ضجيج في الإعلام
كتب - عبدالله العميره
(1)
سنوات طويلة بالإعلام ( منذ 1983) في صحيفة الرياض ، ومطبوعات المجموعة السعودية .. وآخرها، 12 عام مديراً لوكالة بث الإعلامية - للأنباء - حتى الآن - وهي وكالة أنباء خاصة مرخصة.. وحيدة في المملكة والعالم العربي.
12 عام؛ زمن قصير في عمر الوكالات، وفي طريقها للإنتشار.
سأتحدث عن جزء من تجربة .
كيف يدور الإعلام عندنا - في العالم العربي ؟
ماذا عن التأثير.. أسبابه ومسبباته؟ ( الفرق بين الأسباب والمسببات؛ أن الأسباب هي الوسائل التي توصل إلى المطلوب، بينما المسببات هي النتائج الحاصلة عند الأخذ بالأسباب).
نعرف أن التأثير يحدث نتاج تفاعل بين: التربية والتعليم، والبيئة.
- تربية: تعلقية، نرجسية، أبوية رعوية...الخ.
- تعليم: تلقيني، تحليلي .
- البيئة: مادية، بيولوجية.
كلها تؤثر على الفهم، والتأثير، والإستيعاب، والتفاعل، وعلى الإنتشار.
(2)
تابعت جزء من الحوار التفاعلي بدون أركان، بين إثنين من الإعلاميين الكبار، عبر "بودكاست، ومنصات التواصل.
المهم في الموضوع، ورود عبارات، أراد كل منهما الإنتقاص من الآخر؛ وهما في نهاية الطريق!
وأراد كل منهما كشف سوأة الآخر!
تطرقوا للفشل، وجدل في الإنتشار.
تمنيت أن هذا لم يحدث..
تمنيت لو تواريا دون ضجيج.
لكنه أمر الله؛ ولعله خير!
(3)
سأربط في هذا الجزء بين (1) و (2)..
تذكروا معي؛ أسباب التأثير، وبالتالي المتابعة.
السؤال: هل سعة انتشار برنامج (ما) بسبب المحتوى؟ أو بسبب الشخصية المؤدية؛ أعني بأداء المذيع؟
وما علاقة المحتوى، أو الفكرة، والأداء؛ بعقلية المتلقي؟
هذا سؤال في غاية الأهمية..
وهل كل برنامج منتشر؛ ناجح؟ وهل هناك علاقة بين إنتشار قناة أو وسيلة، وبرنامج أو موضوع فيها؟
أعيد السؤال بشكل آخر: ماهو معيار النجاح في العالم العربي؟
سأذكر مثالاً:
ما رأيكم في برنامج أكشن مع وليد ؟
هل هناك شك أنه برنامج له متابعين كثر، وانتشاره واسع؟!!
ولكن؛ ما نوعية المتلقي المتابع له، وما درجة التأثير؟
هل التأثير سلبي أم إيجابي؟
أكرر السؤال:
من يتابعه؟
والسؤال بشكل آخر: هل لغة خطاب البرنامج " إعلامية علمية راقية" ذات تأثير إيجابي مستدام؟ أم هو برنامج "توك شو" طائر، هدفه الإشغال ، المنتهي إلى تأصيل الخلافات، أو لنقل؛ أقل ما يمكن عنه أن الحوارات فيه تنتهي للاشئ من الإيجابيات.
بل؛ هل أن البرنامج محبوب من الكل؟ وهل هو برنامج واسع الإنتشار؟ أم أنه معلومة غير صحيحة؟
والأهم ؛ هل هو مؤثر تأثيراً إيجابياً؟
هل يوللّد هرمون السعادة والمتعة الإندورفين، والدوبامين؟
أم يأتي بالإكتئاب والكبت، بإثارته هرمون الإستروجين ؟!
الإعلام؛ مدارس، أهم المناهج هي التي تبقي المتلقي متعلقاً بالفكرة الإيجابية إلى نهاية الحياة، وتغرس في المشاهد سعة أفق وإيجابيات ورفع المستوى الثقافي والتوعوي، وفهم الحياة؛ يبني عليها المتلقي مستقبله ومشاركاته المجتمعيه.
بالتالي، لايمكن تقاس درجة إنتشار البرنامج، بفكرته السخيفة أو التافهة، وبالضجيج المحاكي للمشاعر، بعيداً عن العقل.
في النهاية ؛ الأبقى والأكثر تأثيراً إيجابيا، هي الفكرة القوية الجذابة، والتي تحترم عفلية المتابع.مصر
ومن يعرف في قياس الإعلام والإنتشار في العالم العربي، يعرف أن هناك قنوات عربية، وهي سعودية قوية في الإنتشار، ويمكنكم وضع قائمة.
قد تكون مشبعة للمتابع - إلى حد ما - في حقبتنا الحالية. ويمكن أن تكون أكثر إشباعاً !
(4)
ما علاقة التجربة التي ذكرتها في بداية الموضوع بالمشاعر والعقل، والإنتشار، والمتلقي العربي والغربي؟ ما هو الفرق؟
الفرق في تكوين العقل.. كما الفرق بين نتائج التحليل، ونتاج التلقين..
سؤالان هما محور تقييم العمل في وسائل الإعلام:
كم عدد المتابعين؟
أو
ماذا ستقدم لي؟
يتكرر معنا هذا السؤال في وكالة بث.
الأول من العميل العربي.
والثاني من الأجنبي.. هذا الأخير، عندما نعرض له مشروع إعلامي، يسأل: ماذا ستقدم؟
طبعاً؛ يريد أن يعرف العائد أو المكاسب بطريقة علمية.
العربي، يربط المكاسب بالإنتشار. وكأنه يتعامل مع صحيفة، وليس مجموعة صحف أو محطات في وكالة إعلامية !
مع العلم أن قياس الإنتشار، لايمكن أن يكون دقيقاً، أوصحيحاً 100 %.
إلا من أحد رجال الأعمال السعوديين، أحد أكبر تجار السيارات في المملكة والخليج والمنطقة العربية.. تجارته في السيارات الفاخرة، والمتوسطة.
قال لي: لايمكن أن أعلن في وسيلة يتابعها من لايستطيع أن يشتري من معارض السيارات الخاصة بي!
وسألني:
بماذا تنصحني؟ وماذا ستقدم لي؟
أذكّر الزملاء الأعزاء:
كل منكما كان منه خير.. وقدم ما قدمه؛ فا تتعروا في زمن يجب أن يحافظ أصحاب الفكر القديم على ما يستر من أغطية.
على ماذا الخلاف، وملعبكم غير واسع في تلك الحقبة ؟!
الآن المعادلة تطورت، ويجب أن تتغيرالحالة. بما فيها النظريات المتعلقة بالإنتشار، دون التركيز على عقلية المتلقي والتأثير في العالم العربيلذي تسيطر عليه العواطف ، والإختلاف عنه في المجتمعات التي تفكر بالعقل والعاطفة معاً.