القبول الروسي بشروط ترامب… هزيمة؟

📝 الوصف التحريري:
مقال رأي للكاتب د. محمد دياب*، يعكس وجهة نظره في مستقبل الصراع الروسي – الأميركي عبر بوابة أوكرانيا، يليه تحقيق رمزي تحليلي من إعداد وكالة BETH، بعنوان: "من يُهزم فعلًا؟"، يقدّم قراءة مختلفة للصراع، بمنهجية تحليل ما وراء النص.
قُدِّر لأوكرانيا، أو لنقلْ لتلك المساحة الجغرافيّة التي صارت تُعرف بهذا الاسم، أن تكون عقدةَ الوصل بين روسيا وأوروبا، بل والغرب عموماً، وساحةً لصراعٍ لا يتوقّف منذ قرونٍ بينهما. فهي بالنسبة إلى روسيا تمثّل التخومَ الغربيّة المتقدّمة للإمبراطوريّة، وخطَّ الدّفاع الأوّل عن مصالح الدولة الجيوسياسيّة والاستراتيجيّة، وعن أمنها القوميّ، لا بل عن "العالَم الروسيّ" عموماً. أمّا بالنسبة إلى الغرب الجماعيّ، فكانت أوكرانيا وتبقى بمثابة رأس جسر وسهْمٍ مصوَّب نحو قلْب إمبراطوريّةٍ شكَّلت بالنسبة إليه مصدرَ قلق، بل منبعَ رهابٍ من "الدبّ" المُتحفّز للانقضاض على "الحضارة الأوروبيّة".
إنّها، بالنسبة إلى الغرب أيضاً، "السدّ" الذي يعيق تمدُّد تأثيرات عالَمٍ غريب نُسجت في الذهنيّة الغربيّة الأساطير عن غرابته وطبيعته التي يصعب فهْمها. عندهم أيضاً، أي عند الغربيّين، سادَ مفهومُ "إنّهم لا يشبهوننا"!
استناداً إلى هذه الخلفيّة يُمكن تلمُّس حقيقة الصراع وجوهره بين الجانبَيْن، الذي أَخذ أشكالاً أكثر حدّة بعد تفكُّك الاتّحاد السوفياتي وانسلاخ أوكرانيا عن روسيا، والذي بلغَ ذروتَه باندلاع الحرب الشرسة المُستعرة نيرانها منذ ثلاث سنوات ونيّف. إنّه صراعٌ وجوديّ لا مكان للتراجُع فيه؛ فالتراجُع من قِبَلِ أيّ طَرَفٍ يعني الهزيمة. جلّ ما يُمكن توقّعه في المرحلة الرّاهنة، هو تسوية مؤقّتة أو تجميدٌ للصراع، يُمكن أن يقصر أو يطول، من أجل استجماع القوى وإعادة التموْضُع وترميم القُدرات، ليعود ويستعر مجدّداً.
الصراع، إذاً، هو صراع جيوسياسي يدور بين قطبَيْن مركزيَّيْن. أمّا أوكرانيا فهي مجرّد ساحة. والأوكرانيّون هُم الطَّرَف الأضعف، والخاسر الأوّل والأخير فيه.
سوء تقدير ورهاناتٌ خاطئة
في مُقارَبةِ تعقيدات الحرب الأوكرانيّة وتداعياتها المُحتمَلة، لا بدّ من التوقّف عند سوء التقدير من قِبَلِ الطرفَيْن الأساسيَّيْن المُتصارعَيْن، روسيا والغرب الجماعي.
