بِمثابَةِ إعلانِ حربٍ عَلى النِظام العالميّ.. كيفَ يُمكن تحليل توسُّع بريكس نحو الدول العربية و الشرق أوسطية؟ و كيفَ يُمكِنُ للغَرب التَصدّي لِمحاولاتِ كَسرِ الهيمنةِ الغربية ؟

news image

 

مروة شاهين - تقرير خاص - بث:

إن مجموعة البريكس عبارة عن تجمع دولي  لأهم خمسة اقتصادات ناشئة رئيسية في العالم و هي البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا. وتعد القمة التي يجريها عادة قادة هذه الدول، و التي بدأت في عام 2009، بمثابة منصة للدول الأعضاء لمناقشة وتعزيز تعاونها في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة والاقتصاد والثقافة، وفي كل عام، يجتمع قادة هذه الدول معًا لمناقشة القضايا العالمية الملحة واستكشاف سبل تعزيز تنميتهم الفردية والجماعية و طرائق تحقيق المصلحة المشتركة لدول المجموعة.

مجموعة دول البريكس.. مِنصةٌ مُستحدثةٌ لتغيير النظام العالميّ:

إذ توفر قمة البريكس الفرصة للدول الأعضاء للتصدي بشكل جماعي للتحديات المحددة التي تواجهها، فضلا عن الاستفادة من موارد وخبرات بعضها البعض. فمنذ بدايتها، ازدادت أهمية القمة، مما يوضح التأثير المتزايد لدول البريكس على المسرح العالمي.
ومع تعداد سكانها مجتمعة الذي يزيد على 3 مليارات نسمة وناتجها المحلي الإجمالي الجماعي الذي يمثل نحو ربع الإجمالي العالمي، تتمتع دول البريكس بإمكانات كبيرة لتشكيل الحوكمة العالمية والتنمية الاقتصادية.
أحد المجالات الرئيسية للمناقشة خلال قمة البريكس هو الاقتصاد، باعتبارها اقتصادات ناشئة رئيسية، شهدت دول البريكس نموا اقتصاديا سريعا في السنوات الأخيرة. لقد تحدى نفوذهم الاقتصادي المشترك الهيمنة التقليدية للقوى الغربية، مما دفع المناقشات حول إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي إلى العودة إلى الأذهان من جديد. ومن خلال تعزيز التعاون الاقتصادي، تهدف دول البريكس إلى خلق فرص أكبر للتجارة والاستثمار فيما بينها. وقد تم إنشاء مبادرات مثل بنك التنمية الجديد وترتيبات احتياطي الطوارئ لتسهيل التعاون الاقتصادي والمساعدة المتبادلة بين الدول الأعضاء.
جانب آخر مهم من قمة البريكس يتعلق بالتعاون السياسي، و هو ما يتم التعمق فيه في هذا التقرير، ففي عالم مترابط و متشابك بشكل معقد ، تدرك دول البريكس أهمية تعزيز علاقاتها السياسية لمعالجة القضايا العالمية بشكل فعال، إنهم يسعون جاهدين لإنشاء جبهة موحدة وتعزيز التعددية القطبية في مواجهة الهيمنة الغربية، والدعوة إلى نظام دولي أكثر ديمقراطية وشمولا. ومن خلال العمل معًا، يهدفون إلى التأثير على عمليات صنع القرار وتعزيز مصالحهم المشتركة في المنصات العالمية مثل الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تعزيز مواقفهم السياسية و الدبلوماسية من خلال توحيد الآراء و الضغط المشترك الجماعي نحو تنفيذ الأهداف الاستراتيجية الخاصة بدول المجموعة ككل. 
وبالإضافة إلى التعاون الاقتصادي والسياسي، تركز قمة البريكس أيضًا على التبادل الثقافي والتواصل بين شعوبها، ولأنها دول متنوعة ذات تاريخ وثقافات غنية، تدرك الدول الأعضاء دور القوة الناعمة في تشكيل التصورات العالمية وتعزيز التفاهم المتبادل. ولتحقيق هذه الغاية، يتم تنظيم الفعاليات الثقافية والتبادلات الأكاديمية والعروض الترويجية السياحية خلال القمة لتعزيز التفاعلات الثقافية وتعزيز الروابط بين الناس.

