في إسرائيل.. "جيش بلا إجماع"

تقرير BETH: أزمة تجنيد الحريديم تهز الحكومة الإسرائيلية
🔸 "إسرائيل: شعب لا يريد الجيش"
BETH – تحليل استراتيجي | 11 يونيو 2025
في قلب إسرائيل، حيث تلتقي القومية بالتقاليد، تعصف أزمة قديمة – جديدة بالمشهد السياسي والعسكري:
هل يخدم الحريديم في الجيش؟ أم يستمر الإعفاء باسم الدين؟
السؤال لم يعد اجتماعيًا فقط، بل تهديد مباشر لاستقرار حكومة نتنياهو التي تقف على حافة الانهيار.
🧨 جذور الأزمة: إعفاء ديني أم امتياز طبقي؟
يعود الإعفاء التاريخي للحريديم من الخدمة العسكرية إلى عام 1948، حين قرر ديفيد بن غوريون إعفاء 400 طالب ديني "لحماية التقاليد اليهودية بعد المحرقة".
لكن ما كان استثناءً تحوّل مع العقود إلى قاعدة، خاصة مع ارتفاع أعداد الحريديم، الذين يمثلون اليوم أكثر من 13% من سكان إسرائيل، في طريقهم إلى ثلث السكان خلال 40 عامًا، بفعل معدلات الإنجاب المرتفعة.
⚔️ من هم الحريديم؟ وماذا يريدون؟
الحريديم (بالعبرية: חרדים) هم التيار اليهودي الأرثوذكسي المتشدد، الذين يرون في دراسة التوراة غاية الحياة، ويعيشون في مجتمعات مغلقة اجتماعيًا واقتصاديًا.
لا يعمل معظم رجالهم
لا يخدمون في الجيش
يعيشون على الإعانات والتبرعات
تعتبرهم الدولة “خزانًا انتخابيًا” للأحزاب الدينية
مطلبهم الأساسي: الإبقاء على الإعفاء الكامل من الخدمة العسكرية، بل وترسيخه في قانون جديد يمنع المساس بـ"نمط حياتهم الديني".
🏛️ أحزاب متزمتة… تُمسك برقبة الحكومة
الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو يضم حزبين دينيين متشددين:
يهودوت هتوراه
شاس
ويُعد هذان الحزبان القوة السياسية التي تُسيطر على القرار الديني والاجتماعي في إسرائيل.
تهديدهم الحالي واضح:
"إما قانون يُبقي الإعفاء… أو سنُسقط الحكومة."
🔥 تصاعد الغضب الشعبي
مع اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، وارتفاع عدد الجنود الإسرائيليين القتلى، تصاعدت الأصوات في الشارع الإسرائيلي:
لماذا يذهب أولادنا للحرب بينما يبقى الحريديم في بيوتهم؟
هل التوراة تُعفي من معارك "وجودية"؟
نحو 300 ألف جندي احتياط تم استدعاؤهم، والضغط الشعبي بلغ ذروته، وأكدت استطلاعات الرأي أن غالبية الإسرائيليين يطالبون بإنهاء الإعفاء الفوري.
⚖️ المحكمة العليا تتدخل
في 2024، أمرت المحكمة العليا وزارة الدفاع بوقف الإعفاءات وبدء تجنيد الحريديم، ما وضع الحكومة في مأزق مزدوج:
بين تنفيذ حكم القضاء
والحفاظ على بقاء الحكومة عبر إرضاء الأحزاب الدينية
🧠 تعليق BETH:
الدولة التي تتباهى بأنها “جيش الشعب”… تصطدم بـ”شعب لا يريد الجيش”.
أزمة الحريديم تكشف التناقض البنيوي في إسرائيل:
دولة ديمقراطية تُدار بأحزاب دينية… ومجتمع علماني يُمول مجتمعًا رافضًا للمشاركة.
📌 خلاصة استراتيجية
الحريديم ليسوا مع الحكومة بقدر ما هم مع امتيازاتهم.
لا يدعمون فكرة “السلام” إذا تعارضت مع ثوابتهم الدينية.
تأثيرهم على النظام الحاكم أقرب إلى “فيتو ديني”، يُعطّل التشريعات ويبتز التحالفات.
أي انهيار للائتلاف قد يُعيد إسرائيل إلى انتخابات جديدة، تزيد من هشاشة المشهد السياسي.
🎭 سؤال مفتوح للمرحلة القادمة:
هل تبقى إسرائيل رهينة تحالفات دينية؟ أم تتحوّل إلى دولة لكل مواطنيها… بسلاح واحد؟
🕍🪖 هل تحكم إسرائيل… بوصايا الرب؟ أم بطموحات الجنرالات؟
في ظاهرها، تبدو الحكومات الإسرائيلية متعاقبة على الحكم من موقع "العلمانية العسكرية"،
لكن حين يُدقّق في شعاراتها التوسعية… نجدها تُبرّر الاحتلال والضمّ والتوسع استنادًا إلى نصوص دينية، لا إلى قوانين دولية.
هذا التناقض البنيوي يُظهر أن إسرائيل ليست دولة علمانية صافية، ولا دينية خالصة، بل كيان يتقاطع فيه السلاح مع الإيمان، لا بوئام… بل بعداء داخلي.
🧠 لا يمكن للعقل الجمعي أن يتقبل فكرة:
"نحتل أراضي الغير، تنفيذًا لوعد إلهي… لكن نحكم بقوانين مدنية!"
🕊️ وماذا عن السلام؟
السؤال الأكثر إرباكًا:
ما موقف الأحزاب الدينية – خاصة الحريديم – من السلام؟
هل لديهم إرادة دينية حقيقية للسلام؟
أم يسعون للسيطرة على الحكم مستقبلًا لفرض "سلامهم الخاص"؟
أم أن السلام ليس ضمن قاموسهم أصلًا، لأنه يتطلب اعترافًا بالآخر وحدودًا للوعد الإلهي؟
في واقع السياسة الإسرائيلية:
الأحزاب الدينية لا تدعم السلام الحقيقي… لأنها تعتبر كل أرض تحتلها إسرائيل هي "ملك توراتي".
والحكومات العلمانية لا تصنع السلام الكامل… لأنها تحتاج دعم تلك الأحزاب للبقاء في السلطة.
النتيجة؟
دائرة مغلقة من التناقض:
حكومات لا تؤمن بالسلام، وأحزاب تؤمن فقط بـ"الحق الإلهي بالتوسع".
🧠 تعليق BETH:
حتى لو تغيّر شكل الحكومة… فلن يتغيّر الجوهر.
فما دام القرار السياسي مرهونًا باتفاقات انتخابية لا عقائدية، وما دام السلام لا يجد له أصواتًا دينية ولا مدنية حقيقية،
فـ"إسرائيل المستقبل" قد تزداد ديمقراطية من الخارج… لكنها تزداد دينية من الداخل.