إيران.. تُفاوض بيد وتُبارك الفوضى بالأخرى

news image

 

 من الطاولة يبدأ اللعب.. وينتهي 

 

✍️ إعداد: إدارة الإعلام الاستراتيجي – وكالة BETH الإعلامية

مسقط الآن… طهران تتحدث.
نعم، ذات الدولة التي اعتبر مرشدها الأعلى ذات يوم أن "الحوار مع أميركا غير عقلاني وغير مشرّف"، ها هي اليوم تفاوض الأميركيين في مسقط، وبحضور رسمي رفيع. ليست هذه أول مرة، لكنها تُعيد السؤال القديم بحلّة ساخرة:
هل تفاوض إيران من أجل النتائج… أم من أجل الوقت؟

🎭 خطاب مزدوج… أم عقيدة متناقضة؟

في قلب النظام الإيراني، لا تسكن فقط السياسة، بل يسكن معتقد.
معتقدٌ يرى في المواجهة مع "الشيطان الأكبر" عبورًا نحو الجنة، وفي الفوضى وسيلة للتمكين. لكن المثير أن هذا المعتقد قابل للطيّ، عند الحاجة، ليُستبدل بنسخة ناعمة من الدبلوماسية، مدجّنة بربطة عنق ومصافحات من خلف الستار.

التاريخ يشهد:

تُدير طهران المحادثات في عُمان… وتُدير أذرعها العبثية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.

تُرسل رسائل تهدئة… ثم تُطلق صواريخ عبر وكلائها.

تُظهر الحرص على الأمن الإقليمي… بينما تُهندس زعزعة الأمن نفسه.

فهل هي تقيّة خرافية… أم مهارة سياسية؟
أم أن الاثنين أصبحا وجهين لعملة واحدة في مدرسة الولي الفقيه؟

  حين تصبح "المراوغة" عقيدة

النظام الإيراني لا يراوغ لأنه بارع في الدبلوماسية، بل لأنه يُقدّس "المراوغة" كنهج مقدّس.
في دستور الجمهورية الإسلامية مادة تنص على نشر الثورة، لا على نشر السلام.
وفي منابرها الدينية، وكتبها العقائدية، لا تزال تُطرح روايات عن "المظلومية الخالدة" التي تبرّر أي فعل، مهما كان.
فهل مَن يعتقد أن في القتل بابًا إلى الجنة… يمكن أن يُقيم سلامًا على الأرض؟

🔍 ما بعد التفاوض… لا شيء يتغير

كلما تفاوضت إيران، تزداد أدواتها لا تتناقص.
وكلما ظهرت ناعمة، كان ذلك تمهيدًا لهجمة قادمة.
الأسلوب ثابت:

أزمة تُفتعل

تهديد يُطلق

مفاوضات تُعقد

تنازلات تُنتزع

ثم... العودة إلى البداية

إنه ليس تكتيكًا عابرًا، بل منهجية سلطة تؤمن أن "الزمن لا يُستهلك بل يُستخدم".

 

🎯 لماذا تصرّ إيران على المباحثات "غير المباشرة"؟

في كل مرة تلوّح فيها طهران بـ"انفتاحها على الحوار"، تضع شرطًا لا يُخطئه أحد: أن تكون المفاوضات غير مباشرة.

فهل هو خوف من المواجهة؟
أم حيلة لحفظ ماء وجه الوليّ الفقيه، الذي سبق أن وصف الحوار مع واشنطن بأنه "غير مشرّف"؟

الواقع أن الإصرار الإيراني على "الواسطة" ليس مجرد شكل دبلوماسي، بل غطاء عقائدي مأزوم.
المرشد الأعلى، الذي رسم الخطوط الحمراء بيده، لا يستطيع أن يتراجع بقدميه.
لذا، جاءت التعليمات إلى الفريق التفاوضي: تحاوروا… لكن من خلف الستار.

والمفارقة أن الطرف الأميركي يفهم اللعبة جيدًا.
لا مانع لديه من تبادل الرسائل عبر طرف ثالث، طالما أن السنّارة قد أُلقِيَت، والسمكة – وإن راوغت – تقترب.

إنها مفاوضات بين صيّادٍ صبور… وسمكةٍ تُتقن المراوغة، وعقرب تجيد التماهي والإختباء في الحجور بين القبور.

🗝️ خلاصة BETH:

من يُراهن على تغيير إيران، كمن يُراهن على تحييد النار بالنوايا الحسنة.
طهران ليست بحاجة إلى اتفاق جديد… بل إلى عقل جديد.

ففي الوقت الذي يتحدث فيه وزير الخارجية عن الحلول، لا تزال العقول هناك تُدرَّب على وهم "الظهور المقدّس" و"التمكين بالحرب".

السؤال إذًا ليس:
هل تنجح المفاوضات مع إيران؟
بل:
هل من الحكمة أصلًا أن تبدأ؟

 

🎬 من فهم الفيلم منذ المشهد الأول… لا تُفاجئه النهاية.

لأن السياسة ليست فقط فن الممكن،
بل أحيانًا فنّ المستحيل المقنّع بالممكن.
وما يُقال في قاعات التفاوض… ليس دومًا ما يُقال في دهاليز القرار.

فـ"الطاولة" قد تكون مجرّد ديكور،
أما اللعبة الحقيقية… فتُدار تحتها.