من الظل إلى الكرملين: كيف أصبح بوتين رئيسًا لروسيا قبل 25 عامًا؟

تحليل – إدارة الإعلام الاستراتيجي | BETH
في مثل هذا اليوم قبل ربع قرن، دخل فلاديمير بوتين الكرملين رئيسًا لروسيا للمرة الأولى، في مشهد سياسي لم يكن محسومًا، لكنه كان محكومًا بقوة اللحظة، ودهاء التوقيت، ومفاجآت ما وراء الستار.
في هذا ، ألقت وكالة الأنباء الروسية الرسمية “ تاس” بتقرير مفصل أمام العالم !
و “ بث ” تبحث فيه وتحلل.. وتركز على أهم ما جاء ، بدون تفاصيل ، وبعيدا عن التبجيل..
في 26 مارس 2000، انتخب الروس رجلًا لم يكن على رادار الرئاسة سوى قبل أشهر قليلة… لكنه تفوق على خصومه من أبطال "المشهد السياسي الثقيل"، وكسر المعادلة التقليدية للسلطة في بلد خارج من عقد من الاضطرابات الاقتصادية والأمنية.
🟨 من أين جاء بوتين؟
بدأ ظهوره الحقيقي عندما عيّنه بوريس يلتسين رئيسًا للوزراء في أغسطس 1999.
اكتسب شعبيته بعد تصديه لهجمات المسلحين في داغستان،
وفي ظرف 6 أشهر فقط، قفز من 2% إلى أكثر من 40% في استطلاعات الرأي.
وفي 31 ديسمبر 1999، أعلن يلتسين استقالته، وأسند الرئاسة مؤقتًا إلى بوتين… ليبدأ الطريق الرسمي نحو القمة.
🟥 انتخابات 2000: حسم في الساعات الأخيرة
تنافس بوتين مع 10 مرشحين بارزين، أبرزهم: غينادي زيوغانوف، فلاديمير جيرينوفسكي، وإيلا بامفيلوفا.
في ليلة 26 مارس، كانت النسبة عند 45%، وبدا أن جولة ثانية قادمة.
لكن خلال الساعات الأولى من يوم 27، تجاوز بوتين حاجز 50%، وحسم الفوز من الجولة الأولى بنسبة 52.9%.
🟦 ما الذي جعل بوتين يفوز؟
لم يعتمد على الدعاية التلفزيونية، ورفض الخطاب الشعبوي، وركز على العمل.
لم يخشَ الانتقادات، بل رحّب بها إن كانت "صادقة وتخدم روسيا"، كما قالت منافسته بامفيلوفا.
رفض إعلان حالة الطوارئ رغم الحرب الشيشانية، وقدّم نفسه كصاحب قرار لا كمن يبحث عن الفرصة.
🟩 من جمهورية بلا استقرار إلى قيادة ربع قرن
في عام 2000:
كان دخل المواطن الروسي لا يتجاوز 50 دولارًا شهريًا.
وصلت نسبة البطالة إلى 13%.
التضخم بلغ 36.5%.
روسيا كانت غارقة في ديون صندوق النقد.
واليوم، بعد 25 عامًا، يقود بوتين دولة تُعد ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم، وصاحبة حضور ثقيل في ملفات الطاقة، والأمن، والجغرافيا السياسية.
🔚 خلاصة BETH:
ربع قرن في حكم دولة بنظام "جمهوري"... ليس تفصيلًا عابرًا.
بوتين لم يكن صدفة، بل لحظة مفصلية في مسار روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي.
رجل لم يأتِ بخطاب عاطفي... بل بخطاب "صامت" وفعّال.
لكن...
هل الاستمرارية دليل على النجاح؟
أم أن طول البقاء أحيانًا يخفي ما لا يُقال؟
الزمن سيجيب... لكنه لن يمنعنا من طرح الأسئلة.
🟥 هل تقرير "تاس" إشارة إلى أن بوتين يفكر في الرحيل؟
ربما نعم… وربما لا.
لكن نشر وكالة تاس الرسمية تقريرًا تفصيليًا وواسع النطاق عن لحظة صعود فلاديمير بوتين قبل 25 عامًا ليس مجرد استذكار تاريخي، بل على الأرجح يحمل إحدى هذه الرسائل الذكية:
🟨 1. أرشفة بطولية تمهّد لتحوّل
عندما يبدأ الزعيم بإعادة سرد تاريخه بيد النظام،
فغالبًا ما يكون ذلك تثبيتًا للشرعية قبل تغيّر ما:
إما رحيل وشيك بصيغة الأسطورة،
أو بقاء جديد بصيغة المنقذ الأبدي.
💬 "إن غادرت، فتذكّروا من كنت… وإن بقيت، فاستعدوا لمشهد جديد."
🟦 2. بالونة اختبار سياسي وإعلامي
تقرير تاس ربما لا يُمهّد لقرار،
بل يجسّ نبض الداخل والخارج:
كيف سيتفاعل الإعلام الدولي؟
هل تتحرك الأسواق؟
هل يظهر منافسون؟
هل هناك رسائل للغرب أو لدوائر القرار في موسكو؟
✳️ "نحن لا نقول إن بوتين سيرحل… لكن فلنرَ ماذا يحدث إن لمحنا بذلك."
🟥 3. إعادة ضبط الذاكرة الروسية
في روسيا – كما في كثير من الدول الكبرى –
السيطرة على الذاكرة الجماعية = استمرار في الشرعية.
تقرير "تاس" يعيد ترتيب ربع قرن من حكم بوتين
بطريقة تحفظ صورته في القمة،
حتى لو غاب جسدًا.
🧠 "بوتين ليس مجرد رئيس… بل عقل استراتيجي صاغ روسيا الحديثة، وأيًّا يكن القادم، فهو لا يخرج من عباءته."
✅ خلاصة BETH:
تقرير "تاس" ليس تحية وداع…
بل صفارة تحوّل.
سواء قرر بوتين المغادرة أو البقاء،
فالنظام الروسي بدأ يُمهّد للعبور من "فلاديمير الشخص"... إلى "بوتين الفكرة".
خاتمة
فلاديمير بوتين...
ربع قرن على رأس "جمهورية"، دون أن يتزحزح،
دون أن يُحسم خلافه،
ودون أن يُشكّل نظامًا بديلاً لنفسه.
وفي لحظة تأمل سريعة…
هل نحن أمام رئيس؟
أم ملك غير متوّج؟
✳️ الفرق الجوهري بين النظام الملكي والنظام الجمهوري،
أن الأول يعلن طبيعته… والثاني قد يُخفيها خلف صناديق الاقتراع.
لكن في النهاية…
الشرعية لا تُقاس بالمدة فقط، بل بالأثر والبديل.
فهل حان وقت السؤال الحقيقي:
ماذا بعد بوتين؟
"في جمهوريات كثيرة، لا فرق بين الرئيس والملك… سوى أن التاج خُبّئ في الدستور."