هل تبيع أمريكا السلام.. أم تشتري الحروب؟

news image

✍️ تحليل رمزي – وكالة BETH الإعلامية

 

مقدمة:

منذ أن رُسمت خرائط السياسة بالبنادق، لم يكن السلاح مجرد آلة للحرب، بل وسيلة لفرض القوة والسلام.

حين تعرض أميركا أسلحتها للبيع، تذهب الأسئلة أبعد من مجرد صفقات.

هل هو دعمٌ حقيقي للاستقرار؟ أم أن وراء الصفقات ما هو أبعد؟

(1) السلاح بين التكامل والسيطرة:

تؤمن واشنطن أن قوة حلفائها يجب أن تبقى قوية... لكن بحدود معينة! فهي لا تبيع فقط الأسلحة، بل تبيع معها ضمانًا بأن تبقى لديها العين المفتوحة دائمًا على ترسانة الحلفاء. إذ إن منح (الأصدقاء) التكنولوجيا الكاملة لصناعة الأسلحة، يعني استقلالًا استراتيجيًا قد يُخرجهم من دائرة السيطرة الأميركية - هذا جزء مهم من اعتقاد واشنطن.

لذلك، تُفضّل واشنطن أن يبقى (الأصدقاء) «زبائن دائمين»، يشترون السلاح، بدلًا من أن يصبحوا شركاء في الإنتاج.

وهنا سؤال لا مفر منه:

هل يأتي اليوم يقول فيه الزبائن لأميركا: «شكرًا، إننا قادرون على صناعة قوتنا بأنفسنا»؟ وما هي الأوراق التي ستستخدمها أميركا حينها؟

(2) معادلة السلام الأميركية: «سلام مسلّح»

في عالم مثالي، السلام يعني عدم الحاجة للسلاح.

لكن السؤال المهم:

ألا يوجد أعداء متربصون؟ هل هناك توافق بين أميركا وأصدقائها بأننا نريد السلام، ولكن هناك أطرافًا "يتأبطون شراً"؟

أميركا التي تُعلن نفسها حارسةً للسلام، هي في الواقع أكبر بائع للسلاح في التاريخ الحديث. والسؤال هنا:

هل تسعى أميركا حقًا للسلام، أم أن السلام لديها لا يعني سوى أن يشتري العالم أسلحتها؟

واشنطن تريد عالَمًا مستقرًا، لكن استقراره مشروط دومًا بـ  «استمرار التوتر»، الذي يُبقي الطلب على السلاح مرتفعًا.

أميركا لا تريد حروبًا كبرى، لكنها تضمن استمرار التوترات بما يكفي للحفاظ على مبيعات السلاح.

(3) مفارقة القوة والسلام:

هل يوجد نموذج لسلام حقيقي دون أسلحة؟ الجواب للأسف: لا.

لكن هل بذلت أميركا جهدًا حقيقيًا لتجاوز مرحلة «السلام المسلح» إلى «سلام مستدام»؟

هنا يكمن السؤال الأهم:

أميركا قادرة أن تمنح حلفاءها التكنولوجيا اللازمة لتحقيق الردع الذاتي الكامل، والذي يقلل تدريجيًا الحاجة إلى شراء الأسلحة. لكن هذا القرار لم يُتَّخذ قط، لأنه يعني نهاية سيطرة أميركا على لعبة القوة والسلام.

السؤال:

ألا ترى أميركا باعتقادها هذا، يعني عدم ثقة في الصديق؟ وأن عدم الثقة يمنح الصديق الحق في تنويع مصادر الأسلحة؟!

(4) معادلة النفوذ:

أميركا تعطي السلاح... لكنها تأخذ مقابل ذلك ثمنًا أغلى من المال: ثمن البقاء دائمًا داخل دائرة النفوذ.

هل ستغيّر قواعد اللعبة؟

السلاح اليوم ليس مجرد مشتريات، بل معادلة توازن واستقلال استراتيجي.

(5) هل يمكن لأميركا العيش في عالم دون أعداء؟

تاريخ أميركا بُني على معادلة دقيقة جدًا: القوة = وجود عدو واضح.

في الحرب الباردة: كان «الاتحاد السوفييتي» هو العدو.

بعده جاء عصر «الإرهاب».

اليوم، يتم صناعة أعداء جدد: الصين، روسيا، إيران، وغيرها.

هل تستطيع أميركا الاستمرار في فرض نفوذها العالمي دون أن يكون لديها «عدو» حقيقي أو مُتخيّل؟

وبالتالي، فإن بيع السلاح واستمرار التوترات ليس مجرد خيار اقتصادي، بل حاجة استراتيجية ضرورية لاستمرار التفوق الأميركي.

السؤال الأعمق هنا:

هل أميركا مستعدة فعلاً لقبول عالم بلا أعداء، أم أن وجود عدو دائم هو جزء من استراتيجية أميركا لضمان سيطرتها العالمية؟

خلاصة رمزية:

أميركا تحاول إقناع العالم أن بيع الأسلحة هو الطريق الوحيد للسلام، بينما السلام الحقيقي هو ألا تحتاج الدول إلى مزيد من الأسلحة أصلًا.

السلام الحقيقي يعني أن تكون الدول قوية من داخلها، مستقلة في قراراتها، دون الحاجة الدائمة لشراء أمنها من الآخرين.

السؤال المفتوح للمستقبل:

هل ستواصل أميركا فرض قواعد اللعبة: سلام لا يكتمل، وحروب لا تنتهي؟ أم ستشهد قواعد اللعبة تغيّرًا استراتيجيًا حقيقيًا قريبًا؟