بعد تأييد نتائج الاستفتاءات في شرق أوكرانيا الانضمام إلى روسيا.. الغرب يُندِّد و يُنذِر بالتصعيد و روسيا تُلوّح بالسلاح النووي للدفاع عن "أراضيها الجديدة"



تقرير - مروة شاهين - بث:
جددت الأمم المتحدة، تمسكها بوحدة الأراضي الأوكرانية، فيما أعلنت واشنطن عزمها طرح مشروع قرار لإدانة موسكو، وسط أنباء عن تقديمها حزمة أسلحة جديدة بقيمة 1.1 مليار دولار خلال أيام، و يأتي ذلك بعد الاعلان عن تأييد أغلبية ساحقة لانضمام 4 مناطق أوكرانية إلى روسيا في "استفتاءات المصير"، بحسب ما وصفته روسيا و السلطات المحلية التابعة لها في شرق أوكرانيا.
وأعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الأربعاء، اعتزام بلاده فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب استفتاءات شرق أوكرانيا "الزائفة" بحسب وصفه، وأضاف في بيان أن "كندا لا تعترف ولن تعترف أبداً بنتائج هذه الاستفتاءات الزائفة أو محاولة روسيا للضم غير القانوني".
وقالت الأمينة العامة المساعدة للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي: "دعوني أكرّر أنّ الأمم المتحدة ما زالت ملتزمة تماماً بسيادة أوكرانيا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، داخل حدودها المعترف بها دولياً".
وأجريت عمليات التصويت التي تم ترتيبها على عجل في أربع مناطق، هي دونيتسك ولوغانسك في الشرق، وزابوروجيا وخيرسون جنوباً، والتي تشكل نحو 15 % من الأراضي الأوكرانية.
زيلينسكي: نتائج الاستفتاءات مُعدّة مسبقاً:
وخلال الجلسة، بُثّت مداخلة مسجّلة مسبقاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قال فيها إنّه "لا يمكن لبلاده أن تتفاوض مع موسكو بعد الاستفتاءات التي نُظّمت في المناطق الأوكرانية الأربعة".
وأضاف زيلينسكي أنّ "اعتراف روسيا بالاستفتاءات الزائفة على أنّها طبيعية، وتطبيقها ذات النهج الذي طبّقته في شبه جزيرة القرم عام 2014، ومحاولتها مرة إضافية ضمّ جزء من الأراضي الأوكرانية، كلّ هذا يعني أنّه لا يتعيّن علينا التفاوض مع الرئيس الروسي الحالي".
وبُثّت كلمة الرئيس الأوكراني في الجلسة، قبيل صدور نتائج الاستفتاءات التي جرت في المناطق الأربع، والتي أتت كلّها مؤيدة بنسبة ساحقة للانضمام إلى روسيا.
وعلى غرار العديد من أعضاء مجلس الأمن، ندّد الرئيس الأوكراني بما وصفه بـ"مهزلة" نتائجها "معدّة مسبقاً".
وأضاف أنّ "ضمّ الأراضي (التي احتلّتها موسكو) هو أبشع انتهاك لميثاق الأمم المتّحدة"، مطالباً بوجوب "إقصاء روسيا من كل المنظّمات الدولية" أو على الأقلّ تعليق عضويتها في هذه المنظمات.
واعتبر زيلينسكي أنّ روسيا تريد من وراء هذه الاستفتاءات "إجبار رجال أوكرانيين من الأراضي المحتلّة في أوكرانيا على التجنّد في الجيش الروسي لإرسالهم للقتال ضدّ وطنهم"، مناشداً مجلس الأمن التدخل.
لكنّ حقّ النقض "الفيتو"، الذي تتمتّع به روسيا في مجلس الأمن، يحول دون صدور أيّ قرار عن المجلس ضدّ موسكو.

مشروع قرار أميركي يي مجلس الأمن لإدانة الاستفتاءات الروسية:
وتعتزم الولايات المتحدة بالاشتراك مع ألبانيا، طرح مشروع قرار يدين "الاستفتاءات الزائفة"، ويدعو الدول الأعضاء إلى عدم الاعتراف بأيّ وضع معدّل لأوكرانيا، ويطالب روسيا بسحب قواتها من أوكرانيا، وفق ما أعلنته السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد.
