في الإعلام التقني والتقليدي ,, والتأثير

news image


 

كتب - عبدالله العميره

الساعة الخامسة وخمس دقائق من مساء اليوم الخميس، تم عرض تقرير قصير عن السعودية على شاشة التلفزيون الألماني ( dw ) ، تابعته‘ ثانية بثانية.
إعجابي ليس في صناعة الفيلم، وهو من إنتاج أرامكو السعودية.
وإنتاج أرامكو الإعلامي، كما "إثراء" في المملكة العربية السعودية، مشهود لهم بالدقة والمهنية العاليتين.
نعم؛ الصناعة هي القصة .. هي المحور.
ولايمكن أن تصل القصة كما يجب؛ إلا باختيار القناة المناسبة، والعرض في الوقت المناسب، وبإسلوب عرض مميز. وبترتيب مخرج تلفزيوني محترف.
ما يميز الـdw  الجودة في العرض،  وترابط البرامج مذهلة ( الخروج من برنامج إلى آخر بسلاسة وجمال).
حتى الدعاية لدولتهم ( ألمانيا) لايتم عرضه بشكل مباشر .. تشويق وإقناع. ولغة خطاب عالمية ، وليست لغة ذاتية.
_____
كنت جهزت فكرة موضوع  في الإعلام التقني ( عملية نقل المعلومات والمحتوى الإعلامي عبر الإنترنت والوسائط الرقمية الأخرى).
والتقليدي .. حتى شاهدت التقرير (الوثائقي) . لم استطع تخطيه بدون الإشارة إليه..
وسأدخل في موضوع الإعلام التقني - وبينهما ارتباط.
 

طالما أتساءل:
في الإعلام ..
هل التقنية  هي التي تطور أساليب الإعلام؟
أم أن الإعلام هو من يفرض على التقنية التطور؟.. هذا إذا افترضنا أننا مجتمع منتج للتقنية، ويمكننا تطويرها.
وهل التقنية وسيلة أم غاية وهدف؟

:وسؤال أوسع:
ماذا نريد من التقنية؟
القدرة ليست في استخدام تقنيات لانصنعها، ولا نستطيع  تطويرها.. إنما لدينا قدرة على التماشي معها، وننتظر كل جديد فيها، ونغذيها بأساليبنا التقليدية!
أكرر.. تقنيات متطورة وتغذيتها بأساليب تقليدية !
هذا مثير للدهشة !

القوة الناعمة.. وهي لقدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية .. 
وإذا اعتبرناها دعاية؛ وأن "أفضل الدعايات ليست دعاية"في عصر المعلومات واتفتاح العالم.

الآن؛ للإجابة على الأسئلة التي ذكرتها ؛ لابد أن نضع  طرق الإعلام وأساليب الرسالة تحت المجهر؛ في ظل إنتشار التقنية، عند صانع الرسالة ومتلقيها.

استخدام تقنية التكرار للوصول لسلوك اقناعي للرسالة يكون اكثر فعالية في أية حالة كان عليها الهدف. 
اذا تم هذا الاقناع من خلال التكرار بتنويع الرسالة الاتصالية من ناحيتي (الشكل والمضمون) معاً؛ هذا جيد.
ولا يكفي مجرد التكرار لنفس الرسالة للاستفادة من التأثير الايجابي لهذه التقنية؛ على ذات الوسيلة.. فقد يتعكس التأثير - سلباً..

الرسالة الإعلامية؛ هي الرمز أو مجموعة الرموز المعدة والمصاغة لنقلها من المرسل إلى المستقبل، وبأنها كل مضمون يتم نقله عن طريق الاتصال بصورة مبسطة يفهمها ويستفيد منها الجمهور المستهدف.

ويكون إنشاء الرسائل الإعلامية باستخدام لغة إبداعية لها قواعدها الخاصة. كل شكل من أشكال التواصل له لغته الإبداعية الخاصة: الموسيقى المخيفة تزيد من الخوف، واللقطات المقربة بالكاميرا تنقل الحميمية، والعناوين الكبيرة تشير إلى الأهمية.

التناغم او التشابه والمشاركة في الخبرات والصور لدى كل من المرسل (الاعلامي) والمستقبل (الجمهور) بما يكفل فهم الرموز ومعرفتها والاستجابة لها .

تقنية الرسالة .. تقنية التكرار للوصول للإقناع.

