خارج الصندوق
كتب - عبدالله العميره
تُستخدم حملات الترويج لهدف رئيس ؛ وهو تعزيز الوعي.
عن طريق الإعلانات المباشرة، وغير المباشرة.
غير المباشرة: برامج تلفزيونية.. مسارح.. سينما.. معارض...الخ من أدوات القوة الناعمة.
العلاقة بين الترويج والوعي؛ يحتاج إلى تفصيل.
وبداية التفصيل؛ معرفة المسارين الرئيسيين:
الأول : مهارات المرسل.
الثاني: مهارات المستقبل.
والمهارات بين الطرفين؛ تنطلق من درجة وعي المرسل وثقافته وعلمه.. وعند المرسل ؛الإستراتيجية التي يعمل عليها.
قبل التفصيل، سأسأل سؤالاً واحداً:
هل مقدموا البرامج أو الرسائل؛ الحاليون يمتلكون المهارات لتحقيق الهدف؟
نعم؛ يوجد قليل جداً، يمكنهم ذلك.
ولكن الأغلبية مازالوا على خطين:
إما مخاطب للذات.
أو جاهل مستفز، لا علاقة له بأهمية وخطورة الإعلام.
والإجابة تحتاج إلى اختبار لقدرات المقدم أو المعد للرسالة.
سأساعد في الإجابة بتحديد قاعدة أساسية :
" القدرة على النزول إلى مستوى الجمهور - المتلقي - للإرتقاء به ".. القدرة الذهنية والعلمية والخبرة.
المذيع أو المعد؛ إذا لم يكن على وعي تام بخطورة الرسالة، وبأهدافها ، فلا يستحق أن يكون ضمن طاقم العمل.
المفهوم للإعلام الصحيح في هذا العصر لم يعد مجرد تقديم رسالة ترضي الجمهور على طريقة " الجمهور عاوز كدا"!
قبل التقدم خطوة، لابد من العلم بأمرين في غاية الأهمية:
1- مستوى وعي الجمهور المستهدف، وثقافته.
2- ماذا أريد : الإنتشار؟ أم التأثير؟ أو الإثنين معاً؟
طبعاً؛ الإبداع، في تحقيق الهدفين: الإنتشار والتأثير.
كيف؟
هذا يحتاج برامج واستراتيجيات ذات كفاءة.. تتطلب:
معرفة تامة وكاملة بأقسام، ومستوى الجمهور المستهدف، ونوعه:
الأقسام الرئيسية:
1- جمهور عام : أكثر حجما، متباعدين في المكان وأحيانا في الزمان، ولكنه ذو ديمومة، ويتشكل حول قضية مشتركة، هدفه الرئيسي تكوين اهتمام أو رأي .
2- جمهور خاص: الجمهور الذي يجمع أفراده بعض الاهتمامات أو الحاجات.
أقسام الجمهور بحسب درجة المساهمة:
- الجمهور المفترض، مجموعة من المستعدين لاستقبال عرض وحدة اتصال أي الذين يملكون الوسائل المادية والتقنية التي تمكنهم من استقبال الرسائل الإعلامية لوسيلة معينة.
- الجمهور الفعلي، مجموع الأشخاص الذين استقبلوا فعلا العرض الإعلامي مثل المشاهدين المواظبين على برنامج تلفزيوني معين والمستمعين المداومين على حصة إذاعية، أو قراء صحيفة، خاصة المشتركين، أو زوار موقع إلكتروني يسجل حضورهم بمجرد النقر على الرابط.
- الجمهور المتعرض ، وهو جزء من الجمهور الفعلي الذي يتلقى الرسالة الإعلامية بصرف النظر عن إدراكها وعن الموقف الذي سيتخذه منها.
هناك من أفراد الجمهور الذين يستجيبون للرسالة، وهناك من يتجاهلونها، تبعا لتطابقها مع احتياجاتهم ومصالحهم المادية واهتماماتهم الفكرية والإعلامية وقيمهم.
الأنواع الأدق من الجمهور: قائد، متردد، محايد، مسرنم.. الأخير يقع هو أدنى درجات الجهل.
القائد: هو الواعي، المثقف.. يفهم ماذا يقدم له..يفكر ويقرر بعقله .
مترددون،: هؤلاء - القطيع - يفكرون من نخاعهم الشوكي، وعواطفهم هي التي تقرر.. متقلبون .. تماماً كما معظم الجمهور في العالم العربي.وهم الأغلبية في المجتمع العربي، بسبب التعليم والتربية والثقافة الإجتماعية والبيئة.
محايد: لايهتم.
مسرنم: كمن يسير وهو نائم .. إمعة .. يقاد يمنة ويسرة.
لاحظوا أن معظم برامجنا الإعلامية مازالت تسير على نفس النهج.. الرسالة من طرف واحد ، وقليل من الرسائل الترددية التبادلية. وهي موجه - غالباً - لفئة المترددين ، بعض البرامج او الوسائل تتقصد ذلك ، ومعظم البرامج والوسائل لاتتقصد ، بدون علم - هي تربت على الأداء الإرتجالي الفوضوي!
سؤال: ما علاقة الجهل والوعي بالرسالة.
لب العمل وقلبه - كما ذكرت في المقدمة، أن ينزل الإعلامي إلى مستوى الجمهور ليرتقي بهم.
وليس أن ينزل إلى مستواهم لـ " يسايرهم" ، كما حال البرامج الرياضية أو معظمها!
سؤال: ماهو مقياس نجاح البرنامج:
نجاحه في الإنتشار لمسايرته العقليات المترددة ( هذا يدخل في نطاق الإستثمار في الجهل )، والإستثمار في الجهل، لابد أن يؤدي إلى كوارث في النهاية، فأن تخاطب وتقود مجتمع واعي، خير من مخاطبة وقيادة مجتمع جاهل.
