الأخبار والأنباء.. الفنون والتأثير

news image


كتب - عبدالله العميره


في منتدى الإعلام السعودي..
قدم أحد الزملاء تعريفاً للخبر، وآخر للنبأ - من وجهة نظره.
ساق تعريفاً  للفرق بين الخبر والنبأ، بأن النبأ؛ هو الخبر الصادق.
وكأنه يقول أن الخبر؛ غير صادق.
وهذا غير صحيح..

علميا - بحسب تعريف المتخصصين:
إن الخبر هو تقرير وقتي عن أي شيء مثير بالنسبة للإنسان. والخبر الجيد هو الخبر الذي يثير اهتمام اكبر عدد من القراء.
وهناك من يعرّف الخبر بأنه الجديد الذي يتلهف القراء على معرفته .. تقرير عن حدث لم يكن معروفا عند الناس من قبل جمع بدقة من مصادر موثوقة.

واتفق المتخصصون على أن الخبر؛هو تقريريتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية:  المقدمة، التفاصيل، وخلفيات الخبر.
إن تم التوسع؛ أصبح تقريراً.. تخطى للخبر (المعلومة إلى مجموعة معلومات مترابطة - وهذا هو التقرير).
والتقرير واحداً من فنون العمل الصحفي:
الخبر، التقرير، التحقيق (أبو الفنون الصحفية)، الإستطلاع، اللقاء .. المقال.. 
وكما لكل فن من الفنون الصحفية أنواع؛ أيضاً للمقال أنواع أهمها : المقال الإنطباعي، والمقال التحليلي..
وذكرت نوعين للمقال؛ لأن المقال الأشهر (كان ) الإنطباعي، وحالياً؛ السائد عالمياً هو التحليلي.
وبقية الفنون؛ تطور أنواعها؛ بإضافة الفنون البصرية.

والخبر الوافي الكامل هو الذي يعطي الإجابات الوافية والكاملة على الأسئلة الستة التالية: من ، متى ، أين ، ماذا، ولماذا، وكيف..؟
ويصبح تقريراً كاملاً؛ إذا توسعنا في الإجابة على السؤال : كيف؟

وعرّف البعض؛ بأن النباء؛ هو خبر لم يعرفه أحد من قبل، وأنه صادق لا يوجد فيه موضع شك.

وقد جاءت كلمة نبأ في القرآن الكريم في عدة مواضع حيث جاءت في سورة النبأ حيث قال تعالى (عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)، وذلك يؤكد أن النبأ شيء عظيم أو خبر كبير، وقد قل تعالى في كتابة الكريم (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).

وأيضاً في الخبر؛ قال تعالى:
في سورة البقرة  (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) وقال في سورة النور (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)، وقال تعالى في سورة النمل (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)، وقال تعالى في سورة الشورى (إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)، وقد قال الله تعالى في سورة الكهف (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا)، وقال تعالى في سورة النمل (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ).

من السياق القرآني؛ تنتهي صفة الصدق والكذب عند تعريف الخبر والنبأ.
من وجهة نظري؛ الخبر والنباء، هما لفن واحد (إخبار أو إنباء)، ومتكاملان.. الفرق بينهما في طريقة نقل المعلومة، أي/ أسلوب النقل، واختيار المعلومة، والهدف منهما.
المتفق عند المتخصصين في تعريفهما؛ أن الخبر والنبأ، معلومة غير مسبوقة ( لم يعرفها أحد من قبل)!
من التعريفات؛ والأهم من السياق القرآني؛ لايمكن القول ، أن النبأ أصدق من الخبر.
ومن الممارسة ( عند كتابة الأخبار أو الأنباء)..
إذ يمكن أن يكون خبر صادق، وآخر غير صادق.
ويمكن أن يكون نبأ صحيح، ونبأ غير صحيح.
إلا في البناء ، وهذا ينتجه محرر الأخبار أو الأنباء.
_____
إختيار التعريف المناسب للوكالات المصدّره للأخبار؛ بعضها اختار أن يكون اسمها:
وكالة أخبار، أو كالة أنباء. أو وكالة إعلامية / وهذه أوسع.
مثال: رويترز، الفرنسية، الألمانية، الروسية.. والعربية منها : بث ، واس، الشرق الأوسط، الكويتية..الخ من الوكالات العربية التي اختارت مسمى (الأنباء) لها.
هذا لايعني أنها اختارت الأصح.
الصحيح؛ فيما تصنعه وتنشره، وهذا يُقدّره ويُقيّمه المتلقي.
الخلاف؛ أولنقل؛ الإختلاف في  الإختيار بين: وكالة أخبار، أو كالة أنباء، هو كما الإختلاف بين، الوسائل الورقية ، والرقمية.. أيهما أهم ، وأيهما الأبقى؟
وأرى ذلك الخلاف، أو الإختلاف؛ عقيماً !
أرى أن الخلاف، أو الإختلاف الصحيح في المضمون، أي/ المحتوى..
قد يكون النقاش مفيداً، فيما لو طُرح الأسئلة :
أيهما أسرع، وأوسع انتشاراً؟ 
وأيهما أكثر تأثيراً؟

