شبح نقص الغاز الروسي يُرعب أوروبا .. ألمانيا تدعو للتقشف في استهلاك الطاقة

news image

مروة شاهين - بث: 
قال كلاوس مولر، رئيس جهاز تنظيم شبكات الطاقة في ألمانيا، إن على المستهلكين في ألمانيا توفير ما لا يقل عن 20 بالمئة من استهلاكهم للطاقة لتجنب نقص الغاز بحلول ديسمبر بسبب انخفاض واردات الغاز الروسي.
وخفضت شركة "غازبروم" الروسية تدفقات الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" إلى 20 بالمئة من طاقته مما يزيد الضغط على أكبر اقتصاد في أوروبا لتوفير الغاز لفصل الشتاء.
وقال مولر إن على ألمانيا أيضا خفض صادراتها من الغاز إلى الدول المجاورة 20 بالمئة واستيراد ما بين 10 و15 غيغاوات ساعة من الغاز لتجنب النقص.
ورفعت ألمانيا الشهر الماضي المستوى المستهدف من الكميات المخزنة للخريف إلى 75 بالمئة بحلول الأول من سبتمبر و85 بالمئة بحلول الأول من أكتوبر و95 بالمئة بحلول الأول من نوفمبر وطبقت تدابير لتوفير الطاقة.
ووفقا لخطة الحكومة للطوارئ في قطاع الغاز سيتم إعطاء الأولوية للمنازل في حالة حدوث أزمة في إمدادات الغاز ولكن مولر قال إن إعطاء الأولوية لا يعني أن الأسر يمكن أن تستخدم الغاز بشكل مفرط في هذه الحالة.
وأضاف مولر "من أجل تأمين الوظائف، أعتقد أن إجراءات التقشف للمنازل أمر مشروع".
و في سياق متصل، صرح وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك بأن الحكومة الألمانية سوف تضمن الإمداد بالغاز في ألمانيا بكل الوسائل. وقال هابيك للقناة الثانية بالتليفزيون الألماني (زد دي إف) في تصريحات تم بثها مساء الأربعاء ردا على سؤال عن حدوث انهيار محتمل بالسوق، بأن ذلك لن يحدث، وأضاف: «هذه الآن هي لحظة قول إنه مهما كلف الأمر لن يحدث ذلك».
وبالنظر إلى خطر التعطل التام لإمدادات الغاز الروسية، أكد هابيك: «يجب ألا نقف مذهولين بجانب ما يحدث»، لافتا إلى أنه تم النجاح في النهاية في الحفاظ على أمن الإمدادات في ألمانيا على الرغم من انخفاض إمدادات الغاز الروسي بنسبة 60 في المائة، ولكنه أكد أنه يجب أن يستعد المواطنون لأسعار إمداد باهظة في الشتاء، وشدد على ضرورة الادخار في مواجهة ذلك.
و قال البنك الدولي أن البلدان الأشد تأثرا في أوروبا الوسطى والشرقية – هنغاريا والجمهورية السلوفاكية والجمهورية التشيكية – تواجه مخاطر نقص الإمدادات بنسبة تصل إلى 40% من استهلاك الغاز، وانكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 6%. غير أن هذه التأثيرات يمكن تخفيفها عن طريق تأمين إمدادات ومصادر طاقة بديلة، وتخفيف الاختناقات في البنية التحتية، وتشجيع توفير الطاقة، مع حماية الأسر الضعيفة والتوسع في اتفاقات التضامن لاقتسام الغاز بين البلدان. 
هناك تباين كبير فيما بين البلدان من حيث الاعتماد على روسيا للحصول على الغاز وعلى مصادر الطاقة الأخرى.
وقد تمكنت البنية التحتية الأوروبية والإمدادات العالمية حتى الآن من التكيف مع هبوط عمليات تسليم الغاز بنسبة 60% منذ يونيو 2021. وانخفض الاستهلاك الكلي في الربع الأول بنسبة 9% عن العام السابق، ويجري الاستعانة بإمدادات بديلة، وخاصة الغاز الطبيعي المسال من الأسواق العالمية.