لقد تمثَّل سوء التقدير في الجانب الغربي في الرّهان على أوكرانيا في سعيه إلى تحقيق مخطّطه الجيوسياسي الطموح المُتمثّل في عزْلِ روسيا، وصولاً إلى إلحاق الهزيمة بها وإخضاعها. إنّ فشل هذا الرّهان من شأنه أن يؤدّي إلى فَوز روسيا في المُبارزة الدائرة بين الطرفَيْن. وهذا أكثر ما يؤرّق الغرب الجماعي ويَجعله أكثر تشدُّداً في المُجابَهة معها. لقد راهَنَ الغربُ على العقوبات القاسية التي لا مثيل لها التي فُرضت على روسيا، والتي شَملتِ الميادينَ السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة كافّة، بل وحتّى الرياضيّة، بهدف شلّ اقتصادها وعزْله عن الاقتصاد العالَمي، وفرْض حصارٍ سياسي ودبلوماسي مُطبَق عليها. بيد أنّ سياسة العزْل هذه فشلتْ في نهاية المطاف، من دون التقليل من الخسائر الجانبيّة التي سبَّبتها لها. وفشلتْ أيضاً محاولاتُ إثارة الاضْطرابات الداخليّة وتأليب الشعب الروسي على القيادة السياسيّة، على الرّغم من استمرار الحرب وحالة المُراوَحة على الجبهات على مدى أكثر من ثلاث سنوات. فلم تَشهد الساحةُ الروسيّة أيَّ تحرّكاتٍ احتجاجيّة، مع غيابٍ تامّ لأيّ مُعارَضة سياسيّة أو غير سياسيّة، منظَّمة أو عفويّة. لا بل تشير استطلاعاتُ الرأي العامّ إلى احتفاظ الرئيس بوتين بنسبةِ تأييدٍ عالية تفوق السبعين بالمئة، مع استقرارٍ اقتصاديٍّ واضح ومؤشِّراتٍ اقتصاديّة ومعيشيّة مُعتدلة.
أمّا من الجانب الروسي، فتمثَّل سوء التقدير في الاعتقاد بأنّ أوكرانيا، بوصفها دولة فاشلة، ستنهار في غضون أسابيع قليلة بعد بدء ما سُمّي "العمليّة العسكريّة الخاصّة"، بأهدافها المُعلَنة المُتمثّلة بإعلان حياد أوكرانيا ونزْع سلاحها، واجتثاث النّزعات النازيّة في أوساط المُجتمع الأوكراني، وأخيراً حماية النّاطقين بالروسيّة على الأرض الأوكرانيّة، والاعتقاد أيضاً بأنّ الشعب الأوكراني سيَستقبل القوّات الروسيّة بالورود بوصفها حاملةً للحريّة. ولكنّ الواقع أَظهر أنّ الجيشَ الأوكراني استجمعَ قواه بعد الصدمة الأولى، وأَظهر قدرةً كبيرة على الصمود والتحدّي بفضْل الدَّعم الغربي المتنوّع، الذي لم تتوقّع القيادةُ الروسيّة حَجْمَه ومَداه، في حين أنّ القوّات الروسيّة لم تَلقَ الدَّعمَ المرجوّ من أوساطٍ واسعة من الشعب الأوكراني، على خلاف ما كانت تأمله. فبَعد النجاحات التي تحقَّقت في الأشهر الأولى من الحرب، بَرزتْ آثارُ سوء التقدير والحسابات الخاطئة في التخطيط الاستراتيجي للحرب. وبدا واضحاً عدم استعداد القوّات المسلَّحة الروسيّة الكافي في البداية لخوْض حربٍ مديدة، وتجلّت كذلك الأمزجة "غير الحربيّة" في أوساط بعض النّخب الروسيّة، السياسيّة والثقافيّة، التي بدتْ غير مُتقبِّلة أو غير مُتحمِّسة للمُجابَهة الجديّة مع الحرب الجماعيّة، وكذلك مع القوى المُعادية في أوكرانيا. وهذا ما فَرَضَ على القيادة الروسيّة إجراءَ تغيير في التكتيك المُتبع، بالانتقال من تكتيك الحرب الخاطفة إلى سياسة النَّفَس الطويل والقضم البطيء لمواقع الخصْم واستنزاف قواه والرّهان على عامل الوقت لإحداث تغييرٍ في المزاج الشعبي داخل أوكرانيا تحت وطأة الحرب، وكذلك في المُعادلات الدوليّة، بما يؤدّي إلى سقوط النظام في كييف، ومن ثمّ تحقيق الأهداف المرجوَّة من الحرب.