والمقارنة بين الورقي والرقمي في سعة الإنتشار صارت من القديم، بعد ظهور التقنية الحديثة.
فلا ورق بدون تقنية، ولا تقنية بدون حرف صحفي.
إذ لا يوجد صحيفة ورقية، بدون أن يكون لها موقع إلكتروني.
الفارق؛ في التعامل، أي / التوفيق بين ما يتم نشره على الورق، وما يتم نشره في عبر المواقع الإلكترونية، و "المحتوى".. ماذا أنشر؟
غالبية الصحف الورقية المحلية، والعربية؛ لاتحسن التعامل مع مواقعها الإلكترونية.
فما تنشره في الورق تكرره على الموقع!
هذا خطأ مهني كبير.
صحف ومجلات ورقية  أمريكية كبرى، ما زالت مؤثرة. ولها قراء لاينفكون عن متابعتها، لتميزها بتقارير وتحقيقات مختلفة عن غيرها.
وتميز الورق بالتفسير، والتحليل الإستراتيجي.
(لايمكن على الإطلاق - في الوقت الحاضر - مقارنة صحيفة مثل واشنطن بوست ، بصحيفة محلية  ورقية أو الكترونية).
هناك في أمريكا - مثلاً -  تمثل أنموذجاً للقوة الإعلامية العالمية الناعمة.. قوة عالمية؛ لأنها تعرف كيف تختار وتنشرما يعطي الوسيلة، وأمريكا المزيد من التأثير، المحلي والدولي في آن واحد.
تكون ممتلئة بما يخص الشعب الأمريكي، أي / يُشبع الأمريكي، وغيره؛ في ذات الوقت!
أما هنا.... (أترك قراءة  المحتوى والأسلوب، والتأثير لكم!).
 إن شاء الله تتعدل الحال في الصحافة العربية ، التي مازالت - حتى الآن - تخاطب الذات.

صناعة المواد الصحفية في الصحف الأمريكية؛ صناعة خاصة، وتتميز بمهنية عالية:
الصياغة - عالمية ، تخاطب العقول والمشاعر.
صناعة خاصة، ولا أعني  بالصناعة في الأخبار المشاعة (التي يعرفها الجميع)
لماذا تتفوق الصحف الأجنبية على العربية في ( نقل) الأخبار؟
مثال:
زلزال تركيا، أو زيارة الرئيس الأمريكي بايدن إلى لأوكرانيا.
هذه من الأخبار المشاعة..
لايمكن لأي وسيلة إعلام أن تقول أنها صنعت خبر الزلزال. أو لأنها أول من نقلته.
الكل ينقل الأرقام، وذات الصور.

