من أفلامهم تعرفهم
كتب - عبدالله العميره
anatomy of afall
" تشريح السقوط"
فيلم فرنسي يعبر عن الثقافة الفرنسية والاوربية وطريقة تفكيرها. وفلسفتهم في الحياة.
قرأت عنه، وقررت مشاهدته كاملاً.. سأضعه كمثال ، ولأدير حوله النقاش.
تابعته بدقه، وضعته تحت المجهر التحليلي.
الفكر الفرنسي.. أو لنقل؛ إنه يمثل أسلوب الفرنسيين في السياسة.. في الثقافة.. في مخاطبة الآخر.. وطريقة معالجة المشكلات.
ثقافة تخلق التصرفات.
سأقتبس من أهم القراءات الفنية للفيلم:
"يخدع فيلم "تشريح السقوط" (Anatomy of a Fall) مشاهديه، فهو يظهر في البداية كفيلم جريمة وبحث عن قاتل، وتدور أحداثه في أروقة المحاكم، لكن هوية هذا القاتل في الحقيقة غير مهمة ولا توجد ضرورة لمعرفتها، فحتى بطلة الفيلم ذاتها عندما سألت المخرجة عن شخصيتها هل هي مذنبة أم لا؟ أجابتها بأنها لا تعرف". ويأخذ الفيلم مشاهديه في رحلة موازية، رحلة تُشَرِح العلاقات الزوجية في مجتمع حديث يعتبر نفسه من الأكثر تمدنا في العالم، ويكشف عن النظرة المزدوجة بهذا المجتمع تجاه نسائه ورجاله، بأن الواقع مختلف عن التنظير.
"تبدأ أحداث "تشريح سقوط" في الدقائق القليلة ما قبل الوفاة المفاجئة لرب هذه الأسرة متعددة الجنسيات، فالزوجة كاتبة ألمانية مرموقة وناجحة، بينما الزوج كاتب فرنسي متواضع الشهرة، ويعيشان بمكان ناء في الجبال الفرنسية مع طفلهما الذي فقد بصره في حادث نتيجة إهمال الأب منذ سنوات مضت. ولا يظهر الزوج في البداية، ولكنه حاضر في الخلفية، فبينما تُجري طالبة جامعية حوارا مع الزوجة تتصاعد موسيقى صاخبة تمنعهما من سماع بعضهما البعض، لينتهي الحوار قبلما يبدأ، وتصعد الزوجة غاضبة، ويفاجأ الابن في اللحظات التالية بجثة والده مسجاة على الثلج وقد سقط من أعلى المنزل. وتحوم الاتهامات بعد ذلك حول الأم، التي تُصر على أن ذلك حادث انتحار، سبقته محاولة فاشلة سابقة أنقذت زوجها منها، ولكن لم يدعم هذه الفرضية أي دليل، ومن هنا تبدأ المحاكمة التي امتدت لتشمل أغلب أحداث الفيلم، وفيها تقف الزوجة أمام المحلفين تحلل علاقتها بزوجها القتيل، وتكشف أمامهم وأمام المتفرج الحقيقة المختبئة وراء شكل الأسرة المثقفة المثالية. وتنظر المحكمة والمحلفون إلى "ساندرا" كمذنبة لأسباب لا يمكن تصنيفها قانونية تماما، فيتهمها المدعي العام بسرقة الفكرة الرئيسية لرواية زوجها، بينما يستخدم أحد التسجيلات الصوتية التي تدعم موافقة الزوج على إعطائها فكرته بعدما فقد الأمل في إتمامها نتيجة لإحباطه المستمر من مسيرته الروائية المتواضعة وبعد حادث الابن. أوضحت "تريت" وجهة نظر المحكمة في الزوجة بوضع الكاميرا طوال المحاكمة أسفل البطلة، لتظهرها من الأعلى عملاقة واثقة من نفسها لا يبدو على ملامحها الضعف أو الهلع من هذا الاتهام الذي قد يدمر حياتها، الأمر الذي يثير المزيد من غضب المدعي العام ويضعف موقفها في عيون المحلفين، بينما في مشاهدها الأخرى بالمنزل نجد الكاميرا في مستواها، وبمشاهد ضعفها مثل انهيارها بالبكاء تنظر إليها الكاميرا من الأعلى فتظهر هشاشتها".
لنركز على بعض نقاط فنية :
- هوية هذا القاتل في الحقيقة غير مهمة ولا توجد ضرورة لمعرفتها.
- رحلة تُشَرِح العلاقات الزوجية في مجتمع يعتبر نفسه الأكثر تمدنا في العالم.
- يكشف عن النظرة المزدوجة بهذا المجتمع تجاه نسائه ورجاله.
- لا يظهر الزوج الضحية في البداية، ولكنه حاضر في الخلفية ( سيناريو إبداعي بحت).
- تقف الزوجة أمام المحلفين تحلل علاقتها بزوجها القتيل، وتكشف أمامهم وأمام المتفرج الحقيقة المختبئة وراء شكل الأسرة المثقفة المثالية.