نظرة إلى التاريخ
في محاولة تفسير التعثُّر في تحقيق أهداف موسكو حتّى الآن، وعدم تجاوُب أوساطٍ واسعة من الشعب الأوكراني مع ما أَقدمت عليه، لا بدّ من العودة إلى التاريخ، تاريخ نشوء أوكرانيا ككيانٍ له حيثيّته المستقلّة. فقد مرَّت أوكرانيا بحقباتٍ تاريخيّة عدّة في تطوّرها، خضعتْ مناطق معيّنة خلالها لدولٍ مجاورة. فالمنطقة الغربيّة منها، ومركزها لفوف، ظلّت لفترةٍ طويلة جزءاً طَرَفيّاً من بولندا، وخَضعتْ في فترةٍ لاحقة لإمارة ليتوانيا، ثمّ غدتْ جزءاً من الإمبراطوريّة النمساويّة المَجريّة. لقد كانت تلك المنطقة الأكثر اندماجاً بأوروبا، بعدما انقطعت صِلاتُها بروسيا على مدى أكثر من سبعة قرون. ولذا، لم يكُن من المُستغرَب أن تَزدهر فيها النّزعةُ القوميّة المتطرّفة والتطلّعات المُناهِضة لروسيا. ولم تفلح الحقبة السوفياتيّة القصيرة، بعد إلحاقها بالاتّحاد السوفياتي عقب الحرب العالَميّة الثانية، في محو أو حتّى إضعاف تلك النّزعات المُتطرّفة فيها، بحيث أَصبحت مَعقلاً للجماعات والتشكيلات العسكريّة الأكثر عداءً لروسيا والأشدّ شراسةً في مُواجَهة القوّات الروسيّة.
أمّا أوكرانيا الوسطى، أو "ملادوروسيا" ("روسيا الصغرى"، أو "روسيا الفتيّة")، وهي المنطقة المركزيّة المُحيطة بكييف، فتميَّزت خصوصيّتها بوجودها الدّائم في نقطةِ تقاطُعٍ وساحةِ تَصارُعٍ بين "عوالم" مُتنافسة عدّة: بين روسيا القديمة وشعب القومان (التتار) الآتي من السهوب الأوراسيّة في حقبة سابقة، ثمّ بين الدولة البولنديّة والسلطنة العثمانيّة، وكذلك بين الإمبراطوريّة الروسيّة والسويد، ثمّ الإمبراطوريّة النمساويّة المَجريّة في فتراتٍ لاحقة. هذا الواقع التاريخي غير المستقرّ خَلَقَ نَوعاً من التفلُّت أو التمرُّد وعدم الانصياع للسلطة القائمة، أيّاً تكُن هذه السلطة، في تلك المنطقة التي شكَّلت مَنبعاً ومَعقلاً للنزعة الفوضويّة (الأناركيّة). وخلافاً للمنطقة الغربيّة التي توجد في كنفها الكنيستان الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة جنباً إلى جنب، تبقى أوكرانيا الوسطى أرثوذكسيّة صافية. بناءً لِما سَبق، لم يكُن من المُستغرَب أن تُصبح تلك المنطقة مكانا ًﻟ "هدم" السلطة القائمة وساحة ﻟ "ثورة الميدان" في كييف في العام 2014.
