إيران: النظام الذي انقلب على من أوجده

news image

 

 📘 تقرير خاص – إعداد وتحليل: إدارة الإعلام الاستراتيجي وكالة BETH الإعلامية

🧭 مدخل تاريخي: كيف بدأ كل شيء؟

عام 1979، شهد العالم واحدة من أكثر الثورات غموضًا وتشعبًا في أهدافها: الثورة الإسلامية في إيران، والتي أطاحت بسلطة الشاه محمد رضا بهلوي، الحليف الأقرب للغرب، لا سيما للولايات المتحدة.

لكن السؤال العميق الذي لا يزال يتردد منذ 46 عامًا: هل كانت الثورة الإيرانية ولادة طبيعية؟ أم عملية قيصرية بتخطيط خارجي؟

 

👑 نظام الشاه: ماضٍ ملكي بواجهة غربية

كان نظام الشاه يمثل ذروة المشروع الغربي في إيران: تحديث سريع، علاقات إستراتيجية مع إسرائيل وأميركا، اقتصاد ريعي، ونخب علمانية. لكن خلف هذا الوهج، كانت هناك أزمة شرعية داخلية، وفجوة متسعة بين النخبة والشعب، واستياء ديني متصاعد من رجال الدين الشيعة.

 

🧕 من هو الخميني؟

الخميني - كما يًطلق عليه تابعيه؛  (روح الله الموسوي الخميني) وُلد في مدينة خُمين عام 1902. درس في الحوزة الشيعية وبرز كأستاذ في الفقه والأصول. عُرف بصرامته الدينية وعدائه الصريح للشاه. طُرد من إيران في الستينات، وتنقّل بين العراق ثم فرنسا (مدينة نوفل لو شاتو)، حيث لعب هناك الدور المحوري في تأجيج الثورة.

📌 المفارقة الكبرى: السماح للخميني بمخاطبة الداخل الإيراني من باريس يوميًا عبر أشرطة الكاسيت، يُعد من أوضح علامات التسهيل الغربي غير المباشر لوصوله إلى السلطة.

 

🔄 كيف سقط الشاه؟ وكيف صعد النظام الجديد؟

الاحتجاجات بدأت في قم (يناير 1978) ثم انتشرت بسرعة

الشاه تردد في استخدام القوة المفرطة، وتخلى عنه أقرب حلفائه

غادر إيران في يناير 1979 تحت ما سُمّي "إجازة طبية"

عاد الخميني في فبراير وسط استقبال شعبي ضخم

تم إسقاط الحكومة الملكية وتشكيل "مجلس قيادة الثورة"

أجري استفتاء شعبي في أبريل 1979 أسّس الجمهورية الإسلامية

🎯 الهدف المعلن: بناء نظام أطلق عليه (إسلامي) بديل للفساد الغربي والشاهنشاهي 🎯 الهدف المضمَر بحسب بعض التحليلات الغربية: ضرب الشيوعية ومنع تمددها عبر "نظام ديني متشدد منعزل، .. و خرجت الأمور عن سيطرة من صنع المشهد!

🔁 المفارقة التاريخية الصادمة: النظام الذي أُنشئ ليقف في وجه الشيوعية، أصبح اليوم أحد أكبر حلفاء القوى الشيوعية القديمة؛ روسيا والصين.

 

🧠 من جهّز النظام؟

وفقًا للعديد من الدراسات:

المخابرات الغربية (خاصة الاستخبارات الفرنسية والبريطانية) لم تعارض صعود الخميني

الولايات المتحدة كانت تبحث عن بديل يحفظ التوازن بعد تآكل شرعية الشاه

التيارات الدينية الشيعية في الداخل والخارج لعبت دورًا حاسمًا في تقديم الخميني كرمز مخلّص

لكن… بعد استتباب الحكم، قام النظام الإيراني الجديد بما يشبه الانقلاب على من دعم صعوده:

طرد كل التيارات الليبرالية والعلمانية

احتجز موظفي السفارة الأميركية

قطع العلاقات مع إسرائيل

 

🔮 هل سينتهي النظام الحالي؟

النظام يعيش تحديات داخلية غير مسبوقة:

