عندما يغفو الشجاع… يظهر الجبان"

news image

✍️   عبدالله العميره

حين يغفو الشجاع، لا تغفو الأرض.
لكنها تهتز، لأن من كان يحرسها بعقله، لا بعصاه، قد أغمض عينيه… ففتحت الذئاب عيونها.

في منطق القوة، لا فراغ.
وإذا لم يشغله الحكماء، ملأته الضباع، وتسلل إلى المشهد كلّ من كان يرتجف خائفًا من مجرد صوت الحقيقة، فإذا به يتصدر، يخطب، ويضع القوانين!

الشجاع لا يصرخ… لكنه حين يصمت، يرتفع ضجيج الصغار.
والجبان لا يملك الجرأة ليقود… لكنه يتحين لحظة غياب القائد، ليتقدم في الظل، ويقنع الآخرين أنه هو النور!

نحن في زمنٍ، قد تُهزم فيه الحقيقة إذا نام أهلها.
وقد يُغيّر مسار التاريخ، ليس لأن الأعداء أقوياء… بل لأن الأقوياء استراحوا للحظة.

عندما يغفو الشجاع:

تُسرق المواقف.

وتُشوّه المعاني.

وتُعرض الشجاعة للبيع في سوق النفاق.

ويُحرّف الصمت ليُقال: إنه عجز، لا حكمة.

لكن الحقيقة أن الشجاع لا ينام طويلًا.
هو فقط… يستجمع أنفاسه.
يختبر مَن حوله.
يتأمل المشهد، ليرى من الذي سيقف… ومن الذي سيختفي.

وحين يستيقظ، لا يعود وحده.
بل يعود ومعه الزمن الذي كان مفقودًا.

الجبان يعرف هذا.
ولذلك، يرتعش حين يرى الشجاع يُحدّق فيه… دون أن يتكلم.
لأن نظرة الشجاع، وحدها، كفيلة بإعادة ترتيب المواقف… وإسكات الضجيج.

في التاريخ، لم تكن المشكلة في قوة الطغاة، بل في غفلة الأحرار.
وفي الحاضر، ما يزال الجبان يحكم بعض المشاهد، فقط لأن الشجاع منشغل بقضايا أسمى.

لكن الزمن، مهما طال… لا يُنصف إلا من يستحق.
والشجاعة لا تخلع ثيابها أبدًا، حتى وهي نائمة.

🪬 ومضة
حين يغفو الشجاع، لا تعتقد أن الجبان قد انتصر.
فأحيانًا… تكون الغفوة، اختبارًا للضمير، وفرزًا للوجوه، وهدوءًا ما قبل العاصفة.

والشجاعة الحقيقية… ليست فقط أن تواجه، بل أن تختار اللحظة التي لا تترك بعدها شيئًا للجبناء.