- تنظر المحكمة والمحلفون إلى "ساندرا" كمذنبة لأسباب لا يمكن تصنيفها قانونية تماما.
- وضع الكاميرا طوال المحاكمة أسفل البطلة، لتظهرها من الأعلى عملاقة واثقة من نفسها .. بينما في مشاهدها الأخرى بالمنزل نجد الكاميرا في مستواها، وبمشاهد ضعفها مثل انهيارها بالبكاء تنظر إليها الكاميرا من الأعلى فتظهر هشاشتها ( تصوير فني في محاولة توجيه المشاهد إلى هدف).
يمكن متابعة وتحليل أي من أفلام هوليود، أو بوليود ، أو من الأفلام العربية ، سنكتشف العقل الباطن والعقل الواعي..
هوليود؛ بطلهم لم يتغير ، وإن تغيرت الأفلام .. شمشون عهدهم القديم ، يتجدد!
والنوستالجيا الهندية : معاناة تسببها الرغبة غير المشبعة للعودة.
والرومنطيقية الفرنسية والأمانية؛ تصوير الفن والأدب بخيال الإنسان المطلق.
الفرق بين العقل الباطن والعقل الواعي .. علاقة التوجيه والتأثير..
"من حيث المفهوم قسّمت نظرية سيغموند فرويد الإدراك إلى 3 مستويات، وهي: العقل الواعي، وما قبل الوعي، والعقل الباطن أو اللاواعي .
وصف فرويد العقل الواعي بأنّه المسؤول عن جميع العمليات العقلية التي ندركها، ويتمثل في الأفكار، والمشاعر، والذكريات، والطموحات، والرغبات، فمثلًا العقل الواعي هو المسؤول عن قرار شرب الماء عند الشعور بالعطش.كما يُمثل العقل الواعي جانب المعالجة العقليّة الذي تحدث فيه عملية التفكير، وأيضًا يتضمن الذاكرة، والتي لا تُعدّ دائمًا جزءًا من العقل الواعي، إلا أنّ عملية استعادة الذكريات وإدراكها هي من مهامه.
العقل الباطن أو العقل اللاواعي يُعد المصدر الرئيسيّ لسلوك الإنسان، والجزء الأهمّ في العقل البشري، لذا فهو منجم المشاعر، والأفكار، والطموح، والذكريات خارج العقل الواعي، ويُشار إلى أنّ معظم ما يحويه هي مشاعر سلبيّة، مثل: شعور الإنسان بالألم، أو القلق، أو صراعاته في الحياة، أو استرجاع إلى الأفكار السلبيّة وليدة التجارب السابقة.
الفرق بين العقل الباطن والعقل الواعي من حيث الوظائف الأساسية يكمن الاختلاف الرئيسيّ بين العقل الواعي والعقل الباطن في الوظائف الأساسيّة للإنسان والعمليات العقليّة؛ وفيما يأتي توضيح ذلك: الوظائف الأساسية للعقل الواعي يتحكم في العمليات العقليّة والتفكير المنطقيّ، كصنع القرار، والتخطيط، والتواصل عبر اللغة، ومهارات التنظيم، كما أنّه مسؤول عن إدراك المرء لحادث ما في الوقت الحاضر، ويتضمن بعض العمليات العقليّة الداخليّة، والأحداث الخارجيّة، كالانتباه عند هبوب الرياح من النافذة، إلى جانب الانتباه إلى التغير في عملية التنفس.
الوظائف الأساسية للعقل الباطن يُعدّ العقل الباطن مسؤولًا عن الأفعال اللاإراديّة للإنسان، إذ يتحكم بشكل رئيسيّ في الوظائف الجسديّة، مثل: الهضم، والتنفس، والمشاعر، والمعتقدات، والغرائز، كما أنّه يعتمد على المعلومات المخزنة مسبقًا والتي يُمكن الوصول إليها، إضافة إلى أنّه على دراية بكلّ من العمليات العقليّة الداخليّة، والأحداث الخارجيّة.
كما تُشير العديد من الكتب، والنظريات، والمؤلفات إلى قوة العقل الباطن في إحداث تغيير في حياة الإنسان، حيثُ يؤدي تغييرأنماط التفكير إلى تحسين مجرى الحياة، إذ تعمل التأثيرات الواسعة له على تطبيق وتوجيه تلك القوة لتحقيق الأهداف، والأحلام من مال، وعلاقات، وسعادة.
هذا كله يعلم به صنّاع الاعلام ، ممن يخططون لأعمال ممنهجة، لها أهداف محددة.
في كل الأحوال : الأعمال الممنهجة الغربية، وغير الممنهجة ( كما كثير من الأعمال العربية)، تعبر عن ثقافة المجتمعات .. الكاتب، المؤلف، الصانع، هو صنيعة تجري في المجتمع بتأثيرات بيئية وتعليمية وإعلامية.
والمتلقي هو المجتمع ذاته المستهدف.
والأكثر تأثيراً، هو العمل الممنهج.
وأعني بالعمل الممنهج (هنا ) في المنتج (الرسالة)، وفي المجتمع المستهدف .