مَا هي العقباتُ التي تُواجِه مَطامِحَ ترامب الرئاسية؟ مَا نقاطُ ضَعفه و قوّتِه؟ و هل يتمكن من إزالة العَثراتِ مِن طريقه نحو البيت الأبيض؟

news image

تقرير - مروة شاهين - بث: 
هو الرئيس الخامس و الأربعون، و الأكثر جدلاً على الإطلاق بين جميع أسلافه من الرؤساء الذين تربّعوا على البيت الأبيض، إنه دونالد ج. ترامب، الرئيس الأميركي الذي ساهمت أفكاره و سلوكياته ليس فقط في تغيير طبيعة السياسات و السلوكيات الأميركية داخلياً و أثرت على العديد من الجماعات و الأفراد لا سيما اليمينيّة منها، كما أنذرت شعبيته السياسية الكاسحة في تهديد نظام الثنائية الحزبية التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية منذ قرون، لجهة مطالبة البعض من أنصاره بتشكيل حزب سياسي جديد، يكون قُطباً ثالثاً من أقطاب السياسة الأميركية التي يسيطر عليها الحزبين الديمقراطي و الجمهوري. 
و على الصعيد الخارجي، غيرت سلوكيات دونالد ترامب من السياسات الخارجية للولايات المتحدة بشكل كبير، إذ ساهمت في تعزيز بعض التحالفات و تعميقها كتثبيت دعامات العلاقات الودية مع دول الخليج العربي على سبيل المثال، في المقابل أدى السلوك السياسي الخارجي الذي اتبعه ترامب إلى زعزعة دعامات أكثر التحالفات أهميةً بالنسبة للولايات المتحدة ، ألا و هو التحالف مع أوروبا. 
و إن هذا التأثير الكبير لرئيس الولايات المتحدة على خريطة التحالفات و التوازنات في العالم ، ينبع من كونه الحاكم المطلق للبيت الأبيض، إذ يُعتبر "ذا وايت هاوس" في العاصمة الأمريكية واشنطن البيت السياسي الأشهر في العالم، إذ تؤثر سياساته على جميع المفاعل السياسية و الاقتصادية العالمية من المحيط إلى المحيط.
و إن مؤسسة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، شبيهةٌ إلى حد ما بالمؤسسات الملكية المُطلقة، إذ يُعتبر الرئيس الأميركي ملِكاً بلا تاج، نسبةً إلى الصلاحيات الواسعة التي يمنحها الدستور إلى الرئيس، ما يجعل الرئيس الأميركي أهَمّ شخصية سياسية في البلاد على الإطلاق.


الفوز في 2016..أولى الصدمات التي سببها ترامب للرأي العام الأمريكي و العالمي:


في نوفمبر في العام 2016، شكّل وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى سُدّة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية صدمة كبيرة للشارع الأميركي، بعد تمكنه من الفوز على منافسته من الحزب الجمهوري هيلاري كلينتون، إذ أن معظم استطلاعات الرأي كانت تُرجّح فوز كلينتون في انتخابات الرئاسة، لكن ترامب أثبت للرأي العام الأمريكي و العالمي، أن التوقعات و الأحكام المسبقة ليست دائماً هي المُعبّر الوحيد عن الحقيقية.

و إن أبرز أسباب الصدمة الداخلية و الخارجية التي تسبب بها فوز الرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية لم يكُن فقط كون فوزه غير متوقعاً في استطلاعات الرأي، بل كون أفكار ترامب تختلف اختلافاً جذرياً عن الأفكار الليبرالية المطلقة السائدة في العالم الغربي، إضافة إلى توجهاته لإعادة إحياء مجد قوة أميركا العظمى التي عبر عنها من خلال شعار "ماغا" أو "make America great again ".
و إنّ معنى هذا الشعار الذي اتخذه ترامب عنواناً لحملته الانتخابية و سياساته الداخلية و الخارجية، يكمن في العبارة الآتية" لنجعل أميركا قوة عظمى مجدداً "، شكل مصدر قلق للحلفاء و الخصوم في آنٍ معاً، إذ أنذرت هذه التوجهات بسنواتٍ عُجافٍ على صعيد العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها في القارة الأوروبية.


