«تاكو»: تقلبات القرارات السياسية وأثرها على القادة – ترامب نموذجاً

📝 تقرير من إعداد إدارة الإعلام الإستراتيجي بوكالة BETH
ارتفعت في الآونة الأخيرة وتيرة تداول مصطلح “تاكو” بشكل لافت، خصوصًا في الإعلام الأمريكي الغير ودي تجاه الرئيس الحالي دونالد ترامب. يربط بعض المحللين بين معنيي “تاكو” وقرارات ترامب المتقلّبة، كأنهما وجهان لعملة واحدة أمام الرأي العام. لكن السؤال يبقى: هل يخص “تاكو” ترامب وحده، أم أنّ المؤثرين حول العالم يشاركونه هذه الظاهرة؟ تقرير “BETH” الموسّع يكشف عن أنّ ترامب مثّل الشخصية الأبرز لهذا الربط، لكن تأثير “تاكو” تجاوز حدوده إلى بورصات الرأي العام العالمية.
«تاكو»: تراجع السياسات وتأثيره على رئاسة ترامب
1. تعريف «تاكو»
مصطلح «تاكو» (كنايةً عن «قرارات قابلة للطي») يُستخدم لوصف السياسات أو القرارات التي تًعلن ثم التراجع عنها لاحقًا، كما لو أن القرار قد طُوِي وعُود إلى الوراء. يرتبط هذا المفهوم بسرعة تغيير المواقف، وغالبًا ما يشير إلى غياب التخطيط طويل الأمد وتسرُّع أصدر القرار الأولي.
2. أصول واستخدام المصطلح
المنشأ اللفظي:
المُصطلح مأخوذ مجازيًا من صورة تشبيهية: تمامًا كما يُطوى طعام «التاكو» ويُعاد تحريره، يصدر القرار ويتراجع عنه بعد فترة وجيزة.
الانتشار الإعلامي والاجتماعي:
ظهر المصطلح أحيانًا على منصّات التواصل كوسم نقدي للحِيْرات السياسية وسرعة التراجع، ولا سيما في عهد ترامب، حيث كان يُربط بسرعة تبدّل قراراته التنفيذية وتصريحاته العلنية.
3. نماذج «تاكو» في حقبة ترامب
خلال رئاسة دونالد ترامب (يناير 2017 – يناير 2021)، ظهرت عدة قرارات وصفها المتابعون بأنها «تاكو»، من بينها:
حظر السفر (Travel Ban)
القرار الأولي: أُصدر أمر تنفيذي في يناير 2017 يقضي بحظر دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة.
التراجع الجزئي: عقب موجة اعتراضات قضائية وشعبية، أعلن البيت الأبيض في فبراير 2017 تعديل قائمة الدول وتخفيف شروط الحظر.
النتيجة: رغم إصدار نسخة ثانية أكثر تقييدًا في مارس 2017، بقيت الصورة مخيبة للآمال، وأُعيدت التعديلات لاحقًا بصيغة جديدة في سبتمبر 2017. هذا التغيير المتكرر استنزف الثقة في قدرة الإدارة على التنبؤ بسياساتها.
الاعتماد على التراخيص التجارية للحكومة الفدرالية
القرار الأولي: في يوليو 2017، أعلن ترامب نيّة رفع القيود عن بعض تراخيص شركات الطاقة والحفر.
التراجع: بعد اعتراض الوكالات البيئية ومخاوف المحافظين الوسطية، عُطل القرار أو أُجل تطبيقه جزئيًّا حتى استيفاء مزيد من الدراسات.
سياسة التفاوض مع كوريا الشمالية
القرار الأولي: في مارس 2018، توجّه ترامب إلى اللقاء مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
التراجع: عقب قمّة هانوي (فبراير 2019)، أعلن ترامب فجأة انسحاب بلاده من المفاوضات بسبب عدم التوصل إلى اتفاق مرضٍ، ثم عاد بعدها ليدعّم الحوار مجددًا.
النتيجة: هذا التقلّب أثار القلق في واشنطن وسيئول، وأضعف قدرته التفاوضية في الأسابيع التي تلت.
