الإحتلال السلمي

news image

 

كتب - عبدالله العميره
مصطلح " الإحتلال" ؛ هو: استيلاء دولةٍ  ما على  أراضي دولة أخرى أو جزءٍ منها قهرًا، أو بالقوة.
والاستعمار مصطلح يطلق على السياسة التوسعية، الهادفة إلى الإستيلاء على قوت الدول أوالشعوب.

في الحالتين؛ تعني ممارسة دولة  ما سيطرة فعلية غير مقبول بها على أراضٍ لا تملك حق السيادة عليها.

نأخذ الجزء الأول.. ونسأل:

ماهو رأيكم في محاولة سيطرة مجموعة من الدول على دولة؟
حتى لايتشتت المعنى؛ لاحظنا - في هذا الزمان - كيف بدأ السود الأفارقة ، اتحدوا من - من عدة دول -  تشكلوا بتواجد إبتدأ بجلبهم عبيداً، لينتهي بهم المطاف إلى  السيطرة على مفاصل الولايات المتحدة؟!

العبودية في الولايات المتحدة ، انتشرت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، واستمرت في الولايا حتى إقرار حدث التعديل الثالث عشر لدستور الولايات المتحدة في عام 1865 نتيجة انتفاضة السود الذين شكلوا أكثرية مؤثرة، وتسببوا في حرب أهلية. 
كان هذا الشكل المتضخم؛ بدأ في إخضاع العمال الذين يتم شراؤهم من تجار الرقيق في أفريقيا لاستخدامهم كخدم وعمال في مزارع المستعمرات. وكانت فرجينيا أول مستعمرة إنجليزية استقدمت العبيد إلى أمريكا الشمالية عام 1619.

ماذا بعد؟
شيئاً فشيئاً، انقلبت الطاولة في أمريكا، فتحول العبيد والخدم إلى أسياد، ووصلو إلى سدة الرئاسة في أقوى دولة بالعالم .
وسيطروا على البيت الأبيض.

هل هذه شطارة من الأفارقة، أو انقلاب في المفاهيم الأمريكية؟

المثير للدهشة - معلومة - في القارة الأمريكية ، وبالتحديد في أمريكا الجنوبية، وبالأخص في الأرجنتين، لم تحدث هذه الظاهرة - أعني استقطاب العبيد من أفريقيا أو غيرها.
الأرجنتين ، ربما هي الدولة الوحيدة في العالم التي لايُسمح للسود بالتواجد فيها والهيمنة عليها.

لاحظوا المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم لايوجد فيه لاعب أسود واحد.
المسألة لاتتعلق بالعنصرية.
المسألة تتعلق بتأصيل الحكم، وبالجينات المرتبطة بعقلية الأفراد والقادة.


أتكلم عن سيطرة فئة من غير أهل البلاد ، على بلاد غيرهم، واتاحة الفرصة ليهيمنوا على مقدرات الشعب الأصلي.

حتى لا يذهب المعنى إلى مقصد آخر، مختلف عن مقاصدي في هذا المقال.
يجب أن نفهم أن أمريكا ، قد تكون حالة استثنائية، باعتبار المجتمع هناك ينقسم إلى أربعة أقسام أساسية:
1- أمريكيون أصليون ( الهنود الحمر)، وهم أقلية(!).
2- أمريكيون قدموا من  أوروبا في القرن السادس عشر والسابع عشر، نتيجة اضطهاد الكنيسة الكاثوليكية للبروتستانت ، مما دفعهم للهجرة وكونوا دولة.
3-  أفارقة تم استقدامهم كعبيد وخدم.
4- جنسيات متفرقة جاءت للدراسة أو العمل، واستوطنت على الأراضي الأمريكية.

فبالتالي التكوين المجتمعي في أمريكا غير طبيعي، والمسيطر هو من يملك خطام عربة الخيل.

بعكس المملكة المتحدة، التي لايمكن السماح على الإطلاق لأي أجنبي أن يحل مكان الملك أو الملكة. فالحكم بيد " بيت ويندسور "، فهم العائلة الحاكمة.
الملك هو قائد الدولة ورأس كنيسة إنجلترا، ورئيس مجموعة الكومنولث.
إلا ما دون ذلك، وفق قوانين صارمة.
نظام الحكم في بريطانيا، يختلف عنه في الولايات المتحدة، وعن بقية الممالك في العالم، سواء الممالك في أوروبا، أو آسيا.

هناك 43 دولة ذات سيادة في العالم مع ملك كرئيس للدولة. 
13 في آسيا ، و12 في أوروبا، و9 في الأمريكتين، و6 في أوقيانوسيا، و3 في أفريقيا.

أمثلة..
في أوروبا: إمارة أندورا، مملكة بلجيكا، مملكة الدنمارك، إمارة ليختنشتاين، دوقية لوكسمبورغ العظمى، إمارة موناكو، مملكة الأراضي المنخفضة، مملكة النرويج، مملكة أسبانيا، مملكة السويد، ودولة الفاتيكان.

في آسيا: مملكةكمبوديا، ومملكة بورما، ومملكة سيام (تايلاند)، ومملكةأنام (فيتنام)، مع بعض الإمارات الصغيرة. والممالك، والدول العربية المعروفة.

هناك كثير من الدول سُميت بأسماء مُنشِئها، أو من قادتها الأوائل..
من الطبيعي أن تُسمى دول باسم مؤسسها أو منشئها، أو باسم معلم من معالمها.

