أمريكا تُهندس .. وإيران تتكلم

news image

  ✍️ متابعة وتحليل وكالة BETH

في الصراعات، ليست القوة وحدها من تحسم النتائج، بل القدرة على إدارة الصورة.
وفي مفاوضات روما الثانية بين إيران والولايات المتحدة، تبدو اللعبة واضحة:
إيران تتحدث بحماس، وأميركا تراقب بهدوء.
لكن من يحكم اللعبة حقًا؟ ومن يملك مفاتيح الخاتمة؟

 

أعلنت إيران، عبر وزير خارجيتها عباس عراقجي، أنها اتفقت مع الولايات المتحدة على البدء في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل، عقب ختام الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة التي استضافتها روما برعاية سلطنة عمان.
ورغم التصريحات الإيرانية المتفائلة، فإن الجانب الأميركي اكتفى بتصريحات مقتضبة عن "تقدم جيد للغاية"، دون أي إعلان تفصيلي.

هذا الصمت الأميركي يكشف عن تكتيك واضح:

أميركا تترك إيران تتحدث، لتكشف الأوراق وموقفها.

واشنطن تعتقد أن الصمت، يعطيها مرونة أكبر في إدارة التفاوض لاحقًا.

من ناحية أخرى، يبدو أن إيران تخوض معركة التصريحات لتحقيق أكثر من هدف:

إظهار نفسها داخليًا كطرف قوي مبادر.

محاولة كسب تعاطف خارجي وإظهار حسن النوايا.

لكن خلف هذه الحماسة الكلامية، تدور تساؤلات جوهرية:

هل تتحدث إيران بما تريده أميركا… أم بما يريده المرشد؟

الواقع أن إيران تتحدث وفق إيقاع مرشدها الأعلى.ا:

المرشد الإيراني يرسم الخطوط (لا تسوية كاملة، لا استسلام).

لكن إيران تسعى لتقديم مرونة محسوبة، توحي بانفتاح ظاهري، دون مساس جوهري بأهدافها الكبرى.

بمعنى آخر:

إيران تحاول أن تبيع لواشنطن شكلاً مرنًا… لكنها في العمق باقية على موقفها العقائدي .

 

وماذا عن القارئ الذي قد يقول: "التحليلات مقنعة… ولكن العبرة بالخواتيم"؟

صحيح تمامًا.
كل تحليل، مهما كان منطقيًا، يبقى مرهونًا بالخاتمة الفعلية على الأرض.
حتى الآن، المشهد يوحي بأن:

أميركا تتريث ولا تقدم تنازلات مجانية.

إيران تراهن على أن الوقت قد يُنتج اتفاقًا مخففًا يجنّبها العقوبات الثقيلة.

لكن...
العبرة في النهاية بما ستفرضه موازين القوى في الجولة الثالثة وما بعدها.

والسؤال الأكبر سيبقى معلقًا:

هل تنتهي اللعبة بتسوية ذكية؟ أم بانفجار لا تُحمد عقباه؟

🔵 الوثوق الكامل بالولايات المتحدة مسألة إشكالية تاريخياً، لأن سجلها في إدارة الحروب والملفات السياسية مليء بالانتكاسات:

لم تحقق نصرًا حاسمًا في فيتنام، العراق، أفغانستان.

فشلت في فرض حلول دائمة للقضية الفلسطينية.

أضعفت ثقة حلفائها بسبب ترددها أو انسحاباتها المفاجئة.

📌

بالتالي:

لا يمكن التعامل مع الولايات المتحدة بثقة مطلقة، بل بحسابات دقيقة تقوم على "المصالح اللحظية" و"التحولات الواقعية"، لا على "الوعود الطويلة" أو "التحالفات العاطفية".