الانسحاب من اتفاقيات دولية
اتفاقية المناخ (باريس 2015):
الإعلان الأولي: في يونيو 2017، أعلن ترامب نيّة سحب الولايات المتحدة رسميًا من الاتفاقية.
التراجع: قرّر لاحقًا عدم الانسحاب الفوري بل الانتظار حتى نوفمبر 2020؛ ما اعتُبر تراجُعًا جزئيًا علنيًا للتخفيف من الضغوط الداخلية والدولية.
اتفاق النووي الإيراني (JCPOA):
الإعلان الأولي: في مايو 2018، قرّر أداءً أحاديًّا الانسحاب الكامل من الاتفاقية.
النتائج المستمرة: لم يتراجع فعليًّا عما قاله، لكن الإدارة تبنّت لاحقًا «عقوبات انتقائية» والسعي لإبرام اتفاق جديد بشروط أكثر صرامة، في محاولة لتلطيف اللحمة مع الحلفاء الأوروبيين، ما شكّل «تاكو» ضمنيًا في صيغة متابعة المناقشة بدل الانسحاب بالمطلق.
اقتحام الحدود مع المكسيك—جدار الفصل
القرار الأولي: في يناير 2019، أعلن إغلاق الحكومة الفيدرالية لتمويل بناء الجدار الحدودي حتى يوافق الكونغرس على مخصصات إضافية.
التراجع: بعد 35 يومًا، قرر إعادة فتح مؤسسات الدولة دون تمويل كافٍ للجدار، مع احتفاظه بلغة «الطوارئ الوطنية».
التصريحات اليومية عبر المواقع»
كثير من القرارات التنفيذية أو التوجيهات التي أعلنها ترامب عبر تغريدات (منع شركات معينة من العمل مع الحكومة مثلاً) تراجعت لاحقًا أو وُضعت عليها تعديلات داخل البيت الأبيض بعد ضغوط سياسية وقضائية—ما أدى إلى سيل «تاكو» رقميّ بلا نهاية.
4. تأثير ظاهرة «تاكو» على سياسات ترامب
تآكل الثقة الداخلية
المؤسسات الفيدرالية تنزف: سرعان ما كانت وكالات مثل وزارة الخارجية ووزارة البيئة والوكالات العسكرية تجد نفسها تُجرى لديها مراجعات متكررة، ما أضعف قدرتها على تنفيذ الخطط بعيدة المدى.
الكونغرس والضغط التشريعي: استُخدمت التراجعات كحججٍ لمنع بعض مشاريع ترامب أو لحشد الأغلبية الديمقراطية والجمهورية الوسطية ضد قراراته، خصوصًا عندما بدا أن البيت الأبيض يفتقر إلى رؤية موحدة.
الإرباك في الحلفاء الدوليين
الشركاء الأوروبيون والشرق أوسطيون: تأرجح ترامبي في الانسحاب أو إعادة الالتزام باتفاقيات المناخ أو النووي تسبب في شكّ مُتكرر لدى الحلفاء حول مدى استمرارية الالتزام الأمريكي بمبادئ التعاون.
مصداقية المفاوض في ملفات حساسة
كوريا الشمالية: جعل التلوث في المواقف غير محسوب للعبة «الضغط ثم المكافأة» الدبلوماسية.
إيران والفلسطينيون: تراجع ترامب عن وعوده المتكررة لفتح سفارات أمريكية في القدس الشرقية أو إعادة الانضمام للاتفاق النووي أثّر على جدوى المفاوضات الإقليمية.
دفع دوائر صنع السياسات نحو المزيد من اللامركزية
مع سرعتِ إصدار ترامب الأوامر التنفيذية ومن ثمّ تراجُعها، لجأت بعض الوكالات إلى وضع قواعد داخلية إضافية تتيح لها مقاومة الأوامر المتسرّعة إن لم تراها مدروسة.
مثلاً، لوائح وزارة الداخلية الجديدة لتنظيم استخدام تقنية الاعتقال عند الحدود، بعد أن أعلن ترامب عن «إجراءات فورية» ثم تراجع عنها.
