الرياض تجمع الأضداد.. اتفاق روسي أوكراني برعاية أميركية وهدوء في البحر الأسود

متابعة وتحليل إدارة الإعلام الإستراتيجي بوكالة بث:
في تحوّل لافت، اختُتمت في الرياض، اليوم الثلاثاء، جولة جديدة من المباحثات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، أعقبت لقاءً مباشرًا بين واشنطن وموسكو، وأثمرت عن اتفاق مبدئي على تهدئة التوتر في البحر الأسود.
✅ أبرز ما تم التوافق عليه:
وقف الأعمال العدائية في البحر الأسود من قِبل روسيا وأوكرانيا.
ضمان سلامة الملاحة التجارية، ومنع استخدام السفن التجارية لأغراض عسكرية.
حظر كامل على استهداف منشآت الطاقة في كل من روسيا وأوكرانيا.
التزام أمريكي بتسهيل تبادل أسرى الحرب بين الطرفين.
استمرار الوساطة الأمريكية عبر محادثات الرياض للوصول إلى تسوية شاملة.
الموقف الأميركي:
البيت الأبيض أعلن أن الولايات المتحدة "ستواصل تسهيل المفاوضات بين كييف وموسكو"، مؤكداً التزام الرئيس دونالد ترامب بوقف نزيف الدم شرطًا أساسيًا لتسوية النزاع.
كما أعلنت واشنطن دعم صادرات الأسمدة الروسية، وبدء رفع العقوبات الزراعية عنها في خطوة لخفض توتر الأسواق وتكلفة التأمين البحري.
الموقف الأوكراني:
وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف، الذي ترأس وفد بلاده في محادثات الرياض، صرّح بأن الاتفاقات تتضمن بنودًا فنية تتطلب مشاورات إضافية لضبط آليات التنفيذ والمراقبة.
كما حذر من أن تحرك السفن الحربية الروسية خارج شرق البحر الأسود سيُعد خرقًا للاتفاق، ويمنح أوكرانيا حق الرد.
الموقف الروسي:
موسكو وصفت الحوار مع واشنطن بأنه "مفيد رغم صعوبته"، وغادر وفدها العاصمة السعودية بعد مفاوضات استمرت 12 ساعة، دون أن تنشر تفاصيل رسمية. لكنها دعت إلى توسيع دائرة الوساطة لتشمل الأمم المتحدة ودولاً أخرى، مع تجديد مطلبها بإحياء "اتفاق البحر الأسود" وتخفيف قيود التصدير الزراعي.
🔍 تحليل استراتيجي: ما وراء التهدئة؟
⚓ البحر الأسود: ساحة اختبار لصفقة أكبر
الاتفاق على البحر الأسود ليس هدفًا بحد ذاته، بل بوابة اختبار لجدية الأطراف نحو تسوية أوسع. فسلامة الملاحة تمثل أولوية عالمية، لا فقط أوكرانية - روسية، وقد يكون هذا الملف الأقل كلفة سياسيًا والأسرع في الإنجاز، لكنه قد يفتح الباب لمناقشة القضايا الأثقل، مثل ترسيم الحدود، الطاقة، ومصير الأراضي.
الرياض: مركز دبلوماسي جديد
مرة أخرى، تؤكد الرياض موقعها كمركز توازن إقليمي وعالمي، قادر على جمع أطراف متنازعة. الدور السعودي في استضافة جولات فنية عالية المستوى يعكس تحولًا في أدوات القوة الناعمة التي تعتمدها المملكة، والتي تجمع بين النفوذ الدبلوماسي والحياد الاستراتيجي.
🛡️ السعودية وسياسة "الدبلوماسية الهادئة": الرياض تُثبت مجددًا قدرتها على جمع الأضداد
الاجتماعات التي استضافتها الرياض هذا الأسبوع، والتي جمعت فرقاء الحرب في أوكرانيا بشكل غير مباشر، تمثّل نقطة تحوّل استراتيجية في المشهد الدبلوماسي العالمي، وتكشف بوضوح عن نجاح النهج السعودي القائم على "الدبلوماسية الهادئة" و"الحياد الفعّال".
بينما فشلت قوى كبرى ومنظمات دولية في تقريب وجهات النظر بين واشنطن وموسكو، نجحت المملكة العربية السعودية في توفير أرضية محايدة وآمنة للنقاش، دون ضجيج إعلامي، ولكن بنتائج ملموسة: تهدئة في البحر الأسود، واتفاق على عدم استهداف منشآت الطاقة، واستعداد لتبادل الأسرى.
هذا النجاح لا يأتي من فراغ، بل هو ثمرة:
سياسة متزنة لا تنحاز لطرف على حساب الآخر.
رصيد ثقة متراكم في حلحلة الملفات المعقدة في مواقع كثيرة من العالم أشغلت العالم.
وطموح قيادي واضح بأن تكون السعودية لاعبًا محوريًا في هندسة السلام، لا مجرد مستورد للأزمات.
الرياض، اليوم، لا تُقدّم نفسها كوسيط محلي أو إقليمي فحسب، بل كمركز توازن دولي جديد، يملك من التأثير والمرونة ما لا تملكه عواصم تقليدية مثل جنيف أو فيينا.
📌 خلاصة:
محادثات الرياض لم تُنهِ الحرب، لكنها كسرت جمود البحر الأسود. وإذا تم احترام التهدئة، فقد تكون مقدمة لـ "هدنة تجريبية" تُختبر فيها نوايا الأطراف، ويُقاس مدى قابلية الانتقال إلى وقف شامل لإطلاق النار.
لكن الأهم من ذلك، أن الحرب بدأت تتحول من لغة النار إلى لغة الطاولة... ولو مؤقتًا.
الصورة الرئيسية
السلام العالمي ينطلق من السعودية