وأضافت جرينفيلد أنّه "حال استخدمت روسيا حقّ النقض لحماية نفسها من هذا القرار، فسنحول أنظارنا إلى الجمعية العامة لإرسال رسالة لا لُبس فيها إلى موسكو"، موضحة أنّ هذا التصويت قد يتم في نهاية الأسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع المقبل.
وخلافاً لمجلس الأمن، فإنّ قرارات الجمعية العامة المؤلفة من 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة تصدر بالأغلبية ولا تتمتّع أيّ دولة بحق استخدام الفيتو.
التصعيد العسكري.. المسار الوحيد للرد على سلوك روسيا في الشرق الأوكراني:
إذ قال مسؤولون أميركيون، إن الولايات المتحدة تجهز حزمة أسلحة جديدة قيمتها 1.1 مليار دولار لأوكرانيا، سيُعلن عنها قريباً.
وتجهز واشنطن، التي قدمت أكثر من 15 مليار دولار من المساعدات العسكرية، جولة جديدة من العقوبات على روسيا في حال ضمها المناطق المحتلة. وستكون هذه الحزمة أحدث دفعة أسلحة تقدمها واشنطن لكييف، بينما تقاتل القوات الروسية شرقاً.


بعد نجاح بوتين في الاستفتاءات.. هل يستخدم الأسلحة النووية في دفاعه عن شرق أوكرانيا؟ :
وكانت سلطات لوغانسك، قالت إن 98.4 % من الأصوات جاءت لصالح الانضمام، إذ في زابوروجيا، قدر مسؤول عينته موسكو النسبة عند 93.1 %، أما في خيرسون، فحدد رئيس لجنة الاقتراع نسبة التصويت بنعم بأكثر من 87 %.
من جانبه، أفاد رئيس جمهورية دونيتسك، دينيس بوشيلين، إن 99.2 % من المشاركين في الاقتراع أيدوا الانضمام إلى روسيا، فيما أعلنت المناطق الأربع فرز جميع بطاقات الاقتراع.
وقام المسؤولون المعينون من جانب روسيا بنقل صناديق الاقتراع، فيما وصفته أوكرانيا والغرب بأنه "إجراء قسري وغير قانوني"، لخلق ذريعة قانونية لضم المناطق الأربع لروسيا.
ويمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد ذلك تصوير أي محاولة أوكرانية لاستعادة السيطرة على المناطق على أنها "هجوم على روسيا نفسها"، إذ قال الأسبوع الماضي إنه مستعد لاستخدام الأسلحة النووية للدفاع عن "وحدة أراضي" بلده.
و كان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، قد قال في وقت سابق، عند سؤاله عن إمكانية استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا "كل شيء مذكور في العقيدة النووية لروسيا الاتحادية"؛ وتضع روسيا منذ 27 فبراير الماضي "قوة الردع النووي" في حالة التأهب القصوى، ردَّاً على ما وصفته بـ"الخطوات غير الوديّة من الغرب"، حسب ما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.
ولإشعال حرب نووية طبقًا للعقيدة الروسية، لن يمتنع بوتن من الضغط على "زر الدمار" في 4 حالات، وفقا لجيل كالآتي:
• الأولي: معلومات استخباراتية تفيد بأن الخطر وشيك على روسيا وأراضيها من خلال استهدافها بصواريخ باليستية.
• ثانيًا: تعرض روسيا أو أحد حلفائها لهجوم بأي نوع من أنواع أسلحة الدمار الشامل سواء (نووية أو كيميائية أو بيولوجية).
• ثالثًا: اذا كان هناك هجوم يهدد وجود الدولة حتى لو باستخدام الأسلحة الخفيفة وليست النووية.
• رابعًا: استهداف مواقع حكومية أو عسكرية حساسة.
ونشر ديميتري ميدفيديف، الرئيس السابق للبلاد والذي يشغل الآن منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي، رسالة احتفالية قصيرة في حسابه على تليجرام، قائلاً: "انتهت الاستفتاءات (...) النتائج واضحة. أهلاً بكم في وطنكم، في روسيا!