و تشير ابحاث البنك الدولي إلى إمكانية التعامل مع انخفاض إمدادات الغاز الروسي بنسبة 70% على المدى القصير عن طريق الإمدادات ومصادر الطاقة البديلة، وفي ظل انخفاض الطلب قبل ذلك نتيجة لارتفاع الأسعار.
ويفسر هذا قدرة بعض البلدان على وقف الواردات الروسية بصورة منفردة. غير أن تنويع المصادر سيكون أصعب بكثير في حالة الوقف التام. فمن الممكن أن تؤدي الاختناقات إلى الحد من القدرة على تحويل مسار الغاز داخل أوروبا بسبب عدم كفاية الطاقة الاستيرادية أو العقبات المعوقة للنقل. وتقود هذه العوامل إلى نقص يتراوح بين 15% و40% من الاستهلاك السنوي في بعض بلدان أوروبا الوسطى والشرقية.
و يضيف تقرير البنك الدولي انه اذا ظلت أسواق الاتحاد الأوروبي موحدة سواء داخليا أو مع بقية العالم، يشير منهجنا القائم على السوق الموحدة إلى أن السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال ستساعد على تخفيف التأثيرات الاقتصادية. ويرجع هذا إلى أن تخفيض الاستهلاك موزع على كل البلدان المتصلة بالسوق العالمية. وعلى طرف النقيض، ومع افتراض عدم وجود دعم من إمدادات الغاز الطبيعي المسال، يتضخم التأثير، فيتعين أن تعمل أسعار الغاز بالغة الارتفاع عن طريق تأثيرها الكابح للاستهلاك في الاتحاد الأوروبي فقط.
وإذا كانت هناك قيود مادية تعوق تدفقات الغاز، فإن منهج الأسواق المفتتة يشير إلى أن التأثير السلبي على الناتج الاقتصادي سيكون كبيرا للغاية، يصل إلى 6% بالنسبة لبعض البلدان في أوروبا الوسطى والشرقية حيث يُستخدَم الغاز الروسي بكثافة كبيرة وتشح الإمدادات البديلة، ولا سيما في هنغاريا والجهورية السلوفاكية والجمهورية التشيكية. وستواجه إيطاليا تأثيرات كبيرة أيضا بسبب ارتفاع مستوى اعتمادها على الغاز في إنتاج الكهرباء.
وستكون الآثار على النمسا وألمانيا أقل حدة ولكنها تظل كبيرة، تبعا لمدى توفر مصادر بديلة ومدى القدرة على تخفيض استهلاك الغاز من جانب الأسر. وستكون الآثار الاقتصادية معتدلة، ربما أقل من 1%، بالنسبة لبلدان أخرى تمتلك سبلا كافية للوصول إلى الأسواق الدولية للغاز الطبيعي المسال.
والبلدان التي تشجع الأسر ومنشآت الأعمال بالفعل على توفير الطاقة تتضمن إيطاليا، حيث تفرض الحكومة مستويات دنيا وقصوى للتدفئة والتبريد. كذلك تتضمن خطة المفوضية الأوروبية REPowerEU تدابير لحفظ الطاقة والحد من الاعتماد على الوقود الروسي.
غير أن الفجوة بين الطموح والواقع لا تزال قائمة. ويوضح بحث للصندوق قيد الإصدار أن كثيرا من البلدان اختارت سياسات تحد بقوة من انتقال أسعار الجملة إلى المستهلكين. وهناك بديل أفضل يتمثل في السماح بتمرير الأسعار بدرجة أكبر لتحفيز حفظ الطاقة مع تقديم تعويض موجه إلى الأسر التي لا قِبَل لها بتحمل ارتفاع الأسعار.
ويجب على الحكومات أن تعزز الجهود لتأمين الإمدادات من الأسواق العالمية للغاز الطبيعي المسال والمصادر البديلة، ومواصلة تخفيف اختناقات البنية التحتية لاستيراد الغاز وتوزيعه، والتخطيط لمشاطرة الإمدادات عبر الاتحاد الأوروبي في حالة الطوارئ، والتحرك الحاسم لتشجيع وفورات الطاقة مع حماية الأسر الضعيفة، والتأهب للبرامج الذكية التي تحدد حصصا للغاز.