بريكس كَبديلٍ عن الغرب في المجالَين السياسي و الاقتصادي و ما دونَ ذلك:

في السنوات القليلة الماضية، بدأت مجموعة دول البريكس بطرح نفسها كبديل عن المنظمات الغربية في كافة المجالات السياسية و الاقتصادية و الأمنية و الثقافية، حيثُ تطورت قمة مجموعة البريكس بحيث أصبحت قادرة على التصدي للتحديات العالمية المعاصرة، وأصبح تغير المناخ، والتنمية المستدامة، والتعاون في مجال الرعاية الصحية الآن من العناصر المهمة على جدول أعمال القمة، وتدرك البلدان الأعضاء الحاجة إلى التعاون في هذه المجالات لضمان مستقبل مستدام لسكانها وللعالم بأسره.
و يزعم المنتقدون أن قمة البريكس تواجه العديد من التحديات، بما في ذلك المنافسات داخل البريكس، والتوترات الجيوسياسية، والفوارق الاقتصادية بين الدول الأعضاء. ومع ذلك، فإن استمرار وجود القمة وتطور المبادرات المختلفة يظهر التزام الدول الأعضاء بمواجهة هذه التحديات والعمل على تحقيق المنفعة المتبادلة والتعاون العالمي.
وفي جميع الأحوال، فإن قمة البريكس هي بمثابة منتدى حاسم للاقتصادات الناشئة لمناقشة وتعزيز تعاونها في مختلف المجالات. ومن خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية، تقتطع الدول الأعضاء مساحة لأنفسها في الحوكمة العالمية وتتحدى هياكل السلطة التقليدية.
ومن خلال مبادرات مثل بنك التنمية الجديد والتبادلات الثقافية، تثبت قمة مجموعة البريكس الالتزام بالنمو المتبادل والتنمية والمسؤولية العالمية. ومع استمرار نفوذ دول البريكس في الارتفاع، تلعب القمة السنوية دورا حيويا في تشكيل النظام العالمي في القرن الحادي والعشرين.

قمّةُ جوهانسبرغ.. إعلانٌ ناعِمٌ للحرب على الولايات المتحدة:

حيثُ دعا قادة عدد من دول مجموعة "بريكس" المشاركين في قمة جوهانسبرغ إلى إرساء نظام عالمي متعدد وإنهاء هيمنة الدولار، وشددوا على ضرورة توسيع المجموعة وتعزيز دورها في تعافي الاقتصاد العالمي.
وعقدت الجلسة الافتتاحية للقمة الـ15 لمجموعة الاقتصادات الكبرى الناشئة تحت شعار "بريكس وأفريقيا: شراكة من أجل النمو والتنمية المستدامة والتعددية"، بحضور الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا والصيني شي جين بينغ والبرازيلي لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في حين تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الفيديو من موسكو وناب عنه في القمة وزير خارجيته سيرغي لافروف.
وقال الرئيس الصيني إن على دول بريكس أن تنهض بمبدأ التعددية القطبية وتعزيز دور الأمم المتحدة، ودعا لتشجيع الدول على الانضمام إلى بريكس لإنشاء عالم أكثر عدالة، مضيفا أن عقلية الحرب الباردة لا تزال تشكل مصدر قلق للعالم اليوم.
ودعا شي دول بريكس إلى الالتزام بالتنمية السلمية والشراكة الإستراتيجية والأمن القومي لدول المجموعة، كما دعاها إلى لعب دور للوصول إلى تسوية سياسية في المناطق الساخنة لحل النزاعات.
من جهته، قال الرئيس الروسي إن مجموعة بريكس تطالب بنظام عالمي منصف قائم على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف أن السعي للحفاظ على الهيمنة في العالم أدى إلى أزمة في أوكرانيا بمساعدة الدول الغربية.
وتابع بوتين أن مجموعة بريكس تسعى لإنهاء هيمنة الدولار الأميركي على المبادلات التجارية العالمية وتعزيز استخدام العملات المحلية، مشيرا إلى أن روسيا ستسعى خلال رئاستها القمة المقبلة لبريكس في مدينة كازان لتسهيل تطبيق القرارات المتعلقة بتوسيع المجموعة.
وفي كلمته بالقمة، قال الرئيس البرازيلي إن الدافع الذي أدى لإنشاء مجموعة بريكس يلهم قادة المجموعة من أجل بناء عالم متعدد عادل ومستدام.
وأضاف أن هناك حاجة لنظام تمويل عالمي لمساعدة الدول من أجل تحقيق التغيير، وتابع أن دول بريكس تشكل 41% من سكان العالم، مشيرا إلى سيناريو معقد شهد انتقالا من التعددية إلى عقلية الحرب الباردة.
كما قال دا سيلفا إن استخدام دول بريكس لعملة موحدة في المعاملات التجارية سيقلل من نقاط ضعفها.
أما رئيس الوزراء الهندي فقد أعلن أن بلاده تدعم توسيع مجموعة بريكس، مشيرا إلى اقتراح بمنح عضوية دائمة للاتحاد الأفريقي في مجموعة بريكس لتعزيز حضور دول الجنوب.
وقال مودي إن بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة بريكس يلعب دورا أساسيا في تنمية جنوب العالم.
من جانبه، قال رئيس جنوب أفريقيا إن على دول بريكس أن تحقق مصالح عالم الجنوب، داعيا الدول الصناعية للمساعدة في ذلك.
وأكد رامافوزا تصميم القادة على أن تحقق شراكة مجموعة بريكس التعافي الاقتصادي العالمي الشامل، قائلا إن المجموعة تسعى للعمل من أجل الاستدامة الدائمة وازدهار شعوب دول المجموعة.

توسُّع مجموعة بريكس.. بين الرغباتِ و المعوِقات:

تبحث قمة جوهانسبرغ توسيع مجموعة بريكس لتضم المزيد من الدول التي عبرت عن رغبتها في الانضمام إليها، وأعربت 40 دولة على الأقل عن اهتمامها بالانضمام إلى بريكس، من بينها إيران والسعودية وبنغلاديش والأرجنتين.
ودعي ما مجموعه 69 دولة لحضور قمة جوهانسبرغ، من بينها جميع الدول الأفريقية، وسبق أن عبّر عدد من هذه الدول عن الرغبة في الانضمام للتكتل، ومن بينها الجزائر ومصر وإثيوبيا.
وفي مقال نشره موقع "ميديا بارت" الفرنسي يرى الكاتب الصحفي مارتين أورانج أن المسؤولين الغربيين يخشون أن تعمِّق هذه القمة من زخم النفور الذي ظهر خلال التصويت في جلسة للأمم المتحدة على قرار بشأن الحرب بأوكرانيا في مارس/آذار 2022، عندما امتنعت 40 دولة عن التصويت للقرار الذي يدين الغزو الروسي.
كما يرى الكاتب أن مما يعمق مشاعر القلق لدى الغرب كون المسؤولين الأميركيين والأوروبيين حاولوا كسر هذه الثورة، وفرشوا السجادة الحمراء لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، ولكن دون جدوى.
ويشارك في القمة قادة كل من الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، في حين يكتفي الرئيس الروسي بكلمته المسجلة بسبب أمر من المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب بحق أطفال في أوكرانيا، ويمثّله في القمة وزير الخارجية سيرغي لافروف.
ويعدُّ حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي قلص زياراته الخارجية منذ جائحة كورونا، مؤشرا على الأهمية التي تكتسيها قمة جوهانسبرغ التي دعيت لحضورها 69 دولة تشمل كافة الدول الأفريقية.
وأشار الكاتب إلى أن الرهانات الدبلوماسية والاقتصادية لهذه القمة تذهب إلى ما هو أبعد من موضوع التنمية في أفريقيا، مشيرا إلى أن هذه القارة تبدو حلبة صراع جديدة بين القوى القائمة وتلك الصاعدة، وفوق كل ذلك يبدو أن هدف الصراع تأكيد ميزان القوى السياسي والاقتصادي الجديد الذي نشأ السنوات الأخيرة، ليشكل تحديا للنظام العالمي الذي بناه الغرب على مقاسه.
ويطرح المقال سؤالا عما إذا كان العالم سيشهد تشكيل تكتل جيوسياسي واقتصادي جديد ضد المعسكر الغربي، حيث يعتقد البعض أن الصين تسعى لاستخدام بريكس غطاءً لتوسيع نفوذها العالمي.
كما يتساءل عما إذا كان الغرب سيدرك أخيرا أن الجنوب قد تغير كثيرا وأن دوله أصبحت الآن قادرة على تحرير نفسها من الشمال؟ والجواب عن مثل هذه الأسئلة برأيه مرهون بالطريقة التي سيتعاطى بها الفرقاء مع الموضوع، لكن هناك حقيقة واحدة يجزم الكاتب بأنها أكيدة وهي أن النظام العالمي الذي تأسس منذ نحو 80 عاما قد بدأ ينهار الآن أمام أعيننا.
لم تعد دول بريكس كما كان يراها الغرب مجرد جزء من العولمة تختزل في سلاسل التوريد، ومكان للشركات متعددة الجنسيات التي يستخدمها الغرب لتصنيع منتجاته بتكلفة منخفضة، فقد تغير الوضع وأصبحت الصين الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتسير الهند على خطاها.
واكتسبت بلدان الجنوب زخماً في كل مكان، بحيث يمثل ناتجها المحلي الإجمالي المشترك الآن حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتلك قوة آن الأوان للاعتراف بها، بدل اختزالها في النظرة القديمة التي لا ترى فيها سوى قوى لتزويد الاقتصاد العالمي بما يحتاجه.
وبإيعاز من الصين، يقول الكاتب إن مجموعة بريكس تخطط لضم العديد من الدول، وقد تقدمت 22 دولة للانضمام إليها، من بينها السعودية والإمارات والجزائر وإندونيسيا ومصر وإيران.
ورغم كل ما سبق، يخلص المقال إلى أن قمة بريكس هذا العام، التي انطلقت ولمدة ثلاثة  أيام، قد تخطف بريقها المشاكل الاقتصادية، بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي المصحوب بالعديد من الاضطرابات، فالاقتصاد الصيني يشهد تباطؤا ونشاطه آخذ في التراجع، كما أن العملة الروسية فقدت نصف قيمتها مقابل الدولار، ولا تبدو الهند أحسن حالا حيث تواجه مشاكل سياسية علاوة على الصعوبات الاقتصادية التي تثقل كاهلها، وليس حال جنوب أفريقيا -التي تعاني بسبب التضخم المتسارع- بأحسن الدول الثلاث آنفة الذكر.
و يرى موقع "ستراتفور" الأميركي أن قمة مجموعة دول "بريكس" الاقتصادية الـ15 التي تستضيفها جنوب أفريقيا في الفترة من 22 إلى 24 أغسطس/آب الحالي قد تضع أخيرا الأساس لمعايير وآليات العضوية المستقبلية لتوليد تدفقات تجارية ومالية أكبر باستخدام العملات غير الغربية، رغم أن الخلافات الداخلية ستبطئ هذا التقدم.
وذكر الموقع الأميركي أن هذه القمة هي الاجتماع الأهم للكتلة (التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) منذ 9 سنوات؛ وسيكون أيضا أول حدث يحضر فيه قادة الكتلة بشخوصهم منذ بدء جائحة كوفيد-19 عام 2020.
وأضاف أن روسيا والصين تريدان استخدام بريكس لكبح جماح هيمنة الغرب على المؤسسات العالمية والنفوذ الدولي من خلال توفير بديل لمجموعة السبع (G-7)
ومع ذلك لفت إلى إعراب الهند والبرازيل عن قلقهما بشأن أهداف بكين وموسكو في استخدام بريكس لتحدي مجموعة السبع، نظرا لعلاقاتهما الوثيقة مع الولايات المتحدة وأوروبا، وأنهما ببساطة ليس لديهما نفس التوترات الجيوسياسية مع الغرب مثل الصين وروسيا.
وعدد ستراتفور بعض الخلافات بين المجموعة وقال إنها قد تمنع قادتها من الاتفاق على التوسع في هذه القمة، لكن قد يطور الأعضاء معايير للتوسع الرسمي أو الشراكات.
وأشار إلى احتمال اتفاق دول بريكس على بعض الآليات لزيادة المدفوعات والتجارة بالعملات المحلية، لكنه رجح أن تكون مناقشة عملة للبريكس وإزالة الدولرة خارج جدول الأعمال.

