سلمان بن عبد العزيز.. والاستعداد لاختصار الزَّمن
الأمير الدكتور عبد العزيز بن عياف
في مقال لي بعنوان «حي من رياض سلمان» في العدد 18333 من صحيفة الجزيرة بتاريخ 6 ذو القعدة 1444هـ، الموافق 26 مايو 2023م، ذكرت أن رياض اليوم هي رياض سلمان بن عبد العزيز. ولسلمان مع مدينته، وخلال أكثر من خمسين عاماً، إنجازات وقصص ومعارك تنموية لا تعد ولا تحصى ووراء كل إنجازٍ تنموي قصة. وهنا سأذكر مشروع قطار الرياض، والذي هو بلا شك أحد المشاريع التنموية الكبرى التي نذكر قصصًا كثيرة خلفها كان بطلها وعرابها سلمان بن عبد العزيز.
إن تدشين سيدي خادم الحرمين الشريفين افتتاح مشروع قطار الرياض هو خبرٌ جميلٌ ومفرح ليس لمدينة الرياض وساكنيها ولكن لعموم مدن المملكة وسكانها. الأخبار السارَّة بحمد الله ومنذ إعلان الرؤية الطموحة للمملكة 2030 برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبقيادة سمو الأمير الطموح محمد بن سلمان، كثيرة ولا زالت تتوالى. وقد بدأنا في جني ثمار هذه الرؤية المباركة وملامسة الإنجازات على أرض الواقع في مشاريع كبيرة عملاقة ليس لها مثيل على مستوى العالم لا من حيث الحجم ولا النوعية ولا السرعة ولا الشمولية والتنوع.
مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام، هذا المشروع الطموح والذي يعد من أكبر شبكات النقل العام في العالم، والذي تم تنفيذه في مرحلة واحدة هو من المشاريع التي كانت على رأس أولويات المشاريع عند سلمان بن عبدالعزيز ويرجع ذلك لثاقب رؤيته واستشرافه الدقيق لمستقبل الرياض، وكذلك لمنهجه التنموي المتفرد باهتمامه بالبنية الأساسيَّة للرياض ومعرفته بأثر ذلك على مستقبل تنميتها.
وأذكر أنه عندما باشرت عملي أميناً لمنطقة الرياض في عام 1418هـ الموافق 1997م، كان الحديث عن عدم توفر الميزانيات يتردد في كثير من أروقة الوزارات وكان حفظه الله يكرر على أسماعنا مقولته في أن علينا الاستعداد بالدراسات والتصاميم للمشاريع حتى ولو لم تتوفر ميزانيات لتنفيذها. ورغم أن تلك الفترة شحيحة في الميزانيات إلا أنه -حفظه الله-لم يتوقف عن حثنا على تطوير البنية التحتيَّة للمدينة والتجهيز لشبكة المترو. وكان يقول «خلونا جاهزين.. متى ما توفرت الميزانيات نبدأ التنفيذ ونختصر الزمن بوجود الدراسات والتصاميم جاهزة».
مقولته -حفظه الله- تبرهن على أهمية الوقت عند سلمان بن عبدالعزيز وعلى تفاؤله الدائم بمستقبل الرياض ومستقبل المملكة وأن الدورات الاقتصادية مستمرة ما استمرت الحياة.
وبالفعل كانت الرياض السباقة في البدء بفكرة النقل العام (المترو) على مستوى منطقة الخليج العربي، وكانت الدراسات تتم بوتيرة مستمرة منذ أكثر من 25 سنة ماضية، وإن لم تحظ بالتنفيذ بسبب اعتذار وزارة المالية بنقص الميزانيات وعدم توفر السيولة.
ورغمًا عن ذلك كان -حفظه الله- لا يترك مناسبة إلا ويرفع بمطالب لمدينة الرياض واحتياجاتها من مشاريع البنية التحتية وكلما زادت الحاجة زاد الإلحاح في المطالبات وتكرارها. لذلك وعندما صدر الأمر السامي بخصوص النقل العام للرياض كانت إدارة المدينة جاهزة بالمخططات الأولية والرؤى المستقبلية ولذلك تمكنت الرياض من التوقيع السريع مع الشركات العالمية لبدء تنفيذ المشروع الأكبر والأحدث لشبكة نقل عام لمدينة أراد عاشقها الارتقاء بها ووضعها على خارطة العالم كإحدى أهم العواصم الاقتصادية والسياحية وأن تكون رياض سلمان ضمن أفضل عشر مدن في العالم.
ويستمر سلمان بن عبدالعزيز رجل التنمية الأول، ومعه ساعده الأيمن وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان أمد الله في حياتهما وأدام عزهما، ومن خلال رؤية المملكة 2030 في معركتهم الإدارية والتنموية للرياض ومن أجلها ولن يرضيا لها و للمملكة بأقلَّ من التميُّز عنوانًا، والتفرُّد عملاً، والإنجاز مساراً، والشُّموخ هدفاً.