دائرة التأثير ودائرة الاهتمام
كتب - عبدالله العميره
وصلتني رسالة من صديق متابع للحالة الرياضية، وله اهتمامات وتحليلات أثق في جودتها، لأنه يمتلك عدة أبعاد في الإعلام الإجتماعي والرياضي والأمني.
( من لايمتلك الحس الأمني والبعد الإجتماعي - وكلاهما أهم ركائز الحس الوطني - ؛ فهذا ليس بصحفي).
الرسالة التي وصلتني؛ حول تغريدة للأستاذ داود الشريان، على منصة ( إكس )، هذا نصها:
" على مقاعد #الصحافة ، تعلمنا مصطلح دوائر الاهتمام ، في #صناعة_الاخبار . واعلان نادي #الهلال السعودي، الثلاثاء، الماضي ، عن ضم اللاعب #نيمار_دا_سيلفا إلى صفوف الفريق، دخل الى اول دوائر الاهتمام في صحافة العالم. او كما قال #الهلال ، "الموهبة الرائعة ، التي تجذب انتباه الجميع " ، وان شئت ، الدنيا !
ثم ياتي بعض الصحف الرياضية ، في السعودية ، ويضع الخير في الأذن اليسرى ، فهذا بحاجة الى دورة تدريبة في معنى " دوائر الاهتمام " . وانا مستعد ادرب مجانا !"
أسأل الأستاذ داود، مالذي يمكنه أن يعلّمه لصحفيين يعرفون ماذا يعملون؟ ويفهمون في الصحافة وأبعادها ، أكثر مما يتوقع ( لا أريد القول/ أكثر منه) ؟
الأستاذ داود خبير(نعم) درس ومارس العمل الصحفي التقليدي، وأشار إلى نظرية أو مفهوم (دوائر الاهتمام)!
لكنه - على ما يبدوا لم يحدّث معلوماته.
( الصحافة، كما الطب أو الهندسة .. الصحافة من العلوم المتطورة والمتجددة).
الجيل القديم ، ومنهم الأستاذ داود، دأبوا على توجيه الرسالة الإعلامية من اتجاه واحد.
هم من يفهمون وغيرهم لايعلمون (!)
وياليت معلوماتهم قائمة على علم حقيقي متطور.
لم يستوعب - بعد - أن الرسالة اليوم ، هي تبادلية ، أو بمعنى أدق ، مرتبطة بالجمهور وأنواعه .
وهنا أسأل الأستاذ داود: عن أنواع الجمهور؟
هو؛ وجيله ، لم يتعمقوا في دراسة الجمهور.
في المناهج القديمة؛ لايتم التركيز على الجمهور ( المتلقي ) ، ولا تفاصيل تكوين العقلية الجماهيرية، ولا في الرسالة التي يجب أن تكون متناغمة مع عقلية الجمهور.
كانوا - ومازال بعض منهم - يخاطب الجمهور المحلي بوسائل إعلام يراها العالم !
هل من الممكن أن يعطيني الأستاذ داود، أنواع الجمهور، والمؤثرات عليه؟
وهل يمكن يفسر لي الأستاذ داود معنى (الجمهور المتردد) ؟
وهو أحد أنواع الجمهور: ماهي صفات هذا النوع ، والمؤثرات على تكوين عقلية" المتردد" وما هو الخطاب المناسب له ؟
أجزم أنه لايعرف ذلك.
وأجزم أنه يحسب أن عقلية كل الجمهور واحدة، كالجمهور الذي يخاطبه ويسترضيه! ؛ وإلا لما كتب في نهاية تغريدته : " وانا مستعد ادرب مجانا !" !!
إذا أراد الصحفي أن يحترمه الجمهور؛ عليه أن يحترمه ، ويحترم ذكاءه.
المتلقي لم يعد سهلاً ليتم تمرير رأي، والتأثير عليه بالصوت والصورة والمؤثرات المبركة .. والآراء المتعصبة، وغير المنطقية .
الجمهور - كثير منهم - لديه القدرة على التحليل والربط، وكثير منهم أفضل بكثير من بعض من يقول أنه صحفي ، وهو لايدرك إلى أين تذهب رسالته، والهدف منها!
أول كلمات يتعلمها الصحفي في الجامعة:
" الصّحَافَةُ هي المهنة التي تقوم على جمع وتحليل الأخبار والآراء والتحقق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور".
فهل يتم تطبيق هذا المبدأ البسيط ؟!
يتم قراءة عناوين في كليات الإعلام، منها:
العلاقة بين الصحافة والجمهور؟
ولايتم تطبيق هذه العلاقة على أرض الواقع ( في الممارسة).
الصحافة ليست علماً خافياً على أحد..
ولكن، لايوجد إلا القليل من يمارسها على أصولها، ويتابع التطورات.
