"البقشيش" .. تقدير أم استغلال؟
تقرير - هناء خليوي - بث:
في الآونة الأخيرة أصبحت ظاهرة الإكرامية أو "البقشيش" أكثر حضوراً في المملكة العربية السعودية، وامتدت إلى مُختلف القطاعات الخدمية، مثل المطاعم والمقاهي والفنادق وخدمات التوصيل. ورغم أن هذه المُمارسة شائعة عالمياً، إلا أنَّ انتشارها المُتزايد في المجتمع السعودي أثار تساؤلات حول أسبابها وتداعياتها. فهل هي مُجرد تعبير عن التقدير للخدمة، أم أنها تحوّلت إلى عبء غير مُبرر على العملاء؟
ينقسم الرأي العام حول هذه الظاهرة، إذ يراها البعض وسيلة لتحفيز العاملين على تحسين جودة الخدمة، بينما يخشى آخرون من تحولها إلى التزام غير مُعلن قد يؤدي إلى استغلال العملاء. في هذا السياق، يُطرح التساؤل: هل أصبح "البقشيش" ضرورة اجتماعية أم مجرد عادة مُكتسبة؟
- ما هي الإكرامية؟
مبلغ مالي يمنحه الزبون للعامل تعبيراً عن تقديره لجودة الخدمة، في لفتة يفترض أن تكون (اختيارية) تعكس مدى الرضا.
- لما أثار الجدل وأصبح مشكلة في المجتمع السعودي؟
• عند إضافته للفاتورة: بعض الأماكن والتطبيقات قد تدرج "رسوم خدمة" بشكلٍ مُفاجئ في الفاتورة (دون توضيح) وهذا ما قد يُزعج العملاء.
• عندما يُطلب بشكلٍ صريح: حينما يُطلب بشكلٍ مُباشر، يجد العميل نفسه في موقفٍ مُحرج، حيث يُفرض عليه دفع مبلغ إضافي قد لا يكون مُستعداً له.
• عندما يُصبح معياراً للجودة: في بعض الحالات يُنظر إليه كمعيارٍ رئيسي لتقييم الخدمة. حيث يحصل بعض العملاء على خدمة أفضل بناءً على العطاء المالي، بينما يُهمَل الآخرون.
- ما أسباب انتشار الظاهرة؟
• ضعف الأجور: بعض العاملين يعتمدون عليها لتعويض ضعف الرواتب.
• نمو السياحة: مع توسّع قطاع الخدمات وازدياد عدد المطاعم والفنادق العالمية، أصبحت ثقافة "البقشيش" أكثر شيوعاً.
• التفاعل مع الثقافات الأخرى: أسهم السفر والتغيرات الثقافية والاجتماعية، في تبنّي بعض العادات والمُمارسات الأجنبية.
• التسهيلات الرقمية: في بعض التطبيقات أو المنصات الرقمية يُوضع خيار "إضافة إكرامية" مما سهّل العملية وجعلها أكثر شيوعاً.
• منصات التواصل الاجتماعي: قد يتم تداول الكثير عن هذه الظاهرة، ومع تأثّر الأشخاص بما يُشاهدونه، أصبحوا يشعرون وكأنها عادة طبيعية.
• التأثر بالثقافات الأجنبية: يسعى بعض العاملين القادمين من دول تعتمد على "البقشيش" كمصدر دخل رئيسي إلى نقل هذه العادة إلى السوق السعودي. كما أنَّ العديد من الأشخاص يتأثرون بسهولة بهذه العادة ويُساهمون في انتشارها، مُتأثرين بالثقافات الأخرى.
- الآراء حول البقشيش:
ينظر البعض إلى "البقشيش" على أنه تقدير مُستحق للعاملين المُجتهدين، مكافأةً تُشجعهم على تقديم خدمة أفضل، بل إن البعض يراه نوعاً من التكافل الاجتماعي، يُساهم في تحسين دخل العاملين ذوي الأجور المحدودة.
لكن على الجانب الآخر، يرى معارضو "البقشيش" أنه يخلق تفاوتاً غير عادل بين العملاء، حيث قد تصبح جودة الخدمة مُرتبطة بحجم الإكرامية وليس بالاحترافية. كما يرون أنها قد تؤدي إلى استغلال العملاء، حيث يتوقع بعض العاملين الحصول عليها حتى في حالة عدم تقديم خدمة مرضية.
- الحل الأمثل:
• تحسين رواتب العاملين.
• نشر الوعي بين العملاء.
• توضيح سياسة المنشآت.
• عدم اتباع العادات الدخيلة.
• تطوير آليات أخرى لتقدير جهود العاملين
• وضع ضوابط واضحة تضمن حقوق جميع الأطراف.
• إجراء دراسة شاملة لتحديد أبعاد هذه الظاهرة وتأثيراتها.
• تقديم شكوى ضد التطبيقات والمنصات التي تتلاعب بشأنها.
تُعد هذه الظاهرة تحدياً اجتماعياً يتطلّب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية. ويُعد التعاون بين الأفراد والمُجتمع والمؤسسات الحكومية والخاصة عاملاً أساسياً للحد منها، مما يسهُم في تحقيق آثار إيجابية ملموسة.
وتذكّر.. السكوت هو العدو الأكبر لمواجهة هذه الظاهرة. عندما نصمت، فإنها تنتشر وتُصبح جزءاً من الممارسات اليومية غير المقبولة. ولكن عندما يعلن الناس رفضهم بوضوح، فإنهم يُعزّزون الوعي العام ويُقلّلون من حجم المشكلة. قوة الرأي العام والمواقف الحازمة يمكن أن تُحدِث فرقاً كبيراً، وتُساهم في تحقيق التغيير الاجتماعي المطلوب.