شرخ عميق بين الجيل الشاب والمؤسسة الدينية

مظاهرات متكررة تقودها النساء وطلاب الجامعات

اقتصاد منهك بفعل العقوبات والفساد الداخلي

صراع داخلي بين جناح المحافظين المتشددين وجناح براغماتي يبحث عن تخفيف العزلة

🔻 رغم القبضة الحديدية، إلا أن المؤشرات البنيوية تدل على أن النظام بات على حافة التحول:

إما تغيير من الداخل (بقيادة الحرس الثوري)

أو انهيار تدريجي يُمهّد لنظام جديد

 

👥 من البديل؟

التيار الملكي (نجل الشاه رضا بهلوي) لا يزال ينشط إعلاميًا لكنه ضعيف شعبيًا

المعارضة الإصلاحية داخل إيران تُقمع بشدة

الحراك المدني النسوي والطلابي يزداد زخمًا لكنه بلا قيادة موحدة

إذا حدث التحول، فالأرجح أنه سيكون:

تغييرًا داخليًا من داخل أجهزة الدولة نفسها (الحرس الثوري، مجلس الخبراء) أو مفاجأة شعبية تفرض قيادة جديدة عبر تراكم الغضب الوطني

 

❓ وماذا عن من جَهّزوا الخميني؟

الدوائر التي دعمت الخميني قد لا تكون راضية عمّا انتهى إليه المشهد:

إيران أصبحت قوة إقليمية صاعدة تهدد التوازن

تحالفت مع خصوم الغرب (روسيا – الصين)

تدير أذرعًا عسكرية غير رسمية في دول عدة

وبالتالي، فإن مَن صنع الثورة… قد يسعى لإعادة هندستها من جديد، عبر أدوات جديدة وأسماء أقل تطرّفًا.

 

🛡️ دور إسرائيل… ورغبة الحسم

لا يمكن تجاهل دور إسرائيل المتسارع في توجيه ضربات استراتيجية للنظام الإيراني، سواء عبر ضربات جوية لمواقع نووية، أو عمليات اغتيال رمزية لقيادات حرسية واستخباراتية.

إسرائيل ترى في انهيار نظام الملالي ضرورة وجودية، وربما تُسهم – بشكل غير مباشر – في تسريع المرحلة النهائية من تفكيك هذا النظام.

 

🧩 خاتمة رمزية – BETH

في البدء، استُدعي من نُفي… على طائرة كتب على بابها: الشرعية البديلة. دخل الخميني، ومعه كل الشياطين المحجّبة بالثورة. وعندما خرج النظام عن النص، حاول الكتّاب أنفسهم إسقاط القلم… والبدء بسيناريو جديد.

لكن…

✍️ من يكتب التاريخ بالحبر الغربي، قد يُفاجأ أن الصفحة تحترق من أول سطر فيها.

🔥 من نظام يُقدّس القبور، إلى نظام يقدّس النار… من قبر الولي إلى نار زرادشت… تتبدّل الطقوس، لكن المعبد هو نفسه: تحكمه قوة أجنبية، ويحرسه جهل محلي.

📜 وما بين قبر شاه محترق… ومرشد لم يفهم أن المشهد ليس له، تقف إيران اليوم أمام الكاميرا، لا لتؤدي مشهد النهاية… بل لتدخل فصلًا جديدًا من دراما الخديعة الكبرى.

🧭 خاتمة مفتوحة – خط الرجعة

لقد أُتي بنظام الملالي ليكون جدارًا في وجه الشيوعية، فإذا به يبني جسورًا مع من جاء ليعاديهم. واستُخدم الدين لتخليص الناس من الاستبداد، فإذا به يتحول إلى سلطة لا تُسأل ولا تُحاسب.

لكن السؤال الأهم اليوم ليس عن الماضي فقط…

✍️ هل استوعب من أتى بالنظام الدرس؟

هل سيكون النظام القادم نقطة تحوّل حقيقية، لا مجرد قناع جديد لوجوه قديمة؟

هل تشهد إيران يومًا ولادة دولة عصرية، تؤمن بالتعدد والشفافية، وتحترم الإنسان أكثر من الطقوس؟

وهل يمكن لبقعةٍ طالما احترفت التآمر… أن تصبح مركزًا للحضارة، لا مثارًا للخوف؟

ربما… لكن الأكيد أن من يزرع شرارة في أرض ملتهبة، لا يملك دائمًا حق اختيار النار التي تشتعل بعدها.