تعزيز ثقافة «التوقع السيئ» في الإعلام والمستثمرين
الأسواق المالية استجابت سلبًا لكلّ خبر تراجع أو تعديل: توقع مستثمرو الطاقة تغييرات مفاجئة في ضوابط استخراج النفط، وغرّدت وكالات إنكليزية واردة في أسواق العقود الآجلة بكون السياسة الأمريكية أعزل من الاستقرار.
الإعلام نقل مصطلح «تاكو ترامب» (Taco Trump) كشعار فكاهي يُقام عند نشر «القرارات القابلة للطيِّ»، وزادت وتيرة السخرية من قرارات البيت الأبيض.
الالتفاف الشعبي والحزبي
الناخبون المحافظون عبروا عن إحباطهم لتقويض الثقة بقدرة ترامب على تنفيذ وعوده الانتخابية، سعوا لخلق «بروتوكولات داخلية» للحزب الجمهوري لتجنّب ذلك مستقبلًا.
الناخبون المعارضون رأوا في «التراجعات المتكررة» دليلًا على ضعف تخطيط الإدارة ومصدرًا للانتقاد المكثف قبل انتخابات التجديد النصفي.
5. لماذا تظهر «تاكو» بشكل بارز مع ترامب؟
أسلوب التواصل المباشر عبر مواقع التواصل»
التغريدة الواحدة يمكن أن تمثّل قرارًا تنفيذيًا لم يصممه فريق كامل من المستشارين، فتصير عُرضة للتراجع بسرعة عند أي اعتراض داخل البيت الأبيض أو القضاء.
تركيز على صور الانتصار السريع
ترامب غالبًا ما كان يختار «اقلّ الطرق» لإعلان نجاحات فورية (عقوبات جديدة، وجولات تفاوض سريعة)، ما يمكن ترويجه إعلاميًا، لكن سرعان ما يلتقي بقضايا قانونية أو سياسية تعيقه.
غياب إطار عمل بعيد المدى
اكتساب ترامب شهرة كرجل أعمال يقفل الصفقات بسرعة، لكنه فقدت إدارته الحكومية المناخ المؤسسي لوضع دراسات وتوقعات طويلة الأجل قبل إصدار الأوامر.
6. دروس وعبر مستقبلية
ضرورة وجود منهجية صنع قرار واضحة
يبرز أهمية بناء فرق داخلية قادرة على إجراء تقييمات دقيقة قبل الإعلان، والابتعاد عن «المواقف الانفعالية» التي قد تُشكّل محور «تاكو».
التواصل المُنسق مع الشركاء المحليين والدوليين
تحصين الاتفاقيات الدولية بإعلانات سياسية رسمية تسبق الخطوات التنفيذية، لتخفيف الضغوط التي تدفع للعودة عن القرارات.
إشراك الكوادر الفنية والقانونية في كل خطوة
ضمان تجنّب تضارب الصلاحيات داخل الأجسام الحكومية الأميركية ليتم تقليل احتمالات «التراجعات» اللاحقة.
تشكيل رواية إعلامية مرنة
في حال انعكاس التغيرات على الواقع العملي، بناء سرد إعلامي يشرح المبررات بدل القفز من خطاب إلى آخر فجائيًّا.
7. خاتمة
مصطلح «تاكو» لم يكن مجرّد كلمة طُرحت على منصّات التواصل؛ بل عرَض صورةً حقيقية لتقلّب السياسات وطُرفٍ بارزٍ من تجربة ترامب الرئاسية. هذا النمط من القرارات سيتردد صداه طويلًا في تقييم رئاسته، ويترك أثرًا على السلوك السياسي والإداري داخل المؤسسات الأميركية. المستقبل السياسي في واشنطن سيعرِف دروسًا من «تاكو ترامب» لتجنّب نمطِ الانعطاف السريع، وتعزيز ثقة الجمهور والحلفاء في وعي العمليّة السياسية وديمومتها.
🔄 التوازن بين سرعة القرار ودقته: معضلة “تاكو” السياسي
أسباب التسرع والتأرجح في اتخاذ القرارات
الضغط الزمني والإعلامي
في العصر الرقمي، يواجه صانع القرار ضغوطاً متصاعدة من الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي التي تطالب بالرد الفوري والتفاعل الفوري مع الأحداث. هذا الاستعجال الخارجي يدفع إلى إصدار قرارات قبل استكمال المعلومات وتحليلها بشكل كافٍ.
