أكبَرُ مِن خِلافٍ بَينَ خِصمَينِ سِياسيَين..مآلات الخلاف بين بايدن و ترامب و أثَرهُ على الانتخاباتِ و الديمقراطيةِ الأميركيّة

news image

 

مروة شاهين - تقرير خاص بث
لطالما عُرِفَت الولايات المتحدة الأمريكية  بمشهدها السياسي المتنوع والنابض بالحياة، َ في في قلب هذا المشهد يوجد حزبان سياسيان رئيسيان هما الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، و بالطبع يوجد حركات سياسية أخرى و لكن يطغى هذان الحزبان على السلطة و الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، و اللافت أن هذان الحزبان لديهما اختلافات صارخة في معتقداتهما السياسية والأيديولوجية ، مما أدى إلى صراعات وانقسامات شكلت السياسة الأمريكية لأكثر من قرن.


و يكمن أحد الخلافات الأساسية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في وجهات نظرهم حول دور الحكومة، إذ يؤمن الديمقراطيون عمومًا بحكومة أكبر وأكثر نشاطًا تلعب دورًا نشطًا في الاقتصاد، حيثُ إنهم يدافعون عن سياسات مثل زيادة برامج الرعاية الاجتماعية ، والرعاية الصحية بأسعار معقولة ، واللوائح البيئية و  يجادلون بأن الحكومة القوية ضرورية لمعالجة القضايا المجتمعية وتعزيز المساواة والإنصاف.
من ناحية أخرى ، يتبنى الجمهوريون وجهة نظر أكثر تحفظًا حول دور الحكومة. إنهم يؤمنون بالتدخل الحكومي المحدود في الاقتصاد ويدافعون عن رأسمالية السوق الحرة. يجادل الجمهوريون بأن تخفيض اللوائح الحكومية وخفض الضرائب سيحفز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل. إنهم يعطون الأولوية للحريات الفردية والتدخل الحكومي المحدود في حياة الناس.
الاختلاف الأيديولوجي الرئيسي الآخر بين الحزبين هو موقفهما من القضايا الاجتماعية، إذ يميل الديمقراطيون إلى أن يكونوا أكثر تقدمية في القضايا الاجتماعية ، ويدعون إلى المساواة في الحقوق والعدالة الاجتماعية والشمولية. إنهم يدعمون سياسات مثل حقوق ما يعرفه الغرب بالتحول الجندري  والحقوق الإنجابية للمرأة ، وإصلاح العدالة الجنائية و يؤمن الديمقراطيون بمجتمع يحتضن التنوع ويوفر فرصًا متساوية للجميع.، 
في المقابل ، يتخذ الجمهوريون عمومًا موقفًا أكثر تحفظًا بشأن القضايا الاجتماعية. غالبًا ما يعارضون السياسات التي يرون أنها تتحدى الأعراف والقيم التقليدية. يميل الجمهوريون إلى أن يكونوا أكثر انسجامًا مع الجماعات الدينية المحافظة ، ويدعمون المواقف المؤيدة للحياة بشأن الإجهاض ويتخذون موقفًا متشددًا من الجريمة وإنفاذ القانون.
و قد أدت هذه الآراء المتباينة حول دور الحكومة والقضايا الاجتماعية إلى صراعات بين الطرفين. تتجلى هذه الصراعات بشكل أكبر خلال مواسم الانتخابات عندما يروج مرشحون من كلا الحزبين بشدة لسياساتهم الخاصة بينما ينتقدون سياسات خصومهم. و غالبًا ما تتميز الحملات بمناقشات مكثفة وإعلانات هجومية وتسليط الضوء على القضايا الخلافية من أجل التأثير على الناخبين.
علاوة على ذلك ، تنشأ هذه النزاعات أيضًا في العملية التشريعية. أي عندما يسيطر أحد الطرفين على السلطة التنفيذية والآخر يسيطر على السلطة التشريعية ، فإنه غالبًا ما يؤدي إلى الجمود والصعوبات في تمرير تشريعات جوهرية. وقد كان هذا ملحوظًا في السنوات الأخيرة ، حيث كافح الطرفان للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا الحاسمة مثل إصلاح الرعاية الصحية والهجرة وتغير المناخ.
و إن الاختلافات السياسية والأيديولوجية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري عميقة الجذور وشكلت المشهد السياسي للولايات المتحدة،  بينما يهدف كلا الحزبين إلى تطبيق أفكاره و أهدافه الخاصة في المؤسسات المدنية و المجتمع الأميركي ، أدت مقاربتهما المتنوعة تجاه الحكم والقضايا الاجتماعية إلى صراعات ومناقشات مستمرة طبعت المشهد السياسي للولايات المتحدة الأمريكية في العقود القليلة الماضية.

