حين يصبح الزمن.. صديقاً لك

news image

 


محمد عبدالعزيز الصفيان


أهمية المنظور الزمني

"المنظور الزمني يمثل احد اهم العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الانسان من حيث طريقة تفكيره وتعامله مع الاحداث اليومية فهو يعبر عن الكيفية التي ينظر بها الانسان الى الماضي والحاضر والمستقبل وكيفية ربط هذه الابعاد الثلاثة لتحقيق توازن في حياته اليومية وتعتبر هذه النظرة عاملا حاسما في تحديد جودة حياة الفرد واستقراره النفسي فمن يعيش في الماضي محاصرا بالذكريات والتجارب السابقة قد يجد نفسه مثقلا بالحزن والندم اما من ينغمس في التفكير بالمستقبل فقط فيجد نفسه في مواجهة قلق دائم حول ما هو قادم ولذا فان تحقيق التوازن في النظر الى الزمن يعد المفتاح الاساسي للوصول الى حياة مستقرة ومتوازنة

التوازن بين الماضي والحاضر والمستقبل

كذلك ان النظرة الزمنية تشمل ادراك الانسان للوقت وطريقة تعامله معه في مختلف مراحل حياته البعض يميل الى العيش في الماضي حيث تسيطر الذكريات سواء كانت سعيدة او حزينة على تفكيره مما قد يؤدي الى تضاؤل الحاضر في عينيه بينما يختار اخرون الانغماس الكامل في الحاضر دون اعتبار للماضي او المستقبل وهذا قد يؤدي الى فقدان البوصلة في الحياة وهناك من يركزون تفكيرهم بالكامل على المستقبل ويتجاهلون الحاضر مما يجعلهم يعيشون حالة من القلق المستمر لذلك فان الحل الامثل يكمن في التوازن بين هذه الابعاد الزمنية الثلاثة لتحقيق الاتزان الانفعالي والنفسي

جودة الحياة والتوازن الانفعالي

الاتزان الانفعالي يعتبر من اهم الادوات التي تساعد الانسان على التكيف مع تحديات الحياة فهذه القدرة تمكنه من التحكم في مشاعره وانفعالاته مهما كانت الظروف المحيطة به فعندما يتمكن الفرد من النظر الى ماضيه برضا وتفاؤل ومعايشة حاضره بواقعية وعقلانية مع التخطيط لمستقبله بحكمة يصبح اكثر قدرة على مواجهة التحديات وتحقيق الرضا الداخلي وهذا ينعكس ايجابا على جودة حياته بشكل عام.
كما أن جودة الحياة ليست مفهوما سطحيا يقتصر على تحقيق الرفاهية المادية بل هي مفهوم عميق يشمل الجوانب النفسية والاجتماعية والروحية للفرد وعندما يتمكن الانسان من تحقيق هذا التوازن في حياته الزمنية يصبح قادرا على الاستمتاع باللحظة الحالية دون ان يفقد التواصل مع ماضيه او رؤيته لمستقبله.
من منظور علم النفس الايجابي نجد ان اولئك الذين يركزون على العيش في الحاضر بعقل واع يتمتعون بجودة حياة اعلى من الذين يظلون عالقين في الماضي او منشغلين بقلق المستقبل لذا فالتوازن الزمني يمنح الانسان مساحة للتفكير بهدوء ويعزز شعوره بالاستقرار النفسي والسلام الداخلي لذا فان تطوير مهارة التوازن الزمني ليس امراً سهلاً بل يتطلب وعيا عميقا وارادة قوية فالشخص القادر على استخلاص العبر والدروس من ماضيه واستثمار حاضره في اعمال مفيدة مع وضع اهداف واقعية لمستقبله دون الانغماس في القلق او التوتر هو الشخص الاكثر قدرة على تحقيق التوازن في حياته

ختاما 

فان التوازن بين الماضي والحاضر والمستقبل يشكل الاساس الذي تقوم عليه حياة متكاملة ومستقرة وعندما يحقق الانسان هذا التوازن فانه يستطيع بناء جودة حياة حقيقية يشعر من خلالها بالرضا والسلام الداخلي ويعيش حياة مليئة بالمعنى والانجازات دون ان يتأثر سلبا باحد هذه الابعاد الزمنية.