ثلاثةُ أعوامٍ على انتفاضة ١٧ تشرين.. هل تكون الطبقة السياسية المتسببة في انهيارلبنان هي نفسها من تُنقذه؟

تقرير مروة شاهين - بث:
بعد ثلاثة أعوام من انطلاق أقسى أزمة اقتصادية شهدها لبنان في تاريخه، أزمة العام ٢٠١٩ الاقتصادية التي أطاحت و ما زالت تطيح بما تبقى من فُتات الاقتصاد اللبناني، و التي أدت إلى اندلاع انتفاضة ١٧ تشرين التي أطاحت بحكومة الحريري.
وبعد عامين على انفجار مرفأ بيروت، أقوى انفجار مرّ على البلاد، و سادس أقوى انفجار غير نووي في العالم، يبدو أن لبنان لا يزال في انتظار المزيد من المآسي و الصعوبات، مع غياب أي تفاؤلات بإنفراجٍ مُنتظر.

استمرار الغوص نحو تنبؤات الرئيس عون: "ع جهنّم":
لم يُخطئ الرئيس اللبناني ميشال عون حين قال في رده على سؤال في مؤتمر صحفي حول المسار الذي ستؤول اليه البلاد في حال عدم تشكيل حكومة تأخذ بيده نحو الإصلاح و الخلاص، فأجاب حينها : "طبعاً ع جهنّم".
و ييدو أن لبنان "لم يُكذب خبراً" ، كما يقول المثل اللبناني الشائع، إذ لم تمضي سوى شهور قليلة حتى وصل لبنان حينها إلى مدخل جهنم التي وعد بها الرئيس عون، و بدأت الانهيارات الدراماتيكية تتوالى في لبنان قطاعاً بعد قطاع.
قالقطاع المصرفي تداعى مع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، و احتجز ودائع اللبنانيين لحماية المصارف من الإفلاس، و أصبحت طبقةٌ من المنتفعين و الفاسدين هي من تتحكم بسعر صرف الليرة اللبنانية، و بالتالي تتحكم بثروة البلاد و مصالح مواطنيه.
و القطاع الصحي الذي كان يشكل ثروة للبلاد، إذ كان لبنان يُلقب بمستشفى الشرق الأوسط، نطراً للتقدم الملحوظ في القطاع الطبي و وجود المستشفيات الجامعية المتطورة و الأطباء أصحاب الكفاءة العالية و وجود نظم العلاج المتطور الذي يضاهي الدول الأوروبية في جودته، و رغم كل هذا، لم ينجو القطاع الطبي من تداعيات الأزمة، فالمستشفيات تعاني من نقص المعدات و الأدوية نظراً لعدم توفر التمويل اللازم لاستيرادها من الخارج، فضلاً عن نقص الأطباء و الممرضين و الطواقم الطبية، الذي يُهاجرون هرباً من جهنّم الوطن.
أما القطاع التعليمي، فحدّث و لا حرج، إذ يعاني القطاع بأكمله من نقص في التمويل، إذ أن العديد من المدارس و الجامعات مهددة بالإفلاس او أفلست بالفعل، بينما يعاني قطاع التعليم الحكومي من أزمة اضراب مستمرة جراء انخفاض أجور المدرسين و العاملين في القطاع بسبب تدهور الليرة اللبنانية و تآكل الرواتب بسبب التضخم.
لبنان على طريق جهنم.. من دولة ذات دخل مرتفع إلى دولة تحت خط الفقر:
بعد أن كان لبنان، واحداً من الدول ذات الدخل المرتفع في الشرق الأوسط و بمعدلات تنمية متوسطة إلى مرتفعة، تحول إلى دولة يقبع أكثر من ثُلُثي سكانها تحت خط الفقر، إذ انه َ بحسب بيانات صادرة عن مؤسسة البنك الدولي، تبلغ نسبة من يعيشون في فقر مدقع في لبنان 53%، حيث يكون السكان محرومين في أكثر من 50% من المؤشرات، 16.2% من عدد السكان. ويُعدّ الحرمان من التأمين الصحي (24.8%) أكثر المؤشرات مساهمةً في الفقر متعدد الأبعاد على الصعيد الوطني، يليه مستوى التحصيل الدراسي (18.3%) ثم العمل الذي تنخفض فيه معايير الأمان (9.7%). عند تجميع هذه العوامل حسب الأبعاد، فإن البعد الصحي (30.2%) أكثر العوامل التي تسهم في الحرمان، يليه التوظيف (25.8%) والتعليم (25.3%). أما البُعد المتعلق بمستويات المعيشة فيسهم بنسبة 13%، في حين يسهم بُعد البنية التحتية الأساسية بنسبة 6%.