دونالد ترامب: المُرشحُ الأميركي الأكثر جدلاً:

لا يختلف اثنان على أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هو الرئيس الأكثر جدلاً و الأكثر غرابة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، و على الرغم من كثرة الجدل حول مدى فاعليته في فترة رئاسته في ما يتعلق بإدارة المصالح الأميركية في الداخل والخارج، بالإضافة إلى اللغط المُثار حول القضايا الجنائية التي يواجهها في المحاكم بخصوص بعض التهم التي تتعلق بمسائل كثيرة أهمها اقتحام الكونغرس و الاحتفاظ بوثائق استخباراتية في منتجعه الخاص، إلا أن ترامب قرر المضي قدماً في سباقه الرئاسي القادم للحصول على فترة رئاسية ثانية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية. 
و بعد توجيه لائحة اتهام إليه للمرة الرابعة، تمهد الصعوبات التي يواجهها دونالد ترامب مع القضاء الطريق أمام انتخابات رئاسية قد تكون مشحونة وسريالية، مع محاكمة المرشح الجمهوري بالسعي لقلب نتيجة الانتخابات السابقة، التي يأمل في أن تعيده إلى البيت الأبيض.
وسيحاول الرئيس الجمهوري السابق (البالغ من العمر 77 عاما) التوفيق بين التجمعات الانتخابية وجلساته أمام المحكمة، مع سعيه للفوز بترشيح الحزب العام المقبل وولاية جديدة في المكتب البيضاوي.


ترامب يتهم خصومه بحياكة المؤامرات السياسية ضده:
 

ويقول ترامب إن التهم التي وجهت إليه الأشهر الأخيرة مؤامرة يحيكها الرئيس الديمقراطي جو بايدن، منافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، لعرقلة محاولته دخول البيت الأبيض مجددا.
وقال ترامب خلال تجمع انتخابي في نيو هامبشير "كيف يمكن لخصمي السياسي الفاسد وغير النزيه جو بايدن أن يحاكمني خلال حملة انتخابية أتقدم فيها بشكل كبير؟".
وأوضح ترامب أنه أُجبر على "إنفاق المال والوقت بعيدا عن مسار الحملة الانتخابية من أجل محاربة الاتهامات والتهم الزائفة".
لكن ترامب سعى في الوقت نفسه إلى تحويل المشكلات القانونية التي يواجهها لصالحه، قائلا إنها تزيد من شعبيته.
وأضاف "كل مرة يقدمون لائحة اتهام، نتقدم في صناديق الاقتراع".

بايدن يرفض التعليق على اتهامات ترامب:

ومع تزايد التهم الجنائية الموجهة إلى ترامب، يُبدي بايدن تصميمه على تجنب التعليق على المشكلات القانونية التي يواجهها سلفه الجمهوري.
وغداة توجيه لائحة اتهام إلى ترامب للمرة الرابعة، بتهمة الابتزاز والتدخل في الانتخابات بولاية جورجيا، ألقى بايدن خطابا في ويسكونسن -ولاية متأرجحة رئيسية- ركز فيه على ملف الطاقة من الرياح وتوفير فرص عمل.
وفي مصنع ينشغل بطلبيات توربينات الرياح، تفاخر الرئيس الديمقراطي بالوظائف والاستثمارات الجديدة المرتبطة، حسب قوله، بسياسات كبيرة تتعلق بالطاقة والبنية التحتية أقرها خلال فترة ولايته.
ورغم أن خطاب بايدن كان يهدف بشكل مباشر إلى الرد على تصريحات لترامب عن تراجع الولايات المتحدة، فإن الرئيس الأميركي حرص على عدم ذكر اسم سلفه ولم يعلق على لائحة الاتهام الصادرة في جورجيا.
وقال بايدن "يقولون لنا إن أميركا تنحدر. إنهم مخطئون… أميركا لا تنحدر.. إنها تربح".
وردا على سؤال عن أحدث التطورات القانونية المتعلقة بترامب، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض أوليفيا دالتون على متن الطائرة الرئاسية -أمس الثلاثاء- إنها "بالتأكيد لن تعلق".
ويبدي بايدن كثيرا من الحذر قبل منافسته المحتملة مع ترامب الذي لا يزال الأوفر حظا لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لخوض السباق إلى البيت الأبيض عام 2024.
والتزم بايدن الصمت منذ وجهت إلى ترامب أول لائحة اتهام في نيويورك في وقت سابق من هذا العام، على خلفية دفع 130 ألف دولاراً لستورمي دانيالز في مقابل شراء صمتها بشأن علاقة خارج الزواج تعود إلى العام 2006.
ويدرك الرئيس الديمقراطي أن أي تعليق منه على لوائح الاتهام الصادرة بحق ترامب سيُشكل على الفور أداة في أيدي الجمهوريين الذين يتهمونه باستغلال القضاء ضد سلفه.
وتجنب بايدن الصحافة وأسئلتها المستمرة غن ترامب منذ بداية الصيف.
وبدلا من ذلك، يتمسك الرئيس الديمقراطي بالخطابات التي تدرب عليها جيدا بشأن السياسات الاقتصادية الرئيسية، خصوصا خطته للمناخ "قانون خفض التضخم"، إذ سعى إلى تسريع الانتقال نحو مصادر الطاقة النظيفة وإيجاد فرص عمل عن طريق ضخ نحو 350 مليار دولار من الإعانات الحكومية والإعفاءات الضريبية.
ويقول بايدن إنه ولّد بالفعل 110 مليارات دولار من استثمارات خاصة في هذا الإطار.
وفي حملته للانتخابات الرئاسية 2024، يدرك بايدن على الأرجح أنه لا يمكنه تجاهل مسألة لوائح الاتهام الموجهة إلى ترامب والمحاكمات المقبلة.
لكنه يراهن على أن قوة الاقتصاد الأميركي، الذي تحدى توقعات بالركود، ستقنع الناخبين في نهاية المطاف بدعمه.
ولكي يتميز عن منافسه، لا يرى بايدن ضرورة لإبراز مشكلات ترامب القانونية.
من جهة أخرى، يلتزم بايدن الصمت أيضا بشأن المشكلات القانونية التي يواجهها ابنه هانتر المتهم بالتهرب الضريبي وبعقد صفقات مشبوهة في الخارج.
ورغم أن مشكلات ترامب القانونية هي التي تأخذ الحيز الأكبر في الصحافة، فما زال بايدن يواجه معركة صعبة.
وتظهر استطلاعات الرأي أن ثقة الناخبين فيه منخفضة، وهم أصلا لا يفهمون تماما سياسته الاقتصادية، كما يترددون في انتخابه بسبب سنه. ففي حال إعادة انتخابه، سيكون بايدن قد بلغ 86 عاما بنهاية ولايته الثانية.
ومع ذلك، في ذروة حياته السياسية التي استمرت 5 عقود، يراهن بايدن على أن الوقت الذي أمضاه على الساحة السياسية سيعطيه الأفضلية، وأن الناخبين سيفضلون شخصيته على شخصية ترامب.

التجاذبات الحاصلة بين ترامب و بايدن قد تُسبب شرخاً في المجتمع الأميركي:

و في هذا الإطار، يقول كاتب العمود بصحيفة واشنطن بوست غاري أبيرناثي، إن انقسامات الأميركيين حول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، قد تكلّست، وأن الجهود المبذولة لتغيير الآراء بشأنه ميؤوس من فائدتها.
وأضاف أبيرناثي -في مقال له بالصحيفة - أن ردود الفعل الحزبية على لوائح الاتهام الجنائية الثلاث ضد ترامب (حتى الآن)، لم تتغير قيد أنملة، وفي حين كتب كثيرون عن قبضة ترامب الحديدية على قاعدته، فإن هؤلاء المؤيدين أنفسهم يتعجبون من "الحملة الصليبية" الهادفة لهزيمة ترامب.
وصوّر الكاتب المواقف المختلفة من ترامب على أنها ردود فعل نفسية، يستفيد منها بعض الأشخاص، متنفسًا لاحتقاره لما يمثّله ترامب، كما يتخذها آخرون صورة رمزية لكل ما يعتزون به.
وأشار الكاتب إلى أن ردود الفعل النفسية العميقة لأنصار ترامب وخصومه نابعة من السلوك غير المهادن لترامب في كل القضايا.
وأوضح أن أولئك الذين يطالبون بمحاسبة ترامب يصرّون على أنه "لا أحد فوق القانون"، بغض الطرف عما إذا كانت القوانين المطبقة ترتبط بشكل معقول بالتجاوزات المزعومة، مضيفًا أن المدّعين العامّين يستخدمون سلطتهم التقديرية بشكل "روتيني" للنظر في التكلفة، مقابل الفائدة للمجتمع ككل.
وأعرب عن اعتقاده بأنه سيكون من الخطأ أن يكافئ الناخبون ترامب بالرئاسة مرة أخرى، وفي الوقت نفسه قال إنه يعتقد أن لوائح الاتهام ضد ترامب خطأ، لأنها ربما تؤجّج الاضطرابات الوطنية دون توقف، وقد تساعد في انتخابه.
ومضى ليقول إن من الواضح أن الاتفاق على موضوع ترامب يتجاوز حدود الأميركيين، متسائلًا: هل هناك أيّ طريقة أخرى لكسر الحلقة اللانهائية من السلوك المدمر للطرفين، إذا لم يستطع أي طرف تغيير رأي الطرف الآخر؟ وأجاب: نعم، موضحًا أن الطريق إلى ذلك هو: "قبول خلافاتنا بدلًا من المطالبة بالإذعان" فقط.
وختم بقوله "إن قطع العلاقات والتراجع إلى فقاعاتنا، هو الطريق إلى العزلة والابتعاد والشلل"، داعيًا إلى "حب واحترام بعضنا بعضًا" كأفضل أمل للديمقراطية، وحقيقة أبدية، مع ترامب أو دونه في المعادلة.
القضاء الأميركي يسمح لترامب بمشاركة سير محاكمته مع الرأي العام:
أصدرت قاضية اتحادية أميركية في وقت سابق  قرارا يسمح للرئيس السابق دونالد ترامب بنشر بعض الأدلة غير الحساسة التي ستُستخدم في محاكمته بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020، لكنها حذرته من الإدلاء بتصريحات عامة تحريضية.
وقالت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية تانيا تشوتكان إن "العملية يمكن أن تهددها تصريحات ملتبسة للأطراف أو محاميهم، خاصة إذا كان من المنطقي تفسيرها على أنها ترويع للشهود أو الإضرار بالمحلفين المحتملين".
وأضافت "أحذرك وموكلك بتوخي الحذر الشديد في تصريحاتك العامة حول هذه القضية. وسأتخذ ما يلزم من تدابير للحفاظ على نزاهة هذه الإجراءات".
وجاء تحذير تشوتكان في جلسة بالمحكمة الاتحادية بحث خلالها المدعون ومحامو ترامب حجم الأدلة في القضية التي يمكن لترامب الكشف عنه.
ويتعارض قرار القاضية مع اعتراضات المدعين الذين قالوا إنهم قلقون من احتمال أن يستخدم ترامب -وهو المرشح الأوفر حظا لتمثيل الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة المقبلة- تفاصيل من الأدلة السرية لترهيب الشهود.
وفي المقابل، رفضت القاضية حجة محامي الرئيس السابق الذين كانوا يسعون إلى نشر قدر أكبر من الأدلة، واتفقت مع المدعين على أن مئات النصوص من مقابلات الشهود والتسجيلات والمستندات ذات الصلة حساسة ولا يمكن نشرها على الجمهور.
وقالت شوتكان عن ترامب إنه "متهم جنائي. وسيخضع لقيود مثل كل المتهمين الآخرين. هذه القضية تسير بالترتيب الطبيعي".
وفي الثالث من الشهر الجاري، وجه الادعاء العام لائحة اتهام لترامب تتعلق بأحداث اقتحام الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2001، وشملت الاتهامات التآمر والاحتيال ومحاولة عرقلة العدالة، ودفع ترامب حينها ببراءته من التهم الموجهة إليه.
ولاحقا طالب الرئيس السابق بتنحية القاضية شوتكان التي ستشرف على محاكمته في قضية التآمر لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية.
وبالإضافة إلى المحاكمة في قضية أحداث الكونغرس التي توصف بأنها أكبر هجوم على الديمقراطية الأميركية، يخضع ترامب للمحاكمة في قضيتين أخريين هما الوثائق السرية وشراء صمت ممثّلة أفلام إباحية، وتتعلّقان على التوالي بالفترة السابقة لولايته وما بعدها.
ويرى الرئيس الأميركي السابق أن المحاكمات التي يتعرض له تشكل اضطهادا سياسيا له، ويؤكد أنه ماض في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة حتى لو تمت إدانته.