المعلومات الناقصة أو المتضاربة
عندما تكون البيانات غير مكتملة أو تتناقض المصادر فيما بينها، قد تتراجع قيادة ما عن قرار اتخذته بناءً على معلومات أولية، ثم تعيد النظر عند ورود معطيات جديدة، فيبدو الأمر تأرجحاً أو تسرعاً في البداية ثم تراجُعاً لاحقاً.
غياب رؤية استراتيجية واضحة
غياب الأهداف طويلة الأمد أو التنسيق بين فرق العمل يؤدي إلى تحرّك قراراتي بناءً على مؤثرات ظرفية قصيرة المدى، ما يخلق حالة من “القفز بين حلقة وأخرى” دون مسار ثابت.
الضغوط الداخلية والصراعات المؤسسية
أحياناً تكون التباينات بين أجهزة حكومية أو داخلية (مثل الخلاف بين وزارات أو بين جهات استشارية) سببًا في تغيير المسار أو إصدار قرارات تناقض توجهات سابقة، مما يضفي شعوراً بالتأرجح.
خيارات صانع القرار: الموازنة بين التأني والسرعة
التأني والدراسة المُعمَّقة
الإيجابيات:
توفير إطار علمي ومنهجي لتحليل السيناريوهات المختلفة (SWOT Analysis، تحليل مخاطر/فوائد، دراسات الجدوى).
تقليل الأخطاء الناتجة عن العجلة وارتفاع احتمالات تجاوز التأثيرات السلبية على المدى المتوسط والطويل.
السلبيات:
قد تفوّت مؤسسات أو دول “فرصاً” سترتبط بموعد محدد (شركاء جدد، عقود تجارية، منافسات دولية)
التأخير المفرط يمكن أن يولّد شعوراً بـ«شلل القرار» أو “Paralysis by Analysis”، وقد يُستغل سياسياً للإجهاز على مصداقية القيادات.
التسرّع والإصدار الفوري مع استعداد للصحّة اللاحقة
الإيجابيات:
يمنح انطباعاً بالفاعلية والاستجابة السريعة، خصوصاً في الأزمات (كالكوارث الطبيعية أو الحروب أو الأوبئة).
يتيح التقاط الفرص في وقتها قبل أن يحجزها المنافسون أو تتغيّر المعطيات (مثلاً تعويم عملة، أو توقيع صفقة عاجلة).
السلبيات:
يخاطر بإصدار قرارات غير متوازنة قد تؤدي إلى أضرارٍ لاحقة أكبر (خسائر اقتصادية، انتكاسات دبلوماسية، ردود فعل شعبية معاكسة).
يعرّض صانع القرار للنقد بصفته “متهوّراً” إذا اضطر لاحقاً لتعديل أو إلغاء القرار، ما يُضعف الثقة بقدرته على التخطيط.
الاعتذار المُباشر والشفافية عند التراجع
الإيجابيات:
التراجع مع اعتراف واضح بالخطأ يُعزز مصداقية القيادة، إذ تظهر شجاعة في مواجهة النتائج وتصحيح المسار.
يخفف حدة الغضب الشعبي أو الإعلامي، خاصة إذا ترافق الاعتذار مع شرح موضوعي للأسباب وشروط تصحيح المسار.
السلبيات:
بعض الجماهير والمؤسسات السياسية قد تفسر الاعتذار على أنه “علامة ضعف” أو “تراجع أمام الضغوط”، وقد يُفهم خطأً على أنه تنازل عن المواقف أو التخلّي عن القيم.
الإعتذار المتكرر قد يعتاد عليه الرأي العام فيصبح “رفيف حبل النجاة” عند كل تردد، فيفقد وزنه في بعض الأوقات.
ما هو الأفضل؟
لا توجد وصفة واحدة صالحة لكل الظروف، بل يعتمد “الاختيار الأمثل” على عوامل متعدّدة:
طبيعة القضية أو الملف
في الأزمات الطارئة (أوبئة، كوارث طبيعية، حروب مفاجئة): السرعة في القرار ثم المتابعة المباشرة (مع استعداد للتعديل لاحقاً) أفضل من الانتظار الطويل.