و على صعيد محافظات لبنان الثماني، تُعد عكار والبقاع الأشد فقراً، في حين تتركز في بيروت أكبر كثافة للفقر بين الأشخاص الذين شملهم مؤشر الفقر متعدد الأبعاد. بعبارة أخرى، بينما يقل احتمال أن يُعد شخص ما في بيروت فقيراً حسب هذا المؤشر، يزيد احتمال تعرض الفقراء في بيروت للمعاناة من حرمان أشد مقارنةً مع سكان المحافظات الأخرى. ويعيش حوالي ثلث الفقراء الذين شملهم المؤشر في جبل لبنان، حيث يقيم نحو 41% من السكان. ويتشابه تكوين الفقر متعدد الأبعاد إلى حد ما على مستوى المحافظات. وتسهم النسبة الأكبر – المقابلة للافتقار إلى التأمين الصحي – بما يتراوح بين 23% إلى 27.4% في معدلات الفقر العام.
من الذي قاد لبنان نحو رحلة التحول إلى جمهورية جهنّم:
لا شك أن الإجابة عن هذا التساؤل يأخذنا فوراً نحو الطبقة السياسية اللبنانية، التي ثار اللبنانيون في العام ٢٠١٩، و حملّها الشعب اللبناني مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية التي آلت إليها البلاد، و في طبيعة الحال، ليس فقط الشعب اللبناني من يحمل الطبقة السياسية مسؤولية تدهور الأوضاع، بل المجتمع الدولي أيضاً، و الذي يمتنع عن عن مساعدة لبنان او اقراضه اي مبلغ بسبب معرفته بفساد الحكام، و ان اي مساعدة مالية للبنان ستذهب إلى جيوب الفاسدين.
و في نفس الإطار، رأى أوليفييه دي شوتر، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، أن الأعمال المدمرة للقادة السياسيين والماليين في لبنان هي المسؤولة عن دفع معظم سكان البلاد إلى الفقر، في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بحسب ما أورده في تقرير خاص عن لبنان لبعثة من الأمم المتحدة.
و أضاف: "لقد تم دمج الإفلات من العقاب والفساد وعدم المساواة الهيكلية في نظام سياسي واقتصادي فاسد مصمم لإخفاق من هم في القاع ، ولكن لا يجب أن يكون الأمر كذلك، و كانت المؤسسة السياسية على علم بالكارثة التي تلوح في الأفق لسنوات لكنها لم تفعل شيئًا يذكر لتلافيها. حتى أن الأفراد المرتبطين جيدًا قاموا بنقل أموالهم إلى خارج البلاد ، بفضل الفراغ القانوني الذي سمح بتدفق رأس المال إلى خارج البلاد. يجب البحث عن الحقيقة والمساءلة من باب حقوق الإنسان".
" إن الأزمة الاقتصادية التي من صنع الإنسان في لبنان بدأت في عام 2019 ، واليوم يقف البلد على شفير الانهيار، واستشهد بالتقديرات الحالية التي تضع أربعة من كل خمسة أشخاص في فقر"، يتابع دي شوتر، و إن" الروابط السياسية مع النظام المصرفي منتشرة ، مما يشير إلى مخاوف جدية بشأن تضارب المصالح في تعاملهم مع الاقتصاد ومدخرات الناس، و لا توجد مساءلة مضمنة في خطة الإنقاذ الأخيرة ، وهي ضرورية لاستعادة الثقة المفقودة لدى السكان والقطاع المالي. نحن نتحدث عن ثروة وطنية ملك للشعب في لبنان ، بُددت على مدى عقود من سوء الإدارة والاستثمارات في غير محلها من قبل الحكومة والبنك المركزي، كما أن سياسات البنك المركزي ، على وجه الخصوص ، أدت إلى دوامة هبوط العملة ، وتدمير الاقتصاد ، والقضاء على مدخرات الناس مدى الحياة ، وإغراق السكان في براثن الفقر".