أثر النزاع بين ترامب و بايدن على الديمقراطية الأميركية:

لقد تناولت الخلافات بين ترامب وبايدن الكثير من القضايا الهامة مثل الاقتصاد والهجرة والتجارة والتغير المناخي والسياسة الداخلية والخارجية، وقد تباينت آراءهم ومواقفهم تجاه هذه المسائل، و تصف هذه الخلافات السياسية بينهما بعيدة المدى قسوة الانقسام السياسي في البلاد الذي لا يزال قائمًا ومتزايدًا، علاوة على ذلك، تأثرت صورة الولايات المتحدة عالمياً نتيجة لتلك الخلافات، حيث أصبحت نموذجًا سلبيًا لعدم الاستقرار والتوحش السياسي، و تراجعت الثقة في قدرة الولايات المتحدة على قيادة العالم والحفاظ على الأمن الدولي، مما قد يؤثر بشكل سلبي على العلاقات الدولية للبلاد وقدرتها على تحقيق أهدافها ومصالحها في المستقبل، و هكذا فإن الصراع بين دونالد ترامب وجو بايدن لديه القدرة على التأثير سلبًا على الديمقراطية الأمريكية بعدة طرق، أبرزها:

الاستقطاب والانقسام السياسي: يساهم الصراع المكثف بين ترامب وبايدن في الاستقطاب العميق بالفعل داخل المجتمع الأمريكي، يؤدي هذا إلى مزيد من الانقسام في البلاد على أسس سياسية ، مما يعزز عقلية "نحن مقابل هم" ويعيق الحوار البناء والتسوية ، وهما أمران ضروريان لديمقراطية صحية.
تآكل الثقة في المؤسسات الديمقراطية: إذ شكك كل من ترامب وبايدن في بعض الأحيان في شرعية العمليات والمؤسسات الديمقراطية. ترامب ، من خلال مزاعم تزوير الانتخابات على نطاق واسع ، وبايدن ، من خلال انتقاد تعامل ترامب مع جائحة كورونا، وأفعاله خلال تمرد الكابيتول،يمكن أن تقوض هذه الهجمات ثقة الجمهور في النظام الديمقراطي وتقويض الثقة في المؤسسات التي تدعمه.
تعطيل الانتقال السلمي للسلطة: حيثُ أصبحت العلاقة الخلافية بين ترامب وبايدن واضحة بشكل خاص خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت انتخابات 2020.  و ساهم رفض ترامب التنازل والادعاءات التي لا أساس لها من تزوير الانتخابات في انتفاضة الكابيتول يوم 6 يناير. إن مثل هذه الأعمال تقوض المبدأ الديمقراطي للتداول السلمي للسلطة ويمكن أن تؤدي إلى العنف وعدم الاستقرار السياسي.
ضعف الحوكمة وصنع السياسات: إذا استمر الصراع بين ترامب وبايدن ، فقد يعيق الحوكمة الفعالة وصنع السياسات. يجب أن يعمل القادة السياسيون معًا لمعالجة التحديات المعقدة التي تواجه الأمة ، بما في ذلك جائحة COVID-19 المستمر وعدم المساواة العرقية وتغير المناخ والانتعاش الاقتصادي، و يمكن أيضاً للصراع الحزبي أن يعيق التقدم ويعيق القدرة على إيجاد حلول من الحزبين.
إضعاف الأعراف والقيم الديمقراطية: يمكن أن يساهم الصراع الشديد بين ترامب وبايدن في تآكل الأعراف والقيم الديمقراطية، و يمكن للهجمات الشخصية وحملات المعلومات المضللة وتجاهل المعايير الأخلاقية أن تجعل مثل هذا السلوك أمرًا طبيعيًا وأن تشكل سابقة خطيرة للقادة السياسيين في المستقبل، و هذا ما يمكن أن يضعف أسس الديمقراطية ويقوض ثقة الجمهور في المؤسسات السياسية والقادة.
بشكل عام ، فإن الصراع بين ترامب وبايدن لديه القدرة على تقويض الديمقراطية الأمريكية من خلال تعميق الاستقطاب ، وتقويض الثقة في المؤسسات ، وتعطيل الانتقال السلمي للسلطة ، وإعاقة الحكم الرشيد ، وإضعاف الأعراف والقيم الديمقراطية التي لطالما اشتهرت بها الولايات المتحدة الأمريكية، و على الرغم من صعوبة توقع كيفية نهاية و نتائج مثل هذه الخلافات، إلا أنه من الممكن بشكل كبير ان تكون هذه التجاذبات السياسية في المسمار الأول في نعش الديمقراطية الأميركية و القيم الليبرالية الغربية و بدايةً لعصر جديد من عصور الظلام الغربي بعد أعوام طويلة من السلام و الازدهار..