الوسيلة

وسائل الإعلام عديدة ومتنوعة، كالصحف والمجلات، والإعلانات الطرقية، أو الإنترنت والهاتف، والتلفزيون والراديو، وكلها قد تكون قنوات اتصال مستخدمة في الإعلام بمعناه التقليدي الذي يتميز بخصائص أبرزها: أنه كان ولا يزال يتدفق في اتجاه واحد، أي من المرسل إلى المستقبل، ونادرا ما يكون تدفقه في اتجاهين، وبذلك تغيب عملية التبادل، وهذا الغياب مخل في العملية.

الأثر

السؤال: هل الوسائل التقليدية التي ذكرناها تحقق الأثر والتأثير؟
هذا يعتمد على الهدف:
هناك مجتمعات؛ تعتمد على الإعلام التقليدي لثلاثة أسباب:
الجهل بالتقنية، أو افتقادها.
إنتشار الأمية.. القراءة والكنابة، أو الأمية التقنية.. وبالتالي الإعتماد على وسيلة واحدة، وهي التلفزيون.
وسؤال ينبع هنا: هل هذا المجتمع مهم، ومؤثر؟
أم أنه مجتمع يحتاج صيغة معينة لفهم الرسالة بالوسيلة المناسبة؟
أم الأفضل إهمال هذا المجتمع، كوننا نعتمد على الإعلام التقني، والرسائل التقنية السريعة، التي تخاطب المتعلمين والعارفيم بالتقنية؟

أرى ؛ عدم الإهمال، واستخدام الصورة المؤثرة   في مواقف مختلفة، هو الأنسب لكل الفئات.
العملية ترتكز على الإبداع في الصناعة.
لاننسى أن النسبة العظمى من المجتمع العربي مازالت الأمية مسيطرة.. كما مازال المجتمع العربي عاطفي يفكر من نخاعه / مشاعرة تتحكم فيه أكثر من تحكم العقل. وهكذا  دول العالم الثالث؛ لأسباب تتعلق بالتربية والتعليم.
في الدول التي بُنيت ثقافتها وتعليمها على المنهج التحليلي؛ فإن الرسالة الموجهة إليهم تختلف. البداية في تفكيك العناصر ومعالجتها بصيغ وأساليب إعلامية حديثة، لاتخلو من الإبهار (الموجه للعقل). وليس للمشاعر - كما في الحالة السابقة .
إذاً، وباختصار؛ لنجاح العملية الإعلامية، لابد من دراسة الهدف.


وهناك أساليب في العرض؛ مبهرة لكل عقل من العقول المتلقية - مثال التقرير الرائع لأرامكو في الـ dw.
الملاحظ  عندنا وفي العالم العربي، أننا ننشط في استخدام التقنية، ولكن التغذية مازالت تقليدية.. وحتى في العرض  - إما إعلان مباشر ( وهذا النوع أو الاتجاه ) ليس بذات تأثير الدعاية غير المياشرة.
حتى الترويج للسلع، مازال التعامل معها، كما الأفلام الأمريكية في الستينات والسبعينات.. الإتجاه إلى  (  إثارة غرائز المشاهد - طبعاً لا أعني الغرائز الجنسية - ، وتهويل في العرض، قد يخالف الواقع ).
- مخاطبة الذات.
- عدم إعطاء الرقم والمعلومة أولوية.
- المبالغة الذهنية،التي تحاكي المشاعر فقط، وليس تنشيط العقل بالواقع.
- الإعتماد على صياغة التقارير المكتبية أو المعملية، والقليل جدا من صناعة عمل ميداني متميز بصيغ إعلامية حديثة. حتى العمل الميداني، يتحدث المراسل أكثر من الكاميرا، ىفرق بينه وبين من يجلس في الإستديو.
- التقارير، وهي الأهم من الأخبار ، لأنها أوسع وأكثر إشباعاً.
ولكن صياغتنا للتقارير مازالت على طريقة الأنشطة ( عروض ) وليس الفن الإعلامي، وأهمها ( قصص إخبارية وتقارير حية).
التأكيد على :
الإبتعاد؛  أو تغيير صيغ ( العروض الإعلامية ) من تقارير الأنشطة ، إلى الصيغ الصحفية الذكية.
وبطبيعة الحال؛ لايمكن إغفال أساليب عرض الأنشطة، في تغطية المؤتمرات والإحتفالات الرسمية .
ومن الممكن إلتقاط حالة في مؤتمر وعرضها بأسلوب صحفي عالي، سيكون تأطيرها أكبر من العروض ذات الصيغ والتغطيات الرسمية.
التركيز على الرقم والمعلومة ، والصورة من أرض الواقع،  والإخراج السهل الذكي ، واختيار الوسيلة المناسبة لكل مجتمع .. وندخل (هنا ) إلى مفهوم القوة الناعمة، والدبلوماسية الشعبية - أساس بناء القوة الناعمة.