ترامب يُجدِد طُموحاتِه بالعودة إلى البيت الأبيض:


في خُطوةٍ جريئةٍ و مُثيرةٍ للجدل، أكد الرئيس  ترامب ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجرى في عام 2024، وقدم ترامب أوراق ترشحه لهيئة الانتخابات الفيدرالية، ثم تحدث أمام مؤيديه بمقر إقامته في فلوريدا.
وقال الرئيس السابق خلال خطابه في شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي : "من أجل جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، أعلن الليلة ترشيحي لمنصب رئيس الولايات المتحدة"، وأضاف أنه يريد منع حصول بايدن على ولاية رئاسية جديدة. 
وقال الرئيس الأميركي السابق إنه إبان رئاسته للولايات المتحدة كان العالم في حالة سلام وكانت أميركا قد بدأت بالازدهار. وتعهد ترامب بالفوز من جديد بمنصب الرئاسة.
وقال إن "أعداءنا يسخرون منا و  سقط صاروخ قد يكون روسيًّا داخل الأراضي البولندية"، واعتبر أن "الانسحاب من أفغانستان كان المرحلة الأكثر إحراجا لبلدنا".
وبخصوص الاقتصاد، قال ترامب إن "التضخم وصل أعلى ذروة له في 50 عاما واحتياط النفط الإستراتيجي الذي ملأته بدأ بالتناقص".
وشدد على أنه حقق في مطلع ولايته الحلم المستحيل وهو استقلالية مصادر الطاقة. كما شدد على أن بايدن لن يحصل على ولاية أخرى، متهما إدارته بتدمير الاقتصاد الأميركي.
وقال إنه خلال رئاسته كانت الوظائف تنتقل من الصين إلى الولايات المتحدة وخاطب أنصاره قائلا "القوة الوحيدة الكافية للتصدي للفساد هي أنتم".
و أضاف الرئيس الأميركي السابق إن "بلدنا يتم تدميره أمام أعينكم وعلينا أن نعيد لعناصر الشرطة احترامهم".
و تابع قائلاً :"رغم عدم تمكننا من الفوز بمجلس الشيوخ يجب أن لا نفقد الأمل". واتهم بايدن بقيادة أميركا لحرب نووية، وقال "الديمقراطيون قسموا بلدنا وركعوه".
كما قال إن "بايدن يستسلم للنوم خلال المؤتمرات الدولية وكان محلا للسخرية في البرلمان البريطاني"، كما تعهد  بتفكيك الدولة العميقة وإعادة الحكم إلى الشعب، حسب تعبيره.
وحول الحدود والهجرة، قال ترامب "مدننا التي كانت سالمة وآمنة أصبحت مرتعا للجريمة"، وتعهد بمحاربة الاتجار بالمخدرات.
وأضاف "تحت قيادتي كنا أمة عظيمة ومجيدة وقوية وحرة، والآن نحن في تراجع وانحطاط".
وفي العلاقات الخارجية، قال "منذ لقائي مع الزعيم الكوري الشمالي وحتى نهاية ولايتي لم تطلق كوريا الشمالية أي صاروخ بعيد المدى".

ردةُ فعلِ بايدن:


و في هذا الإطار، أعرب الرئيس الحالي جو بايدن عن ثقته في التغلب على مرشح الحزب الجمهوري سواء أكان الرئيس السابق دونالد ترامب أم حاكم فلوريدا رون ديسانتيس.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده  للتعقيب على نتائج الانتخابات النصفية للكونغرس، قال بايدن أثناء حديثه عن ترامب وديسانتيس "سيكون من الممتع مشاهدتهما يتنافسان".
وقد أشار بايدن مجددا إلى أن "لديه النية" للترشح لولاية ثانية في عام 2024، لكنه قال إنه سيؤكد قراره مطلع العام المقبل، مشيرا إلى أن الأمر ينطوي على "قرار عائلي".