في قضايا استراتيجية (اتفاقيات طويلة الأجل، مشاريع تَشريعية معقدة، تغيرات بنيوية في الاقتصاد): الدراسة العميقة والتخطيط ضروريان لتصفير المخاطر حتى ولو تأخر التنفيذ.
مدى توفر البيانات والمعلومات الموثوقة
إذا كانت البيانات قليلة أو غير واضحة، يفضّل تأجيل القرار البعيد المدى حتى تجمع الأدلة، لكن يمكن إصدار توجيهات مؤقتة للحدّ من الأضرار الطارئة.
حساسية الرأي العام وصحّة الجمهور
في القضايا التي تحظى بمتابعة شعبية كبيرة، يصعب الاستغراق في البحث المطوَّل لأن فجوة التواصل وغموض الرؤية يفسران “الصدمة” على أنها تقصير. هنا توازن بين توضيح أجزاء المعلومات للناس واستصدار قرار يمكن مراجعته لاحقاً.
وجود قنوات تشاورية داخلية وخارجية
مشاركة الخبراء والكوادر الفنيّة في اتخاذ القرار يمنح صلاحية أعلى للقرار عند التطبيق، ما يقلل من احتمالات “التراجع المتكرر” متى ظهرت اعتراضات جزئية.
الانعكاسات المحتملة لكل خيار
الاعتماد على التأني والمراجعة
إيجابيٌّ على المدى الطويل: قرارات أكثر استقرارًا وأقلّ أخطاء استراتيجية.
سلبيٌّ على المدى القصير: فقدان بعض الفرص (صفقات دولية، دعم شعبي آني) وضعف الانطباع في الإعلام بأنّ القيادة “لا تتحرك بالسرعة المطلوبة”.
التسرُّع ثم الاعتماد على الاعتذار
إيجابيٌّ من الناحية الإعلامية: يغطي الضوء الإعلامي على المبادرة السريعة ويولّد انطباعاً بحيوية القيادة.
سلبيٌّ جداً على المصادقية: تكرار الاعتذارات يخفض ثقة الشركاء الداخليين والخارجيين، ويؤدي إلى شعور عام بأنّ القرارات ليست ثابتة وحسب بل تعبّر عن مناخ هشّ يهيمن عليه التعاطف اللحظي.
تجنب التسرع في كل الأحوال
إيجابيٌّ في استقرار المؤسسات: توفّر بروتوكولات واضحة تجعل أي قرار جزءًا من خطة منظّمة.
سلبيٌّ بتأجيج الفرضيات السلبية: في حال انتظار طويل، يتولد شعور بأنّ القيادة “تحابي” بعض الأطراف أو أنها “متخاذلة” في مواجهة التحديات.
خلاصة التوازن الأمثل
تبني “القرار المتدرّج” (Phased Decision-Making):
إصدار قرارات مرحلية قابلة للتطوير، بحيث تكون الخطوة الأولى توجيهًا عامًّا (خطوة طارئة أو “إعلام مبكّر”) مع تحديد جدول زمني لجمع المعلومات الكاملة والتحليل قبل الخطوات المتتالية.
الالتزام بمبدأ الشفافية الجزئية:
شرح آليات البحث والجهود المبذولة أمام الجمهور بشكل منضبط، وذكر ما هو معلوم وما يزال قيد التحقق، ما يقلل من الأثر السلبي للتراجع إذا حدث.
وضع أطر مراجعة داخلية سريعة:
تشكيل لجنة خبراء أو “خلية أزمة” قادرة على إصدار توصيات دقيقة خلال ساعات أو أيام، بدل جعل التعديل يتم بعد أسابيع أو أشهر.
تطبيق “التحكم في السرد الإعلامي”:
قبل نشر قرار عبر تغريدة أو بيان مفاجئ، يصدر توجيه داخلي مشترك مع جميع الجهات الإعلامية والمعنية بالتنسيق حول كيفية إيصال الموقف وتوقيت الإعلان الرسمي، ما يقلل عنف الهجوم ورد الفعل الدرامي على كل خطوة.