والجامعات لاتعطي كل شئ.
فيها مناهج، يمكن لأي شخص الحصول عليها وتعلمها، وفهمها ، ومن يمتلك المقومات الرئيسة، ليكون صحفياً، يمكنه أن يمارس العمل الصحفي. ولا يمكن لصحفي أن ينجح إلا بمتابعة تطورات الصحافة، ويدرس جيداً الجمهور، وقادر على معرفة معنى " الإهتمام والتأثير".
أنا أحترم جداً الأستاذ داود، كخبرة، ورجل كبير في السن، وطيبة قلبه.
ولكنني لست معه في قوله "وانا مستعد ادرب مجانا"..
ولا أوافقه أبداً نقده لصحيفة الرياضية ، في تعاملها مع خبر نيمار..
لقد تعاملت الرياضية مع الخبر بمهنية عالية وباتزان حكيم. كما تعاملت تماماً مع خبر رونالدو.
هذا لايعني أنها لاتعرف قيمة اللاعبيّن.
إنما لأن الخبر مشاع، معروف،ومنتشر ولا جديد فيه ولأن أهم المعلومات غير متوفرة (غامضة) ، ولا يريد أحد أن يصرح بمعلومات خاصة مفيدة. ولا صور جديدة.
( لايوجد اهتمام من المسؤلين عن الرياضة والأندية، عندنا، با الوكالات والصحافة المحلية.. صرنا نأخذ الأخبار وأسرار الصفقات من الصحافة الأجنبية.. لا أدري هل هي عدم ثقة، أم تعمد لترك الصحافة المحلية للتطاحن والتعصب بين الجماهير في الداخل، ومكتفين بالإعلام الأجنبي؟.. مع أن العالم يتابع قنواتنا وصحفنا وما يجري فيها!!).
ولأن الفهم العام، إما أن تشخصن، أولا .. أعني: نيمار هلالي، كريسيانو نصراوي ، وبن نزيما اتحادي .. وهكذا.
( هل انتقد داوود الرياضية لأنها لم تهتم بنيمار كونه جاء إلى السعودية .. أم لأنه أراد استرضاء الهلاليين؟ .. لو كان يقصد الدائرة الأوسع، لانتقد الرياضية في تعاملها مع خبر رونالدو!)..
أكرر.. الخبر ليس خاصاً بها، لتفرد له الرياضية مساحة أكثر مما منحته للاعب أكثر شعبية وتأثيراً منه.. فقد نشرت لكريستيانو رونالدو نفس المساحة وفي أعلى الصفحة ، كما سماها في (الأذن اليسرى) - مصطلح انتهى زمنه!
لا أريد الدخول في التفضيل بين كريستيانو ، ونيمار .. المتابع يعرف أيهما أكثر شعبية في العالم، وماذا حدث من مكاسب لرونالدو بعد اعلانه الإنضمام إلى أحد أندية السعودية.. والجميع تابع تصريحاته الرائعه عن السعودية، وردة الفعل العالمية - قوة التأثير.
هذه القوة ، لا أفرضها أنا ( كصحفي )، ولا يمكن الإعتماد على أرقام ( مشاهدات ومتابعات ) يمكن التلاعب بها.. أعتمد على التأثير الواقعي.
مالذي تركه رونالدو من تأثير - على أرض الواقع - بين الجماهير في العالم، وماهو دور وتأثير رونالدو على استقطاب نجوم العالم.
أعني من الأسطر القليلة السابقة، من ميزان وطني ، رونالدو ونيمار ، عندي في ميزان واحد.
من يقدم خدمات لبلدي ، هو الأهم.
وأرجو أن يركز من أعطى مهمة إدارة الإعلام عندنا ؛ على إنجازات اللاعبين، وما قدموه للمملكة. وليس التركيز على إلى من ينتمي اللاعب، في تعصب قاصر بعيد جداً عن الهدف الذي جئ بالنجوم من أجله إلى أنديتنا.
أما أن أفضل نيمار وأطالب بمنحه المساحات لأنه هلالي، أو أي لاعب آخر ؛ فهذا غير منطقي ، وممتلء بالتعصب المقيت إلى درجة التخلف.
في الأندية الأخرى نجوم تستحق الإشادة ، مع الاتزان في الإطراء - بما تستحق، وبمقدار عطاؤها على أرض الواقع.
الآن آتي للعلم الذي يريد الأستاذ داود؛ أن يعلمه للصحفيين وكل من يتابع..
" دوائر الإهتمام "..
هذا المصطلح ( دوائر الإهتمام) ، والمصطلح الآخر (دائرة التأثير ).
لقد ذهب الأستاذ داود بالنرجسية إلى أبعد مدى ، مع (ريحة تعصب)! ، أو تعجل يدفعه اعتقاد أنه يرى بخبرته، مالايرى غيره.