ختام التقرير: إجابة على الأسئلة الصادمة

🔵 في زمن الضجيج السياسي، يجب أن نتوقع كل سؤال مشروع، وكل شك منطقي.
حين تتحدث إيران كثيرًا، وتصمت أميركا وتخطط، قد يسأل المتابع بأسى أو بسخرية:

هل إيران غبية إلى هذا الحد؟

هل أميركا ذكية إلى درجة التحكم الكامل؟

هل العالم كله مغفل وساذج؟

🔵 الإجابة باحترام كامل لعقول الناس:

ليس الغباء ولا الذكاء وحده من يحكم المشهد.
بل لعبة المصالح، وموازين القوى، و"قواعد البقاء" التي تتغير مع كل منعطف.

إيران ليست غبية:
بل تمارس ذكاءً من نوع آخر: ذكاء استعراضي موجه لجماهيرها الداخلية، ومحاولة لفرض شروطها بالمناورة العلنية.

أميركا ليست خارقة الذكاء دومًا:
بل تمارس حسابات القوة الهادئة، لكنها ليست بمنأى عن المفاجآت، ولا عن انفجار الأحداث بما لا تشتهي.

العالم ليس ساذجًا:
بل في أحيان كثيرة، تختار القوى الصغرى أن تراقب وتنتظر، لأن الصراخ لا يغير موازين القوى، ولكن التوقيت الذكي يفعل.

🔵 أما عن الصبر والضغط والانفجار؟

نعم، نؤمن أن:

كثرة الضغط تولد الانفجار.

وأن تراكم الضغوط والتناقضات قد يخلق — في لحظة لم يتوقعها أحد —
قوة ثالثة خارجة عن حسابات أميركا وإيران معًا.

🔵 لذلك، في السياسة كما في الحياة:

ليس دائمًا من يرسم المخطط هو من يحكم النتيجة.

أحيانًا... الخريطة تحترق، وتولد من رمادها معادلات لم يتخيلها أحد.

✨ توقيع:

من بث إلى القارئ العزيز:
لسنا هنا لنبيع الوهم ولا لنردد صدى الكبار…
بل لنسأل معكم، ونفكر معكم، ونحترم وعيكم قبل أن نحترم نصوص الأخبار.

✍️ نص ختامي:

رغم تطور العقول والتكنولوجيا، لا تزال الحروب والمفاوضات تُدار بأساليب عتيقة.
التغيير الحقيقي لن يحدث إلا بقيادات تمتلك الشجاعة لإعادة صياغة قواعد اللعبة.

وهذا التقرير يركز على ما يحدث من مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، وما يجري في المنطقة والعالم، حيث نجد أن لأميركا علاقة مباشرة وغير مباشرة في حل القضايا أو في تواجد قوتها العسكرية والاقتصادية.

اليوم، يعود دونالد ترمب إلى المشهد، لا كشخصية جدلية كما يصوره خصومه، بل كرمز قيادي من رموز التاريخ الأميركي الذين أسهموا في بناء قوة البلاد وجعلوها عظيمة بحق.

يأتي ترمب بعدما كادت أميركا تهوي إلى قاع الانحدار:

سنوات من القيادة الصبيانية (كلينتون)،

والفوضوية الجينية في السياسة والاقتصاد (أوباما)،

والتيه الكامل في محيط متلاطم من المصالح الخاصة المدمرة (بايدن)،
تُوجت بتراكم استراتيجيات لم تُجدِ، وضجيج عالمي بلا أثر حقيقي.

لقد رأى العالم، لعقود، أميركا كفيلم من أفلام هوليود:
مشاهد صاخبة، أحداث مثيرة، ولكن... نهاية خاسرة.

ومن خلال متابعات دقيقة؛ يبدو أن العالم لم يتفاءل يومًا بأميركا كما يتفاءل اليوم مع ترمب.
ومن الواضح أن الدول المتحالفة مع أميركا بصدق، تقف اليوم بكل قوة، من أجل تعديل المسار، وإعادة بناء الهيبة، قولًا وفعلًا.