انتهاء عهد الرئيس عون.. هل يُنهي عهد جهنم؟ :
بات عهد الرئيس اللبناني ميشال عون يعرف بأنه أسوء عهد مرّ في التاريخ اللبناني، و ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر، انتهاء الشهرين المتبقيين من عهده في رئاسة البلاد، على أمل أن يسهم انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية في حلحلة الأوضاع، و الأخذ بيد لبنان نحو الإصلاح و الإزدهار مرة أخرى.
و قبيل شهرين على انتهاء مدة ولاية ميشال عون كرئيس للجمهورية اللبنانية، شنّ سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، هجوما حادا عليه، واصفا إياه بأنه "أضعف رئيس في تاريخ لبنان".
وقال "جعجع"، في ذكرى شهداء "المقاومة اللبنانية" خلال قداس حمل عنوان "العهد لكم"، بالمقر العام للحزب، الأحد، إن "نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة ليست سوى البداية، فبعد أسابيع (رح يطلعوا من القصر.. ورح يطلعوا من التاريخ كمان)"، في إشارة إلى منظومة الحكم الحالية.
وأكد أنه "حتى هذه اللحظة، ورغم كل المآسي والخراب التي تسببوا بها (الفريق الحاكم)، لا يزالون مستمرين في النهج التدميري ذاته لهدف واحد وهو الحفاظ على مصالحهم الشخصية"، لافتا إلى أن "قسما كبيرا من اللبنانيين هاجر، والقسم الباقي ما زال هنا يعاني يوميا الأمرين على كل الأصعدة فقط ليبقى متشبثا بأرضه وإرث أجداده".
و أضاف: "يعطلون تشكيل حكومة جديدة، ويتحضرون كما دائما لتعطيل الانتخابات الرئاسية، والأكيد المؤكد أن ذلك ليس من أجل طرح خطة إصلاحية معينة، بل محاولة بالإتيان بجبران باسيل (رئيس التيار الوطني الحر)، رئيسا للجمهورية خلفا لعون".

جعجع للبنانيين: سنقاوم محاولات جرّ لبنان نحو المحور الإيراني
اذ توجه جعجع إلى اللبنانيين قائلا: "لهم لبنانهم، ولنا لبناننا .. لبنانهم لبنان الفوضى والخراب والدمار والفقر واللادولة، فيما لبناننا النظام والعمران والتقدم والحضارة والبحبوحة، والدولة.. لبنانهم كله بسبيل إيران وحزب الله بيهون.. لبنانهم الدولة التي تتفكك، والمؤسسات التي تنهار، والتحالف مع أفشل الفاشلين، وأفسد الفاسدين وتغطية فسادهم، والمشاركة فيه لحماية ما يسمونها المقاومة".
وشدد رئيس "القوات اللبنانية": "لن نقبل مهما حصل أي تغيير في وجه لبنان، أو في دوره ورسالته وهويته، كما لن نقبل البتة أن يصبح بلدنا غريبا، ومعزولا عن بيئته العربية، أو عن المجتمع الدولي، و سنواجه أي مشروع يريد جره (لبنان) إلى مكان لا يشبهه، ولا علاقة له لا بماضيه ولا بتاريخه، ولا بطبيعة أهله ويهدد وجوده ومستقبل شعبه"، بحسب جعجع، الذي أضاف :"لن نرضى بطمس تاريخ لبنان من قبل أحد وتحويره ليتناسب وأيديولوجيته ونظرياته، أو أن يتلاعب بالخصوصية اللبنانية، ويقفز فوق حقائق التاريخ والجغرافيا".
جعجع: نريد رئيساً غير خاضع لميليشيا حزب الله:
ومع بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد، قال جعجع: "نحن أمام استحقاق رئاسي مصيري وحاسم بين البقاء في الأزمة أو بداية خروجنا منها: أي إما البقاء في النفق والموت في جهنم تحت الأرض، وإما الخروج منه نحو الضوء والنور والحياة".