أقدر خبرة الأستاذ داوو، ولكن غيره عندهم خبرات وممارسة وفهم .. وفي الجمهور عقول تفهم جيداً.
هو حدد فهمه لـ " دوائر الإهتمام" في تغريدته بقوله :
" ضم اللاعب #نيمار_دا_سيلفا إلى صفوف الفريق، دخل الى اول دوائر الاهتمام في صحافة العالم ".
وهذا فهم قاصر وفاضح..
ليكون ما أعنيه واضحاً، أقول:
دوائر الإهتمام، ودوائر التأثير ، ليس فهماً أفسره كما أريد، بل هو علم تناوله كبار المتخصصين. وهو علم متطور قائم على دراسات وأبحاث متعمقة.
ولتكون الفائدة أدق ، سأنقل، عن واحد من أهم من كتب في: "دائرة التأثير ودائرة الاهتمام"، وتتفق معه أهم الأبحاث العصرية.
ستيفن كوفي (Steven Covey) في كتابه العادات السبع للناس الأكثر فعّالية (The 7 Habits of Highly Effective People).
هو كتاب نُشر للمرة الأولى في عام 1989، وهو من تأليف الكاتب (ستيفن كوفي) (Stephen Covey). يركّز الكتاب على كيفية مساعدة وتطوير الذات، ويطرح "كوفي" منهجًا فعّالًا يساعد على تحقيق الأهداف من خلال تحديد المبادئ الشخصية والأخلاقيّات.
"دائرة التأثير ودائرة الاهتمام"
مصطلحان تم طرحما في كتاب ستيفن كوفي لتوضيح أن تفكير الإنسان وجهده ووقته يَنصّب عادة في دائرتين، هما: دائرة التأثير ودائرة الاهتمام.
( كما ذكرت؛ في ذلك أبحاث كثيرة - يمكن للقارئ الوصول إليها بضغطة زر ، لايحتاج لأحد أن يعلمه ولا لأي شخص يتعلم منه.. فقط المتلقي يحتاج من يحترم عقله ويوجهه إلى المفاتيح / وليس أي شخص يمكنه أن يدل على المفاتيح! ).
فيما جاء في كتاب " العادات" السبع " وغيرها يتوافق مع هذا العلم المفيد للصحفيين والكتّاب والمتلقين / الجمهور:
"تتضمن دائرة التأثير أو دائرة التحكم، المحيط الذي يعيش فيه الفرد ويؤثر عليه بشكل مُباشر، وهي دائرة ضمن سيطرة الفرد ويستطيع التحكم فيها، فهو يستطيع اختيار ماذا يقرأ وأين يعمل وماذا يشتري، والوقت الذي يُنشئ فيه مشروعه الشخصي والمهارات التي يرغب في تعلمها وما إلى ذلك.
أما دائرة الاهتمام هي الدائرة الأوسع نطاقاً والتي تحيط بالفرد بشكل أكبر وغير مُباشر، وهي دائرة خارجة عن سيطرة الفرد ولا يستطيع التحكم فيها، مثل الإقتصاد والحروب والأمراض والحالة الجوية والطريقة التي يُفكّر فيها الآخرون تجاههنا وما إلى ذلك.
يُوضح كوفي أن الجزء الذي ستركز عليه أكثر سيشغل تفكيرك ووقتك وطاقتك بشكل أكبر، وبالتالي سيكون هو الجزء المُسيطر على حياتك. فإن كان زاد تركيزك على الأشياء التي لك سيطرة عليها ستكبر دائرة التأثير لديك وستقل مساحة دائرة الإهتمام. أما إن زاد قلقك واهتمامك بالأشياء التي لا تستطيع السيطرة عليها، فستكبر دائرة الاهتمام لديك وستقل مساحة دائرة التأثير".
( إذا كان داود يرى من هذه الزاوية، فهذا مقبول، ولكن أين دائرة اهتمامه، عندما تعاقد النصر مع رونالدو، ووضعت الرياضية الخبر في الأذن اليسرى ؟!.أم أن للأستاذ داو,د هدف من نقده للرياضية ؟!!!).
من الناحية الفردية..
"يرى كوفي أن الطريقة التي سنتعامل بها مع دائرتي التأثير الاهتمام، تعتمد على طبيعة وشخصية كلٍ منا، فالأشخاص الإستباقيون أو المُبادرون (Proactive)، هم أشخاص فاعلون ويرون أن أفعالهم لها تأثير كبير على وضعهم وظروفهم، فإن غيّرو أفعالهم سيتمكنون من تغيير حالهم للأفضل.