هنا إشكالية خطيرة، وهي في أن:
- بالإعتقاد بالإنتشار لأي برنامج ونجاحة، لأنه يخاطب الجهل!
- الأخطر، أن تلك البرامج تقاس منها مستوى المجتمعات، ليتم تغذيتها بالأفكار المناسبة للهدم، وليس للبناء( نحن لانعيش على كوكب لوحدنا، إذ يوجد منافسون ومناوئون، وأصدقاء)
ليس من الذكاء - على الإطلاق - وضع مذيع أو معد على درجة متدنية في لغة الخطاب وطريقة التحليل والتفكير (بدائي التفكير الإعلامي) في برنامج، ويقال أن البرنامج ناجح!
النجاح لايقاس ببث الرسائل الإستفزازية والغوغائية إلى فئة الغوغاء والمغيبين.. النجاح في الإبداع من أجل التأثير الإيجابي.
فالغوغائي لابد من تهذيبه، والمغيب؛ لابد من تعليمه . وهذا ما قصدته بقولي " أن ينزل الإعلامي إلى مستوى الجمهور ليرتقي بهم"
غير ذلك، يعتبر البرنامج أو الإستراتيجية، تستهدف إلهدم وليس البناء.
سأضرب مثالاً على قدرات الإعلامي العربي ، بخاصة في برامج الـ "توك شو".
في العالم العربي، لايتم إعطاء المهمة لمذيع ذكي أو متعلم.
الذكاء ليس في نقل خبر عن حادث سيارة أدى إلى وفيات، ولا في حريق شب في مكان. هذه أخبار يمكن أن ينقلها أي شخص غير متخصص قي الصحافة.
الذكاء في الإجابة على السؤالين الأهم بين الأسئلة الصحفية الست:
كيف؟ ولماذا ؟
وأمثلة أخرى، منها ، كما يروج له هذه الأيام:
انتقال اللاعب سعود عبدالحميد إلى نادي روما.
لاحظ أن الإعلام إذا أراد أمراً حتمياً، فإنه يتبع الأسلوب التقليدي القديم - أسلوب جوبلز - فيبدأ بالتركيز على الموضوع أو قضية ، واللجوء إلى التكرار، من أجل ترسيخ الفكرة، ومحاولة جعلها حقيقة راسخة. أو تحويلها إلى أسطورة!
هذا يعرف بأسلوب الداعاية النازية : دعاية لا عقلانية تهدف إلى إثارة المشاعر والعواطف لدى الأفراد، وتغلب الدعاية النازية الصورة على التبرير والحس الاندفاعي على المنطق. وهذا برع فيه وزير إعلام هتلر "جوزيف جوبلز"، وحاول "الصحاف" وزير إعلام صدام حسين تقليده، ولكن هتلر سقط سقوطاً مروعاً وكذا من حاول تقليد هتلر ووزير إعلامه.
لم أشاهد أو أسمع - حتى الآن - طرحاً علمياً مدروساً ؛ما إذا كان سعود سيحقق الهدف، الإيجابي ، أم أنه انتقاله سيكون سلباً على المشروع السعودي.
لاحظوا كيف يتعامل الإعلام المحلي والعربي، مع وجود رونالدو في المملكة!
التعامل مع رونالدو إعلامياً، هو أسلوب يؤثر سلباً على المشروع السعودي، مع أن رونالدو نجم عالمي، ولكنني أرى أننا لانحسن الإستثمار فيه، لأن النظرة للاعب مازالت نظرة مشجعين مدرجات درجة ثانية، وليس نظرة إعلام ثاقب بعيد النظر، وطني الهوى.
المتحكم ؛ هي المشاعر، وليس التحليل العقلاني.
الواقع، سعود ، أتمنى أن يحقق الهدف، ولكن أراه ليس بذلك اللاعب الذي سيترك أثراً إيجابياً . بالتالي ، لن ينجح. كما يتحدث عنه إعلام المشاعر والعواطف.
فلا تظلموا سعود، حتى لايكون السقوط مدوياً، ولا تظلموا البلد بتعليق سمعة وطن بمستقبل لاعب.
تعاملوا بعقلانية.. إن حقق إيجابياً، فخير، وليس بغريب على وطن ملئ بالمواهب، وإن لم يحقق شيئاً - وهذا ما أراه - فقدرات شبابنا لاتتوقف عند سعود.
وأرى لاعباً واعداً، لو انتقل الآن لأي نادي أوروبي فسيحقق نسبه كبيرة من الآمال فيه.
هو اللا عب محمد القحطاني، لاعب الهلال.. هذا مثال إيجابي، حتى لايقال أن ذاك هلالي أهاجمه، وهذا فلاني.
المسألة عندي لاعلاقه لها بالأندية كما يعتقد بعض المتطفلين على الإعلام من المشجعين المتعصبين، الذين لايرون غير ناديهم في المنتخب وغيره!
تلك أمثلة، ذكرتها لأقرب المعنى من ذهنية الجمهور العاطفي. أو المتردد لعل الأمل في هذا الجمهور أن يرتقي إلى مستوى القائد .
الإعلام كالبحر أو المحيط.. ما أجمله وهو هادئ، ولكن عندما يضطرب، وما أكثر إضطراباته، فلابد أن تكون مستعداً بسفينة قوية، وربان ماهر، ومجدفين من ذوي المهارة والصلابة والخبرة، وممن يتميزون بالشغف الوطني الخالص لتبقى السفينة شامخة قادرة على مواجهة الأمواج - بمشيئة الله تعالى.