكم بوتين قبضته على السلطة، وتسبب تعنته في مواصلة خوض حرب "خاسرة" في جعل نظام حكمه يقف على أرض "مهتزة"، على حد تعبير المقال الذي يرى كاتباه أن الروس سيواصلون السير وراء "قيصرهم الأحمق" حتى نقطة معينة قبل أن ينقلبوا عليه إذا ما تسببت الحرب في إفقارهم وبؤسهم.
إن هزيمة روسيا ستتيح العديد من الفرص والإغراءات، من بينها توقع اختفاء روسيا المهزومة من أوروبا. لكن روسيا المهزومة -يستطرد الكاتبان- ستفرض نفسها مجددا يوما ما، وستسعى إلى تحقيق مصالحها وفقا لشروطها. و نصح المقال الغرب بأن يكون مستعدا، "سياسيا وفكريا"، لهزيمة روسيا وعودتها مرة أخرى على حد سواء.