هم أشخاص يتحملون مسؤولية تحسين أوضاعهم وحل مشكلاتهم وإن لم يكونوا السبب فيها. يميل هؤلاء الأشخاص إلى التركيز على دائرة التأثير، فهي تشغل أكثر من 90% من اهتمامهم ووقتهم ومجهودهم، فهي الدائرة التي يستطيعون من خلالها تطوير أنفسهم ومحيطهم لأنها ضمن سيطرتهم. بينما لا تشغل دائرة الاهتمام لديهم أكثر من 10% من اهتمامهم ووقتهم ومجهودهم.
أما الأشخاص الإنفعاليون أو الذي يكون سلوكهم دائما كرد فعل لما يحدث (Reactive)، هم أشخاص تغلب عليهم السلبية، لا يؤمنون بأن أفعالهم سيكون لها تأثير كبير على الواقع، وبالتالي فهم لا يُحاولون المُبادرة أو القيام بأي عمل للتغيير، بل ينتظرون أن يأتي التغيير من الخارج، ودائماً ما يلومون الأطراف الأخرى على وضعهم السئ.
يميل هؤلاء الأشخاص إلى التركيز على دائرة الاهتمام، فهي تشغل أكثر من 90% من اهتمامهم ووقتهم ومجهودهم، فهم دائمي التركيز على الأشياء والأحداث التي لا يستطيعون تغييرها أو السيطرة عليها. بينما لا تشغل دائرة التأثير لديهم أكثر من 10% من اهتمامهم ووقتهم ومجهودهم.
يؤكد كوفي أنه لكي تكون شخصاً فاعلاً، لا بد أن تكون مبُادراً. بادر بتحمل مسؤولية نفسك، بادر بتطوير مهاراتك، بادر بحل خلافاتك، ولا تنتظر أن يقوم أي أحد آخر بذلك. لا تضيع وقتك وطاقتك في التركيز على أمور خارج نطاق تأثيرك. ركز على نطاق تأثيرك فقط لكي تتمكن من تحقيق نتائج ملموسة في حياتك".
الخلاصة..
المشكلة، في أن دائرة الإهتمام عند بعض (الصحفيين أو الإعلاميين) تتركز في دائرة ضيقة جداً، ولا يرون المحيط الأبعد، وأن أولئك الإعلاميين لايحترمون ذكاء المتلقي، حتى ممن يقع في دائرتهم الضيقة.
أطالبهم؛ بقليل من التركيز، وقليل من العلم، وقليل من احترام الجمهور.. وليكن الوطن فوق كل شئ.
__________
أن أنتقد من منطلق واقعي، فهذا يعني أنني أريد معالجة الخلل، وأريد الإخلاص في العمل والإتقان والكمال والتمام بأقصى قدر ممكن.
ولكن أن أنتقد بدافع من التعصب، فهذا فيه إساءة للآخرين، وحتى لمن أتعصب من أجله!
_________________________
لو كنت رئيس تحرير صحيفة الرياضية، لفعلت ما فعله الزملاء فيها ورئيس تحريرها المبدع بتال القوس.
لن أفرد خبر وأبرزه بدون امتلاك معلومات خاصة ، أو معلومات جديدة.
سيقول قائل: على الصحيفة أن تبحث عن الجديد؟
الإجابة على ذلك السؤال، كما ذكرت سابقاً : من أين؟ والجميع قافل أبوابة أمام أهم صحيفة سعودية رياضية وأكثر الصحف احترافية؟.. هل تريدون من الصحيفة أن تفبرك.
وهو ليس من الأخبار الرسمية (A) التي تحتاج لتحليل أبعاد قرارات فيه.
لماذا لم يتحدث داود أو غيره عن احتفالية النصر بلاعبيه الدوليين، ليلة أمس، ولم تنقلها قناة؟
أليس في نقلها ترويج للكرة السعودية؟
أم أن نجوم النصر لايعرفهم أحد؟!
أو لأنه النصر؟
من الواضح أن التفاعل مع تلك المناسبات قاصر ، وينظر له من زاوية ( أعطينا النصر حقه بنقل احتفاله برونالدو!).
هل هذا منطق، يمكنه أن يخلق مناسبات تسعد جماهير النجوم والتسويق للمملكة باحترافي؟.
عقول!!!
يبدو لنا مقنع توازان نقل احتفالات الأندية : النصر برونالدو، والاتحاد بإبن زيما، والهلال السبت،وهو نادي سعودي، والترويج للاعبيه الدوليين مطلوب.
لكن مطلوب التعامل مع البقية بنفس الاهتمام. فالآخرين ليسوا أولاد البطة السوداء .. كلهم ملك لصندوق الاستثمارات العامة .
انزعوا عن عقولكم التعصب القديم.
اخلقوا أسلوب جديد عصري من التنافس الشريف الذي يرتقي باسم المملكة والدوري السعودي.
أرى؛ أنه بالشخوص الحالية القائمة على الرياضة السعودية ؛ لن نفلح.
عقول!!!