وجه الأمة في مرآة الغرب… من ابن رشد إلى ابن لادن

✍️ إعداد: وكالة BETH الإعلامية
مقدمة
كيف ينظر الغرب اليوم إلى العرب والمسلمين؟ هل يراهم من خلال عدسة ابن رشد وابن البيطار والإدريسي؟ أم من منظور ابن لادن والزرقاوي ونصر الله وخامنئي؟
السؤال ليس بريئًا، ولا جديدًا، لكنّه اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
فالهوية التي تعكسها المرايا الغربية ليست بالضرورة ما نحن عليه، بل ما يختاره الآخر ليكون صورتنا عنده. وما بين العلماء الذين أناروا عصورهم، والمتطرفين الذين غيّبوا الوعي، تقع أمتنا في فجوة الإدراك… بين ما كنا عليه، وما يُراد أن نظل عليه.
هذا التقرير ليس دفاعًا ولا اتهامًا، بل محاولة لتفكيك كيف صُنعت الصورة… ومن يحكم زوايا الكاميرا.
المنظار الذي يصنع الصورة
لا يرى الغرب العرب كما هم، بل كما تُقدّمهم عدساته الخاصة. فالهوية ليست فقط انعكاسًا، بل بناء إعلامي وثقافي وسياسي معقّد، تُشارك فيه مؤسسات ومنصات ومصالح.
الإعلام الغربي يركّز على صراع، لا على إنجاز.
السينما تكرّس الصورة النمطية: العربي العنيف، المتديّن المريب، الصحاري، السيوف، الصراخ.
الأكاديميا لا تخلو من الأمانة العلمية، لكنها نُشرت بلغتهم، وسُوّقت بسياقاتهم.
ذاكرة مختلّة… من الانبهار إلى الاشتباه
الغرب في قرون مضت انبهر بالحضارة الإسلامية:
ابن رشد كان يُدرّس في جامعاتهم.
ابن سينا والكندي ألهموا الطب والفلسفة.
ابن الهيثم سبق نيوتن في البصريات.
لكن هذه الأسماء غابت، أو غُيّبت. وحلّ مكانها رموز من حقبة ما بعد الكاميرا: ابن لادن، الظواهري، داعش، حماس، إيران…
لماذا؟ لأن الصورة الحديثة تُبنى بالإعلام، لا بالكتب. وبالحدث، لا بالبحث.
من المسؤول عن تشويه الصورة؟
الغرب ينتقي ما يريد من ماضينا ليخدم واقعه السياسي.
لكننا أيضًا أخطأنا: تركنا إرثنا في المتاحف، وتصدّرنا للمشهد بمشهد العنف والانقسام.
المعادلة ليست اتهامًا لأحد، بل مسؤولية مزدوجة:
الغرب مسؤول عن العدسة.
ونحن مسؤولون عن الضوء الذي نُصدره.
الإعلام العربي… غائب أم مغيّب؟
لماذا لا نُظهر ابن البيطار في وثائقي عالمي؟ لماذا لا تُدبلج إنجازات ابن سينا للغات متعددة؟ لماذا حين نكرّم علماءنا يكون ذلك محليًا، وحين نُدان، يكون ذلك عالميًا؟
الإعلام الغربي لا يكذب دائمًا، لكنه لا يسلّط الضوء إلا على ما يُناسبه. وإعلامنا لا يجرؤ دائمًا، أو لا يُتقن كيف يجعل من نورنا مادة تستحق البث.
الوجه الآخر… لمَ لا يُعرض؟
علماء عرب يبدعون في ناسا.
أطباء مسلمون يترأسون مستشفيات في أوروبا.
كتّاب وفنانون ومبرمجون ورياديون عرب يغيّرون العالم.
لكن حين تُذكر كلمة "عرب" أو "مسلم"، فإن الصورة التي تظهر في الذهن الغربي… ليست هذه.
هل من علاج؟
نعم، ولكنه ليس فوريًا…
نحتاج إلى استراتيجية تواصل عالمي، لا ترويج محلي.
نحتاج إلى بناء صورة الأمة على أساس الإنجاز لا الاستعطاف.
نحتاج إلى من يُحدّث العالم عن ابن رشد كما نتحدث نحن عن آينشتاين.
خاتمة بث
لسنا من كتب التاريخ فقط… نحن من ساهم في صناعته. لكن الغرب لا يرى إلا ما يلتقطه بعدسته… والعدسة لا تنصف إلا من يملك الضوء.
في BETH لا نطلب تغيير الصورة… بل إضاءة الوجه الحقيقي للأمة. فالعقل الغربي لا يحتاج منّا صراخًا… بل رواية متقنة، وصوتًا يُسمع بلغته، لا بصوته.