"نادينا".. حين يرتقي الانتماء وتَهدأ الملاعب

✍️عبدالله العميره
في زحام البرامج الرياضية التي باتت تشبه ساحات صراخ أكثر من كونها منصات توعية، يبرز برنامج "نادينا" الذي تبثه قناة MBC كواحد من أرقى النماذج الإعلامية الرياضية في المملكة والمنطقة.
فهو ليس مجرد برنامج توك شو… بل مسار حضاري هادئ، يعيد تعريف العلاقة بين الجمهور والنادي، وبين التحليل الرياضي والانتماء الواعي.
🎙️ "نادينا"... النموذج الذي يُربّي لا يُحرّض
حتى الآن، يمكن القول بثقة:
هذا البرنامج يكفي الرياضيين دون الحاجة لأي برنامج آخر من تلك التي تقوم على التعصب، والجهل، ومخاطبة الغرائز لا العقول.
"نادينا" لا يخاطب جمهور الكرة كـ "قبائل متنازعة"، بل كـ مجتمع ناضج يُحب رياضته.
🔍 ما الذي يميز "نادينا"؟
لغة الخطاب:
رزينة، متزنة، تبتعد عن الانفعال المصطنع.
لا تخلق عناوين لتشعل تويتر، بل تطرح فكرة تُحفّز العقل.
التوازن بين المحلي والدولي:
وجود محللين سعوديين كبار يمنح البرنامج جذوره.
واستضافة خبراء عالميين يربطه بالعالم… فيرتقي النقاش من “من سجّل؟” إلى “ماذا تعني المباراة؟”.
الهوية الإعلامية:
ليست للجدل… بل للوعي.
ليست لتغذية "التشجيع الأعمى"، بل لتغذية الثقافة الرياضية الناضجة.
ماذا يمكن تقديمه؟… آفاق التطوير الذكي
✅ 1. توسيع الأثر الجماهيري:
حلقات ميدانية مع جمهور الأندية في الجامعات والمدارس.
مبادرات باسم البرنامج لتعزيز "الروح الرياضية" في المجتمع.
✅ 2. فقرة دورية: "أنت وناديك"
تحلل كيف يُؤثر الانتماء لنادٍ رياضي في تشكيل الشخصية والسلوك، بأسلوب بسيط وعميق.
✅ 3. مبادرة وطنية: "أشجع وأرتقي"
بالشراكة مع وزارة الرياضة والتعليم، تحت شعار:
"الرياضة أخلاق… قبل أن تكون أهدافًا"
📺 ما يجب أن تكون عليه البرامج الجماهيرية الرياضية؟
🔸 أن تُربّي لا تُفجّر
🔸 أن تنقل من المباراة إلى الرسالة
🔸 أن تحتضن الاختلاف… لا تشعل الصراع
🔸 أن تُعيد رسم صورة المشجع العربي: من صاخب غاضب إلى مفكّر واعٍ
✳️ فقرة ختامية :
يُلاحظ أحيانًا على بعض ضيوف البرنامج بقاء شيءٍ من "روح المُعلّق المتعصّب" في داخلهم، رغم محاولتهم ارتداء ثوب الحياد.
ولا ملامة… فمعظم البرامج السائدة اعتادت التحليل من مدرجات الانفعال لا مقاعد الفهم،
حتى أصبحنا نرى مشجعي المدرجات يتقمصون أدوار المحللين، ويمارسونها كما لو كانوا في مباراة لا في استوديو.
لكن يحسب لبرنامج نادينا أن مقدّمه والمخرج يحاولان بحكمة تهذيب أي خروج عن حياد الطرح،
وإعادة الضيف إلى مسار الحوار الهادئ، رغم الصعوبة، فكان الله في عونهم.
ويبقى التحدي الأهم:
أن يُدقق البرنامج في اختيار ضيوفه… من المحللين واللاعبين الذين يجمعون بين أخلاق الرياضة وثقافة الحوار،
وأن يستمر في تبصير المتعصّبين… وتثقيف الجمهور.
🖋️ ومضة ختامية:
برنامج "نادينا" ليس فقط عن أندية…
بل عن مواطِنٍ رياضيٍ جديد،
يرى في ناديه مصدر فخر لا فتيل شجار،
ويشجّع كما تُشجّع العقول… لا كما تصرخ الجماهير.💡أرجو أن يواصل "نادينا" مساره الواعي، محافظًا على رقيّه وتطوره، دون أن ينزلق من ملعب التثقيف إلى هاوية التعصب… فالجمهور يستحق إعلامًا يرفع وعيه، لا ضغطه.