كَيفَ سيؤثر توسع مجموعة البريكس على الأعضاء القدامى و الجُدُد و على المجموعة نفسها:

واتفقت دول بريكس على منح الأرجنتين وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، العضوية الكاملة اعتبارا من الأول من كانون الثاني/يناير.
وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي تعد بلاده الأقوى في مجموعة الدول غير الغربية التي تمثل ربع اقتصاد العالم، إن "توسيع العضوية هذا حدث تاريخي".
وأضاف أن "التوسع يعد أيضًا نقطة انطلاق جديدة للتعاون بالنسبة لبريكس. فهو سيمنح آلية تعاون بريكس قوة جديدة وسيعزز قوة الدفع باتجاه السلام والتنمية في العالم".
وأشاد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بما وصفه بأنه "لحظة عظيمة" لبلاده. وقال على منصة "إكس" إن "إثيوبيا مستعدة للتعاون مع الجميع من أجل نظام عالمي شامل ومزدهر".
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في كلمة أمام القمة إن "فوائد عضوية إيران في مجموعة بريكس ستصنع التاريخ وستمثل فصلاً جديدًا وأقوى في اتجاه العدالة والإنصاف والأخلاق والسلام المستدام على الساحة الدولية".
وكتب الرئيس الإماراتي محمد بن زايد على منصة "إكس"، "نقدر موافقة قادة مجموعة بريكس على ضم دولة الإمارات العربية المتحدة إلى هذه المجموعة المهمة. ونتطلع إلى العمل معًا من أجل رخاء ومنفعة جميع دول وشعوب العالم".
بينما أعربت مصر عن تطلعها من أجل "العمل على إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التي تواجهنا".
 

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في تصريحات لقناة "العربية"  إن الرياض ستدرس دعوة "بريكس" للانضمام إليها، وأنها "ستتخذ القرار المناسب".

و في جميع الأحوال، إن انضمام المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر و إيران إلى مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) سيكون له تأثير كبير على النظام العالمي.

بعض التأثيرات المحتملة:

القوة الاقتصادية: إن إضافة هذه الدول ذات الاقتصادات القوية والموارد الكبيرة من شأنه أن يحول دول البريكس إلى كتلة اقتصادية أكثر نفوذاً. ومن الممكن أن يؤدي هذا التوسع إلى زيادة التجارة والاستثمار والتعاون بين الدول الأعضاء، وهو ما قد يتحدى هيمنة القوى الاقتصادية الغربية التقليدية مثل الولايات المتحدة وأوروبا.
ديناميكيات الطاقة: تعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران من كبار منتجي النفط العالميين، الأمر الذي ينبغي أن يعزز قدرات الطاقة لمجموعة البريكس. ومن خلال توحيد قواها، يصبح بوسع هذه البلدان أن يكون لها دور أكبر في سياسات الطاقة العالمية، والتسعير، وديناميكيات السوق، وهو ما قد يقلل من نفوذ قوى الطاقة التقليدية مثل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
التحول الجيوسياسي: إن إضافة المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة  وإيران و إثيوبيا من شأنه أن يغير بشكل كبير الديناميكيات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، ويتعين على مجموعة البريكس، التي ركزت تقليديا على الدول الأعضاء الأصلية، توسيع اهتمامها ومشاركتها في المنطقة، الأمر الذي قد يؤثر على الصراعات والتحالفات وهياكل السلطة.
التأثير على الأمن العالمي: قد يؤدي انضمام هذه الدول إلى مجموعة البريكس إلى تغييرات في ديناميكيات الأمن العالمي. ومن الممكن أن تؤدي مشاركتها في مبادرات الدفاع المشترك والتعاون مع أعضاء مجموعة البريكس مثل روسيا والصين إلى إعادة تشكيل التحالفات العسكرية الإقليمية والترتيبات الأمنية، مما يشكل تحديا للنظام القائم الذي تهيمن عليه القوى الغربية.
دور الشرق الأوسط في البريكس: إن ضم دول الشرق الأوسط هذه من شأنه أن يؤدي إلى تنويع عضوية البريكس ويمنح الكتلة وجودًا أقوى في الشرق الأوسط. ومن المرجح أن يؤثر ذلك على عمليات صنع القرار العالمية فيما يتعلق بالصراعات في الشرق الأوسط، مثل الصراعات الإسرائيلية الفلسطينية، والاستقرار الإقليمي، والإرهاب، وأزمات اللاجئين.
الاحتكاكات المحتملة: إن انضمام المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وإيران من شأنه أن يجمع دولاً ذات أيديولوجيات سياسية ودينية وأيديولوجية مختلفة، مما إن إدارة الاحتكاكات المحتملة وإيجاد أرضية مشتركة حول القضايا الرئيسية ستكون حاسمة لضمان نجاح وتماسك مجموعة البريكس الموسعة.
بشكل عام، سيكون لانضمام هذه الدول إلى مجموعة البريكس آثار بعيدة المدى، حيث من المرجح أن يؤثر على الاقتصاد العالمي، وديناميكيات الطاقة، والمواءمة الجيوسياسية، والترتيبات الأمنية بالإضافة إلى صنع قرار العمليات المتعلقة بالشرق الأوسط و العالم.


كيفَ يُمكن للغَرب مواجهة تحديات تضخم القوة و النفوذ العائدين لخصومهم في مجموعة بريكس؟ :


لا يختلف اثنان على أن مجموعة دول البريكس ليست مجرد تكتل اقتصادي بريئ يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي و زيادة الرفاهية لدول المجموعة، بل على العكس تماماً، إن جوهر مجموعة بريكس هو سياسي أكثر بكثير مما هو اقتصادي، إذ أن الهدف الأول و الجوهري لإنشاء هذه المجموعة هو كسر الهيمنة الأميركية الغربية على السياسة العالمية و الاقتصاد العالمي، و بالتالي فإن المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية يدرك جيداً أنه لا مهرب من محاولة التصدي لهذه المجموعة الهادفة إلى كسر النفوذ الأميركي و تحويل الولايات المتحدة الأمريكية من دولة مهيمنة في النظام العالمي إلى دولة درجة ثانية في نظام عالمي جديد تشارك مجموعة بريكس في صياغته و هيكلته و بناء قواعده، و بالتالي يمكن للولايات المتحدة والغرب اتباع بعض الأساليب لمواجهة توسع مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) عبر التحركات التالية:


تعزيز التحالفات: يمكن للولايات المتحدة والغرب تعزيز تحالفاتهما مع الدول الأخرى، وخاصة في الشرق الأوسط و في العالم النامي، لمواجهة نفوذ مجموعة البريكس. ومن خلال تشكيل شراكات استراتيجية وتوفير المساعدات الاقتصادية والدعم العسكري، تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها إنشاء شبكة أقوى لموازنة مجموعة البريكس.
تعزيز اتفاقيات التجارة العالمية: يمكن للولايات المتحدة والغرب تعزيز اتفاقيات التجارة العالمية والمشاركة فيها بشكل فعال، مثل الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)، واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA)، أو التفاوض على صفقات تجارية جديدة لضمان وجود علاقة قوية بينهما، والحضور الاقتصادي التنافسي في السوق العالمية. وهذا يمكن أن يساعد في منع مجموعة البريكس من السيطرة على فرص التجارة والاستثمار.
المنافسة الاقتصادية والإبداع: تستطيع الولايات المتحدة والغرب التركيز على الحفاظ على قدرتهما التنافسية الاقتصادية وتشجيع الإبداع في القطاعات الرئيسية. ومن خلال الاستثمار في البحث والتطوير، ودعم ريادة الأعمال، وتشجيع التقدم التكنولوجي، يمكنهم ضمان بقائهم في طليعة النمو الاقتصادي والتنمية، و بالتالي تشكيل خيار آخر للإقتصادات الناشئة الجديدة للإنضمام إلى التكتلات الاقتصادية الغربية بدلاً من مجموعة بريكس.
المشاركة الدبلوماسية: يمكن أن يساعد الانخراط في الجهود الدبلوماسية مع دول البريكس في تعزيز العلاقات والتفاهم بشكل أفضل. وبوسع الولايات المتحدة والغرب أن يبحثا عن فرص للتعاون في حين يتعاملان مع المخاوف والقضايا التي قد تنشأ. إذ إن المشاركة في الحوار وإيجاد أرضية مشتركة يمكن أن تساعد في تخفيف الصراعات وتعزيز التعاون.
تعزيز المؤسسات الدولية: تستطيع الولايات المتحدة والغرب العمل على تعزيز فعالية ونفوذ المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. ومن خلال المشاركة النشطة في هذه المؤسسات وإصلاحها، يصبح بوسعها أن تضمن أن أطر الحوكمة العالمية تعكس مصالحها وقيمها، بما يشكل حماية لنظام القيم و المبادئ الغربية ضد الإختراقات التي تسعى مجموعة بريكس إلى إحداثها في النظام العالمي .
تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان: تستطيع الولايات المتحدة والغرب التأكيد على أهمية القيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحكم الرشيد في العلاقات الدولية، ما يمكن أن يبقيها على رأس التكتلات التي تسعى الاقتصادات الناشئة إلى الانضمام إليها، ومن خلال دعم المنظمات التي تدافع عن هذه المبادئ، يمكنها ممارسة القوة الناعمة والنفوذ في مواجهة توسع مجموعة البريكس.
في الختام، لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها الغربيين لا بد لهم من بذل كافة الجهود لإعادة التوازن من جديد إلى العلاقات الدولية خصوصاً مع دول الشرق الأوسط التي قد يسبب دخولها في مجموعة البريكس تحولاً كبيراً في النظام العالمي، خصوصاً أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تعاملت مع هذه الدول سابقة الذكر بشكل أناني للغاية في السنوات الماضية، و على الرغم من التحالفات القوية بين الكثير من دول الشرق الأوسط و الولايات المتحدة، إلا أن التعامل الاستراتيجي الخاطئ من جانب الولايات المتحدة تجاه هذه الدول التي تتمتع بأهمية إستراتيجية كبيرة قد سبب شرخاً في العلاقات الثنائية ، ما دفع العديد من هذه الدول التي التطلع نحو انشاء تحالفات جديدة مع خصوم الولايات المتحدة بحثاً عن علاقات ثنائية تكون فيها هذه الدول طرفاً متوازناً في الحقوق و الهيبة الدولية مع الدول الأخرى، بخلاف تعامل الولايات المتحدة مع دول الشرق الأوسط التي لطالما عاملتها الولايات المتحدة كمناطق نفوذ و تأثير دونما الأخذ بعين الاعتبار المصالح و الأهداف الاستراتيجية لهذه الدول و شعوبها.