البنك الدولي: الأزمة اللبنانية مفتعلة من الطبقة السياسية

بيروت - مروة شاهين - بث:
أفاد تقرير صادر عن البنك الدولي بأن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان منذ عام ٢٠١٩ هي أزمة مفتعلة و مدبرة من قبل الطبقة السياسية التي تحكم لبنان منذ نهاية الحرب الاهلية.
و أشار التقرير الى أن أن الكساد المتعمّد في لبنان هو من تدبير القيادات التي تحكم البلاد وتسيطر منذ وقت طويل على مقاليد الدولة وتستأثر بمنافعها الاقتصادية.
كما جاء في التقرير:
استمرّت هذه الهيمنة على الرغم من شدة الأزمة وباتت تُعرّض للخطر الاستقرار والسلم الاجتماعي في البلاد على المدى الطويل. فقد أفلس نموذج التنمية الاقتصادية للبنان الذي ازدهر بفضل تدفقات وافدة كبيرة لرؤوس الأموال ودعم دولي في مقابل وعود بإجراء إصلاحات، علاوةً على ذلك، يحدث الانهيار في بيئة جيوسياسية تتّسم بدرجة عالية من عدم الاستقرار، الأمر الذي يزيد من إلحاح الحاجة إلى معالجة هذه الأزمة الحادة.
في بيانٍ صحفي صادر عن البنك الدولي بتاريخ ٢٥ يناير من العام ٢٠٢٢، جاء فيه إن حجم ونطاق الكساد المتعمّد الذي يشهده لبنان حالياً يؤديان إلى تفكك الركائز الرئيسة لنموذج الاقتصاد السياسي السائد في البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية.
ويتجلَّى هذا في انهيار الخدمات العامة الأساسية، واستمرار الخلافات السياسية الداخلية المُنهكة، ونزيف رأس المال البشري وهجرة الكفاءات على نطاق واسع. وفي موازاة ذلك، تتحمل الفئات الفقيرة والمتوسطة العبء الأكبر للأزمة، وهي الفئات التي لم يكن النموذج القائم يلبي حاجاتها أصلاً.
و عن مدى حجم الكارثة و تأثير الأزمة على الأقتصاد اللبناني يُقدِّر تقرير المرصد الاقتصادي للبنان أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي هبط بنسبة 10.5% في 2021 في أعقاب انكماش نسبته 21.4% في 2020. وفي الواقع، انخفض إجمالي الناتج المحلي للبنان من قرابة 52 مليار دولار أميركي في 2019 إلى مستوى متوقع قدره 21.8 مليار دولار أميركي في 2021، مسجِّلا انكماشاً نسبته 58.1%،وهو أشد انكماش في قائمة تضم 193 بلدا.
وأدّى تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية إلى قفزة كبيرة للتضخم الذي يُقدَّر أن معدله بلغ في المتوسط 145% في 2021، ليسجل ثالث أعلى معدل على مستوى العالم بعد فنزويلا والسودان. وتُمثِّل التأثيرات التضخمية عوامل تنازلية شديدة تُؤثّر على الفقراء والطبقة المتوسطة أكثر من غيرهم، وبوجه أعم على من يعيشون على دخل ثابت مثل أصحاب معاشات التقاعد. ومازال تضخم أسعار المواد الغذائية مبعث قلق كبير لأنها تشكل نسبة أكبر من النفقات التي تتكبدها الأسر الأفقر التي تواجه مصاعب جمة في تلبية احتياجاتها الأساسية في ظل تدهور قدرتها الشرائية.
و تعقيباً على هذه البيانات قال ساروج كومار جاه، المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي: «إن الإنكار المتعمّد في ظل الكساد المتعمّد يُخلِّف أضراراً طويلة الأمد على الاقتصاد والمجتمع. فبعد مرور أكثر من عامين على الأزمة المالية، لم يُحدِّد لبنان بعد مساراً يتسم بالمصداقية للوصول إلى التعافي والاستقرار الاقتصادي والمالي، ناهيك عن الشروع في هذا المسار، وعلى الحكومة اللبنانية أن تمضي قدماً بشكل عاجل نحو اعتماد خطة لتحقيق الاستقرار والتعافي المالي الكلي ذات مصداقية وشاملة ومنصفة، وتسريع وتيرة تنفيذها إذا كان لها أن تتفادى دماراً كاملاً لشبكاتها الاجتماعية والاقتصادية، وأن توقف على الفور نزيف رأس المال البشري الذي لا يمكن تعويضه. ويُؤكد البنك الدولي مرة أخرى استعداده مواصلة دعم لبنان في تلبية حاجات شعبه الملحّة والحدّ من التحديات التي تُؤثّر على سبل عيشه».

و يقول العديد من الخبراء الاقتصاديين في لبنان ان اللعبة السياسية قد انكشفت بعد صدور التعميم رقم ١٦١ عن مصرف لبنان المركزي بشأن السماح للمواطنين بسحب الأموال بالعملات الاجنبية على سعر صرف يوازي ٢٤ الف ليرة لبنانية للدولار الواحد، مما ادى الى استرجاع الليرة اللبنانية حوالي ثلث قيمتها، حيث انخفض سعر الدولار الاميركي مقابل الليرة اللبنانية من ٣٥ الفاً للدولار الواحد الى ٢٣ الف، مما يعني أن مصرف لبنان و الطبقة الحاكمة يستطيعون بالفعل التحكم في سعر صرف الليرة مقابل الدولار و ضبط الانهيار الحاصل في السوق الموازي، لكن الدولة المتمثلة بالطبقة السياسية، بكل بساطة لا تريد ضبط الانهيار،فهي مستفيدة من الانهيار الحاصل، و تسعى اليوم الى احداث بعض التغييرات الايجابية في الوضع الاقتصادي بهدف تخفيف الغضب الشعبي على الطبقة السياسية قبيل عقد الانتخابات النيابية في أيار/مايو المقبل.