شراكة القطبين: مكاسبٌ سعوديةٌ–أميركية من زيارة ترامب إلى الرياض

news image

متابعة وتحليل – وكالة BETH الإعلامية

اختار الرئيس دونالد ترامب المملكة العربية السعودية وجهته الأولى في ولايتيه الأولى والثانية ليس لأنه “حامي الضعفاء”، بل لأن الرياض اليوم تمثل شريكاً استراتيجياً متكاملاً، يملك أدواتَ قوةٍ ذاتيةً في الطاقة والأمن والاستثمار. في المقابل، تُقدِّم واشنطن خبرتها التقنية والعسكرية وقدراتها الدبلوماسية للمحافظة على هذا التكامل.

 

1. السياق المحدث

لم تعد العلاقة “نفطٌ مقابل أمن” بمعناها القديم. السعودية اليوم:

قوةٌ دفاعيةٌ مستقلة تمتلك ترسانةً باتت تكفي لحماية أراضيها ومضائقها الحيوية.

رؤية 2030 التي تُحوِّلها إلى مركز تكنولوجي واستثماري ينافس العواصم العالمية.

شبكة تحالفاتٍ أوسع (الصين–روسيا–الهند)، ولكنها تُبقي واشنطن في القطب الآخر، ليس تابعةً بل شريكاً متوازناً.

ومن هذا المنطلق، يعرف ترامب والقائمون على إدارته أن الرياض ليست في حاجةٍ لمنحةٍ أمنيةٍ فقط، بل شريكٌ يقدم للولايات المتحدة فرصاً اقتصاديةً وأمنيةً لا تمنحها إسرائيل أو تركيا أو غيرها بمقفىً واحد.

 

2. المكاسبُ المشتركة

الطاقة والاستثمار

تنسيق استراتيجيّ لضبط أسعار النفط بما يخدم استقرار الأسواق العالمية.

تدفق رؤوس أموالٍ سعودية في قطاعات التكنولوجيا، التصنيع الدقيق، والطاقة المتجددة داخل الولايات المتحدة.

التعاونُ الدفاعي والتقني

شراكات في تصنيع أنظمة دفاعية مشتركة (عقود تطوير الطائرات المُقاتلة، الشبكات الفضائية الاستطلاعية…).

تبادلٌ استخباراتيٌّ متقدم ضدّ الجماعات المتطرفة وهجمات الفضاء السيبراني.

الشرعيّة الدبلوماسية والقيادة الإقليمية

لـ«الرياض أولاً» دلالةٌ على رهان واشنطن على دور السعودية المحوريّ في استقرار منطقة الخليج.

دعمٌ متبادلٌ في المنصات الدولية (مجلس الأمن، مجموعة العشرين، محافل الطاقة).

 

3. مكاسبٌ لكل طرفٍ على حدة

للسعودية

تعزيز قدرتها على التنوع الاقتصادي عبر شراكات أميركية تقنية في «نيوم» والصناعات الذكية.

تأمين سياقات دفاعية من خلال صفقات تصنيع مشترك بدلاً من شراء جاهز.

تعزيز دورها الوسيط في قضايا الإقليم دون اعتبارٍ لهيمنة طرفٍ واحد.

للولايات المتحدة

فتح أسواق جديدة أمام الشركات الأميركية في مجال الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحيوية.

دعم مباشر لصناعة الدفاع الأميركية بمئات المليارات من دولارات الصفقات.

تقوية التحالف الأوسع مع دول الخليج عبر جسر الرياض إلى أبوظبي والمنامة.

 

4. الملفُّ المحوريُّ في الزيارة

ملف الطاقة والاستثمار المشترك:

وضع آلية تنسيق دائم بين «أرامكو» ووزارات الطاقة الأميركية لإدارة تقلبات أسعار النفط.

إطلاق صندوق استثماري مشترك يضخّ 50–70 مليار دولار في مشاريع التكنولوجيا النظيفة والبنى التحتية.

ملف الدفاع والتطوير الصناعي:

توقيع مذكّرة تفاهم لتطوير الطائرة «F-47» المشتركة، تشمل نقل تقنيات «الشبح» وتأسيس مصانع مشتركة في المملكة.

تأسيس مركز بحوث دفاعية متقدّمة برأس مال مشترك لابتكار أنظمة درونات وأمن سيبراني.

 

5. التوقعات المستقبلية

انطلاق مشاريع «نيوم–سيليكون فالي»: تعاون سعودي–أميركي في الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.