المنطقة الثالثة، هي جنوب شرق أوكرانيا أو "نوفوروسيا" ("روسيا الجديدة") التي تضمّ الدونباس ومناطق أخرى تَصل إلى أوديسّا، وكذلك المنطقة الشماليّة الشرقيّة التي تضمّ مقاطعة خاركوف، أي خطّ المُدن الكبرى المُمتدّ من خاركوف في الشمال، وصولاً إلى أوديسّا في الجنوب، ويشمل زابوروجيه ودنيبروبتروفسك ونقولاييف وخيرسون وغيرها. وهي مُدن أُنشئت بمعظمها بقراراتٍ من القياصرة الروس، وتحديداً كاترينا الكبرى في القرن الثامن عشر، بهدف "ملء" تلك المنطقة شبه الفارغة من السكّان بالعنصر الروسي. لقد كانت تلك المنطقة منذ العصر القيصري، الأكثر اندماجاً بروسيا، لغةً وثقافةً وانتماءً ونمطَ حياة، والأسرع في الإعلان عن الرغبة في الانفصال عن الدولة الأوكرانيّة الحديثة والعودة إلى حضن روسيا. جدير بالذكر أنّ هذه المنطقة غَدتْ في العصر السوفياتي مَركزاً صناعيّاً ولوجستيّاً، ربّما الأكبر والأكثر أهميّة في الاتّحاد السوفياتي. يحدّ هذه المنطقةَ الغنيّةَ بالموارد الطبيعيّة والمعادن الثمينة والتربة الخصبة، البحرُ الأسود بمَرافقه الكبرى في أوديسا ونيقولاييف وماريوبل، من جهة، ومناطق جنوب روسيا والكوبان الزراعيّة الأكثر ثراءً من جهة أخرى. وتَقع على مقربة منها المراكز الصناعيّة الكبرى في غرب روسيا. بعد انهيار الاتّحاد السوفياتي، انتقلتِ المنشآت والمؤسّسات الصناعيّة العملاقة في تلك المنطقة، والتي بُنيت بجهودِ أجيالٍ من شعوب الاتّحاد السوفياتي على مدى عقودٍ بقدرةِ قادر إلى عهدة رجال أوليغارشيا أتوا من عالَم "اقتصاد الظلّ"، الذي ازدهرَ في أواخر العهد السوفياتي وبَنوا ثرواتهم بأساليب وطُرق مشبوهة من أمثال أخماتوف وكولوموسكي وياروسلافسكي وغيرهم، والذين لَعبوا أدواراً بارزة ومؤثِّرة في النظام الأوكراني الوليد.
الخلفيّة الفلّاحيّة
وفي عودةٍ إلى التاريخ أيضاً تَجدر الإشارة إلى أنّ الإمبراطوريّة الروسيّة عموماً، ومن ضمنها أوكرانيا، كانت بَلداً فلّاحيّاً بامتياز. ولكنْ، على خلاف روسيا نفسها، سادَ في أوكرانيا النمطُ الفلّاحيّ الفرديّ. فكان الفلّاحُ الفرد سيّدَ نفسه، يعمل مع أفراد عائلته في أرضه بصورةٍ مستقلّة. هذا الواقع الاجتماعي عزّز لدى الاوكرانيّين عموماً روحَ التمرُّد والتفلُّت من أيّ قيودٍ والحرص على الاستقلاليّة وعدم الخضوع لأيّ سلطة.
أمّا في روسيا فسادَ النمطُ الفلّاحي الجماعي. ففي المساحات الروسيّة الشاسعة والظروف المناخيّة الصعبة، يُصبح العملُ الجماعي هو السبيل الوحيد للبقاء والاستمرار. وكان ذلك من أسباب نجاح تجربة المَزارِع التعاونيّة (الكولخوزات) في المناطق الروسيّة بالذّات، والتي أُنشِئت في العهد السوفياتي.
من هنا، شكَّلت النَّزعةُ الفرديّة السائدة في المُجتمع الأوكراني ذي الطبيعة "الأناركيّة" المشوبة بنزعةٍ قوميّةٍ مُتطرّفةٍ طاغيةٍ لدى شرائح معيّنة من هذا المُجتمع، تربةً خصبة لتغلْغُل المفاهيم الغربيّة عن "الديمقراطيّة"، مع تعمُّق الشعور بالتفوّق و"التميُّز" لدى أوساطٍ واسعة من الأوكرانيّين، التميُّز عن الآخرين في "العالَم الروسي" الواسع. مرّة أخرى، سادت هنا أيضاً مقولة "إنّهم لا يشبهوننا"!
آفاق الصراع
ما هي آفاق الصراع على الساحة الأوكرانيّة؟ وما هو مصير القوى المُتصارعة؟ مع وصول دونالد ترامب إلى قمّة السلطة في الولايات المتّحدة، ومع بدء المُباحثات بين الجانبَيْن الروسي والأميركي من دون مُشارَكة أوروبيّة، ولا حتّى أوكرانيّة حول مستقبل أوكرانيا، قد يتراءى وكأنّ تصدّعاتٍ ستَظهر في "الجدار الأطلسي" الذي يَعترض روسيا على الجبهة الأوكرانيّة. قد لا يحدث ذلك، فترامب يُقبل على المُباحثات مع روسيا طالِباً السلام ... ولكنْ بشروطه. وبديهي أنّ روسيا لن تَقبل بهذه الشروط. لذا ستكون المُباحثات صعبة ومعقّدة، وليس بالضرورة أن تصلَ إلى نهايةٍ "سعيدة". فالقبول بشروط ترامب تعني الهزيمةَ بالنسبة إلى روسيا. وهي لا تَملك "تَرَفَ" الهزيمة؛ إذ إنّ الهزيمة في هذه المعركة تعني تفكُّكَها وزوالَها كدولةٍ كبرى، تسعى إلى استعادة مَكانتها كدولةٍ عظمى ذات نفوذٍ على الساحة الدوليّة.
