تقرير استراتيجي: إيران بين الضغوط الخارجية والانهيار الداخلي

إعداد: وكالة بث الإعلامية
التاريخ: 18 مارس 2025
مقدمة
تشهد إيران مرحلة حساسة في تاريخها الحديث، حيث تتصاعد الأزمات الداخلية في ظل ضغوط خارجية متزايدة. وبينما تحاول طهران الحفاظ على نفوذها الإقليمي، يواجه النظام تحديات سياسية واقتصادية تهدد استقراره. يستعرض هذا التقرير أبرز التطورات على الساحة الإيرانية، انطلاقًا من مصادر متعددة، مع تحليل عميق لتداعياتها المستقبلية.
أولًا: الصراع الداخلي – أزمة نظام ولاية الفقيه
1. تصاعد الانقسامات داخل السلطة
تشير التقارير إلى أن النظام الإيراني يعاني من صراعات داخلية متزايدة بين التيارات المتشددة والإصلاحيين التقليديين. ويبدو أن هذه الانقسامات تعززت مع تضييق الحرس الثوري قبضته على مفاصل الدولة، مقابل محاولات بعض القوى السياسية التقليدية إعادة التوازن داخل النظام.
برلمان بلا تأثير: البرلمان الإيراني فقد دوره كجهة رقابية وتحول إلى أداة للقمع السياسي بدلاً من أن يكون منصة للتشريع.
خلافات بين مكتب خامنئي والحكومة: تؤكد المعلومات أن هناك تباينًا في وجهات النظر بين مكتب المرشد الأعلى ومؤسسات الحكومة حول سبل التعامل مع الاحتجاجات المتصاعدة والأزمات الاقتصادية.
2. الحراك الشعبي ورفض القمع
تزايدت الاحتجاجات في عدة مدن إيرانية نتيجة الأزمة الاقتصادية المستفحلة وسياسات النظام القمعية.
تشكل قضية فرض الحجاب الإجباري نقطة خلاف رئيسية بين السلطات والمجتمع، حيث بدأت حتى بعض الفئات الموالية للنظام في انتقاد الإجراءات الصارمة التي تُفرض بالقوة.
الاحتجاجات الحالية أكثر تنظيمًا مما سبق، مع مشاركة قطاعات اجتماعية جديدة، مثل العمال والطلاب، مما يشير إلى عمق الأزمة.
ثانيًا: السياسة الخارجية – مأزق التوسع الإقليمي
1. الضربات الأمريكية على الحوثيين – رسالة مباشرة لطهران
تؤكد الغارات الجوية الأخيرة على مواقع الحوثيين في اليمن أن الولايات المتحدة بدأت بتكتيك جديد يهدف إلى إضعاف النفوذ الإيراني الإقليمي بشكل مباشر.
هذه العمليات وضعت إيران في موقف حرج، حيث لم تستطع الرد المباشر، مكتفية بالتصريحات الإعلامية الداعية إلى "وقف التصعيد".
الحوثيون بدورهم تعهدوا بمواصلة استهداف السفن في البحر الأحمر، ما يشير إلى أن إيران تحاول استغلالهم كأداة ضغط رغم ضعفهم العسكري بعد الضربات.
2. موقف روسيا الغامض تجاه إيران
رغم العلاقات الاستراتيجية بين موسكو وطهران، إلا أن روسيا لم تقدم دعمًا علنيًا قويًا لإيران بعد الضربات الأمريكية.
يبدو أن موسكو تحاول الحفاظ على علاقتها مع الولايات المتحدة وأوروبا في ظل حرب أوكرانيا، مما يقلل من دعمها غير المشروط لإيران.
من المتوقع أن تحاول إيران اللعب بورقة الوساطة الروسية في المحادثات النووية لتخفيف الضغط عنها.
ثالثًا: الوضع الاقتصادي – انهيار يلوح في الأفق
1. تراجع قيمة الريال الإيراني
بلغ الريال الإيراني أدنى مستوياته على الإطلاق مقابل الدولار الأمريكي، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
لا تزال العقوبات الدولية تعيق تعافي الاقتصاد الإيراني، فيما تستمر الحكومة في طباعة الأموال، مما يفاقم معدلات التضخم.
2. زيادة البطالة والفقر
تشير التقارير إلى أن البطالة وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات، مع انهيار قطاعات اقتصادية رئيسية مثل النفط والخدمات.
الطبقة الوسطى آخذة في التآكل، ما يجعل الاحتجاجات أكثر احتمالًا مع زيادة الفقر.
3. فساد النظام ونهب الثروات
يواصل الحرس الثوري السيطرة على الاقتصاد الإيراني من خلال احتكار العقود الحكومية والمشاريع الاستثمارية.
يشير محللون إلى أن الفساد الداخلي أصبح عائقًا أمام أي محاولات جادة لإنقاذ الاقتصاد، حيث تُنقل الأموال إلى الخارج بدلاً من استثمارها محليًا.
رابعًا: التداعيات المستقبلية
1. هل ينهار النظام الإيراني؟
لا يبدو انهيار النظام الإيراني وشيكًا، لكنه يواجه أسوأ أزماته الداخلية منذ عقود.
استمرار الضغوط الداخلية والخارجية قد يؤدي إلى تفكك تدريجي في السلطة، أو ربما إلى إعادة تشكيل النظام تحت ضغط الشارع.
2. هل تتجه إيران إلى مزيد من التصعيد؟
قد تلجأ طهران إلى استخدام وكلائها الإقليميين لتصعيد النزاعات في المنطقة كوسيلة لتحويل الأنظار عن أزماتها الداخلية.
من المحتمل أن تدفع حزب الله أو الميليشيات العراقية إلى تكثيف هجماتهم، لكن أي تصعيد مباشر قد يجلب ردود فعل قوية من القوى الدولية.
خامسًا: السيناريوهات المحتملة
1. استمرار الاحتجاجات وتآكل سلطة النظام
مع استمرار التدهور الاقتصادي والتضييق السياسي، من المتوقع أن تصبح الاحتجاجات أكثر تنظيمًا واستمرارية، مما سيزيد الضغط على الحكومة.
2. مزيد من العزلة الدولية لإيران
إذا استمرت إيران في دعم الحوثيين وزعزعة الاستقرار الإقليمي، فإن العقوبات ستتوسع لتشمل قطاعات جديدة، مما يزيد من اختناق الاقتصاد الإيراني.
3. مفاوضات نووية بشروط أمريكية صارمة
تحت الضغوط الاقتصادية والعسكرية، قد تجد إيران نفسها مضطرة للعودة إلى طاولة المفاوضات، ولكن بشروط أكثر تشددًا.