المفاوضات النووية الخامسة… مواجهة المصالح واستنزاف الوقت

news image

متابعة وتحليل وكالة BETH

ما يجري

أُجريت في روما الجولة الخامسة من المباحثات الإيرانية–الأميركية حول البرنامج النووي لطهران بوساطة عُمانية، وسط تعنّت حول مسألة تخصيب اليورانيوم. واشنطن تُصرّ على وقف كامل للتخصيب قبل رفع أيّ عقوبات، بينما طهران تُمسك بحقّها السيادي في تكديس مخزون مخصّب. انتهت الجولة بعد 3 ساعات من المفاوضات بدون حسم.

وتعكس تصريحات وزير خارجية عمان بدر البوسعيدي ووزير خارجية إيران عباس عراقجي دورَ عمانَ كجسرٍ دبلوماسي يساهم في توضيح أطروحات الطرف الإيراني أمام واشنطن، لكن تأكيدهما على “التقدم غير الحاسم” و”تعقيد المحادثات” يشيران إلى أن الجمود لا زال مستمراً، وأن المعركة الحقيقية ستدور حول قدرة الوسطاء على تحويل الفهم الأعمق إلى تنازلات متبادلة تفضي إلى انفراجٍ ملموس.

وقبيل بدء المفاوضات الأميركية–الإيرانية بفترة وجيزة، التقى المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف في روما وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ومدير جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد ديفيد بارنيا، ما يعكس تنسيقاً استخباراتياً عاجلاً استعداداً لأي سيناريو تصعيدي.

 

مواقف الأطراف

الولايات المتحدة
تمارس ضغطاً دبلوماسياً حذراً، مع إبقاء خيار العمل العسكري “قيد الطاولة”، لكنها تفضّل الحل التفاوضي لتجنب انزلاق إقليمي.

إيران
تستثمر في تمديد الجولة الخامسة لشراء الوقت، ورفع سقف التخصيب كشكل من أشكال التحدي، مستغلة تراجع اهتمام الغرب عن فرض حل قسري.

أوروبا
تدعم الخيار الدبلوماسي وتضغط لإبقاء الولايات المتحدة ملتزمة بالاتفاق السابق، لكنها تهدّد بإحياء عقوبات إضافية في حال فشل المسار.

إسرائيل وجيران إيران
يراقبون بقلق، ويؤكدون حقّهم في الدفاع والاستعداد لضربة استباقية للمنشآت النووية إذا انهار المسار التفاوضي.

 

لماذا استمرت الجولة؟

ورقة زمنية: تستفيد إيران من طول أمد المفاوضات لتمويه قدراتها النووية ورفع الضغوط الدولية تدريجياً.

اختبار ردود الفعل: تقيس واشنطن مدى تماسك حلفائها الأوروبيين وقدرتها على التفاهم معهم بشأن نهج الضغوط والتهدئة.

مسرح السياسة الداخلية: يمنح التفاوض إيران ذريعة لامتصاص غضب الشعب عن تردي الأوضاع الاقتصادية، ويظهر أمريكا في موقف “البادلة” رغم صلابة خطابها.

 

سيناريوهات المستقبل

المزيد من الجمود
– تستمر المفاوضات دون نتائج، مع إبقاء مستوى التخصيب مرتفعاً والعقوبات سارية.

اتفاق جزئي
– تجميد محدود للتخصيب مقابل رفع جزئي للعقوبات، يتيح لطهران نافذة اقتصادية دون التخلي عن أهدافها النووية.

خيارات عسكرية
– في حال فشل تام، قد تلجأ واشنطن وإسرائيل لضربة استباقية تستهدف منشآت إيران النووية، ما يرفع من مخاطر مواجهة إقليمية شاملة.

 

تحليل ختامي

إن اللقاء العاجل للمبعوث الأميركي مع قيادتي الشؤون الاستراتيجية والموساد في روما يؤكد أن واشنطن لا تستثني أيّ أداة للضغط، حتى لإحراج إيران استخباراتياً وعسكرياً. هذا التنسيق الضمني يعزز قدرة الغرب على ردع أي خطوة إيرانية أحادية الجانب في حال قررت طهران تصعيداً نووياً، ويبدو أن الخطوة التالية قد تشمل تبنّي إجراءات استخباراتية تعميقاً للتفاوض أو توجيه “رسائل قوة” قبل الجولة القادمة.

 

خلاصة

تظهر الجولة الخامسة كصراع إرادات بين صرامة أميركية في شروطها وطموح إيراني لاستنزاف الوقت ورفع سقف الضغوط. يبقى التوتر على أشده، وحسم الموقف مرهون بقدرة الأطراف على الموازنة بين التفاوض والتلويح بالخيارات العسكرية والاستخباراتية دون الانزلاق إلى مواجهة لا يحمد عقباها.