ليبيا .. مسرح لرقصة بين أطراف الفوضى والتثبيت

news image

متابعة وتحليل وكالة BETH

المقدمة

ليبيا اليوم تبدو كفسيفساء مهشّمة:

الشرق والجنوب: عمود صحراوي يلتقي حول رؤية “الجيش الوطني” ..

الغرب (طرابلس ومحيطها): ساحل يغلي ..
والشرارة انطلقت من هذا الغرب الساحلي، حاملاً صرخات شعبية وصراعات نفوذ.

 

ثلاثة أسئلة  

1. لماذا الآن؟

انفجار اجتماعي: تراكم أزمات، فبلغ غرب ليبيا نقطة الغليان التي أطلقت مظاهرات الشارع وصراعات “ميليشاوية ".

فراغ سياسي: تأجّلت الانتخابات وتعثّرت السلطة الانتقالية، ما أتاح “ميليشيات” طرابلس هامش تحرك بلا ضوابط.

تحوّل إقليمي: تراجع التركيز عن ساحة سوريا واليمن، وحوَت العيون نحو ليبيا بوصفها الميدان الجديد للضغط والتفاهمات الدولية.

إشارة 
المسرح أُعدّ بشراكة  بين «ميليشيات طرابلس» الباحثة عن توظيف الأزمات لاستدامة نفوذها المحلي، وبين «الفاعلين الإقليميين» الذين ينفذون لعبة دعم متبادل. والمستفيد الحقيقي هو من يحصد ورقة الضغط الجديدة في إعادة رسم خارطة المصالح: من شركات الأمن الخاصة إلى دول النفط والغاز، في حين تبقى ليبيا هي الخاسر الأكبر.

2. هل هناك رابط بين ما يحدث في السودان وليبيا؟

تجربة انتقالية هشّة: كلا البلدين يختبران مسارًا قسريًا من حكم مركزي إلى انتقال غير مكتمل، فتتشابه أمراض الفوضى الأمنية وصراع السلطة.

ديناميكية الصحراء المفتوحة: تبادل الأسلحة والمرتزقة دون ضوابط حدودية جعل أزمة السودان تؤثر على الملعب الليبي.

صراع النفوذ الإقليمي: يدعم شرق ليبيا (حفتر) نفس الأطراف الداعمة لشرق السودان (مصر–الإمارات–روسيا)، بينما تقف طرابلس وموسم الخرطوم الآخر في خندق تركيا وقطر.

3. ما علاقة مصر بكل ذلك؟

السور الأمني: تعتبر القاهرة ليبيا جارتها الحارسة لأمن سيناء ومكافحة الإرهاب.

دعم شرق ليبيا: دعمت “الجيش الوطني” لاستعادة مؤسسات الدولة ووقف تدفق الجماعات المسلحة نحو سيناء.

دور الوسيط: بفضل علاقاتها مع كل الأطراف، تستضيف مصر جولات مفاوضات ومبادرات (الاتفاقات في القاهرة) لترتيب أولى خطوات التهدئة.

 

قراءة فسيفسائية للمآلات

فسيفساء الانصهار والهشاشة: تحت صخب طرابلس الميليشياتي، تتقاطع بلاطات “حكومات تكنوقراطية” مع “قادة قبليين” شرقاً وجنوباً، فتتكوّن لوحة مترابطة في هشاشتها.

فسيفساء الصراع والصفقة: يلفظ الشارع شعار “خبز وكهرباء” عبر صوت مدافع الشوارع، بينما تُخطّ بظلال خفية خطوط “اتفاقية إسطنبول” أو “تحالف القاهرة” الذي قد يلوّن رقعة الاستقرار المؤقت.

فسيفساء النفوذ الإقليمي: تحضر الأطراف الخارجية ،الظاهرة على  خشبة المسرح (موسكو–أبوظبي–القاهرة–أنقرة–الدوحة) ..على هامش المشهد، فتمتزج ألوان السيادة الوطنية برذاذ النفوذ الإقليمي.

 

هل الحكمة ستحضر لتخترق الجمود؟

في ظلّ تشتّت اللاعبين التقليديين، قد تظهر الرياض كـ«مُنقّح رمزي» يقدّم أوراق اعتمادها كضامنة عربية محايدة. بدبلوماسيتها المرنة والذكية الفاعلة والموثوقية التي تحظى بها،  لحكمتها، وحرصها على استقرار البلاد العربية، ولعلاقتها الخاصة بمصر، وحصها على استقرار ليبيا والسودان، وجميع الدول العربية،.. ومساهماتها في استقرار المنطقة والإقليم والعالم.. تستطيع السعودية أن تكسر تعقيدات أي مشهد، وتجذب الفرقاء إلى طاولة حوار جديدة.

 

الخاتمة

المستقبل الليبي مرهون بقدرة الفرقاء على مزج مكوّنات الهشاشة والسيادة، في لوحة فنية يصوغها الحاضر لصالح الأجيال القادمة—فسيفساء تنتهي برؤية وطنٍ يتجاوز رقصته بين الفوضى والتثبيت.

🦅 غرفٌ خفية تصنع الخلافات العربية وتستثمرها، ودولٌ تثرثر وتردد سيناريوهات معدّة سلفاً.. وتعقد كل مشهد… وصقرٌ عربي يراقب .

 

💡 اقتصاد الفوضى
استثمار الأزمات كسوقٍ رابحة تُباع فيها النزاعات وتُشترى كأوراق قوة في غرف الظل.

من يستثمر في الأزمات؟

شركات الأسلحة والمعدات العسكرية
تحقيق أرباح طائلة من عقود التسليح وتأجير المعدات.

شركات الأمن الخاصة و”الميليشيات المأجورة”
استدامة الوجود عبر إشعال النزاعات ثم تقديم “خدمات حفظ السلام”.

القطاع العقاري وإعادة الإعمار
الاستحواذ على عقود ترميم البنى التحتية في مرحلة ما بعد الصراع.

أسواق السلع الأولية والمضاربات المالية
مضاربة على أسعار النفط والمواد الغذائية والمعادن التي ترتفع في الأزمات.

أطراف سياسية وإقليمية
دول وأحزاب تستخدم الأزمات لتمرير أجنداتها وزيادة نفوذها الجيوسياسي.

منصّات إعلامية وروايات رقمية
تحقيق ريع من خلال بث محتوى إثاري يرفع التفاعل ويبيع “الانحياز” للمشاهدين.

أين يكون هذا السوق؟

أسواق السلاح الرسمية وغير الرسمية
معارض دولية وأسواق مضبوطة وجنائز سوداء في المناطق الصحراوية.

بوصات “السلع الساخنة”
تداول عقود النفط والحبوب في بورصات عالمية يصعد فيها السعر مع تدهور الأمن الغذائي.

منصّات الإعلام الرقمي
الخوارزميات التي تكافئ المحتوى الإثاري على شبكات التواصل.

أسواق إعادة الإعمار
مكاتب الاستشارات الهندسية والمعمارية التي تهيمن على عقود البناء بعد انتهاء النزاع.

أين تقع “غرف الظل”؟

مقرّات أجهزة الاستخبارات الكبرى
مواقع سرية يدير منها صانعو القرار التحركات الاستراتيجية.

مراكز الفكر الاستراتيجي
“مراكز دراسات” غير معلنة تتخذ من العواصم السياسية ملاذًا لأفكارها.

الفنادق والمنتجعات الفاخرة
اجتماعات حميمية خلف الأبواب المغلقة في منتجعات راقية.

المنتديات العالمية المغلقة
مؤتمرات وصفقات كبرى تُعقد بعيدًا عن أنظار الإعلام.