وتحدث عن مواصفات الرئيس القادم للبلاد، قائلا: "نريد رئيسا غير خاضع لمليشيات غير شرعية، خاضعة لدولة خارجية، ويدافع عن سيادتنا ويستعيد لنا كرامتنا ويعيد القرار الاستراتيجي للدولة بدلا أن يساعد في إبقائه خارجها، وأن يكون إصلاحيا لا متفرجا على الفساد، ويحارب بكل قوته من أجل إصلاح مؤسساتنا واقتصادنا لا تعطيلها، و لن نقبل بست سنوات شبيهة بالتي مرت، ولن نرضى برئيس منهم، بل نريد رئيسا قادرا على تغيير كل ما عشناه في هذا العهد، وكسر المعادلة التي أرسيت بسبب حكمهم".
وأضاف: "نريد رئيسا قويا، ولو أن البعض يعتبر أن نظرية الرئيس القوي قد سقطت، فالرئيس الحالي ليس رئيسا قويا بل أضعف رئيس في تاريخ لبنان، باعتبار أنه خاضع وخانع، وقد ضحى بشعبه ووطنه خدمة لمصالحه الشخصية".
وفي رأيه فإن "عملية الإنقاذ لن تتحقق إلا برئيس مواجهة إنقاذي، وهنا تقع المسؤولية كاملة على المجلس النيابي الذي سينتخب رئيسا جديدا للجمهورية، علما أنه حان وقت تحديد المسؤوليات بشكل دقيق وواضح، بعيدا من العموميات والتعميم وتجهيل الفاعل، كما دائما، والتهرب من المسؤولية".
وفي هذا الصدد، أوضح أن البعض كي يتهرب من مسؤولياته يعتبر أن الاستحقاق الرئاسي اللبناني مرتبط بتوازنات المنطقة وبمفاوضات الملف النووي في فيينا، ولكن الحقيقة أن الانتخابات الرئاسية لا تقررها إرادات خارجية، كما أنها ليست نتيجة معادلات إقليمية ودولية، بل هي نتاج إرادة داخلية وطريقة تصويت الـ128 نائبا في البرلمان اللبناني".
الرئيس الإصلاحي هو الخطوة الأولى في إنقاذ البلاد:
و شدد جعجع على أن "الخطوة الأولى على طريق الإنقاذ هي إيصال رئيس جمهورية إنقاذي"، توجه جعجع إلى "كل الكتل النيابية المعارضة وهي؛ كتلة اللقاء الديمقراطي، وحزب الكتائب، والنواب التغييريين، ونواب الشمال الاعتدال الوطني، وكتلة التجدد، ونواب صيدا، ووطن الإنسان، وللنواب المستقلين الآخرين فردا فردا، مسؤولية إيصال الرئيس الإنقاذي مسؤوليتنا، وإلا نخون الأمانة".
واعتبر أن "إيصال رئيس جمهورية إنقاذي يوقف كليا ممارسات المنظومة الحاكمة، ويبدأ صفحة جديدة في حياة الدولة اللبنانية وشعبها، بدلا من الاستمرار في لعن ظلام المنظومة الحاكمة ومحور الممانعة".

البرلمان اللبناني بدأ بالتحضير للبحث عن مرشح إنقاذي لرئاسة الجمهورية:
اذ أعلن النائبان ملحم خلف وميشال دويهي، عن وثيقة المبادرة، باسم التكتل وبحضور ومشاركة نواب قوى التغيير وبينهم؛ إبراهيم منيمنة، إلياس جرادي، بولا يعقوبيان، حليمة القعقور، رامي فنج، فراس حمدان، ملحم خلف، ميشال دويهي، نجاة عون.
وبشأن الخطوة التالية للمبادرة، قال التكتل: "سنبدأ بعقد سلسلة من المشاورات الشعبية والسياسية لعرض هذه المبادرة، في لبنان وفي الاغتراب، بدءًا بالأحزاب والمجموعات والشخصيات التي تؤمن بمرجعية 17 تشرين، وصولاً إلى كافة القوى، بهدف الوصول إلى اتفاق على اسم الشخصية الإنقاذية التي تتوافر فيها المعايير والشروط المطلوبة، وتحظى بأوسع دعم نيابي ممكن".