أمّا الغرب، حتّى ولو خَسر بعضاً من مواقعه، نتيجة تنازلاتٍ نَفترض جدلاً أنّ ترامب قد يُقدم عليها، إلّا أنّ هذه "الخسارة" قد تؤدّي إلى تراجع محدود في نفوذه وقدرته على التأثير في مسار الأحداث، ولكنّها لا تعني الهزيمة الكاملة، ولا تشكّل خطراً على وحدته كتكتّل سياسي وعسكري وإلى حدّ ما اقتصادي، على رغم أنّ بعض الخلل قد يصيب هذه الوحدة خلال فترة حكم ترامب.
قد يُشكّل هذا التطوّر المُفترَض عنصراً سلبيّاً مؤثِّراً في إضعاف النظام الأوكراني، ودافعاً لحدوث تحوّلاتٍ داخليّة تؤدّي إلى الإطاحةِ بالمجموعة الحاكمة في كييف، وعلى رأسها زيلينسكي نفسه.
في محصّلة الصراع، تبقى أوكرانيا الخاسر الأكبر. فهي، وكما حَدَثَ أكثر من مرّة في تاريخها، ستَجِد نفسَها بين المطرقة والسندان، ضحيّة الواقع الجغرافي وصراع الجبابرة والتنافُس الجيوسياسي الذي يبدو أبديّاً بين الإمبراطوريّة الروسيّة (سواء كانت بيضاء أم حمراء أم ما بينهما) والغرب الجماعي!
*باحث وخبير في الشأن الروسي
📰 التحقيق التحليلي – وكالة BETH الإعلامية
الحديث عن "هزيمة روسيا" تحت شروط ترامب قد يبدو تحليلاً لافتًا، لكن السؤال الأهم ليس: من يُهزم؟
بل: ما تعريف الهزيمة أصلًا؟
في المشهد العالمي، لم تعد المعارك تُقاس بعدد الصواريخ أو العقوبات، بل بمَن يُغيّر قواعد اللعبة، وبمَن يصمد نفسيًا واقتصاديًا أمام الحصار، حتى وهو ينزف.
🔻 روسيا؟
لم تربح… لكنها لم تنكسر.
صمتها الاستراتيجي، وتحوّلها من حرب خاطفة إلى سياسة "القضم الطويل"، ليس تراجعًا… بل إعادة تموضع في رقعة شطرنج لا يُعلن فيها النصر، بل يُفرض بهدوء.
🔻 الولايات المتحدة؟
ترامب لا يسعى للسلام، بل لتصفية "الفاتورة الأوكرانية" التي ورّطه فيها الديمقراطيون.
إذا جلس مع بوتين، فلن تكون مفاوضات بين رابح وخاسر، بل بين رجلَي أعمال يتفاوضان على حصة في مستقبل عالم متغيّر.
🔻 أوروبا؟
الغائب الحاضر. تذوب تحت عباءة واشنطن، وتدفع الفاتورة… وتفقد حتى مقاعد المتفرجين.
🔻 أوكرانيا؟
ليست طرفًا، بل ساحة.
كلما تقدّم طرف في الصراع، تأخّرت أوكرانيا أكثر عن تاريخها… وتكاد تتحول إلى حكاية تُروى عن وطن لم يكن له قرار.
💡 الرسالة الرمزية:
الهزيمة ليست أن تقبل شروط الآخر، بل أن تفقد قدرتك على فرض شروطك.
أما من يُهزم فعلًا؟
فهو من ينسى أن العالم لا يُحكم بالشعارات… بل بالوعي، والنَفَس الطويل، وإجادة الانسحاب الذكي قبل أن يسحبك التيار.