الذكاء الاصطناعي في الإعلام: الأداة لا تصنع المعجزة

news image

 

✍️ عبدالله العميره – مدير وكالة بث الإعلامية

في زمن تتسارع فيه المتغيرات وتتشابك فيه الروايات، لم يعد كافيًا أن يكون الصحفي مجرد ناقل خبر أو راصد حدث.
بل عليه أن يبدأ بسؤال جوهري:
"ماذا أريد؟"

هل أبحث عن الحقيقة؟
هل أفهم رسالتي الإعلامية؟
هل أدرك أن الكلمة التي أكتبها اليوم قد تصنع انطباعًا، تُغيّر صورة، أو تُعيد رسم فهم عن وطن بأكمله؟

الصحفي السعودي اليوم لا يمكن أن يُحدث فرقًا ما لم يكن مدركًا للقوانين، واعيًا بسياسات المملكة، وفهمه عميقٌ لرؤية السعودية 2030؛ رؤية ليست فقط للتحول الاقتصادي، بل لمكانة حضارية تتطلب إعلامًا يُعبّر عنها بلغة تليق بها.

نقل المنجزات السعودية ليس تكرارًا للأرقام ولا استعراضًا للصور، بل صناعة سردية ذكية تعزز فخر المواطن، وتفتح أعين العالم على حقيقة مبهرة قد لا يراها الزائر إلا حين يجد من يشرحها بإخلاص وفهم عميق للهوية والرسالة والجمهور المستهدف.

وهنا تتقاطع هذه المهمة الإنسانية والوطنية مع ما يشهده العالم من ثورة تقنية، يتصدرها الذكاء الاصطناعي.

 

الإعلام والذكاء الاصطناعي… من يقود من؟

في عصر تزداد فيه الأصوات التي تمجّد الذكاء الاصطناعي، تغيب عن كثير من المؤسسات الإعلامية حقيقة جوهرية: الذكاء الحقيقي ليس في الأداة، بل في العقل الذي يوجّهها.

امتلاك أدوات متقدمة لتحرير النصوص أو إنتاج المحتوى لا يعني شيئًا إذا كانت المؤسسة تفتقر إلى عقلية تحريرية استراتيجية، تفهم الرسالة، وتدرك الجمهور، وتحدد الهدف.

المعضلة الكبرى اليوم ليست في غياب التكنولوجيا، بل في سطحية الفهم الإعلامي. إذ تملك بعض المؤسسات أحدث التقنيات، لكنها لا تعرف ماذا تقول، ولمن، ولماذا.

لا يكفي أن نوظف شبابًا يفهمون التقنية، بل نحتاج إلى قادة تحرير يفهمون التحولات العالمية، ويعيدون تعريف الرسالة الإعلامية في ضوء المتغيرات، ويُحسنون توظيف التقنية دون الوقوع في أسرها.

 

بث الدولية: عندما تقود العقلية الأداة

في هذا المشهد، تسير وكالة بث السعودية - الدولية في اتجاه مختلف، حيث تعمل على تأسيس إعلام ذكي بأدوات حديثة، وبقيادة بشرية ناضجة.

ووفق استراتيجيتها، تستعد لبسط حضورها العالمي خلال عامين إلى ثلاثة أعوام، مستندة إلى خبرات دولية تعاملت مع كبريات الوكالات، وخبرات سعودية تعرف ما لا يعرفه الكثير، وشباب وشابات سعوديين يتم دمجهم وتدريبهم على معايير الإعلام العالمي.

بث لن تكون جزءًا من التكرار، بل ستكون في موقع الريادة.
ولأن الأداة وحدها لا تصنع المعجزة، فإن المعجزة تبدأ من فهم الرسالة، واتخاذ الموقع الصحيح من المستقبل.

 

( طبعاً؛ لن أتحدث عن تفاصيل الآن.. سترونها)
تفاصيل تتعلق بتطوير "لغة الخطاب الصحفي بطريقة بث العالمية" — تلك اللغة التي لا يمكن تخيّلها الآن، لأنها تختلف كليًا عن أي تصور يُمارس في الصحافة العربية اليوم، أو يُدرَّس في الأوساط الأكاديمية، وهي طرح يختلف عمّا ترونه اليوم في "بث" من تجارب أولية، فالقادم مختلف في الجوهر والرؤية.

 

🧠 مسك الختام:

الإبداع في الإعلام ليس أن نُصمم وسيلة أو نُبهِر بالعرض، ثم نظل أسرى لذاتنا نردد الشعارات اللامعة ونحلق في دوائر مغلقة من الانبهار الذاتي.
الإبداع الحقيقي يبدأ عندما نفهم: أن الغاية ليست في الإبهار الشكلي، بل في التأثير العميق.

ليس الهدف أن ننتج محتوى يدهشنا نحن، بل أن نُحدث أثرًا حقيقيًا لدى الآخر.
أن ندرس المؤثرات الفكرية على المتلقي، وأن نُحسن توجيه الرسالة بدقة، ثم نقيس الأثر لا بالانطباع، بل بالتحول.

وإلا، سنعود كما كنا... نُطلق الرسائل دون وعي بمن تصل، ولا كيف تُستقبل، ولا ما تُنتج.
نُبدد الميزانيات على خطاب نُقنع به أنفسنا، لا غيرنا.