توصية :
لا بد من مزج السرعة مع الدقة عبر خطوات مؤقتة مدروسة، وتكريس ثقافة “الاعتذار السريع والمحدود” عند ظهور خطأ لا يمكن تجاوزه. بهذا النحو تُمكّن القيادة من اغتنام الفرص دون دفع ثمن باهظ من الثقة والمصداقية.
⚠️ هل “تاكو” مؤامرة ضدّ ترامب أم تحذيرٌ لتحسين التخطيط؟
لا يمكن اختزال ظاهرة “تاكو” في ردّة فعل وحيدة تجاه ترامب؛ بل هي نتيجة تراكم عوامل عدة:
حملة إعلامية وانتقادات مستمرة
الإعلام المعارض كان يلتقط بسرعة كل قرار متسرّع أو تبدّل مفاجئ في مواقف ترامب ليصوّره كتقصير أو “تراجع” دون التركيز على سياق القرار نفسه. هذا الأسلوب يضخم الانطباع بأن هناك “حملة مخطّطة” لإضعافه، ولكن في الغالب هو انعكاس طبيعي لصراع الاختلافات السياسية؛ فحين يبرهن رئيس على نجاح في قرار اقتصادي أو دبلوماسي، يسرق الإعلام المعارض هذا الزخم بالبحث عن لحظة عندماتبدّل هذا الزخم ويُركّز عليها.
دور المنصّات الرقمية
ما يطبع عهد ترامب هو سرعة التواصل عبر “X” (سابقاً تويتر). قرار صدر بتغريدة صباحاً قد يُعاد تحليله مساءً وتظهر تغريدة جديدة تعدّله. هذه الديناميكية الرقمية تخلق انطباعاً بالتقلّب حتى لو كانت بعض القرارات تعتبر تعديلًا تكتيكيًا مبنيًا على معلومات طارئة. لذا، أصعب ما يواجهه ترامب هو أن أي خطوة “إعادة نظر” أو “تعديل” تعني في عوالم التواصل السريع “تاكو” جديد.
تنبيه داخلي للتركيز أكثر على التخطيط
من زاوية أخرى، يمكن اعتباره رسالة تحذيرية داخلية إلى ترامب وفريقه: أن مجرد إصدار الأوامر بدون تدقيق واستشارة قد يدفع الثمن إعلامياً وسياسياً. السياسيون يتعلمون من التجربة: كلما بدا أنهم يستعجلون القرار، يأتي من ينتقدهم بشدّة، حتى لو كان التسرّع في بعض الأحيان ضروريًا في أزمات عاجلة.
رسائل معارضة ليست بالضرورة مدروسة بالكامل
غالبًا ما تُنظّم بعض المجموعات المعارضة حملات “هاشتاغ” لربط كل قرار وتراجع بضعف الإداري، لكن ذلك ليس مؤشراً على مؤامرة بعينها، بقدر ما هو تكتيك شائع في السياسة: استثمار أي سقطة لتحويل الأنظار عن الإنجازات.
الخلاصة:
– ليس هناك “شبكة مخفيّة” واحدة وراء ظاهرة تاكو؛ لكنها محصلة طبيعية لأسلوب ترامب في إصدار القرارات والتواصل الرقمي السريع، مع استثمار إعلامي وسياسي للمعارضة في كل تراجع.
– يمكن اعتبار الانشغال بمحاصرة كل تبدّل رسالة تحذيرية—غير مكتوبة—لفرقته: احرصوا على “التخطيط قبل التغريد” وضمنوا توافر البيانات الكافية لتقليل فرصة الانقلاب الإعلامي.
– في النهاية، علاوةً على مواجهة معارضة ترمي إلى التقليل من مكاسب أي رئيس، يحتاج ترامب أيضًا إلى أن يأخذ بعين الاعتبار أن كل تعديل يُعتبَر لدى الجمهور خصيصة سلبية إذا لم تُصحب بشرح شفاف يعزّز الفهم وينقذ الإنجاز من ضياع الشعور بالنجاح.
📝 إشارة:
إعلام احترافي صادق ولو أنه موجع أحيانًا، خير من جاهل منافق.