وفي أنظمة الحكم؛ بطبيعة الحال جمهوريات العالم الثالث، حالة خاصة، فهي جمهوريات بالمسمى، ولكن الرئيس ملك غير متوج!
الحالة التي يمكن أن تكون فريدة، ويطلق عليها جمهورية ، وهي باسم مؤسس، فتلك تستحق التوقف عندها لمعرفة طبيعة نظامها، فنجد الخلاصة متشابهة مع دول العالم الثالث، التي لها مسميات مختلفة عن مؤسسيها، أو ليس لها مؤسسين، بل أراضي مسماه، خرجت من أتون الإستعمار ( وليس الإحتلال ) الذي نركز عليه في عنوان هذا المقال، وسأعود إلى تفسير هذا العنوان .
الولايات المتحدة، يعود  اسمها الحالي في الأصل إلى المستكشف الإيطالي أمريكو فسبوتشي . وواشنطن، يعود اسمها إلى جورج واشنطن  في 1791 ، أي قبل 233 سنة.
وهو عمر أقل من تأسيس المملكة العربية السعودية - تأسست السعودية في عام 1727.


هذا مرور سريع على بعض أنظمة الحكم في العالم.  وليس هذا هو الهدف من هذا المقال.
ما أود التركيز عليه، وجود دول مازالت مستعمرة دول، تقتات منها، ويمكن القول أنها تسرق مقدراتها.
دول تعتبر نفسها (عظمى) وهي لاتملك مقومات العظمة، كتلك الدول في أوروبا؛ وهي معروفة. تعتمد على قوتها من قوت أفريقيا.. استيلاءً وليس استثماراً، أو تبادل منافع.

مع مرور الزمن، تظهر أساليب جديدة في " الإحتلال" أو " الإستعمار"..
الإحتلال هو سيطر قوة عسكرية على منطقة ما وتتولى السلطة فيها - هذا؛ أشرت إليه في المقدمة.
الاستعمار ممكن أن يسمى احتلالًا، ولكن يتم تعريفه على أنه انتقال أفراد من مجموعة ما إلى أرض مجموعة أخرى وتشريد السكان الأصليين، أو إبعادهم عن مفاصل الإقتصاد والإدارة.
وبالتالي، يمكننا فهم، أن الإحتلال، قهري عسكري، والإستعمار سياسي.
الإحتلال بالقوة المباشرة.
والإستعمار بالطرق السلسة، ينساب كماء،  أو حية تحت تبن.
والمحصلة النهائية واحدة .
امتصاص قوت الشعب المحتل، وصعوبة في إخراج المستعمر.

بين الحالتين ( الإحتلال والإستعمار)  ما يمكننا أن نطلق عليه ( إحلال).
وهناك حلول، تجعل من تم الإستعانه بهم، لايتخطون أدوارهم وسبب وجودهم.. 
على كل فرد أن يكتفي بمعيشته، وبما يتناسب مع إنتاجه، ولايُسمح له بتخطي حدوده. بأخذه مالا يستحق، وأن  يتم تطبيق قوانين منع ارتكابهم للجريمة، أو أي من ثقافتهم السلبيه - كالنصب والاحتيال والتدليس على الشعب، أو احتلال مكان العمالة المحلية.
في هذا الحين، يخرج المسمى من إطار الإحتلال  والإستعمار، إلى مسمى ( الإحلال)  لتبادل المنافع بما لايضر، ويحقق المصلحة لكل الأطراف.
إذا تم السماح بغير ذلك، سنجد - في يوم من الأيام - أن نظرية السود في أمريكا تتكرر في كل مكان يسمح فيها للغريب أن يحتل أرض المضيف.

_________

الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 ، الستين مقرر إجراءها يوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2024.
هل ستحسم للرئيس ترمب المولود في 14 يونيو 1946 بمدينة نيويورك، ابن المهاجر الألماني الفريد ترامب ومن والدته  ماري آن ماكلويد المهاجرة من اسكتلندا.
أم يظهر أحد أطراف من تحت مظلة الرئيس أوباما.
أم تطفوا على السطح كامالا ديفي هاريس، وتتسنم أكبر منصب في أمريكا.
اهاريس لمولودة في أوكلاند في كاليفورنيا، من أم  هندية مهاجرة (شيامالا غوبالان) ، ومن والد  جامايكي مهاجر (دونالد هاريس).

قد يقول قائل: هذه أمريكا المختلفة، وهذه 
ديمقراطيتها. ولا فرق بين ماجر من أوروبا، ولامن أفريقيا، أو من أي دولة!
لكن لدي أسئلة:
1- أين سكان أمريكا الأصليين عن البيت الأبيض؟ أم أن الهنود الحمر يتم كبتهم، وابعادهم؟ أم أن الغلبة لمن يحارب ليأخذ حقه؟ حتى لو كان غير مستحق؟!
2- هل ترمب بجيناته التي يعتز بها، مثل البقيه المهاجرة من دول عالم ثالث؟ 
أتحدث هنا علمياً ، عن تأثير الجينات على إدارة الحكم؟ هل يتم مراعاة ذلك عندما يتم قبول مرشح للرئاسة؟
3- هل هناك ثبات أمريكي في السياسة الخارجية، وعلاقاتها بالأصدقاء، وطريقة تعاملها مع الأحداث في العالم،؟ أم  ستحدث متغيرات، بحسب ما يتغير في عقلية  الإدارة المقبلة؟