وأعلن التكتل أنّ "الخطوة الكبرى الفاصلة الحاسمة التغييرية هي في الاستحقاق الرئاسي المُقبل؛ بانتخاب رئيس جديدٍ للجمهورية على قدر آمال وتطلعات اللبنانيين، ومسار التغيير يبدأ من هنا، ومن خلال هذا الرئيس الجديد نبدأ صفحة جديدة وننطلق معه في استرداد الدولة بمفاهيمها الواسعة.
وفي ظل التوازنات الهشة داخل المجلس النيابي والتي نتجت من الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مايو/أيار الماضي، يبدو من الصعب تأمين نِصاب قانوني لجلسة انتخاب رئيس (حضور 86 نائباً) من دون التوصل إلى نوع من الاتفاق أو لتسوية معينة بين العدد الأكبر من الكتل النيابية.
وما لم يتم هذا الاتفاق، فستكون البلاد على موعد مع تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية الأخيرة حينما شهدت البلاد فراغا رئاسياً استمر عامين ونصف عام، نتيجة تعطيل "حزب الله" وحلفائه النصاب قبل التوصل لتسوية أدت إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا.

الإنقاذ.. و الفرصة الأخيرة:
لا شكّ أن الطبقة السياسية في لبنان، و الممثلة بالبرلمان اللبناني الذي يجمع كافة القوى السياسية في لبنان، تقف اليوم أمام استحقاق خطير و محوري في تاريخ الجمهورية اللبنانية، إذ أن القانون اللبناني يعطي مهمة انتخاب رئيس الجمهورية للبرلمان، على اعتبار ان البرلمان يمثل الشعب، و بالتالي فإن النواب الذين يمثلون صوت الشعب، يقومون بانتخاب رئيس الجمهورية بالنيابة عن المواطنين.
و لا شك في أن الشعب اللبناني، قد أخذ فرصته في الانتخابات البرلمانية التي جرت منذ حوالي الثلاثة أشهر، حيث انتجت الانتخابات ذات الطبقة السياسية التي كانت تحكم منذ ما يقرب ثلاثين عاماً، مع تغيير بسيط تمثّل في وصول بعض النواب المستقلين و التغييريين إلى مقاعد البرلمان.
و إذ يضع اللبنانيون اليوم، و معهم المجتمع الدولي و أصدقاء لبنان العرب و الأجانب، البرلمان اللبناني نُصب أعينهم لمعرفة أيّ رئيس سيختاره أعضاء البرلمان في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ لبنان، تسعى إيران و معها النظام السوري و حزب الله إلى توجيه لبنان نحو فراغٍ رئاسيّ، أو الدفع باتجاه انتخاب رئيس موالي لسوريا و إيران و حزب الله، على غرار ميشال عون و بالتالي يبقى البلد قابعاً تحت القبضة الإيرانية.
و تبقى الفرصة الوحيدة المتبقية أمام لبنان، تكمن في توافق النواب المعارضين للمحور السوري الإيراني و تقديم مصلحة البلاد على المصالح الشخصية، و تشكيل جبهة سيادية موحدة قادرة على إيصال رئيس جمهورية مستقل و غير خاضع لميليشيا حزب الله.
و يبقى السؤال الأهم الذي يطرح نفسه بقوة في هذا الوقت العصيب في حياة بلاد الأرز هو:
هل ستُسهم الطبقة السياسية التي أوصلت لبنان إلى الانهيار في مساعدته للنهوض مجدداً؟
و هل سيكون الذين أوصلوا لبنان إلى الخراب هم نفسهم من يضعون لبنان في طريق الإصلاح من جديد؟، أي هل سيُسهم توحيد القوى السياسية في وجه حزب الله و حلفائه في تشكيل قيادة سياسية لبنانية تأخد بلبنان إلى مرحلة جديدة من السيادة و النمو و الإزدهار؟!.
