أوروبا... القارة عاشقة الحروب

news image

أوروبا... القارة  عاشقة الحروب

✍️ إعداد: وكالة BETH الإعلامية

 

مقدمة 

رغم ما يظهر من رقيٍ في الخطاب الأوروبي المعاصر، وتصدير مفاهيم التعايش وحقوق الإنسان، إلا أن المتأمل في تاريخ القارة العجوز، يجد أنها كتبت فصولها الكبرى بالحروب، لا بالمعاهدات. 

هل كانت الدبلوماسية الأوروبية مجرد فاصل بين حربين؟ وهل نحن أمام قارة تعشق الغزو ولكنها تجيده بلغة ناعمة؟

هذا التقرير يحاول أن يتجاوز الطرح التقليدي، ويغوص في العقل الحربي الأوروبي من خلال تفكيك الفلسفة، واستعراض الوقائع، وكشف التناقض بين ما يُقال... وما يُفعل.

 

 ما قبل الدبلوماسية... أوروبا الولّادة للحروب

منذ العصور الوسطى، وأوروبا تتكوّن من ممالك ودويلات تسعى للسيطرة والهيمنة. وكان الاحتراب الداخلي والخارجي جزءًا من الطبيعة السياسية للقارة، إذ لم يكن الاستقرار هدفًا بقدر ما كانت القوة التوسعية هي غاية الحكم.

من الإمبراطورية الرومانية إلى الإمبراطوريات المسيحية، ثم الحروب الصليبية.

ثم جاءت موجة الحروب القومية، وبعدها الحروب العالمية، كنتاج منطقي لتراكمات التوسع الأوروبي.

 

 الحرب في العقل السياسي الأوروبي

فلسفيًا، أوروبا تبنّت مقولات مثل: "الغاية تبرر الوسيلة"، و"من لا يهاجم يُهاجم"، لتبرير كل اجتياح وكل غزو.

الحرب كانت أداة لتصدير الأفكار (كما فعل نابليون)، أو لتبرير التفوق العرقي (كما في الاستعمار)، أو لإخضاع الشعوب تحت غطاء "التمدن".

حتى فكرة "الحرب الوقائية" التي استُخدمت لاحقًا في العصر الأميركي، تعود جذورها إلى أوروبا.

 

دبلوماسية ناعمة… أم تمهيد للغزو؟

غالبًا ما كانت المعاهدات الأوروبية تُستخدم لتثبيت أو تأجيل الحروب، لا لمنعها. كانت الهدنة فرصة لإعادة التسلّح، والتحالفات وسيلة لتطويق الخصوم.

اتفاقيات فيينا، سايكس بيكو، معاهدات ما بعد الحرب... جميعها حافظت على التوسع الأوروبي بشكل ناعم.

 

 أمثلة على عشق الحروب في التجربة الأوروبية

الحروب الصليبية: لم تكن دينية فقط، بل سياسية توسعية مغلفة بالعقيدة.

نابليون بونابرت: استخدم السلاح لنشر "التنوير الفرنسي".

الاستعمار الأوروبي: غزا إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية تحت شعار "تمدين المتوحشين".

الحربان العالميتان: نتاج أوروبي خالص، ثم نقلت آثارهما للعالم.

البوسنة والبلقان وأوكرانيا: شواهد حديثة على استمرارية ذهنية الصدام.

 

 لماذا لا تُتهم أوروبا بحب الحروب؟

الإعلام الغربي بارع في صناعة صورة مهذبة للسياسات الأوروبية.

الأكاديميا الأوروبية قدّمت الحروب بوصفها "دروسًا في بناء السلام"!

بالمقابل، يُقدَّم العرب كأصحاب عنف عشوائي، والشرقيون كجموحين بطبعهم.

 

 هل تغيرت أوروبا؟ أم غيرت أدواتها؟

الحرب اليوم تأخذ شكلًا ناعمًا: عقوبات، تحالفات اقتصادية، ضغط إعلامي.

حلف الناتو... هل هو حامٍ للسلام أم يدٌ ضاغطة للنفوذ الغربي؟

التوسع شرقًا في أوروبا... يتم بالقانون، ولكن بروح الهيمنة القديمة.

 

مرارة العلاج... هل نجرؤ على قول الحقيقة؟

أوروبا لا تزال تحتاج أن تعترف أن حضارتها بُنيت على الدم والمستعمرات.

وأن السلام الحقيقي لن يُبنى على سرديات مهذبة، بل على مواجهة تاريخية جريئة.

وأن احترام الآخرين يبدأ بكشف الذات... لا بتجميلها.

 

خاتمة بث...

لسنا في بث نبحث عن إثارة الماضي، بل نحرّك الرواكد لنمنع تكرارها.
وإذا كان التاريخ يُكتَب بقلم الأقوياء، فنحن نكتبه هنا بصوت الوعي.

لأن الإعلام الصادق... هو من يقرأ تحت الجلد، لا فوق الطاولة.