المدينة ذات الـ 15 دقيقة… رؤية للحياة أقرب وأبسط

news image

✍️ محمد الصفيان – كاتب ومستشار إعلامي

ما الفكرة؟

تتجاوز «المدينة ذات الـ 15 دقيقة» كونها مخططًا عمرانيًا إلى فلسفة معيشية تجعل احتياجات الإنسان اليومية في متناول خطواته، بحيث يصل إلى التعليم، الرعاية الصحية، التسوق، العمل، الترفيه، والخدمات الحكومية سيرًا أو بدراجة خلال ربع ساعة من منزله.

من باريس إلى المملكة

وُلد المفهوم في باريس على يد المفكر كارلوس مورينو ضمن خطة العاصمة للتحول إلى بيئة خضراء مستدامة.

اعتمدته مدن عالمية كبرى لاحقًا، وتبنته المملكة ضمن رؤية 2030 في مشاريع مثل نيوم، ليصبح نموذجًا حضريًا لمستقبل أكثر إنسانية.

وحدة حي مكتفٍ

الفلسفة ترتكز على أن كل حي يشكّل وحدة مكتفية:

توزيع الخدمات لا مركزيتها.

تفعيل المباني القائمة بدلاً من التوسع الأفقي المرهِق للبُنى التحتية.

تشجيع التنقل النشط (المشي/الدراجات) لتقليل الازدحام والانبعاثات.

التقنية شريك التخطيط

التوأم الرقمي: نسخة افتراضية للمدينة تُختبر عليها السيناريوهات قبل التنفيذ، ما يوفّر الوقت والمال ويقلّل الأخطاء.

النماذج التوليدية: تحلّل بيانات الكثافة السكانية والسلوك اليومي لتقترح أفضل توزع للخدمات وشبكات الطرق.
هكذا يصبح الذكاء الاصطناعي أداة تدعم صانع القرار في هندسة حيّ أكثر كفاءة ومرونة.

تحوّل لا هدم

الانتقال إلى هذا النموذج ليس «إعادة بناء» بقدر ما هو إعادة تفكير؛ تغيير في طريقة التخطيط لا في الخرسانة فقط. إنه مسار يضع الراحة والإنسان في صلب التنمية دون إغفال الاستدامة والاقتصاد.

لماذا الآن؟

الكثافة المرورية والضغوط النفسية تتطلبان حلولًا تقلّص المسافات وتعيد التوازن بين العمل والحياة.

رؤية السعودية 2030 تدفع نحو مدن ذكية ومستدامة، تجعل هذا النموذج أولوية حضرية لا ترفًا فكريًا.

استدامة الأجيال القادمة تتطلب بنية حضرية تعبّر عن حاجة ملحّة، لا مجرد خيار تصميمي.

 

إنّ جعل كل شيء في المتناول خلال 15 دقيقة هو استثمارٌ في رفاه الإنسان وازدهار مدنه، وهو ما بدأت المملكة ترجمته على أرض الواقع ليكون علامة فارقة في التخطيط الحضري للقرن الحادي والعشرين.