وتمكن النازحون من المناطق الأربع من الإدلاء بأصواتهم في روسيا، حيث قالت وكالة الإعلام الروسية إن الإحصائيات الأولية أظهرت أن نسبة تأييد الانضمام تزيد عن 96%.
زيلينسكي يؤكد عزم بلاده على الدفاع عن الأراضي التي شملتها استفتاءات الانضمام إلى روسيا:
وفي أول رد فعل له عقب إعلان نتيجة استفتاءات "تقرير المصير"، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن بلاده "ستتحرك للدفاع عن شعبنا" في المناطق التي تحتلّها القوات الروسية، والتي صوّتت في "استفتاءات" لمصلحة الانضمام إلى روسيا.
إذ قال زيلينسكي بعد صدور نتائج الاستفتاءات، :"سنتحرّك للدفاع عن شعبنا: في آن معاً في منطقة خيرسون، وفي منطقة زابوروجيا، وفي دونباس، وأيضاً في الأراضي المحتلّة حالياً في منطقة خاركوف وفي القرم".
وتعهَّدت دول مجموعة السبع بـ"عدم الاعتراف مطلقاً" بنتائج الانتخابات، فيما وعدت واشنطن برد "سريع وقاسٍ" من خلال فرض عقوبات اقتصادية إضافية في حال ضم هذه المناطق على غرار ما حصل مع شبه حزيرة القرم في مارس 2014.
الدول الغربية تعتزم تصعيد العقوبات على روسيا كرد على سلوكها في الشرق الأوكراني:
إذ شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على أن الغرب لن يعترف مطلقاً بضم روسيا للأراضي الأوكرانية.
وقال بلينكن للصحافيين: "نحن والعديد من الدول الأخرى كنا واضحين تماماً. لن نعترف- في الواقع لن نعترف مطلقاً- بضم روسيا لأراضٍ أوكرانية".
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج إنه أكد للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن "الحلفاء في الناتو مستمرون في دعم سيادة أوكرانيا وحقها في الدفاع عن النفس".
وأضاف أن "الاستفتاءات الزائفة التي نظمتها روسيا ليست شرعية، وتشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. هذه الأراضي أوكرانية".
وأكد الناطق باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أنَّ استفتاءات الضمّ التي نظّمتها روسيا في أوكرانيا "غير قانونية"، وأنَّ جميع الأشخاص الذين شاركوا في تنظيمها ستُفرض عليهم عقوبات.
ودعت الصين شريكة موسكو الكبرى إلى احترام "وحدة أراضي كل الدول" دون أن تندد بهذه الاستفتاءات.
وقال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة إنَّ الأمين العام أنطونيو جوتيريش كان واضحاً، وأكد أن ضمّ أراضي دولة من قبل دولة أخرى، نتيجة التهديد باستعمال القوة أو استخدامها، سيكون "انتهاكاً لمبادئ الميثاق والقانون الدولي العام".
خمسة عشر بالمئة من الأراضي الأوكرانية تشملها الاستفتاءات، و روسيا تتأهب نووياً للدفاع عن "أراضيها الجديدة" :
وكانت السلطات الموالية لموسكو في هذه المناطق الأربع -التي تمثل حوالي 15% من أراضي أوكرانيا- قد تداعت لإجراء استفتاءات عاجلة بشأن الانضمام إلى روسيا، ولا سيما بعد تسارع وتيرة الهجوم المعاكس الذي تشنه القوات الأوكرانية منذ أسابيع، واستعادت به مناطق واسعة كانت القوات الروسية قد سيطرت عليها منذ بدء الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي.
وتتشابه هذه الاستفتاءات التي جرى الإعداد لها منذ شهور مع الاستفتاء الذي أجري عام 2014 في شبه جزيرة القرم، والذي أضفى الطابع الرسمي على ضمّ روسيا لتلك المنطقة.
وتأتي هذه التطورات بعدما أعلنت روسيا الأربعاء تعبئة جزئية لقوات الاحتياط لتعزيز خط الجبهة في أوكرانيا، وهي أول تعبئة روسية في وقت الحرب منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت موسكو إن وضع "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا لم يتغير بعد إعلان التعبئة الجزئية، ولوّحت باستخدام كل أنواع الأسلحة -بما فيها النووية الإستراتيجية- للدفاع عن أي مناطق تنضم إليها من أوكرانيا.