السعودية.. مناقشة النمو الاقتصادي والاستدامة المالية في فترة ما بعد الجائحة

news image

بث - عقد مركز التواصل والمعرفة المالية “متمم” (مبادرة وزارة المالية) بالتعاون مع جمعية الاقتصاد السعودية، الأربعاء 11ربيع الأول 1442هـ الموافق 28 أكتوبر 2020م، لقاءً افتراضيًا بعنوان” النمو الاقتصادي والاستدامة المالية في فترة ما بعد الجائحة” ، وذلك ضمن جهوده في الإثراء المعرفي في الجانب المالي والاقتصادي، والذي ناقش تأثير الجائحة على النمو الاقتصادي العالمي والاستدامة المالية، وأبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي.

وشارك في اللقاء الدكتور/ سعد الشهراني، وكيل وزارة المالية للسياسات المالية الكلية، ونائب رئيس مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية، والسيد/ تيم كالن، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في المملكة، والدكتور/ خالد السويلم، رئيس مجلس إدارة شركة أشمور السعودية للاستثمار وعضو مجلس إدارة مجموعة سامبا المالية، والدكتورة/ نوف الشريف، اقتصادي أول ونائب الرئيس في إدارة الأبحاث شركة جدوى للاستثمار، وأدار اللقاء الأستاذ/ محمد البيشي، الصحفي الاقتصادي.

وخلال اللقاء أكد الدكتور/ سعد الشهراني أن الاقتصاد العالمي لم يتعرض لأزمة شبيهة في تاريخنا الحديث بهذه الجائحة حيث أحدثت شلل كامل في كافة مفاصل اقتصادات الدول، ولم تنجو أي دولة من انتشار الوباء لديها أو تبعات الأزمة، مشيراً إلى أنه إضافة إلى الجائحة الصحية والبشرية، تأثرت ظروف الاقتصاد العالمي بصدمات على جانبي الطلب والعرض في نفس الوقت حيث يتطلب ذلك متابعة دقيقة للنظام المالي العالمي للتأكد من اتباع الاشتراطات ومعايير السلامة للحفاظ على استقرار النظام المالي وعدم التعرض لأزمات جديدة، وعلى الصعيد المحلي أكد الدكتور/ الشهراني إلى أن حكومة المملكة اتخذت عدداً من الإجراءات لإعادة ترتيب أولويات الانفاق وإحداث خفض في بعض النفقات لتمويل الالتزامات الإضافية الأخرى، وإيجاد مصادر إيرادات منتظمة ومستدامة لتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية في ضوء تقلبات الأسواق، للوفاء بالمستهدفات المالية في الميزانية، والقدرة على الاستمرار في تمويل المشاريع الاجتماعية والتنموية، وأشار إلى أنه على الرغم من توقع زيادة في عجز الميزانية هذا العام بشكل أكبر، وتراجع في معدلات النمو الاقتصادي، فإن التقديرات الحالية تشير إلى أنها ستكون أقل حدة مما كان متوقعاً في البداية، كذلك بالمقارنة الدولية مع الدول الأخرى، وأن الاقتصاد في طريق التعافي وهو ما توضحه المؤشرات الاقتصادية الرئيسة.

وأوضح الشهراني أن الدور القيادي للمملكة ساهم في تحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية مما ترتب عليه قيام المملكة مع دول أوبك+ بخفض الإنتاج من النفط لمواجهة النقص في الطلب العالمي، وهو ما أدى إلى تراجع نمو الناتج المحلي النفطي الحقيقي خلال هذا العام، الا أنه صاحب ذلك تحقيق قدر من الاستقرار في الأسواق العالمية انعكس على مستويات الأسعار، أما القطاع غير النفطي فقد كان للجائحة وما تبعها من إجراءات لغلق الأنشطة أثر على تراجع حاد في النشاط الاقتصادي، وبالتالي في معدلات نمو الناتج غير النفطي الحقيقي خاصة في الربع الثاني، حيث قامت حكومة المملكة بمواجهة ذلك بمجموعة شاملة من السياسات للحد من انتشار الوباء ومساندة وتحفيز النشاط الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار المالي. وأضاف أن المملكة تتمتع بوجود حجم احتياطيات قوي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي ،كما أن الحكومة تتمتع بوجود احتياطيات نقدية كصمام أمان لمواجهة الأزمات، ويتوقع أن تبلغ في نهاية العام نحو 346 مليار ريال أو ما يعادل 14% من الناتج المحلي الإجمالي.

من جهته أكد السيد/ تيم كالن أن للجائحة تأثيرات كبيرة التي أودت بحياة أكثر من مليون شخص حول العالم منذ بداية العام، كما عانى الكثير من المرض والفقر، ومن المتوقع أن يكون يتأثر النمو العالمي هذا العام ليصل إلى 4.4-%، مشيراً إلى أنه كان يتوقع الصندوق أن العام 2020 سيشهد نمواً اقتصادياً بنسبة 3%، لكن الآن ومع هذه الجائحة سوف نحتاج لسنوات طويلة للوصول لمرحلة التعافي، مؤكداُ أنه لم يكن هناك تناقضات في توقعات صندوق النقد لكن جائحة كورونا تسببت في تغييرات كبيرة كانت كفيلة بتضارب الأرقام والمؤشرات الاقتصادية حول العالم، منوهاً بسرعة الاستجابة السريعة والسياسية القوية من الحكومات على وضع أرضية للاقتصاد العالمي، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية.

وأشاد الدكتور/ خالد السويلم بنجاح المملكة في المحافظة على الوظائف في القطاع الحكومي، مشيراً إلى إن رفع كفاءة الأجهزة الحكومية الذي حصل خلال السنوات الخمس الماضية من خلال برامج التحول ورؤية المملكة 2030 قد ساهم بشكل جذري في قدرة الأجهزة الحكومية على هذا التفاعل السريع في مواجهة الأزمة، وقد نجحت حكومة المملكة في المحافظة على درجة معقولة من التوازن المالي بين الإيرادات والمصروفات بالرغم من تراجع أسعار النفط مما شكّل دعماً بالغ الأهمية لاحتياطيات الدولة من العملة الأجنبي

ومن ناحية أخرى أشارت الدكتورة/ نوف الشريف إلى أن أحد أكبر التحديات للتعافي من الجائحة يكمن في المخاطر المتعلقة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة والمحافظة على استمراريتها في هذه الظروف التي قد تكون أكبر من قدرتها على التكيف. أما بشأن المخاطر أمام التعافي الاقتصادي فتكمن في عدم التوصل إلى لقاح خلال العام القادم، أو تفاقم الحالات بشكل أكبر من خلال موجات جديدة. لذلك فإن سرعة التوصل إلى لقاح وتوزيعه في وقت جيد بين مختلف أنحاء العالم بشكل أسرع، قد يسرع من التعافي والعودة إلى الحياة ما قبل الجائحة، وأوضحت الدكتورة الشريف أن التنويع الاقتصادي يهدف إلى تنويع القاعدة الاقتصادية المحلية عن طريق خلق قطاعات جديدة أو تنمية قطاعات متنوعة مناسبة للاقتصاد المحلي ومزاياه النسبية، وذلك بهدف تنويع الصادرات، وتنمية القطاعات الاقتصادية المحلية وتنويعها، حيث تخلق القطاعات الجديدة والمطورة فرص عمل جديدة لم تكن متاحة في السابق والعديد من برامج الرؤية المختلفة تعمل على تحقيق هدف التنويع الاقتصادي.،مثل : برنامج صندوق الاستثمارات العامة، وبرنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية وبرنامج جودة الحياة.