شبكة أمنيّة خليجية تقودها الرياض بدعم تقني أميركي، تشمل تدريباً مشتركاً ومراكز استخبارات.

أسواق مشتركة للطاقة النظيفة؛ استثمار سعوديّ أميركيّ في تصنيع خلايا شمسية وهيدروجين أخضر.

 

برنامج الزيارة

الثلاثاء صباحًا

هبوط الطائرة الرئاسية في مطار الملك خالد.

الإستقبال واللقاء بوليّ العهد.

حضور الرئيس ترمب وولي العهد لمنتدى الإقتصاد السعودي الأمريكي

زيارة للدرعية التاريخية - ومأدبة  تكريم للضف الكبير

الأربعاء

قمةٌ خليجية يجتمع فيها الزعماء الستّة مع ترامب في قصر الصفا، لبحث ملفات الأمن المشترك وتنسيق السياسات.

 

أبعاد اجتماع قادة الخليج

تعميق رهان الرياض القيادي

اعتبارًا من 1945، ظلّت السعودية “مركز الثقل” الأميركي في الخليج. اليوم، القمة تؤكّد دور الرياض في بلورة مواقف الخليج تجاه التهديدات الإقليمية (إيران، الإرهاب السيبراني، وأمن الطاقة).

إعادة ترسيم التحالفات

ترامب يستفيد من منصة القمة لعرض “رؤية واشنطن” لدعم الإصلاحات الاقتصادية في الدول الخليجية، مقابل استمرار التنسيق الدفاعي والاستخباري.

رسالة للقوى الإقليمية

لقاء الستّ مع ترامب في وقتٍ واحد يرسل إشارة وحدة خليجية مع واشنطن في وجه أيّ نفوذ معادٍ، ويُعزّز من قدرة الرياض على جمع إخوانها تحت مظلةٍ أمنيةٍ موحّدة.

 

إشارات التعاون النووي السعودي–الأميركي

مذكرة تفاهم مدنية

من المتوقع الإعلان عن إطلاق برنامجٍ نوويٍ مدنيٍّ مشترك يركّز على بناء مفاعلات للطاقة النظيفة، تتولى فيه شركات أميركية نقل التقنية وتدريب الكوادر السعودية.

بُعدان استراتيجيان

تنويع مصادر الطاقة: تحقيق هدف “رؤية 2030” بالتحوّل إلى اقتصادٍ أقل اعتمادًا على النفط.

تعزيز الثقة: إظهار أن واشنطن تثق في قدرات الرياض التقنية والاستثمارية، ما يمهّد لمؤسساتٍ مدنيةٍ وخبراء سعوديين للانخراط في مشاريع نووية مدنية دولية.

 

دلالة اعتماد تسمية «الخليج العربي»

قرار رمزيّ

موافقة الإدارة الأميركية على استخدام “الخليج العربي” (Arabian Gulf) بدلًا من “الخليج الفارسي” تمثّل نصراً دبلوماسيًا للرياض، وتعكس توازن النفوذ الخليجي العربي في واشنطن.

أثر عملي

ترديد الاسم من قِبل الرئيس الأميركي والبيانات الرسمية يعزّز من حضور الهوية العربية في المحافل الدولية ويتماشى مع الرؤية السعودية في استعادة الإرث الثقافي.

 

المكاسب المشتركة

للرياض

تأمين شراكة نووية تدعم تنويع الطاقة وتعزّز صناعة المعرفة.

ترسيخ مكانتها القيادية في الخليج أمام شركائها الإقليميين.

لواشنطن

فتح أسواق الطاقة النظيفة والشركات التقنية الأميركية (Westinghouse، GE) في مشروع نووي مدني ضخم.

تقوية التحالف الخليجي–الأميركي وتأكيد دور واشنطن الراعي الموثوق.

 

خلاصة
زيارة ترامب المرتقبة والقمة الخليجية المقبلة ليستا مجرد بروتوكول؛ بل محطةٌ استُثمرت لتوسيع أُطر الشراكة إلى مجال الطاقة النووية المدنية، وترسيخ هوية الخليج العربي ككتلةٍ واحدةٍ مع واشنطن. وفي هذا التكامل يتجلّى “القطبان” الحقيقيّان: قوة القرار السعوديّ وفرصه الاستثمارية، وقوة التقنية الأميركية وخبرتها الدفاعية، في شراكةٍ استراتيجيّةٍ متبادلةٍ الأهداف والإنجازات.