ما هِيَ العقباتُ التي تعترض طريق ترامب نحو البيت الأبيض؟:

لَم يَكُن طريق ترامب  إلى البيت الأبيض مفروشاً بالورود في العام 2016، و بالتأكيد لن يكون كذلك في العام 2024 ، إلا أن العقبات في طريق ترامب هذه المرة هي أكثر تعقيداً من ذي قبل، و من هذه العقبات نذكُر:

 

١-رون دي سانتيس.. مُنافِس ترامب القوي:
ذي سانتيس هو حاكم ولاية فلوريدا الحالي، و عضو ذا شعبيةٍ في الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه ترامب، ولد رون دي سانتيس في 14 سبتمبر/أيلول بمدينة جاكسون في فلوريدا، وأمضى معظم حياته في هذه الولاية، درس رون دي سانتيس التاريخ في جامعة يال، وتخرج منها عام 2001.
وبعد ذلك، درس في كلية القانون في هارفارد، ونال منها شهادة عام 2005.
خدم في البحرية الأميركية بين عامي 2004 و2010، وأرسل إلى العراق عام 2007، وبقي عاما هناك عمل خلاله مستشارا لقيادة قوات البحرية في محافظة الأنبار.
وبعد عودته إلى الولايات المتحدة عام 2008، عينته وزارة العدل الأميركية مدعيا فدراليا في مكتب الادعاء العام بالمنطقة الوسطى في فلوريدا.
فاز رون دي سانتيس أول مرة بعضوية مجلس النواب في 2012، وأعيد انتخابه في 2014 و2016.
وكان يعتزم المنافسة عام 2016 على مقعد مجلس الشيوخ مع السيناتور ماركو روبيو، لكنه تراجع وقرر خوض السباق لإعادة انتخابه في مجلس النواب.
و مع مع مطلع عام 2019، بات رون دي سانتيس الحاكم 46 لولاية فلوريدا، بعد فوزه بفارق طفيف. وحظي حينها ترشيحه للمنصب بدعم من الرئيس دونالد ترامب، وكان أول حاكم جمهوري منذ عام 2002 يفوز بمنصب حاكم فلوريدا، التي تعد الولاية الأكثر سكانا في الولايات المتحدة.
و أعيد انتخابه للمنصب عام 2022 بعد أن حقق فوزا كاسحا على منافسه الديمقراطي شارلي كريست، الحاكم السابق للولاية، بفارق 20% تقريبا من الأصوات (1.5 مليون صوت)، وهو الأعلى في تاريخ ولاية فلوريدا.
و يُعتبر دي سانتيس المنافس الأول لترامب على ورقة ترشيح الحزب الجمهوري، إذ انه يتمتع بشعبية واسعة في الحزب، كما يحظى بتأييد أنصار تيار اليمين الوسطي و المتطرف – أي ذات التيار الذي يستقطبه ترامب-، و يتبنّى أفكاراً مشابهة لأفكاره في ما يتعلق بسياسات المناخ و تشديد العقوبات على إيران و مواجهة روسيا و الصين و حظر الإجهاض و التضييق على نشاط المتحولين جنسياً إضافة إلى إيمانه بضرورة الدعم المطلق لإسرائيل.

 

٢-اقتحام الكونغرس.. نُقطة شائنةٌ في سجلّ ترامب:
بعد رفض ترامب نتائج الانتخابات الرئاسية، و الزعم أمام أنصاره أن الانتخابات مزورة و ان الرئاسة قد سُرقت منه، اجتمع أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن العاصمة للاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، ودعم مطالبة ترامب لنائب الرئيس مايك بنس والكونغرس برفض فوز الرئيس المنتخب جو بايدن.
و بسبب أعمال الشغب التي قام بها مناصرو ترامب، أُخليت العديد من المباني في مجمع الكابيتول الأمريكي، واخترق المتظاهرون الأمن لدخول مبنى الكابيتول،  و أدت المواجهات بين المتظاهرين و قوات الأمن إلى مقتل أربعة متظاهرين و ضابط شرطة، فضلاً عن إصابة أكثر من ٢٠٠ سخص في أعمال الشغب. 
و اعتُبِرَ الهجوم على الكونغرس من قِبل أنصار ترامب بمثابة محاولة لإشعال فتنة داخلية و تنفيذ انقلاب على الديمقراطية الأميركية، و كانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية التي يحصل بها عرقلة لعملية الانتقال السلمي للسلطة، ما يجعل يوم السادس من يناير يوماً محفوراً في ذاكرة الأميركيين، كأكبر محاولةٍ للانقلاب على مبادئ الديمقراطية الأميركية، و بالتالي أصبحت حادثة اقتحام الكابيتول أكبر نُقطةٍ سوداء في سجلّ ترامب

.