الإبتكار والتميز، في التركيز على سؤال من الأسئلة الستة: كيف؟
البحث عن المعلومة غير المعروفة من قبل. والتعامل معها بذكاء.. ومن الذكاء، البحث في وراء الأخبار (المشاعة).
بشكل عام..
المهم؛ لايكفي "البحث عن المعلومة غير المعروفة".. 
حتى في هذه الحالة، يجب تحري الصدق إلى أقصى درجة. حتى لاتكشف وسيلة أخرى - بعد ذلك - إجابات غير مسبوقة.
( وهنا مرتكز أساسي للمنافسة).
إذا صلب الموضوع منصب على الحرفية والمهنية.. وأعني التميز في التقاط المعلومة وطرحها بشكل يجذب المتابع.
ولا أعني بالمهنية والحرفية، التعريف التقليدي:
"أن المحترف هو الشخص الذي يتم دفع أجره للقيام بمهام وإكمالها مقابل رسوم، وأن المهنة تقوم على تدريب تعليمي متخصص".
هذا تعريف لاعلاقة له بالصحافة - كفن إبداعي.
فعندما نقول: " صحفي"؛ أي / الممارس للصحافة عن تخصص، وخبرة.
وعندما نقول صحفي مهني أو حرفي؛ فنعني؛ أن يمارس العمل بجودة عالية. ولا نسقط التعريف على صحفي يتقاضى مرتب، أو مكافأة - فهذا جظء يتعلق بالإدارة، وليس بالفن الصحفي الإبداعي.
ولا يكفي التخصص ، بدون أن يكون الممارس تتوفر فيه أهم العناصر:
الموهبة، وفي إطارها؛ الحس العالي.. وأن يمتلك الثقافة اللغوية، والمعرفة بالمهمة وما خفي فيها، ومعرفة تامة بالهدف من الخبر، ومعرفة بالمتلقي.. وأن يكون دارساً وخبيراً بعلم النفس الصحفي.
( أعني بمعرفة المتلقي؛ الجمهور، وأنواعه، أي / عارفاً بعقلية المتلقي، واختلاف عقول المتلقين، والفروقات بين الجمهور المحلي، والعربي، والعالمي).
(أكاد أجزم أن الصحافة العربية لاتطبق الفروقات، فالصحافة العربية - بمختلف وسائلها - تقوم بتنفيذ رسالة من اتجاه واحد، تركز على خطاب الذات، ولا تهتم بدرجة التأثير على الآخرين/ المتلقين).
وفي العالم العربي، يمكن لكل من "هب ودب" أن يعمل في الصحافة، وبُطلق على نفسه" إعلامي"، وهو لايعرف الفرق بين الإعلامي والصحفي!
_____
أما القيادي في الصحافة؛ عليه أن يفهم جيداً كل ما سبق، وأن يكون عارفاً بالفروقات، والتخصصات، وبالواجبات والقوانين / الإطار العام ، أوالسياسة العامة. ويمتلك قدرة على التوجيه (عن علم ومعرفة)، والأهم أن يستطيع أن يُشكّل فريق عمل متكامل مترابط.
ويستطيع أن يكون علاقات خارجية - على وجه الخصوص؛لتسهيل إيصال الرسالة.

مشكلة العالم العربي في الإعلام؛ أن (معظم) القيادات الصحفية، جئ بها بالواسطة، وغالباً تكون هشة، لا تملك مقومات  القيادة الصحفية (تفتقد المعرفة والخبرة، والقدرة على إدارة العمل الصحفي).. ومن هنا يأتي الفشل في عدم تكوين رسائل إعلامية مؤثرة / راسخة التأثير.
_____
من أجل تطوير العمل الصحفي، لايكفي البحث عن أسرع وسيلة، وأسهلها لإيصال الرسائل إلى المتلقي في الداخل والخارج.
لابد من تطوير المحتوى، وإيجاد الصحفي والقيادي المتطور. وذكرت في المقال؛ بعضاً من مكونات الصحفي والقيادي القادر على إدارة الدفة.
( قائد متطور، وفريق عمل مبدع متكامل، ويكمل بعضه بعضاً).
ولا نكتقي بذلك.. بل لابد من فريق عمل يتابع تأثيرالرسائل، والتطوير في ألأفكار.
ومن المهم الإنتباه إلى : توحيد المهمة لتقديم رسائل مركّزة موحدة ( كثرة الإدارات، واللجان، والفرق،  والغرف .. مضيعة للجهد والمال والوقت).
_____
مختصر:
العمل الصحفي؛ لايتوقف على الخبر، أو صناعة التقرير.. أو أي من فنون العمل الصحفي المعروفة، والتي ذكرتها.
فقد اتسعت الصناعة ؛ إلى تصميم وإنتاج الفنون البصرية (الإنتاج التلفزيوني الإخباري - والأفلام الوثائقية - والفيديوهات القصيرة، والصور، والرسوم البيانية الثابتة والتفاعلية، والموشن جرافيكس - والأنفو جرافيكس، والكاريكاتير)، والإعلانات. والمنتج المعلوماتي: الأبحاث، والدراسات.. الخ
_____
الحديث طويل؛ عن الصحافة وتأثيراتها، في الحاضر والمستقبل.