٣-ترامب .. المُرشح الرئاسي المُلاحق قضائياً:
إضافة إلى ما سبق، فإن كون دونالد ترامب ملاحقاً عبر القضاء في عدة قضايا احداهم تتعلق بالأمن القومي و أخرى بالتهرب الضريبي، سيؤثر على مدى شعبية ترامب و ثقة الأميركيين به، و بالتالي ينعكس هذا التأثير بشكل كبير على أدائه في الانتخابات المقبلة سواء الانتخابات الحزبية او الرئاسية. 
إذ أصدرت المدعية العامة لنيويورك استدعاءات بحق كل من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وابنه، وابنته الكبرى في الشهر الأول من العام الحالي، على خلفية تحقيقٍ مدني جارٍ يتعلق بممارسات أعمال للأسرة، ويحقق مكتب المدعية العامة فيما إذا كانت منظمة ترامب والرئيس السابق قد ضخما بشكل غير مناسب قيمة الأصول لتأمين قروض والحصول على امتيازات ضريبية واقتصادية. 
و منذ شهرين، أصدرت لجنة الكونغرس الأمريكي التي تحقق في أحداث الشغب في مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021، أمر استدعاء قانوني للرئيس السابق دونالد ترامب للإدلاء بشهادته أمام المشرعين.
وخاطبته مذكرة مرفقة بأمر الاستدعاء : "لقد كنت في قلب المحاولة الأولى والوحيدة، من قبل رئيس أمريكي لإلغاء الانتخابات".
وفي المذكرة المرفقة بأمر استدعاء الرئيس الأمريكي السابق، قال بيني طومسون، رئيس لجنة التحقيق، ونائبته ليز تشيني إن اللجنة "جمعت أدلة دامغة، من بينها أدلة حصلت عليها من عشرات المسؤولين والموظفين السابقين، على أنك قمت شخصيا بالتخطيط والإشراف على جهود من أطراف متعددة استهدفت تغيير نتيجة الانتخابات".

 

٤-مُرشّحُ اليمين المتطرف:
إن أفكار ترامب اليمينية، و على الرغم من مساهمتها في جذب أنصار اليمين إليه، إلا إنها تشكل أيضاً حجر عثرة في طريقه نحو البيت الأبيض، إذ أن الشعب الأميركي اغلبيته من المهاجرين، و هذا ما يجعل أفكار ترامب المناهضة للأجانب و المهاجرين حاجزاً أمام اكتسابه تأييد الغالبية الشعبية الأميركية، التي نشأت و ترعرعت على التمسك بالقيم الليبرالية الديمقراطية.
و فضلاً عن معاداة المهاجرين، فإن ترامب يؤمن بتفوق العرق الأبيض، ما يجعله معادٍ للشعوب اللاتينية و الإسبانية التي تشكل اقلية معتبرة لها وزنها في العملية السياسية إضافة إلى معاداته لغير المسيحيين و بالأخص المسلمين، إضافة إلى دعمه لليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، و علاقاته المعقدة مع حلفائه الأوروبيين و مع جماعات الضغط ذات التأثير و النفوذ الكبير في الولايات المتحدة و لا سيما اللوبي اليهودي.
إن تبنّي ترامب لمثل هذه الأفكار التي يصفها البعض بالمتطرفة، تجعل من الرأي العام الأميركي قلقاً على الدوام من احتمالية وصول رئيس يحمل مثل هذه الأفكار إلى سدة الرئاسة في البيت الأبيض، بل و حتى و إن كان بعض الناخبين يحملون بعض الأفكار المشتركة مع ترامب، فإنهم سيرغبون بوصول رئيسٍ أقل "هجوميةً" و  أقل إثارة للجدل من شخصٍ كترامب.

هَل يمتلكُ ترامب نِقاطَ قوةٍ تُمكنه من إزالة العثرات التي قد تحول دون حصوله على ولاية رئاسية جديدة؟:


إنه على الرغم من كثرة العقبات و نقاط الضعف التي يمتلكها ترامب، إلا أنه يحوز أيضاً على نقاطٍ تَصُّب في صالحه، و تُميزه عن غيره من الرؤساء الذين مرّوا على البيت الأبيض، أهمها أنه يُنادي بإعادة تقوية النفوذ الأميركي "لجعل أميركا قوة عظمى مجدداً" ، إضافة إلى مبدأ أميركا أولاً الذي اعتمده ترامب في علاقته مع الحلفاء قبل الخصوم، ما جعل ترامب يحظى برضى الأميركيين الذين ينادون بأن لا تذهب أموال الضرائب التي يدفعها المواطنون الأميركيون إلى الدول الحليفة على شكل مساعدات عسكرية و أمنية بشكل مجاني، على اعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست شرطياً عالمياً، وبالتالي فليس عليها تحمل تكاليف حماية الحلفاء.
و فضلاً عن هذه المبادئ التي استعملها ترامب في إدارة العلاقات مع الحلفاء، فإنه لا بد أيضاً من الإشارة إلى أن ترامب أدار العلاقات الخارجية مع الخصوم بشكلٍ أفضل من غيره من رؤساء الولايات المتحدة، إذ في عهده، لم تقم روسيا مثلاً بأي غزو خارجي، (إذ قامت روسيا بغرو جورجيا في عهد بوش، و غزو القرم في عهد أوباما و الآن تغزو أوكرانيا في عهد بايدن)، فضلاً عن تمكن ترامب من تدمير العديد من الشركات الصينية عبر الحرب التجارية التي أطلقها مع الصين، إضافة إلى خروجه من الاتفاق النووي الإيراني و إعادة إخضاع إيران للحصار و العقوبات الاقتصادية.
و بالحديث عن الاقتصاد، يمتلك ترامب سجلاً جيداً في ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية، إذ أن الاقتصاد الأميركي في عهده شهد تحسناً نتيجة انباع سياسات خفض الضرائب على الشركات و الحماية الجمركية للبضائعو غيرها من السياسات الاقتصادية التي عادت بالنفع على الاقتصاد الأمريكي، لكن تجب الإشارة أيضاً إلى أن ترامب ورث من عهد أوباما اقتصاداً قوياً، إذ يمكن القول ان عهد أوباما هو الذي بدأ بالإصلاحات الاقتصادية و سياسات التنمية التي حققت نمواً غير مسبوق، ثم جاء ترامب ليُكمّل رحلة النمو هذه و لكن عن طريق سياسات اقتصادية متطرفة كإعلان الحرب التجارية على الصين و الضغط على الحلفاء اقتصادياً و سياسياً بهدف تحقيق المصالح الاقتصادية الأمريكية. 
و بعد عرض أبرز نقاط ضعف ترامب و نقاط قوته، يمكن القول ان السبيل الوحيد أمام ترامب للوصول إلى البيت الأبيض هو استخدام نقاط القوة للتغطية على نقاط الضعف، لاسيما في حال إعادة ترشيح جو بايدن من قبل الحزب الديمقراطي و الذي يمكن اعتباره رئيساً ضعيفاً، بينما يمتلك ترامب شخصيةً جدلية يمكنها جذب أولئك الذين يعترضون على كون الرئيس الحالي دبلوماسياً و متساهلاً حدّ الضعف..
و في نهاية المطاف، فإن أي سياسيٍّ او مرشحٍ رئاسي يمتلك نقاط قوةٍ و نقاط ضعف، و لكن الذي يُحدد مدى غَلَبةِ نقاط الضعف على نقاط القوة او العكس، هي آراء الناخبين، الذين سصدرون الحكم النهائي في ما يتعلق بإمكانية أي مرشحٍ للوصول إلى البيت الأبيض من عدمه، و هذا ما يجعل الحملات الانتخابية ذات أهمية كبرى بالنسبة للسياسة الأميركية نظراً لكونها موجهةً إلى الناخبين الذين يحددون الشخص الذي سيصل إلى سُدّة الرئاسة، و بالتالي فإن تمكن ترامب من التأثير على الرأي العام الأمريكي و حمل الناخبين على التصويت له في العام 2024 هو الطريق الأوحد الذي قد يمنحه ولايةً رئاسيةً ثانية لحكم الولايات المتحدة الاميركية.